وضع الرسوم في القانون المالي السعودي 

تمهيد :الرسوم مصدر للإيراد في القانون المالي للدولة . وتستخدم الدولة هذا المصدر كأداة لتحقيق أغراض معينة. ولا تتفق سائر الدول على تحديد هذه الأغراض في تشريعاتها المالية. كما أن لكل دولة نظرة معينة فيما يتعلق بأهمية هذا المصدر. ويمكن التعرف على مدى الأهمية التي تعطيها كل دولة لهذا المصدر عن طريق تحديد موقفها القانوني من مبدأ مجانية الخدمات التي تقدمها، وعما إذا كانت هذه الدولة أو تلك تأخذ بهذا المبدأ على إطلاقه، أو تأخذ به على إطلاقه، أو تأخذ به بالنسبة لخدمات معينة وتحت ضغط ظروف معينة.
وتحديد موقف كل دولة على حدة من مبدأ مجانية الخدمات يعتمد في المحل الأول على اعتبارات معينة من أهمها غنى الدولة أو فقرها، ومدى قدرة مصادر الإيرادات الأخرى لديها غير مصدر الرسوم على توفير الأموال اللازمة لمواجهة احتياجات الإنفاق العام لديها. كما يعتمد تحديد نفس الموقف في المحل الثاني على النهج الذي تتبناه الدولة للسلوك الإقتصادي والإجتماعي والصناعي والتجاري داخل نطاق إقليمها.
وللرسوم ــ كمصدر إيراد ــ أهمية معينة. وترجع هذه الأهمية إلى الأصل التاريخي لنشأة الرسوم نفسها، وهي نشأة تجد جذورها في العصور القديمة والوسطى وهي عصور كان استخدام الرسوم فيها يكاد يكون عاما لأسباب منها ضخامة الإيرادات التي كانت تتجمع من وراء فرضها، وسهولة الإجراءات القانونية التي كانت تتبع عند فرضها إذا ما قورنت بالإجراءات القانونية المعقدة والتي كانت تتبع عند فرض الضرائب والتي كان من أهمها ضرورة موافقة ممثلي الممولين المسبقة عليها. أما إجراءات فرض الرسوم فكانت تتلخص في تلك العصور في أن الدولة إذا ما أرادات فرض أي رسم فما كان عليها من الناحية القانونية إلا أن تصدر به قرارا غير متوج بموافقة دافعية المسبقة عليه . ولعله لهذا السبب كانت إيرادات الرسوم من الإيرادات التي كانت تدخل مدلول الإيرادات السيادية.وتوحدت في العصور الحديثة إجراءات فرض كل من الضرائب والرسوم. ولم تعد للرسوم لأسباب سياسية ومالية وإدارية نفس الأهمية التي كانت لها في الماضي. وكان العامل الأساسي في هذا التحول هو حلول الضرائب محل الرسوم في الأهمية، وباعتبار أن الضرائب فريضة قومية ملزمة بمعنى أنه يجب دفعها حتى ولو لم تكن مقابل خدمات عامة ذات نفع خاص وذلك بعكس الوضع بالنسبة للرسوم ذات المقابل المتميز.وتحتل الرسوم في تاريخ القانون المالي السعودي مكانا بارزا . وتعطي الأنظمة السعودية للرسوم أهمية خاصة لأسباب منها أن الرسوم كانت، قبل اكتشاف الثروة البترولية، من مصادر الإيرادات الهامة، وأنها تسري في الوقت الحاضر على كل الأشخاص المتواجدين على الإقليم السعودي سواء أكانوا وطنيين أو أجانب وذلك بعكس الوضع بالنسبة للضرائب والتي تسري على الأجانب فقط، كما أنها ــ كمصدر مالي ــ لا تزال تتزايد أهميتها مع مرور الزمن وذلك على الرغم من ضآلة الأموال المتحصلة سنويا منها إذا ما قورنت بالأموال المتحصلة من الضرائب ومصادر الإيرادات الأخرى ولا سيما الثروة البترولية. فمثلا كانت إيرادات إنتاج الزيت وضريبة الدخل من شركات الزيت والشركات الأخرى والأفراد في العام المالي 1386-1387 ما مجموعه ألفان وثمانمائة وستة وعشرون مليون ريال سعودي، وبلغت في العام 1392-1393 ما مجموعه تسعة آلاف وستمائة وثلاثة وسبعون مليون ريال سعودي. وكانت رسوم الخدمات العامة ورسوم البلديات والموانىء والمرافىء والمطارات وعوائد الرصيف والبرق والبريد والهاتف في العام المالي 1386-1387 ما مجموعه واحد وثمانين مليون ريال سعودي ونصف مليون، وبلغت في العام المالي 1392-1393 ما مجموعه مائتان وأربعة ملايين ربال سعودي .
لهذه الأسباب وغيرها سنتناول في هذا البحث المباديء الضابطة لنظام الرسوم وما أخذته الأنظمة السعودية من هذه المباديء، كما سنتعرض لبعض الخدمات ذات الرسوم كما وردت في بعض الأنظمة السعودية. وسنختم هذا البحث بتحديد دور الرسوم في الحياة المالية للدولة بصفة عامة وفي القانون المالي السعودي بصفة خاصة.

المبحث الأولالمبادىء الضابطة لنظام الرسومنظام الرسوم مصدر من مصادر الإيرادات العامة . وهو مصدر متميز. ويختلف عن بقية مصادر الإيرادات الأخرى من حيث الغرض من فرضه، ومن حيث نوع الخدمات التي تقمها الدولة كمقابل له، ومن حيث دوره في الحياة المالية للدولة.
ويمكن تبيين المبادىء الضابظة لهذا النظام عن طريق تحديد المقصود من الرسوم، وإبراز خصائصها، ومعرفة غرض الدولة من وراء فرضها، ومن ثم دراسة وتقييم الأسس المحددة لقيمة الرسم نفسه وهي الأسس التي يحرص المشرع على مراعاتها في هذا الخصوص.
أولا: تحديد المقصود من نظام الرسوم وإبراز إطاره القانوني.لايختلف رجال القانون المالي والمالية العامة كثيرا سواء في تعريفهم للرسوم أو في تحديد المقصود منها. فمثلا بينما يرى البروفسور هاري لوتز أن الرسم مصروف يدفعه الفرد مقابل خدمة تقدمها احدى الوكالات الحكومية ، نجد الإستاذ هيودالتن يرى أن الرسم مصروف مقابل خدمة ليست من طبيعة خدمات الأعمال التي ينجزها موظف عام كخدمات تسجيل الماليد . كذلك يرى الأساتذة شولتز وهريس أن الرسم عبارة عن مصروف تتحصل عليه الحكومة لتغطية نفقة خدمة أو وظيفة تؤديها وتعود بنفع خاص على الأفراد .ويوسع رجال القانون المالي والمالية العامة العرب من تعريفهم للرسم وتحديد المقصود منه. وفي هذا المعنى يرى الدكتور محمد رياض عطية بأن الرسم هم ذلك المبلغ من النقود الذي يدفعه الفرد لهيئة عامة نظير خدمة معينة ذات نفع عام تؤديها له بناء على طلبه، وهذه الخدمة يستفيد منها في نفس الوقت الفرد الذي طلبها والمجموع ويرى الدكتور محمد حلمي مراد بأن الرسم هو تلك الفريضة الجبرية التي يدفعها الفرد نظير خدمة معينة تؤديها له الدولة كالرسوم الدراسية والقضائية .
وعلى الرغم من أن نظام الرسوم كما تقرره الأنظمة السعودية لم تسبق دراسته أو تحليل دوره من قبل أي من المهتمين بالقانون المالي أو المالية العامة إلا أن القدر المتيقن في تحديد المقصود من الرسوم في ظل الأنظمة السعودية هو أنها مبالغ من النقود يدفعها الشخص جبرا للدولة مقابل خدمة عامة ذات نفع خاص تقدمها له نفس الدولة.ويمكن تحديد الإطار القانوني للرسوم كما تقرره الأنظمة السعودية وبعض التشريعات المالية الأجنبية من خلال التعرف على أطرافه ومحله والمقابل الذي يدفع من أجله وكون دفعه يقوم على فكرة الجبر القانوني.
أ- أطراف الرسومللرسوم طرفان. والطرف الأول هيئة عامة. وقد تكون هذه الهيئة الدولة نفسها أو احدى مصالحها أو مؤسساتها أو مرافقها العامة. ويعتبر الطرف الأول بالنسبة لعملية دفع الرسوم في مركز الدائن وهو صاحب الحرية المطلقة في تحديد اجراءات استيفاء الرسم. والطرف الثاني شخص خاص أو هيئة خاصة وطنية أو أجنبية مقيمة داخل اقليم الدولة أو خارجها. ويعتبر الطرف الثاني بالنسبة لعملية دفع الرسوم في مركز المدين. ولذلك لا تعتبر رسوما، من الناحية القانونية، تلك المصاريف أو الأتعاب التي يتم دفعها من قبل شخص خاص لشخص خاص، أو هيئة خاصة لهيئة خاصة، أو من هيئة عامة لهيئة عامة، أو من هيئة عامة لهيئة خاصة وذلك مقابل القيام بأعمال أو خدمات معينة.
ب- محل الرسوممحل الرسوم مبالغ من النقود. ويتم تحديد هذه المبالغ مقدما عن طريق نظام، أو لائحة، أو قرار إداري . ويتم دفع هذه المبالغ لصالح خزينة الدولة أو خزينة أحدى مرافقها العامة بالعملة الوطنية المتداولة قانونا كقاعدة عامة. ويجوز، استثناء دفعها بعملة أجنبية كما هو الوضع في تحصيل رسم الخدمات العامة لحجاج بيت الله الحرام قبل إلغائه بموجب المرسوم الملكي رقم م/67 وتاريخ 5/12/1394 إذ كان هذا الرسم يحصل بالعملة المحلية في البلد القادم منها الحاج. وكما هو الوضع أيضا بالنسبة لنظام تعرفة الطيران السعودي الصادر بموجب المرسوم الملكي رقم 12 وناريخ 15/6/1387 والذي تقرر أحكامه العامة بأن تدفع الرسوم المتحققة بموجب هذه التعرفة بالريال السعودي أو ما يقابلها بعملة أجنبية قابلة للتحويل وتقبلها المديرية العامة للطيران المدني.
وقد تدفع مبالغ الرسوم للدولة أو لاحدى مصالحها العامة مباشرة وذلك مقابل إيصالات رسمية وقد تدفع بطريق غير مباشر وذلك بواسطة لصق طوابع معينة. ويتكرر دفع الرسوم بقدر تكرر تقديم ما يقابلها من خدمات من قبل الهيئة العامة. ويتحدد مبلغ الرسم بطريقة تحكمية، كما أن سعره ثابت، ويسري عليه مبدأ امتياز الدين عند تزاحم الديون على محل الرسم عند استحقاقه.
جـ – مقابل الرسومتدفع الرسوم مقابل خدمات عامة ذات نفع خاص. وهي خدمات تجمع بين المنفعة العامة والمنفعة الخاصة والمنفعة الأخيرة هي الغالبة عليها. ومن أمثلة هذه الخدمات خدمات الترخيص بمباشرة مهن معينة كالمهنة الهندسية والطبية والصيدلية ومهنة المحاماة ومهنة المحاسبة، وخدمات الترخيص بالبناء وحمل السلاح وقيادة المركبات الآلية، وخدمات الدخول بالجامعة والتقاضي وإثبات الحقوق والتصرفات القانونية وتسجيل العقارات وفتح المحال المقلقة للراحة والمضرة بالصحة والخطرة، وخدمات القيد في السجل التجاري وشطب القيد والحصول على جوازات السفر وحفائظ النفوس والبطاقات الشخصية، وخدمات المرور بالشوارع الرئيسية والطرق العالية والأنفاق والممرات تحت الماء والتسهيلات في الموانىء والمطارات، وخدمات الحجاج والمعتمرين وخدمات إصدار براءات الإختراع والعلامات الفارقة والتوكيلات المدنية والتجارية وخدمات زيارة المتاحف ودور الآثار والحدائق العامة وأمكنة الترفيه، وخدمات الإذاعة والتلفزيون إذا كانت تسيطر عليها الدولة.وتمتاز الخدمات ذات الرسوم بقابليتها للتجزئة بمعنى أنه من الممكن أن يستفيد منها شخص بعينه كرخصة حمل السلاح ورخصة الصيد والقيد في السجل التجاري وتسجيل عقار معين. وقابلية هذه الخدمات للتجزئة هي أهم ما يفرق بينها وبين الخدمات العامة التي تقدمها الدولة لجميع الأشخاص المتواجدين على إقليمها بدون تمييز بين شخص وآخر أو بين هيئة وأخرى، وهي خدمات تجمع بين المنفعة الخاصة والمنفعة العامة والمنفعة الأخيرة هي الغالبة عليها. ومن أمثلة هذه الخدمات خدمات الدفاع الخارجي وخدمات الأمن الداخلي وخدمات التعليم العام وخدمات الصحة العامة وهي خدمات تعطي الدولة نفقاتها عن طريق الضرائب ومصادر الإيرادات الأخرى غير مصدر الرسوم.
د- ضرورة دفع الرسومدفع الرسوم للهيئة العامة يقوم من حيث المبدأ على فكرة الجبر القانوني، وهي فكرة تأخذ بها الأنظمة السعوية، ويعتمد عليها رجال القانن المالي في تقسيمهم لمصادر الإيرادات العامة . ويمكن القول من الناحية العملية أن فكرة الجبر تتوافر في الرسوم إذا كانت الخدمات المقدمة كمقابل لها خدمات ضرورية بحيث لا يمكن الاستعاضة عنها بغيرها لاحتكار الدولة لعملية تقديمها. وبالعكس تنتفي نفس الفكرة عن الرسوم في كل حالة يمكن فيها للمستفيدين من نفس الخدمات الإستعاضة عنها بغيرها.
ويصور أحد الكتاب أثر فكرة الجبر في دفع الرسوم بقوله أن الشخص إن امتنع عن دفعها، وعن الإنتفاع بما يقابلها من خدمة فقد يعرض مصالحه للضياع أو يعرض نفسه للعقاب .
ويرتبط فكرة الجبر في دفع الرسوم بالأهمية التي تتوخاها الدولة من وراء فرضها في المناسبات المختلفة، وعما إذا كانت هذه الأهمية تنحصر في الحصول على الأموال أو تشتمل على تحقيق أغراض أخرى من طبيعة غير مالية.
ويرى دالتين وغيره أن الرسوم من صور الإيرادات التي تنتفي فيها خاصية الإجبار ويرى البعض الآخر أن الرسوم تقوم على فكرة أو عنصر الإختيار ابتداء بمعنى أن تختار هو في الواقع اختيار ظاهري، وينصرف إلى طلب الخدمة التي يدفع الرسم في مقابلها. فإذا اختار الفرد مثلا أن يطلب الخدمة أصبح الرسم واجب الدفع. والفرد ليس حرا إذ لا يستطيع إلا أن يطلب الخدمة وإلا عرض مصالحه للضياع أو عرض نفسه للعقاب أو حرمها من ميزة معينة .
ثانيا ــ غرض الدولة من فرض نظام الرسوم:
مهما قيل عن البواعث التشريعية التي تحرص الدولة على مراعاتها عند فرض نظام الرسوم، وهل هذه البواعث تنحصر في تدخل الدولة في الحياة الخاصة للأفراد، أو في وضع رقابة حكومية على تصرفاتهم المالية وغيرها. أو في تنظيم التصرفات، أو في تقييد نشاط الأفراد المالي والتجاري والإجتماعي والإقتصادي والسكني، أو في حرمانهم من ممارسة مهن معينة، أو في وقايتهم من الأضرار التي ربما تهدد أمنهم أو صحتهم أو رفاهيتهم، أو في منعهم من الإسراف أو التلاعب بمورد حيوي محدود كالماء أو الطاقة الكهربائية أو البترولية أو غيرها من الموارد الإقتصادية، فإن هذه البواعث تتحدد في الواقع في غرض واحد وهو الحصول على الأموال . ولقد كان هذه الغرض هو الدافع وراء فرض نظام الرسوم في المملكة العربية السعودية أبان نشأة المملكة وتوحيدها. كما أن هذا الغرض يجد جذوره في الأصل التاريخي لابتكار نظام الرسوم واستخدامه على نطاق واسع. بل ومنذ الوقت الذي كانت فيه الدولة لا تتردد، من الناحية القانونية، في فرض نظام الرسوم بقدر ترددها ففي فرض نظام الضرائب. ومما يؤيد هذا الإتجاه ما هو معروف دستوريا وقانونيا من أنه في مكنة الدولة أن تراعي بعض أو كل البواعث التشريعية المشار إليها في ظل مبدأ مجانية الخدمات وذلك بحكم مالها من سلطات تنظيمية أصيلة على أوضاع إقليمها وشؤون مجتمعها.
ومن المعروف أن الدولة تقدم، في العصور الحديثة، للأفراد المتواجدين على إقليمها خدمات عامة غير قابلة للتجزئة. ويستفيد من هذه الخدمات مجتمع الدولة بصفة عامة وبدون تمييز. ومن أمثلتها خدمات الدفاع الخارجي وخدمات الأمن الداخلي وخدمات التعليم العام والصحة العامة. وجرى العرف قانونيا وماليا على أن تغطي تكاليف هذه الخدمات بواسطة الضرائب ومصادر الإيرادات الأخرى .
ومن المعروف كذلك أن نفس الدولة تقدم لأفراد شعبها خدمات عامة ذات نفع خاص وقابلة للتجزئة بحيث يمكن أن يستفيد منها شخص بعينه. وجرى العرف في التشريعات المالية على إعتبار هذا المقابل رسما. وقد يكون مبلغ الرسم أكثر من تكلفة الخدمة المؤداة أو مساويا لها أو أقل منها والوضع الأخير هو الوضع الغالب. وتقدم الدولة هذه الخدمات بانتظام وباستمرار وذلك بواسطة مرافق عامة تنشأ لهذا الغرض. وتهيمن على سير هذه المرافق مستلزمات الصالح العام، ولا تهدف الدولة من وراء توفير هذه الخدمات إلا راحة الأفراد والهيئات المستفيدة منها وتسهيل أمورهم الحياتية والقانونية.
ثالثا ــ أسس تحديد قيمة الرسم:أورد رجال القانون المالي والمالية العامة، رغبة في إيجاد المبرر القانوني لعملية دفع الرسوم أكثر من معيار لتحديد قيمة الرسم . فمنهم من اتجه إلى فكرة المنفعة لتكون أساسا قانونيا لتحديد قيمة الرسم. ومنهم من اتجه إلى وضع أكثر من معيار أو فكرة للغرض نفسه. والذين يقولون بمعيار المنفعة يرون وجوب حصول الشخص على منفعة معينة من الخدمة معادلة تماما لقيمة الرسم الذي يدفعه .وموطن الضعف في اتخاذ فكرة المنفعة أساسا لتحديد قيمة الرسم الظاهر. كما أن نفس الفكرة لا تستعصي على النقد. ومن المعروف أن منفعة الخدمة تختلف من شخص لآخر، كما تختلف منفعة نفس الخدمة بالنسبة للشخص الواح من وقت لآخر، ومن مكان لآخر. كما أنه يصعب على المشرع عند فرض الرسم أو عند تحديد سعره قياس المنفعة وتقدير حجمها ومدى فائدتها بالنسبة لكل شخص على حدة. ولو كان قياس المنفعة ممكنا لكان من السهل على هذا المشرع أ، سيضع للرسم الواحد أكثر من سعره. وقد تكون منفعة الخدمة هامة بالنسبة لشخص معين وقد لا تكون كذلك بالنسبة لشخص آخر. وقد تفوق المنفعة التي يحصل عليها هذا الشخص قيمة الرسم الذي يدفعه أضعاف المرات كما هو الحال في خدمة تسجيل عقار معين، أو الإذن بممارسة مهنة معينة، أو تسجيل شركة تضامن معينة، أو خدمة الترخيص بإنشاء بناء معين.
واتجه آخرون إلى اتخاذ معياري التكلفة والإحتكار كأساس قانوني لتحديد قيمة الرسم . ويصدر معيار التكلفة من فكرة أساسية مؤداها بأن الأصل في مجال الخدمات العامة ذات النفع الخاص هو أن تتعادل الرسوم مع التكاليف أى أن تتحدد الرسوم على أساس التكاليف الفعلية التي تتحملها الدولة لدى تقديم الخدمات للأفراد .
وتبدو فائدة هذا المعيار في الحالات التي لا يكون فيها هدف الدولة من وراء فرض الرسوم تحقيق الأرباح وإنما تحقيق الصالح العام ولا سيما إذا أخذ في الإعتبار أن في مكنة الدولة الإستناد إلى معيار الإحتكار إذا كان هدفها تحقيق غير ذلك.
والمقصود بمعيار الإحتكار هنا هو أن الدولة ما دامت هي التي تحتكر تقديم هذه الخدمات نظرا لما لها من سيادة قانونية وفعلية على إقليمها وشؤون مجتمعها فإن بإمكانها من جهة أن تحدد أسعار الرسوم دون تدخل من جانب المستفيدين من نفس الخدمات، وإن بإمكانها من جهة أخرى أن تجعل أسعار الرسوم إما معادلة لتكاليف الخدمات أو أقل منها أو تزيد عليها وذلك حسب الظروف الإجتماعية العامة والسائدة بإقليمها، وحسب أوضاع المستفيدين المالية، وحسب قدرة مصادر الإيرادات الأخرى لدى نفس الدولة على تقديم ما يلزم من أموال.
ويرى الدكتور محمد فؤاد إبراهيم بأن هناك تعارضا بين المعيارين عند التطبيق ولذا فهو يقترح على الدولة أن توفق بينهما . ويضرب مثلا للتوفيق برسوم السكك الحديدية وذلك على النحو التالي:ففي السكك الحديدية مثلا تقسم المركبات إلى درجات ثلاث (الأولى والثانية والثالثة) فتحصل من ركاب الدرجة الأولى رسما يزيد على ذلك الذي يدفعه ركاب الدرجة الثانية، كما أن ما يدفعه راكب الدرجة الثانية يزيد بطبيعة الحال على ما يؤديه راكب الدرجة الثالثة.ولا شك في أن عامل الإحتكار هو الذي أتاح للإدارة أن تفرق في المعاملة وتحدد أكثر من سعر واحد للرسم، ويفضي ذلك عادة إلى أن يدفع راكب الدرجة الأولى مبلغا يزيد على ما يعد من تكاليف الخدمة التي يحصل عليها، في الوقت الذي تتعادل فيه الرسوم التي تستادي من راكب الدرجة الثانية مع التكاليف. أما عن راكب الدرجة الثالثة فلا تعطي الرسوم التي تحصل منه ومن أقرانه تكاليف تأدية الخدمات. وعلى أننا لو واجهنا حصيلة الرسوم كلها (من الدرجات الثلاث) لأتضح لنا أنها لا تزيد على المبالغ التي تنفقها الدولة لإدارة مرفق السكك الحديدية وصيانته، بل تتعادل معها أو قد تكون دونها.
والواقع أن معياري الإحتكار والتكلفة لا يصلحان كأساس لتحديد قيمة الرسم، بل ويصعب التوفيق بينهما. كما أن المثال المشار إليه وأن صح بالنسبة للسكك الحديدية فقد لا يصح بالنسبة للخدمات الأخرى. بل وقد لا يكون نفس المثال صحيحا حتى بالنسبة لمرفق السكك الحديدية وذلك في الدول التي يحصل فيها مثل هذا المرفق على إعانة حكومية .
وإذا اعترفنا بوجود صعوبات عملية بالنسبة لاستخدام المعيارين المشار إليهما فيلزم أن نعترف كذلك بوجود صعوبة عملية حتى بالنسبة لاستخدام معيار التكلفة وحده. ولو تبنت الدول هذا المعيار في الوقت الذي توسعت فيه، بل وتعقدت إدارات المرافق العامة، كما تضخمت نفقاتها فإن النتيجة الحتمية هي ارتفاع أسعار الرسوم وتحولها إلى ضرائب فعلية وإن بقيت في شكل رسوم من الناحية الإسمية.
ورغم ما للمعايير المنفعة والتكلفة والإحتكار، كمبررات قانونية، من فائدة نظرية وتأثير نفسي لدى الملتزمين بدفع الرسوم فإنه من المشاهد في الحية العملية أن الدولة عند تحديد أسعار الرسوم لا تأخذ في حسبانها هذه المعايير مجتمعة. إن الدولة في أغلب الأحوال تعتمد في تحديد أسعار الرسوم على مبدأ تحكمي صرف لا ضوابط له البتة .وقد تستغل الدولة هذا المبدأ للحصول على الأموال اللازمة لتغذية خزينتها. وإنه لمن نافلة القول أن يشار إلى أن من مستلزمات الصالح العام في هذا الخصوص مراعاة الدولة في عملية تحديد أسعار الرسوم أحوال المستفيدين من الخدمات ذات النفع الخاص لا سيما وأن الغالبية منهم يكونون نسبة عالية من أفراد الشعب. وكما هو الوضع في الأنظمة السعودية غالبا ما تكون أسعار الرسوم ضئيلة بالقياس إلى قيمة التكاليف التي تتحملها الدولة عند تقديم الخدمات وذلك في الحالات التي يكون الطلب فيها على تلك الخدمات عاما وغير مرن .

المبحث الثانيمقارنة بين نظام الرسوم وبعض مصادر الإيرادات العامة
تعتبر الرسوم مصدرا من مصادر الإيرادات العامة، وهي من المصادر ذات الطابع السيادي. وجرى العرف المالي على إدراج هذا المصدر تحت ما يسمى بالموارد الإدارية. ومن رواد هذه التسمية البروفسور لوتز والذي يرى بأنه تندرج تحت هذه التسمية كل الدخول المتجمعة من نشاطات وخدمات مصالح الإدارة العامة كإيجار أملاك الدولة، وفوائد استثمار الأوقاف والأموال العامة والإيرادات ذات الصبغة الضريبية ومبالغ التحسين والرخص والغرامات والأرباح المترتبة على سك النقود .
وعلى الرغم من استقلال نظام الرسوم كمصدر مالي وشموله لبعض من الأنظمة ذات الخدمات العامة والمتصفة بالنفع الخاص كنظام الرخص ونظام مقابل التحسين إلا أن البعض يحاول إخراج هذه الأنظمة من نطاقه.
ومن المفيد، لوضع نظام الرسوم في إطاره القانوني المتكامل، أن نعقد مقارنة بسيطة بينه وبين نظام الضرائب وأن نتعرف على بعض الأنظمة المقول بأنها تخرج من نطاق الرسوم بينما هي في الواقع من مشتملاته.
أولا : نظام الضرائب ونظام الرسوم:أشرنا في المبحث السابق إلى ما جرى عليه العمل في التشريعات المالية الحديثة من توحيد للإجراءات القانونية المتعلقة بفرض كل من الضرائب والرسوم، ومن حلول نظام الضرائب محل نظام الرسوم في الأهمية في التنظيم المالي للدولة الحديثة.
ويأخذ القانون المالي السعودي بكل من نظامي الضرائب والرسوم مع تفرقة قانونية في المعاملة بالنسبة للخاضعين لكل منهما. وتسري قاعدة عمومية الرسوم في أنظمة الرسوم السعودية بمعنى أن الرسوم يسري مفعولها على السعوديين وغير السعوديين المتواجدين بإقليم المملكة. ولا تسري نفس القاعدة فيما يتعلق بالضرائب السعودية. ذلك أنه بمقتضى المرسوم الملكي رقم 17/2/28/3321 الصادر في 21/1/1370 هـ، ونصوص المراسيم الملكية الأخرى المعدلة للمرسوم المشار إليه يخضع لنظام الضريبة السعودي مجموع ما يحصل عليه الفرد من غير السعوديين من الدخل الشخصي أو أي دخل تدره عليه استثمارات رؤوس الأموال وأرباح شركات الأموال غير السعودية التي تمارس أعمالها داخل المملكة فقط أو داخلها وخارجها في آن واحد، وكذلك الأرباح التي توزع على أفراد غير سعوديين من شركات الأموال المشكلة من سعوديين وغير سعوديين. ولا يخضع للضريبة السعودي ولا الشركات السعودية التي يكون جميع الشركاء والمساهمين فيها من سعوديين .
وتجمع بين نظامي الضرائب والرسوم صفات معينة، كما تفرق بينهما صفات أخرى. ومن الصفات التي تجمع بينهما إتسام كل منهما بالطابع الجبري، وكون الجهة التي تحصل كل منهما هي الدولة، وكونهما تدفعان ــ كقاعدة عامة ــ بالعملة الوطنية المتداولة قانونا.
وتختلف الضرائب عن الرسوم في صفات منها أن الضريبة تدفع بصفة دورية أي بعد نهاية كل فترة محددة وغالبا ما تحدد هذه الفترة بالسنة، أما الرسم فيدفع عند تقديم الخدمة، وأحيانا قبل تقديمها ومن صوره رسم تسجيل شركة معينة، ورسم منح رخصة معينة.
وتدفع الضريبة للدولة بعد تحقق وعائها وتوافر سائر شروطها، أما الرسم فيدفع عند تقديم الخدمة، وأحيانا قبل تقديمها .
وتدفع الضريبة دون أن يحصل دافعها على مقابل خاص أو منفعة معينة، وهذا وضع يفرضه الأصل الذي تصدر منه الضرائب باعتبارها مساهمة من الأفراد المكونين لمجتمع الدولة في مواجهة نفقات الخدمات العامة، وهي خدمات أساسية وضرورية لنمو واستقرار المجتمع ومن صورها خدمات الدفاع الخارجي وخدمات الأمن الداخلي. أما الرسم فيدفع مقابل خدمات عامة ذات نفع خاص أي أن هذه الخدمات وإن كانت ذات نفع عام إلا أنها تعود بنفع خاص وربما نفع شخصي على دافع الرسم.
ويرد الإعفاء من دفع الضريبة في أحوال معينة تطبيقا للمبدأ الضريبي المعروف بمبدأ الحد الأدنى للمعيشة. أما الرسم فلا يرد عليه الإعفاء إلا في أحوال استثنائية كإعفاء الفقراء من دفع رسوم التقاضي ورسوم الدخول بالجامعة.
وتراعى في دفع الضريبة ظروف الممول الشخصية والعائلية، ويختلف سعرها من شخص لآخر وذلك حسب دخله وقدرته المالية على الدفع. أما الرسم فسعره كقاعدة عامة ثابت ولا يختلف هذا السعر باختلاف مركز طالب الخدمة.
وغالبا ما يكون سعر الضريبة مرتفعا بالقياس إلى سعر الرسم والذي كثيرا ما يكون ضئيلا أو رمزيا.
وتدفع الضريبة بصورة نهائية إذا تحقق وعاؤها وتوافرت سائر شروط دفعها، ولا يجوز للممول بعد دفعها استردادها. أما الرسم فيدفع عند تقديم الخدمة، ويجوز استرداده إذا لم تؤد الخدمة المقابلة له، ويتكرر دفعه في كل مرة تطلب فيها نفس الخدمة.وقد يكون الغرض من فرض الضريبة، بالإضافة إلى الحصول على الأموال، التدخل في الحياة الإجتماعية والسياسية والإقتصادية للمجتمع. أما الرسم فالغرض منه مالي بحت .
ويثور التساؤل، بمناسبة التفرقة بين الضريبة والرسم، لدى الذين يرون التعادل بين الرسم وتكلفة الخدمة، عن الطبيعة القانونية للمبلغ الزائد عن سعر الرسم، وهل يعتبر ضريبة أو رسما إضافيا؟
ويصدر هذا التساؤل من الفكرة القائلة بوجوب تحديد سعر الرسم على أساس تكلفة الخدمة دون زيادة. ولهذا التساؤل فائدته العملية لدى القائلين به في الحالات التي تقتضي فيها الدولة سعرا للرسم بنسبة تزيد عما تتحمله من تكلفة. وللإجابة على هذا التساؤل يوجد أكثر من رأي . ويربط أحد الآراء بين سعر الرسم وقيمة المنفعة. ومؤدي هذا الرأي أنه ما دام أن سعر الرسم في حدود قيمة المنفعة التي على الشخص ويتعادل معها فإن أي مبلغ زائد عن سعر الرسم يعتبر رسما إضافيا. ويلاحظ على هذا الرأي أنه يقيم علاقة بين سعر الرسم وقيمة المنفعة مع العلم أن قيمة المنفعة تختلف من شخص لآخر، وتختلف بالنسبة للشخص الواحد من وقت لآخر . ويتفق رأي آخر مع الرأي الأول في موضوع ربط سعر الرسم بقيمة المنفعة إلا أنه يعتبر الرسم كله ضريبة وذلك في الحالات التي يزيد فيها سعر الرسم عن قيمة المنفعة وتكلفة الخدمة ويقرر الحاق وصف الضريبة على المبلغ الزائد عن تكلفة الخدمة .
ولقد سبق أن رأينا أن موضوع تحديد سعر الرسم يعتمد كلية على مبدأ تحكمي صرف لا ضوابط له، ولا يخضع لاعتبارات المنفعة أو التكلفة أو ظروف العرض أو الطلب أو عامل الإحتكار وذلك إذا استثنينا في هذا الخصوص اعتبارات الصالح العام. كما إنه من الصعوبة بمكان إيجاد معيار محاسبي دقيق يعتمد عليه المشرع للتفرقة بين سعر الرسم المعادل تماما لتكلفة الخدمة وبين المبلغ الزائد عن سعر الرسم والمقول بأنه رسم إضافي أو ضريبة. وإن النظر السليم هو عدم إيجاد تفرقة من هذا النوع وإعتبار المبلغ الزائد المدفوع من المبلغ الأصلي (إذا افترض إمكانية التحقق من الناحية العملية من وجود زيادة فعلية) على أنه كله رسم.
ثانيا ــ مقابل التحسين ونظام الرسوم :مقابل التحسين وإن كان فكرة أمريكية النشأة إلا أنه يجد جذوره في التاريخ القانوني الإنجليزي. ولقد تبلورت هذه الفكرة في ظل التطورات التي رافقت نمو المدن الأمريكية وذلك منذ العهد الإستعماري وبعد استقلال الولايات المتحدة الأمريكية وحتى العصور الحديثة.
والمقصود بمقابل التحسين ذلك المبلغ من المال الذي تقتضيه الدولة من ملاك المباني والأراضي في مقابل قيامها بخدمات عامة ذات نفع خاص كشق ممر أو إنشاء طريق أو جسر أو إيجاد حديقة عامة حول أو وسط هذه المباني والأراضي إذا ترتب على القيام بهذه الخدمات ارتفاع أثمان هذه الممتلكات الخاصة .
ويتحدد مقابل التحسين عادة عن طريق تقدير قيمة العقار أو الأرض قبل التحسين وبعده وخصم جزء من الزيادة التي تطرأ على قيمة العقار أو الأرض بعد التحسين بنسبة لا تتجاوز خمسين في المائة من الزيادة وفي حدودها أو أقل منها.
وأختلف في تحديد الطبيعة القانونية لهذا المقابل . وفي رأي أنه رسم وفي رأي آخر أنه ضريبة وفي رأي ثالث أنه اتاوة. ولم تتبن الأنظمة السعودية فكرة مقابل التحسين.
ثالثا : نظام الرخص ونظام الرسوم :يعتبر منح الرخصة للشخص لمزاولة مهنة معينة أو للقيام بعمل معين بمثابة خدمة تؤديها الدولة لهذا الشخص وتأخذ مقابلا منه ويسمى هذا المقابل رسما لأنه يؤدي مقابل خدمة عامة ذات نفع خاص. ومن أمثلة هذه الخدمات الترخيص بالبناء. والترخيص بحمل السلاح، والترخيص بقيادة المركبات الآلية، والترخيص بفتح المحال المقلقة للراحة أو المضرة بالصحة والخطرة، والترخيص بممارسة مهنة الطب والمحاماة أو الصيدلة أو المحاسبة والترخيص بالصيد، والترخيص بالتوريد والإستيراد.
ولا يختلف الرسم المدفوع كمقابل للرخصة عن سائر الرسوم الأخرى التي تدفع مقابل خدمات تسجيل الشركات، وتسجيل المواليد، والتقاضي، ونوثيق العقود، والدخول بالجامعة. إلا أن البعض يرى أن رسوم الرخص ليست إلا ضرائب مستترة وذلك بداعي أن الرخص لا تمنح إلا بالنسبة للمهن التي تباشر عليها الدولة رقابة دقيقة كرخص السيارات . ولا مبرر في رأيي لهذه التفرقة المبنية على فكرة الرقابة. فمن جهة، أن هذا الرأي يخلط بين الرسم وهو مبلغ من المال وبين الرخصة وهي في حد ذاتها إذن تمنحه الدولة للشخص إذا توافرت شروط معينة ليس بينها ما يدفع كمقابل لمنح الرخصة. ومن جهة أخرى، إن الخدمات التي تدفع الرسوم كمقابل لها تباشر عليها الدولة رقابة أيضا، بل وربما رقابة أشد كخدمات الشركات وتوثيق العقود. كما أن الرقابة الحكومية المقول بوجودها في نظام الرخص لا تكون فعالة وحيوية إلا في الحالة التي تقدم فيها خدمات الرخص من جهات غير حكومية.
ولكن بما أن الدولة هي التي تحتكر خدمات الرخص، وهي التي تحدد رسومها فمعنى ذلك أن الرقابة الحكومية موجودة في كل خدمات الرخص وغيرها من الخدمات التي تدفع الرسوم كمقابل لها سواء بسواء. وقد يكون مفيدا أن نشير إلى أن التفرقة المقول بوجودها ليس لها أهمية في القانون المالي السعودي، وهو القانون الذي يعتبر رسوما كلا من المبالغ التي تدفع كمقابل لمنح الرخص والمبالغ التي تدفع مقابل الخدمات العامة ذا النفع الخاص والتي لا تدخل ضمن مدلول الرخص.

المبحث الثالثنماذج للخدمات ذات الرسوم في الأنظمة السعودية
يتحدد الأصل القانوني للرسوم في الأنظمة السعودية فيما تقرره المادة (29) من نظام مجلس الوزراء من عدم جواز فرض الرسوم إلا بموجب نظام . وكذلك فيما تقرره المادة (30) من نفس النظام من إنه لا تجبي الرسوم إلا بمقتضى أحكام الأنظمة ولا يجوز الإعفاء منها إلا بمقتضى النظام.
وكما يتضح من هذه المادة لقد بين نظام مجلس الوزراء الإجراء الواجب أتباعه في عملية وضع الرسوم كهيئة نظامية . ولقد جارى نظام مجلس الوزراء في هذا الشأن الوضع الذي تسير عليه دول العالم من أنه لا يجوز فرض الرسوم أو تعديلها أو إلغاؤها إلا بقانون أو في حدود القانون.
وخروجا على هذا الأصل القانوني قد يعهد المشرع، وفي أحوال معينة، للسلطة التنفيذية أو أية مصلحة من المصالح الحكومية سلطة تقرير مقدار الرسوم وطرق جبايتها ومن أمثلة ذلك ما تقرره المادة (38) من نظام الآثار من أنه لا يسمح بالإتجار بالآثار إلا ضمن الحدود التي رسمها هذا النظام وبموجب ترخيص سنوي من دائرة الآثار مدته سنة واحدة قابلة للتمديد لقاء رسم سنوي يحدد بقرار من وزير المعارف .
وبمقتضى هذا الأصل القانوني تقرر المباديء القانونية العامة من أنه لا يجوز لأية مصلحة من المصالح الحكومية أن تقرر مبدأ الرسم أو تحديد مقداره إلا إذا سبق ذلك نظام يعطيها هذه الصلاحية، ومن أنه لا يجوز لأية مصلحة حكومية أن تحدث تغييرا في مقدار الرسم زيادة أو تخفيضا إلا بموجب نظام وفي حدوه.وفي ظل هذا الأصل تعددت الأنظمة ذات الرسوم بقدر تعدد الخدمات التي أخذت الدولة على عاتقها القيام بها وذلك بحكم ما لها من هيمنة على شؤون مجتمعها الإدارية والمالية والإجتماعية والإقتصادية.
ولا يتسع المقام لحصر كافة رسوم الخدمات التي تقدمها الدولة وذلك لتنوع صورها وتباين أشكالها. ويكفي أن نشير في هذا السياق إلى نماذج من الرسوم التي صدرت بها أنظمة معينة.
صدر نظام مديرية مصلحة خفر السواحل وتوابعها، وتنص المادة (23) منه على أن إدارات المرافيء هي المكلفة بمراقبة السفن حين سفرها ووردها وتطبيق الأنظمة المتعلقة بها وتحصيل الرسوم المقررة بمقتضى تعرفتها .
وصدر نظام تعرفة الطيران المدني، وتقرر أحكامه بأنه لا يمكن لأى طائرة مغادرة أرض المطار الذي هبطت فيه قبل أن تدفع الرسوم التي تتحقق عليها بما فيها رسوم الركاب المغادرين إلا إذا كان للجهة التي تتبعها تلك الطائرة ممثل أو وكيل مسؤول في المملكة ومعتمد من المديرية العامة للطيران المدني يقوم بدفع جميع المستحق وبأن تدفع الرسوم المتحققة بموجب هذه التعرفة بالريال السعودي أو ما يقابلها بعملة أجنبية قابلة للتحويل وتقبلها المديرية العامة للطيران المدني .وصدر نظام الطرق والمباني، وتنص المادة (121) منه على كل راغب في إحداث بناء أو ترميم بعد أخذ الرخصة ودفع الرسم المقرر أن يجري ذلك بمقتضى الرخصة التي أعطيت له وفقا لمواد هذا النظام .
وصدر المرسوم الملكي رقم م/55 وتاريخ 24/11/1391 بتعديل المادة (19) من نظام الجوازات السفرية، وتنص المادة بعد تعديلها بأنه إذا رغب حامل الجواز الذي لم تنته مدته بعد أن يسافر مرة أخرى إلى الخارج فلابد من التأشير على جواه من قبل مأمور الجوازات مقابل الرسم المقرر. كما عدل نفس المرسوم المادة (28) من نفس النظام حيث تقرأ المادة بعد تعديلها على أن الجواز الذي انتهت مدته النظامية ولم يسافر صاحبه لأعذار منعته من ذلك ثم راجع ادارات الجوازات بطلب السفر فيكتفي بتجديد الجواز لمدة سنة أخرى ويستوفى مقابل ذلك الرسم المقرر وقدره مائة وعشرة قروش سعودية .
وصدر نظام المحلات المقلقة للراحة والمضرة بالصحة والخطرة، وتنص المادة (1) منه بعدم جواز انشاء أو تشغيل محل من المحلات المقلقة للراحة أو المضرة بالصحة والخطرة إلا بترخيص سابق من وزير الداخلية أو من الجهة التي تحددها هذه الوزارة. كما تقرر المادة (17) من نفس النظام من أن على الجهة المختصة تحصيل رسم قدره عشرون ريالا عند طلب الرسم من طالب الرسم .
وصدر نظام تسجيل العلامات الفارقة، وتنص المادة (4) منه على أن يتخذ سجل خاص .. يسمى سجل العلامات الفارقة يحتوي على أسماء أصحاب العلامات وعناوينهم وعلى البيانات اللازمة في هذا الباب، ويكون هذا السجل بعهدة مسجل وللجمهور حق الإطلاع عليه وأخذ صورة مصدقة مما هو مدون فيه بعد دفع الرسوم المقررة . وتنص المادة (12) من نفس النظام بأن ترفق بطلبات التسجيل الرسوم المقررة لتقديم الطلبات.
ومن المهم، بالإضافة إلى هذه النماذج، أن نتناول بعضا من الخدمات ذات الرسوم بشىء من التفصيل وهي رسوم التسجيل، ورسوم المرور، ورسوم التعليم الجامعي ورسوم يثور الجدل حول طبيعتها القانونية وعما إذا كانت تعتبر رسوما أو غير رسوم ومنها رسوم الجمارك.
أولا : رسوم التسجيل التجاري :
نقصد برسوم التسجيل التجاري تلك الرسوم التي تقتضيها الدولة من التجار مقابل الخدمات التي تقدمها لهم. ومن خصائص هذه الرسوم أنها تدفع مقابل خدمات عامة ذات نفع خاص. وهي خدمات عامة نظرا لما لها من أثر قانوني واقتصادي في ضبط النظام العام لسير الحركة التجارية بإقليم الدولة وتنظيمه واستقراره، وبالأخص إذا كانت هذه التجارة تتحرك في إطار النشاط الفردي. ونفس الخدمات ذات منفعة خاصة نظرا لأنها تعود بنفع خاص ومباشر على كل تاجر وغير تاجر على حدة.
وفي مقابل هذه الخدمات تطالب الدولة برسوم معينة من كل مستفيد من هذه الخدمات. وتقدر الدولة أسعار هذه الرسوم بمفردها، وغالبا ما تكون هذه الرسوم ضئيلة سواء بالقياس إلى تكلفة الخدمة التي تتحملها الدولة عند تقديم الخدمة، أو بالقياس إلى قيمة المنفعة التي تعود على كل تاجر أو غير تاجر من جراء الحصول على نفس الخدمة.
ولخدمات التسجيل التجاري آثار قانونية واقتصادية شتى سواء في المجال التجاري أو بالنسبة للحصول على معلومات معينة عن كل تاجر على حدة. وتعني مؤلفات القانون التجاري بتحديد هذه الآثار . ولعل أهم خدمة تقدمها الدولة في هذا الخصوص هي تمكين كل شخص من الحصول على معلومات من السجل التجاري عن أي شخص آخر يرغب في التعامل معه إذا كان ذلك الشخص قد قيد في السجل.ومن الخدمات التي تقدمها الدولة خدمات القيد في السجل، والحصول على رخصة من مكاتب السجل بمزاولة مهنة الإستيراد أو المقاولة أو السمسرة أو الوكالة بالعمولة والتأشير بتغيير البيانات المدرجة في عملية القيد وشطب القيد والحصول على مستخرجات وشهادات من السجل نفسه.
ويحكم خدمات السجل التجاري في المملكة نظام السجل التجاري السعودي . ولقد حدد هذا النظام الخدمات التي تقدمها الدولة وذلك فيما يتعلق بالقيد فيه وتغيير بيانات القيد وشطب القيد والحصول على معلومات من السجل نفسه. وتقرر المادة (20) من النظام بأن يصدر مجلس الوزراء لائحة تنفيذية تشتمل على رسوم طلبات القيد والتغيير والشطب والمستخرجات والصور وإجراءاتها ورسوم صرف الرخص. وتقرر المادة (16) من اللائحة بأن يكون رسم التسجيل والتأشير بالتغييرات ورسم الرخص ورسم المستخرجات والشهادات على النحو التالي:مائة ريال سعوديعلى كل طلب تسجيل شركة أو محل أو فرع أو وكالة لشركة. وخمسين ريال سعودي عن كل طلب تسجيل آخر. وخمسين ريال سعودي عن كل طلب رخصة من الرخص المشار إليها في المادتين (5) و (19) من النظام . وعشرين ريال سعودي عن كل طلب بالتأشير بالتغيير في البيانات السابق تسجيلها. وعشرين ريال سعودي عن كل صفحة من صفحات السجل التجاري تستخرج بياناتها. وعشرة ريالات سعودية عن كل بيان يستخرج من السجل الخاص بالرخص المشار إليها. وعشرة ريالات عن كل شهادة بعدم وجود تسجيل أو رخصة. ولا تحصل على طلبات الشطب رسوم. ويعفى من الرسوم المستخرجات التي تطلبها مصالح الحكومة لأغراض رسمية.
ثانيا ــ رسوم المرور :
نقصد برسوم المرور تلك الرسوم التي تقتضيها إدارة المرور مقابل خدمات تقدمها بالتعون مع البلديات بغرض حماية أفراد المجتمع من أخطار الحوادث الناجمة عن قيادة أية مركبة آلية. وتضع أنظمة المرور قيودا وشروطا معينة بالنسبة لكل راغب في قيادة مركبة آلية. وترد هذه القيود والشروط لحماية حق كل شخص في التنقل.
وتمنح إدارات المرور، في مقابل رسوم معينة، تراخيصا لقيادة المركبات الآلية. وتتضمن هذه التراخيص شروطا معينة يلزم توفرها في قيادة هذه المركبات منها سلامتهم الذهنية والبصرية والجمسانية واتقانهم لفن القيادة وغير ذلك من الشروط الضرورية والملائمة. وتفرض الدولة هذه الشروط وفقا لمقتضيات الصالح العام. وبناء على ما لديها من سلطات أصيلة كالسلطة البوليسية والسلطة الضبطية وسلطة الرقابة الإدارية.
ويحكم تراخيص قيادة المركبات الآلية في المملكة نظام المرور السعودي .
ويحدد هذ النظام رخص القيادة وفئاتها والشروط اللازم توفرها في طالب الرخصة. كما يقرر نفس النظام في المادة (12) منه بأن يكتفي لتجديد عموم الرخص بالكشف الطبي ودفع الرسوم المقررة. وتقرر المادة (13) بأنه إذا فقدت الرخصة جاز لصاحبها أن يحصل على أخرى بدلا عنها بعد التحقيق والإعلان عن فقدها في صحفية محلية ودفع الرسوم المقررة. ولقد حدد نظام المرور في ملحقه رقم (2) أسعار الرسوم بالريالات. ومن نماذج الرسوم التي تضمنها هذا الملحق ما يلي :
خمسة عشر ريالا عن رسم الرخصة الخصوصي. وخمسة عشر ريالا سعوديا عن رسم التجديد. وعشرون ريالا سعوديا عن رسم نقل الملكية. وثلاثون ريالا سعوديا عن رخصة سيارة الأجرة. وخمسة عشر ريالا سعوديا عن رسم اللوحات. وخمسة عشر ريالا عن رسم التالف المفقود. وخمسة عشر ريال سعودي عن رسم التجديد. وخمسون ريالا سعوديا عن رسم نقل الملكية.
ثالثا ــ رسوم التعليم الجامعي :
تعتبر مؤسسات التعليم الجامعي من المرافق الحيوية والهامة. وتولي كل دولة هذه المرافق عنايتها الفائقة. وقد تتوسع الدولة أو لا تتوسع في سياسة التعليم الجامعي وإن كان يهمها ــ كسياسة عامة ــ أن يحصل معظم أفراد شعبها على تعليم عال. وقد يصطدم هذا الإهتمام بسياسات أخرى للدولة تتعلق بتنمية المهن والحرف والمهارات والصناعات اليدوية والمهنية والتي لا تحتاج من أجل تنميتها إلى تعليم عال.
ويثور الجدل حول ما إذا كان من حسن السياسة لتنظيم ورعاية التعليم الجامعي أن تفرض أو لا تفرض رسوم جامعية على طلاب التعليم الجامعي؟ وفي حالة فرض رسوم يثور جدل آخر عما إذا كان من الملائم أن تكون هذه الرسوم مرتفعة بحيث تغطي نفقات التعليم الجامعي، كما تحد في الوقت نفسه من الإلتحاق بالجامعات وتصرف بعض الطلاب إلى الإلتحاق بالمدارس المهنية والزراعية والتجارية والصناعية والحرفية.
ويثور جدل ثالث حول الأسس التي يجب أن يعتمد عليها المشرع في عملية تحديد هذه الرسوم. وهل يصلح مثلا، معيار المنفعة أو معيار التكلفة كأساس للتحديد؟ وقد قيل بأن معيار المنفعة لا يصلح كأساس. وبيان ذلك أنه لو تم تحديد الرسوم الجامعية على أساس المنفعة التي يحصل عليها الطالب من التعليم الجامعي لبلغ مقدار الرسوم رقما قياسيا مما يصعب معه مطالبة هذا الطالب بأدائه . ونفس القول صحيح حتى بالنسبة لاستخدام معيار التكلفة كأساس وذلك لتضخم نفقات التعليم الجامعي.
ويجري العمل في معظم الدول على تغطية نفقات التعليم الجامعي عن طريق الضرائب وغيرها من مصادر الإيراد. كما تفرض بعض الدول رسوما جامعية كمساهمة في عملية الإنفاق على التعليم الجامعي، كما تحدد أيضا شروط الإعفاء منها.
وتقدم المملكة العربية السعودية خدمات التعليم الجامعي بالمجان. بل وتعطي الدولة أمانات مالية لطلابه .
وتبني مبدأ المجانية في مجال التعليم الجامعي لم يمنع مع ذلك الأنظمة السعودية المنشئة لمؤسسات التعليم الجامعي من أن تشير للرسوم في مواردها، وعن احتمال فرضها في المستقبل .
رابعا ــ الرسوم الجمركية :
لم نتعرض في هذا البحث للرسوم الجمركية لسبب رئيسي وهو أن تحديد الطبيعة القانونية للأموال التي تقتضيها إدارات الجمارك مقابل الخدمات التي تقدمها بمناسبة اجتياز السلع لحدود الدولة أو بمناسبة استيرادها إلى إقليم الدولة أو تصديرها منه لا يزال محل جدل بين المشرعين ورجال القانون المالي.
فمن جهة يصر المشرعون على اعتبار هذه الأموال رسوما ويبدو أن هذا الإصرار راجع إلى أن رسوم الجمارك لا تختلف عن سائر الرسوم الأخرى من حيث الطبيعة والخصائص وأسلوب التحصيل.ومن جهة أخرى، يكاد يجمع كل رجال القانون المالي والمالية العامة على اعتبار هذه الأموال ضرائب لا شائبة فيها تأسيسا على أن المشرع إنما يتحايل في واقع الأمر بتلك التسمية حتى يخفف من وقع دفع هذه الأموال على دافعيها من مصدرين ومستوردين وأصحاب السلع العابرة لحدود اقليم الدولة.
ولم يحسم هذا الجدل بعد. ولعل السبب في اعتبار الرسوم الجمركية ضرائب هو ارتفاع أسعار هذه الرسوم إذا ما قورنت بأسعار الرسوم الأخرى. وإذا كان هذا السبب صحيحا فمن الممكن اعتبار الأموال التي تقتضيها السلطات الجمركية السعودية من المستوردين والأجانب بنسبة 3% رسوما بالمعنى الحقيقي على أساس أن حصيلتها ستغطي تقريبا تكاليف الخدمات التي تقدمها سلطات الجمارك .

المبحث الرابعموقف الأنظمة السعودية من مبدأ مجانية الخدمات
يمكن تحديد موقف الأنظمة السعودية من مبدأ مجانية الخدمات، ومدى أخذ هذه الأنظمة بهذا المبدأ على ضوء اعتبارات معينة منها غنى المملكة أو فقرها، ومدى قدرة مصادر الإيرادات لديها غير مصدر الرسوم على توفير الأموال اللازمة لمواجهة احتياجات الإنفاق لديها، ومدى التكاليف المترتبة على تحصيل إيرادات الرسوم منها.
ومن المعروف تاريخيا أن الأنظمة السعودية لم تتبن، في الفترة اللاحقة مباشرة على تكوين المملكة العربية السعودية وحتى اكتشاف الثروة البترولية، مبدأ مجانية الخدمات نظرا لما كانت تعانيه الدول الناشئة آنذاك من عجز مالي بسبب عدم وجود مصادر ايرادات ثابتة وقادرة على توفير الأموال اللازمة لمواجهة النفقات العامة. هذا بالإضافة إلى أن الخدمات العامة التي كانت تقدمها الدولة الناشئة آنذاك كانت خدمات محدودة وذلك بسبب انشغال الدولة في بناء كيانها السياسي والإجتماعي والإقليمي والديني.
ومن المعروف تاريخيا كذلك أن الرسوم كانت من أهم مصادر الإيرادات العامة في المملكة، ومن أهم هذه الرسوم تلك المفروضة على حجاج بيت الله الحرام. يقول الأستاذ أحمد عسه في هذا الخصوص :لقد كان المورد البارز الوحيد للدولة الجديدة مورد الحجيج. وهو مورد سنوي لا يسمن ولا يغني من جوع لأنه لم يكن يدر على الدولة أكثر من مائة ألف جنيه سنويا. ومع ذلك فقد كان من سوء حظ الدولة الجديدة أن ولادتها صادفت ظهور موجة الكساد الأكبر في العلم وما رافقه من أزمة اقتصادية خانقة فتأثر هذا المورد الضئيل تأثرا انخفض معه عدد الحجيج انخفاضا محسوسا .
ولقد أخذ نظام الرسوم ــ كمصدر للإيراد المالي ــ يتقلص دوره في القانوني المالي السعودي بعد اكتشاف الثروة البترولية، وبعد إدخال نظام الضرائب سنة 1370، وتطبيقه على الأشخاص الأجانب من أفراد وشركات . وبتقلص دور نظام الرسوم أخذ مبدأ مجانية الخدمات يظهر في المملكة في الكثير من صوره. وفي هذا الإتجاه تبنت المملكة العربية السعودية سياسة تشريعية جديدة تدعو إلى النظر في إلغاء الرسوم والتي فرض البعض منها في ظروف خاصة، كما أن البعض الآخر منها أصبحت تكاليفه تفوق حجم المتحصل منه . ومن أهم مظاهر السياسة إلغاء بعض الرسوم المفروضة على التنقل بين بعض مدن المملكة . والرسوم المفروضة على بعض إجراءات التقاضي وإثبات التصرفات المالية والقانونية والحقوقية وهي الرسوم التي كانت تحصلها كتاب العدل . ورسوم الخدمات العامة المفروضة على حجاج بيت الله الحرام . والرسوم المفروضة على العقارات والرسوم المفروضة على عوائد الرسوم الجمركية .
وبجانب إلغاء هذه الرسوم، وبعد توفر الإستقرار السياسي، أخذت الدولة على عاتقها تقديم خدمات عامة بدون مقابل كخدمات التعليم العام والجامعي . كما أخذت نفس الدولة بسياسة الإعفاء من دفع الرسوم بالنسبة لفئات معينة من الأفراد والأشخاص .
ولقد سبق القول بأن إيرادات الرسوم المفروضة على حجاج بيت الله الحرام مقابل الخدمات التي تقدمها الدولة من أهم إيرادات المملكة ابان نشأة المملكة وإلى حين اكتشاف الثروة البترولية. ولعله من المفيد إلقاء بعض الضوء، وعلى سبيل المثال، على ما قررته الأنظمة السعودية في شأن هذا الرسوم.
كان يحصل رسم كرنتينه بمبلغ قدره خمسون ريال من كل أجنبي قادم إلى المملكة. وقد ألغي هذا الرسم وحل محله رسم آخر باسم رسم الخدمات العامة وقدره خمسون ريالا يدفعه كل أجنبي قادم إلى المملكة . وفي عام 1382 رفعت الدولة قيمة رسم الخدمات العامة من خمسين ريال إلى ثلاثة وستين ريال . وفي عام 1389 أصبح هذا الرسم قاصرا دفعه على حجاج بيت الله الحرام إذ صدر مرسوم يستثني القادمين إلى المملكة بتأشيرة دخول بقصد العمل أو التجارة أو الزيارة وملاحي الطائرات والسفن وسائقي السيارات ومعاوينهم من الخضوع لهذا الرسم . وفي عام 1394 تم إلغاء هذا الرسم وجاء المرسوم الصادر بإلغائه بأن الغرض من ذلك هو التيسير على حجاج بيت الله الحرام والمساهمة من الدولة في تخفيف العبء على غير القادرين منهم .

المبحث الخامسدور الرسوم في الحياة المالية للدولة
مبدأ فرض الرسوم من المباديء التقليدية والأصيلة في الحياة المالية للدولة. فرضته الدول باعتبارها ذات سيادة وسلطان على إقليمها وعلى شؤون مجتمعها، ولا تزال تفرضه وتستعمله كاستراتيجية للحصول على إيرادات.
وتلعب السياسات التشريعية لدى الدول المختلفة دورا كبيرا في تحديد موقف قوانينها وأنظمتها من هذا المبدأ. هناك دول تأخذ بهذا المبدأ كليا، وهناك دول أخرى تأخذ به جزئيا، وهناك دول ثالثة لا تأخذ به مطلقا.
كان لمبدأ فرض الرسوم دور كبير في تغذية الخزينة العامة للدولة بالأموال في الماضي لأسباب منها سهولة الإجراءات القانونية التي كانت تتبع عند فرضه. وفي العصور الحديثة أخذ هذا المبدأ يننكمش من حيث الأثر لأسباب منها حلول المبدأ الضريبي محله في الأهمية والتأثير في تغذية الخزينة العامة بالأموال.
ومن الناحية القانونية والإقتصادية يمكن القول بأن مبدأ فرض الرسوم يرتبط ارتباطا وثيقا بالأوضاع المالية والإجتماعية والإقتصادية لكل دولة. كما يرتبط عدم الأخذ بهذا المبدأ ارتباطا وثيقا بنفس الأوضاع. وبتعبير آخر يمكن القول بأن هناك ارتباطا وثيقا وفي العصور الحديثة على الأقل، بين مبدأ عدم فرض نظام الرسوم وبين الأخذ بمبدأ مجانية الخدمات وكذلك العكس صحيح.
وتبني أو عدم تبني مبدأ مجانية الخدمات يعتمد في المحل الأول على غنى الدولة أو فقرها، كما يعتمد كذلك على نوعية المنهج الذي تتبناه نفس الدولة بالنسبة للسلوك الإجتماعي والإقتصادي داخل نطاق إقليمها.
وفي العصور الحديثة تتجه سائر الدول، إذا كانت إمكانياتها تسمح بذلك إلى تبني مبدأ مجانية الخدمات التي تقدمها لمواطنيها وباعتبار أن هذا المبدأ من أحدى الركائز الأساسية لما يسمى بدولة الرفاهية Welfare State وهى الدولة التي تعني برفاهية مواطنيها وتخفيف التكاليف عليهم مهما كانت مستوياتهم من الناحية الإجتماعية والإقتصادية والمالية.
ولا يختلف اثنان في أن للرسوم دورا حيويا في الحياة المالية للدولة. وهو دور وإن كان ذا أثر واضح في الماضي، إلا أنه لا يزال يحتفظ بنفس الأهمية حتى في الوقت الحاضر إذا نظر إليه مستقلا عن نظام الضرائب.
وقد تلغي دولة من الدول نظام الرسوم كلية في وقت من الأوقات ولسبب من الأسباب وإلغاء الدولة لهذا النظام لا يمنعها من العودة إلى تبنيه وفرضه إذا كانت هناك حاجة إليه، أو إذا دعت الحاجة إليه.
ونظام الرسوم يعيش في ظل نظام قانوني كسائر الأنظمة المالية الأخرى. فهو لا يفرض، ولا يعدل إلا بقانون أو في حدود القانون. ولا يحق لأية مصلحة من المصالح الحكومية أن تقرره أو تحدد سعره إلا إذا سبق ذلك قانون يعطيها هذه الصلاحية.
وإذا فرض نظام الرسوم فإن تحديد أسعاره لا يخضع لمعيار معين. وإنما يخضع لمبدأ تحكمي صرف لا ضابط له البتة. وقد يستغل المشرع هذا المبدأ للحصول على الأموال لتغذية الخزينة العامة وحتى دون الإلتفاتة إلى قيمة المقابل المقدم من أجل دفع الرسوم.
وإذا كان الرسم يفترض عند فرضه وجود خدمة أو منفعة معينة تقدمها الدولة لدافع الرسم فمن المهم الإشارة إلى أن الرسم لا يشكل عنصرا من العناصر المكونة للخدمة نفسها. وبيان ذلك هو أنه من الممكن أن تقدم هذه الخدمة مجانا. كذلك لا يوجد ارتباط بين الرقابة الحكومية بالنسبة لتقديم الخدمة وبين دفع الرسم فقد توجد الرقابة الحكومية (سواء أكانت إدارية، أو بوليسية، أو تنظيمية) بمناسبة تقديم الخدمة أو قبل تقديمها وذلك في ظل كل من مبدأ مجانية الخدمات ومبدأ عدم مجانية الخدمات.
وكما رأينا بالنسبة لوضع الرسوم في الأنظمة السعودية. كان لهذه الرسوم دور كبير في الحياة المالية للمملكة في الفترات اللاحقة مباشرة على تكوينها وتأسيسها. ولكن هذا الدور أخذ يتقلص تدريجيا نظرا لما تتمتع به هذه الدولة من ثروة مادية هائلة.
ولكن إذا استمر تدفق هذه الثروة في المستقبل بنفس المستويات الحالية أو أزيد منها فقد ترى الحكومة أنه من الملائم اتخاذ إجراء من شأنه تبسيط الرسوم وإلغاء بعض من فئاته. ولا شك أن إجراء من هذا النوع سيترتب عليه :أ- تخليص بعض دافعي الرسوم من عبء مالي.ب-تخليص الإدارة الحكومية من الأعباء المالية والإدارية المترتبة على عمليات تحصيل الرسوم.ج- المساهمة في تأكيد وتعميق مبدأ مجانية الخدمات.د- العمل على إيجاد دولة الرفاهية.
——هوامش——* حصل الدكتور محمد عبداللطيف الملحم على درجة الدكتوراه في علم القانون من جامعة بيل الأمريكية وكان عميدا لكلية التجارة وأستاذ مساعد بقسم القانون بالكلية وهو الآن يشغل منصب وزير دولة وعضو بمجلس الوزراء.
– القانون المالي أو التشريع المالي فرع من فروع القانون الإداري، وهو ينظم الحياة المالية للدولة. ولقد خصص نظام مجلس الوزراء السعودي باباً مستقلاً تحت عنوان ــ الشئون المالية ــ وبين في المواد من 28 إلى 43 كل ما يتعلق بهذا القانون. وقرر هذا النظام في المادة 28 منه من أن شئون الدولة المالية مرجعها مجلس الوزراء.
2- أنظر في هذا الخصوص :-مؤلف الإستاذ مصطفى القوني، المالية العامة والضرائب، ص/81، ط/1952 وسيشار لهذا المؤلف فيما بعد (بالقوني).ومؤلف الدكتور محمد رياض عطية، موجز المالية العامة. ص/142، ط/1960 وسيشار لهذا المؤلف فيما بعد (بعطية).ومؤلف الدكتور حسين عواضة، المالية العامة، ص/386 وما بعدها. وسيشار لهذا المؤلف فيما بعد (بعواضة).ومؤلف الدكتور عبدالعال الصكبان، علم المالية العامة، ص/149، ط/1966 بغداد. وسيشار لهذا المؤلف فيما بعد (بالصكبان).ومؤلف الدكتور عبدالمنعم فوزي وزملائه، المالية العامة، ص/198 وما بعدها، منشأة المعارف، مصر 1968. وسيشار لهذا المؤلف فيما بعد (بفوزي).3- فرض الرسوم أقدم من فرض الضرائب في التشريع المالي السعودي. أنظر في هذا الخصوص نظام الضريبة الصادر بالمرسوم الملكي رقم 17/2/28/3321 وتاريخ 21/1/1370 والأنظمة الضريبية الأخرى المعدلة له في (مجموعة الضرائب والزكاة والطوابع وما صدر من مراسيم وقرارات ومنشورات وتعاميم) مطبعة مكة المكرمة 1392.4- المصدر: الكتاب الإحصائي السنوي للعام 1393، ص362، مصلحة الإحصاءات العامة، وزارة المالية والإقتصاد الوطني ، الرياض، المملكة العربية السعودية.5- يقصد بالإيرادات العامة حصيلة الأموال التي تتجمع لدى الدولة من مصادر معينة كالضرائب والرسوم والقروض العامة وموارد الدومين لمواجهة نفقاتها العامة أثناء مباشرتها لنشاطها المالي والإقتصادي والسياسي. وتختلف نظرة التشريعات المالية التقليدية عن نظرة التشريعات المالية الحديثة بالنسبة للوضع القانوني للإيرادات العامة. فبينما ترى التشريعات الأولى أن الإيرادات العامة وسائل بيد الدولة للحصول على الأموال اللازمة فققط لمواجهة تكاليف الخدمات العامة، وأنها، أى النفقات العامة، هي التي تبرر وجود الإيرادا العامة القانوني، كما أنها هي التي تحدد حجمها، ترى التشريعات الثانية أن الإيرادات العامة ليست سوى عون للدولة عند قيامها بأداء خدماتها، وأنها مجرد وسائل، ومن بين وسائل أخرى، بيد الدولة تتدخل بواسطتها في الحياة الإقتصادية والإجتماعية لأفراد مجتمعها.6- أنظرProf. Harley Leist Lutz, Public Finance, P. 226, 4th ed., Hereinafter this reference will be referred to as “Lutz”.7- أنظرHugh Dalton, Principles of Public Finance, P. 18, 24th ed., (1964) , London. Hereinafter this reference will be referred to as “Dalton”8- أنظرProf. William Shultz & Prof. Lowell Harriss, American Public Finance, P. 401, 8th ed., (1965), U.S.A. This reference will be referred to as “Shultz & Harriss”.
9- أنظر عطية، الهامش رقم/2 سابقا، ص/132.
0 – الدكتور محمد حلمي مراد، مالية الدولة، ص/141، ط/1961، القاهرة. وسيشار لهذا المرجع فيما بعد (بمراد)1 – ويورد عطية، أنظر الهامش رقم 2 سابقا، ص137، أن الرسوم إما أن تكون ثابتة أو متغيرة، فتكون ثابتة أو مقررة إذا كان مقدارها ثابتا لا يتغير في جميع الأحوال. ومتغيرة إذا كان مقدارها يتغير تبعا لكل حالة، والمتغيرة إما أن تكون نسبية أو تصاعدية والنسبية هي التي تزداد بنفس نسبة زيادة المبلغ المتخذ أساسا لحساب الرسم، أما التصاعدية فهي التي تزداد بنسبة أكبر. وفي حالة الرسوم المتغيرة ينطوي الرسم غالبا على ضريبة أيضا.
2 – لم يتفق رجال القانون المالي والمالية العامة على تحديد مصادر الإيرادات العامة. وتوجد حاليا قائمة من التقسيمات لمصادر الإيرادات العامة بقدر عدد الكتب التي تناولت علم المالية العامة دراسة وشرحا وتفسيرا. أنظر في مناقشة هذه التقسيمات التي قيل بها منذ العصور الوسطى وحتى العصور الحديثة مؤلف البروفسور لوتز، الهامش رقم 6 سابقا، ص 141 وما بعدها.
3 – أنظر القوني، الهامش رقم 2 سابقا، ص 81.4 – أنظر دالتين، الهامش رقم 7 سابقا، ص 18. وأنظر كذلك مؤلف الدكتور محمد دويدار، مباديء المالية العامة، ص159 ، ط/1961 وسيشار لهذا المؤلف فيما بعد (بدويدار).5 – أنظر عطية، الهامش رقم 2 سابقا، ص 132 وما بعدها.6 – ولذلك يشذ هذا الغرض عن بقية الأغراض التي تتوخى الدولة تحقيقها من وراء استخدام بقية مصادر الإيرادات الأخرى كالضرائب والقروض العامة وموراد الدومين والتجارة والغرامات المالية والأتاوات ذلك أنه من الممكن أن تستخدم الدولة هذه المصادر كاستراتيجيات لتحقيق سياسات معينة في المجال الإقتصادي والقانوني والإجتماعي والمالي والتجاري.ومن هذا الرأي البروفسور لوتز، الهامش رقم 6 سابقا، ص 228، والذي يقول:It seems preferable to regard such a revenue simply as the result of th fact that the state has unrestricted control over certain administrative functions, and taking advantage of this fact to produce a certain revenue for general purposes.ومن نفس الرأي الأستاذ:-Admis H.C. The Science of Finance, P. 258.والذي يقول :-The fee system of financing government is, as it has grown up, largely an opportionistic system of collecting funds where possibilities present themselves.وأنظر كذلك مراد، الهامش رقم 10 سابقا، ص 142.
7 – من الصعوبة بمكان حصر كافة الخدمات الغير قابلة للتجزئة والتي تقدمها الدولة لمجتمعها ككل. وتصدر هذه الصعوبة من تنوع واختلاف هذه الخدمات من وقت لآخر، ومن مكان لمكان داخل نفس الدولة. ويتوقف هذا التنوع والإختلاف على نوع الفلسفة التي تتبناها الدولة في المجالات الإقتصادية والسياسية والدينية وبالأخص الخدمات التي يعجز الأفراد عن القيام بها بأنفسهم والتي تقوم الدولة بأدائها بحكم مالها من سيادة وسلطان وهيمنة على أوضاع مجتمعها.
8 – أنظر في هذه المعايير :مؤلف الدكتور محم فؤاد إبراهيم، مباديء المالية العامة، ص 239 وما بعدها. وسيشار لهذا المؤلف فيما بعد (بإبراهيم).ومؤلف البروفسور لوتز، الهامش رقم 6 سابقا، ص 146 بالهامش وبـ / ص228 و 260 .ومؤلف الأساتذة، شولتز وهريس، الهام رقم 8 سابقا، ص 410 ومؤلف الأستاذ :Prest A. R. Public Finanic in the Theory and Practice, P. 33 and 34 England (1965). Hereinafter will be referred to as “Prest”.
9 – ومن هذا الرأى الدكتور نور الله نور الله، المالية العامة وتشريع الضرائب، ص 75، دمشق 1965، وسيشار لهذا المؤلف فيما بعد (بنور الله).ويرى البعض من رجال التشريع المالي أن فكرة المنفعة تصلح كمبرر قانوني لعدالة التوزيع الضريبي، كما يرى البعض الآخر عكس ذلك. بل ويورد الأساتذة شولتز وهريس، المرجع السابق، ص 165 نقدا مريرا لفكرة المنفعة كأساس لعدالة التوزيع الضريبي، ومما جاء في نقدهما ما يلي:The benefit doctrine has a fundamental weakness as a basic principle for opportionong tax burdens. It assumes that the benefits of government service flow entirely, or prediminantly, to individual persons, businesses, or property units ……….. The benefit is either entirely collective or a mixture of collective and individual. The very essence of collective benefit is that it cannot be opportioned individually. How, then, can there be any measures of the value of government service by which the costs of such service can, through taxation, be opportioned among individuals?
20- راجع الهامش رقم 18 سابقا21- راجع إبراهيم، الهامش رقم 18 سابقا، ص 240 وما بعدها.22- راجع الهامش السابق23- انظر في هذا الخصوص نص المادة (4) من نظام مؤسسة خطوط حديد حكومة المملكة العربية السعودية الصادر بالمرسوم الملكي رقم م/3 وتاريخ 22/1/1386 والتي تقرر أن أموال المؤسسة الأموال التي تساهم بها الخزانة العامة للدولة. ولقد ورد على لسان المدير العام لهذه المؤسسة بأن الراكب الذي يدفع للمؤسسة ثلاثين ريالا ثمنا للتذكرة بالقطار من الدمام إلى الرياض يكلف المؤسسة أكثر من مائة ريال.24- راجع البروفسور لوتز، الهامش رقم 6 سابقا، ص 226.25- انظر أسعار الرسوم الواردة في اللائحة التنفيذية لنظام السجل التجاري الصادر بموافقة الديوان العالي بموجب خطابه رقم 21/1/4470 في 9/11/1375.26- راجع البروفسور لوتز، الهامش رقم 6 سابقا، ص 225 وما بعدها.27- راجع الهامش رقم 3 سابقا.28- أنظر حكم المحكمة الإداراية العليا بمصر في القضية رقم 886 لسنة 3 القضائية.29- ولقد سبق أن أشرنا بأن الغرض من فرض الرسوم يتحدد في الحصول على الأموال لتغذية الخزينة العامة. ويورد الدكتور دولار على زملائه (المالية العامة في المجتمع الإشتراكي الديمقراطي التعاوني، ص 202، ط/1961) من أن من أغراض الرسوم وضع قيود على نشاط الأفراد وحريتهم وهي قيود تقتضيها المصلحة العامة وذلك بالنسبة لمزاولة بعض الحرف وحيازة بعض الأشياء، ومن أمثلة ذلك الترخيص بحمل السلاح الذي لا يسمح به إلا لفئات معينة من الأفراد وفي مقابل دفع مبلغ من المال والذي يعتبر رسما. وأنظر كذلك نور الله، الهامش رقم 19 سابقا، ص79.
30- انظر في تفاصيل هذه الآراء:إبراهيم، الهامش رقم 2 سابقا، ص240.عطية، الهامش رقم 2 سابقا، ص137.دولار علي، الهامش السابق، ص203.بروفسور لوتز، الهامش رقم 6 سابقا، ص146 و 228.31- انظر د. عاطف صدقي، دروس في المالية العامة وتشريع الضرائب، ط/1960.32- انظر مراد، الهامش رقم 10 سابقا، ص142، انظر كذلك نور الله، الهامش رقم 19 سابقا، ص75.33- ويرى البروفسور لوتز، الهامش رقم 6 سابقا، ص228، وفي هذا الخصوص ما يلي:Some authorities would regard any surplus over the cost of administering the service as a tax. This is hardly a tenable position, if the view taken above of this form of aministrative revenue is Correct.34- انظر في التطور التاريخي لفكرة مقابل التحسين مؤلف الأساتذة شولتز وهاريس، الهامش رقم 8 سابقا، ص413 وما بعدها. وانظر كذلك مؤلف الدكتور لوتز، الهامش رقم 6 سابقا، ص226 وما بعدها، وفي هذا الخصوص يقول البروفسور لوتز ما يلي:The special assessment was originally a charge levied for the purpose of making specific improvements to property. This continues to be its principal purpose, but the use of socalled “special assessments” to pay certain specific current expenses has modified somewhat the original conception. As a charge to cover the cost of public works which results in a specific improvement of property it must be determined by the cost of the improvement. Theoritically, the amount of the assessment must not be in excess of the value created by the improvement, but practicaly this Limitation is not always observed.
35- يعالج الدكتور محمد فؤاد إبراهيم فكرة مقابل التحسين تحت إصطلاح (الأتاوة). انظر في هذا الخصوص الهامش رقم 18 سابقا، ص243. وفي هذا المعنى يرى الدكتور إبراهيم ما يلي:ولا يخفى أن الأتاوة تؤدي بدورها نظير خدمة معينة بالذات يعود من ورائها نفع من اليسير تقديره. حتى لقد دعا ذلك إلى الخلط بين الرسم والأتاوة على إعتبار أن كليهما مقابل خدمة معينة. وواقع الأمر أن هناك أوجها للتفرقة بين الرسم والأتاوة من حيث أن الأخيرة خاضعة بطبقة الملاك العقاريين، هذا فضلا عن أن درجة الإكراه في حالة الأتاوة تفوق حالة الرسم. فالفرد قد يستطيع تجنب أداء الرسم بعدوله عن الإنتفاع بالخدمة، على حين أن الملاك العقاريين لا خيار لهم في دفع الأتاوة. يضاف إلى ذلك أن الرسوم تستأدي بمناسبة كل انتفاع بالخدمات العامة في الوقت الذي لا تؤدي فيه الأتاوة إلا مرة واحدة.
36- انظر لوتز، الهامش رقم 6 سابقا، ص229، وانظر كذلك إبراهيم، الهامش رقم 18 سابقا، ص249 وما بعدها.37- صدر نظام مجلس الوزراء بمقتضى المرسوم الملكي رقم 38 وتاريخ 22/10/1377.38- يملك مجلس الوزراء بمقتضى نظامه ثلاث سلطات أصيلة، وهي السلطة التنظيمية والسلطة التنفيذية والسلطة الإدارية.وفيما يتعلق بالسلطة التنظيمية تقرر المادة (7) من نظام مجلس الوزراء بأن مجلس الوزراء هيئة نظامية. كما تقرر المواد من (19) إلى (24) صلاحيات المجلس النظامية والتي تبدأ من حقه في إقتراح الأنظمة وإصدارها وتعديلها ونشرها وإلغائها.وفيما يتعلق بالسلطة التنفيذية تقرر المادة (25) من النظام من أن للمجلس باعتباره السلطة التنفيذية المباشرة، الهيمنة التامة على شؤون التنفيذ وهو صاحب الإختصاص الأصلي في اتخاذ جميع ما يرى فيه مصلحة البلاد ومنها مراقبة تنفيذ القرارات والأنظمة وإحداث وترتيب المصالح العامة وتعيين وفصل وترقية مديري المصالح والموظفين.وفيما يتعلق بالسلطة الإدارية تقرر المادة (26) من النظام من أن مجلس الوزراء هو السلطة المباشرة لإدارة البلاد، وله الهيمنة التامة على كافة قضايا الإدارة وتدار المناطق المختلفة في كافة أنحاء المملكة بموجب أنظمة تسن لذلك. كما تقرر المادة (44) من نفس النظام من أن رئيس مجلس الوزراء هو الذي يوجه السياسة العامة للدولة ويكفل التوجيه والتنسيق والتعاون بين مختلف الوزارات ويضمن الإضطراد والوحدة في أعمال مجلس الوزراء ويتلق التوجيهات السامية من جلالة الملك للعمل بموجبها. وهو الذي يوقع قرارات المجلس ويأمر بتبليغها إلى الجهات المختلفة وله الإشراف على مجلس الوزراء والوزارت والمصالح العامة وهو الذي يراقب تنفيذ الأنظمة والقرارات التي يصدرها مجلس الوزراء.39- صدر نظام الآثار بموجب المرسوم الملكي رقم م/26 وتاريخ 22/6/1392.
40- صدر نظام مديرية مصلحة خفر السواحل وتوابعها بموجب الأمر السامي رقم 318/218 وتاريخ 19/1/1353. وتجري أسعار بعض الخدمات المقدمة بموجب هذا النظام على النحو التالي :بارة قرش أميري20 رسم على الطن الواحد على كل سفينة تابعة لعلم المملكة العربية السعودية مسافرة أو شاحنة أو خالية إلى احدى موانىء الحكومة الداخلية.1 رسم على كل سفينة تابعة للمملكة العربية السعودية مسافرة شاحنة أو خالية إلى احدى الموانىء الخارجية.1 رسم على الطن الواحد على سفينة تحمل راية أجنبية مسافرة شاحنة أو خالية إلى الموانىء الداخلية.2 رسم على الطن الواحد على سفينة تحمل راية أجنبية مسافرة شاحنة أو خالية إلى الموانىء الخارجية.جنية استرليني1 رسم المرسى على كل باخرة ترسو في الميناء حين ورودها.0.5 رسم المرسى على كل سفينة شراعية أجنبية ترسو في الميناء حين ورودها.2 رسم على كل باخرة باسم رسم الربان حين ورودها إلى الميناء سواء كان دخولها بربان أو بغير ذلك ويستثنى من هذا الرسم البواخر الحربية.ولقد جرى تحويل الجنيه الإنجليزي إلى قروش سعودية بموجب قرار وزير المالية رقم 103 في 14/10/1359 على أساس سعر الجنيه 35 ريال سعودي وذلك وفقا للأمر الملكي رقم 5160 وتاريخ 13/5/1359 القاضي بمنع التداول بالذهب وجعل الريال السعودي أساسا للتعامل.
41- صدر نظام تعرفة الطيران المدني بموجب المرسوم الملكي رقم 12 وتاريخ 15/6/1387. ومن نماذج الرسوم التي تضمنتها التعرفة ما يلي :1- يستوفى رسم قدره (15) ريالا في الساعة مقابل حراسة الطائرة عند الطلب.2- يستوفى رسم قدره (6) ريالات على كل راكب يغادر أحد مطارات المملكة إلى دولة خارجية وذلك مقابل رسم خدمات المطار. وتكون شركات الطيران أو وكالات السفر مسؤولة عن استيفاء الرسم المذكور من الركاب وتسديده لصندوق المديرية العامة للطيران المدني.3- تستوفي رسوم على معدات خدمات الطائرات التالية :أ- (500) ريال سنويا على كل سيارة تستعمل داخل منطقة المطار في عملية تعبئة الطائرات بالوقود.ب_(500) ريال سنويا على كل خزان وقود متنقل ملحق بالسيارة المستعملة داخل منطقة المطار.ج- (150) ريال سنويا على كل عربة زيت تعمل داخل منطقة المطار لتزويد الطائرات بالزيت.4- يستوفى رسم مقابل سحب الطائرات كالآتي :أ- (10) ريالات على المائة المتر الأولى.ب-(5) ريالات على كل مائة متر بعد المائة الأولى وحتى (500) متر.ج_ (3) ريالات على كل مائة متر تزيد عن الـ (500) متر.وبمقتضى تعرفة الطيران المدني تعفي الطائرات التالية من جميع الرسوم أيا كان نوعها :أ- الطائرات الملكية السعودية.ب- طائرات سلاح الطيران الملكي السعودي.ج- طائرات السلك الدبلوماسي شريطة ألا تحمل ركابا مدنيين بأجر وشريطة المعاملة بالمثل.د- الطائرات العسكرية الأجنبية شريطة أن لا تحمل ركابا مدنيين بأجر. وشريطة المعاملة بالمثل.هـ- طائرات البحث والإنقاذ شريطة أن لا تتقاضى أى أجر مقابل ذلك.و- طائرات التدريب السعودية والطائرات الشراعية التابعة للنوادي والهواة.ز- الطائرات المعفاة من دفع الرسوم بموجب اتفاقيات دولية أو اتفاق خاص مع الحكومة السعودية أو اتفاق ثنائي ينص على المعاملة بالمثل.ح- طائرات المديرية العامة للطيران المدني السعودي.ط- الطائرات التي تغادر المطار وتعود لأسباب فنية طارئة لخلل في أجهزتها أو لرداءة الأحوال الجوية.ى- الطائرات التي تضطر إلى الهبوط في مطارات المملكة لأسباب فنية أو خلل يطرأ عليها أثناء الطيران.ك- طائرات الهلال الأحمر والصليب الأحمر الدولية.ل- الطائرات التي يصدر أمر بإعفائها أمر من وزير الدفاع والطيران.
42- انظر نظام الطرق والمباني ط/3، مطبعة الحكومة ــ مكة المكرمة ــ سنة 1388.43- راجع مكتبة معهد الإدارة، مجلة، ص104 وما بعدها. عدد 3، سنة 2، جماد ثانية 1392، الرياض، المملكة العربية السعودية.44- صدر نظام المحلات المقلقة للراحة والمضرة بالصحة والخطرة بموجب المرسوم الملكي رقم 17، وتاريخ 18/3/1382.45- صدر نظام تسجيل العلامات الفارقة بموجب الإرادة الملكية رقم 33/1/4 وتاريخ 24/6/1358 وبموجب المرسوم الملكي رقم م/8 وتاريخ 20/3/1393 تم تعديل فئات الرسوم المقررة في نظام تسجيل العلامات الفارقة بحيث أصبح تسجيل العلامة الواحدة مقابل رسم قدره (500) خمسمائة ريال، وعلى أن يدفع نفس الرسم عند التجديد السنوي لنفس العلامة، وعلى أن تلغى بقية الرسوم التي تضمنها الباب السادس من نظام تسجيل العلامات الفارقة يتضمن رسوما منها (500) خمسمائة ريال مقابل التسجيل النهائي لكل صنف، و(200) مائتان ريال مقابل التسجيل النهائي عن كل صنف إضافي، و(100) ألف ريال مقابل التسجيل النهائي عن جميع البضائع.
46- انظر في هذا الخصوص مؤلف الدكتور محسن شفيق، الوسيط في القانون التجاري المصري، ص161 وما بعدها. ج1، ط/3، سنة 1357.
47- صدر نظام السجل التجاري بموجب الأمر الملكي رقم 21/1/4470 وتاريخ 19/5/1375.
48- تقرر المادة (5) من نظام السجل التجاري بأنه لا يجوز لأحد أن يعمل بصفة مستورد أو مصدر أو مقاول أو سمسار أو وكيل بالعمولة (كمسيونجي) أو وكيل أو وسيط تجاري أيا كان، إذا لم يكن له سجل ثابت يباشر فيه مهنته، إلا بعد الحصول على رخصة بذلك من مكتب السجل التجاري الذي يقع في دائرة محل إقامته أو مركز نشاطه بالمملكة وذلك بناء على طلب يقدمه إلى المكتب المذكور .. أما إن كان له محل ثابت يباشر فيه مهنته فإنه يتعين عليه إتباع أحكام المواد الثانية والثالثة والسابعة والثامنة والتاسعة. وتقرر المادة (19) من النظام بأنه يجب على كل الشركات والبنوك وعلى المستوردين والمصدرين والمقاولين، والسماسرة والوكلاء بالعمولة (الكمسيونجية) والوسطاء والوكلاء التجاريين أيا كانوا المشتغلين بالتجارة عند العمل بهذا النظام أن يقدموا طلبات التسجيل…
49- صدر نظام المرو بموجب المرسوم الملكي رقم م/49 وتاريخ 6/11/1391.50- راجع إبراهيم، الهامش رقم 18 سابقا، ص239 وما بعدها.
51- انظر في هذا الخصوص قرار مجلس الوزراء المنشور بجريدة الرياض، العدد 2924، سنة 11، ص2 وتاريخ 11/1/1395، المملكة العربية السعودية.
52- لقد ورد، مثلا، بالمادة (11) من نظام جامعة الرياض أن إيرادات الجامعة تتكون من مصادر محددة من بينها الرسوم الجامعية إن وجت. كما تقر الفقرة (و) من المادة (17) من نفس النظام بأن من صلاحية المجلس الأعلى للجامعة اقتراح رسوم جامعية واستصدار قرار بها من مجلس الوزراء. وكما تقرر الفقرة (7) من المادة (29) من النظام من أن من صلاحية مجلس الجامعة اقتراح الرسوم الجامعية إن وجدت وشروط الإعفاء منها.
53- لقد خفضت أسعار الرسوم الجمركية السعودية إلى ثلاثة بالمائة (3%). وتم هذا التخفيض بموجب المرسوم الملكي رقم م/44 وتاريخ 24/7/1394 الذي قضى في فقرته الأولى بأن تخفيض كافة فئات الرسوم المحددة بعشرة بالمائة وخمسة بالمائة إلى ثلاث بالمائة (3%). كما قضى نفس المرسوم في فقرته الثالثة بأن تخفض رسوم السيارات الخاصة والعامة والسياحية المنصوص عليها في الفقرتين (2) و (3) من البند 78/3/1 إلى ثلاثة بالمائة (3%).54- أحمد عسه، معجزة فوق الرمال، ص328، ط/3، سنة1971.55- انظر الهامش رقم /3 سابقا.56- انظر قرار مجلس الوزراء رقم 1961 وتاريخ 13/11/1394.57- انظر في خصوص الرسوم القديمة مؤلف الدتور عبدالعزيز النعيم، نظام الضرائب في الإسلام ومدى تطبيقه في المملكة العربية السعودية مع المقارنة، ص504 وما بعدها، سنة 1974.58- انظر كتاب العدل ونظام رسوم التسجيل والتنفيذ الصادر بالأمر السامي رقم 11083 وتاريخ 19/8/1364.59- انظر المرسوم الملكي رقم م/67 وتاريخ 5/12/1394.60- انظر المرسوم الملكي رقم م/44 وتاريخ 24/7/1394.61- انظر نظام جامعة الرياض الصادر بالمرسوم الملكي رقم م/6 وتاريخ 28/1/1392.62- انظر المرسوم الملكي رقم م/26 وتاريخ 22/10/1389.63- انظر المرسوم الملكي رقم 30 وتاريخ 25/6/1380.64- انظر المرسوم الملكي رقم 44 وتاريخ 15/9/1382.65- انظر المرسوم الملكي رقم م/26 وتاريخ 22/10/1389.66- انظر المرسوم الملكي رقم 67 وتاريخ 5/12/1394.
المراجعأولا : الكتب العربية :1 – الأستاذ مصطفى القوني، المالية العامة والضرائب، ط/1352.2 – الدكتور محمد رياض عطية، موجز المالية العامة، ط/1960.3 – الدكتور حسين عواضة، المالية العامة.4 – الدكتور عبدالعال الصكبان، علم المالية العامة، ط/1966.5 – الدكتور عبدالمنعم فوزي وزملائه، المالية العامة، ط/1968.6 – مصلحة الزكاة والدخل السعودية (مجموعة الضرائب والزكاة والطوابع وما صدر من مراسيم وقرارات ومنشورات وتعاميم) مطبعة مكة المكرمة/1392.7 – مصلحة الإحصاءات العامة (الكتاب الإحصائي السنوي) لعام 1393، الرياض المملكة العربية السعودية.8 – الدكتور محمد حلمي مراد، مالية الدولة، ط/1961.9 – الدكتور محمد دويدار، مباديء المالية العامة، ط/1961.10- الدكتور محمد فؤاد إبراهيم، مباديء المالية العامة.11- الدكتور نورالله نورالله، المالية العامة وتشريع الضرائب، دمشق/1965.12- الدكتور دولار علي وزملائه، المالية العامة في المجتمع الإشتراكي الديمقراطي التعاوني، ط/1961.13- الدكتور عاطف صدقي، دروس في المالية العامة، ط/1960.14- الدكتور محسن شفيق، الوسيط في القانون التجاري المصري، ط/3، سنة 1957.15- أحمد عسه، معجزة فوق الرمال، ط/3، سنة 1971.16- الدكتور عبدالعزيز النعيم، نظام الضرائب في الإسلام ومدى تطبيقه في المملكة العربية السعودية مع المقارنة.ثانيا : الكتب الأجنبية :1. Professor Harley Leist Lutz, Poblic Finance, 4th ed.2. Hogh Dalton, Principles of Public Finance, 24th ed., (1964).3. Professor William Shultz & Professor Lowell Harriss American Public Finance, 8th ed., (1965).4. Admis, H. C. The Science of Finance.
ثالثا : أحكام القضاء :1 – حكم المحكمة الإدارية العليا بمصر في القضية رقم 886 لسنة 3 القضائية.
رابعا : الأنظمة السعودية :
1 – نظام الضريبة الصادر بالمرسوم الملكي رقم 17/2/3321 وتاريخ 21/2/1370.2 – نظام مؤسسة خطوط حديد حكومة المملكة العربية السعودية الصادر بالمرسوم الملكي رقم م/3 وتاريخ 22/1/1386.3 – نظام مجلس الوزراء الصادر بالمرسوم الملكي رقم 38 وتاريخ 22/1/1377.4 – نظام الآثار الصادر بالمرسوم الملكي رقم م/26 وتاريخ 23/6/1392.5 – نظام مديرية مصلحة خفر السواحل وتوابعها الصادر بموجب الأمر السامي رقم 318/218 وتاريخ 19/1/1353.6 – نظام تعرفة الطيران المدني الصادر بموجب المرسوم الملكي رقم 12 وتاريخ 15/6/1387.7 – نظام الطرق والمباني، ط/3، مطبعة مكة المكرمة ــ مطبعة الحكومة سنة 1388.8 – نظام المحلات المقلقة للراحة والمضرة بالصحة والخطرة الصادر بموجب المرسوم الملكي رقم 17 وتاريخ 18/3/1382.9 – نظام تسجيل العلامات الفارقة الصادر بموجب الإرادة الملكية رقم 33/1/4 وتاريخ 24/6/1358.10- نظام السجل التجاري الصادر بموجب الأمر الملكي رقم 21/1/4470 وتاريخ 19/5/1375.11- نظام المرور الصادر بموجب المرسوم الملكي رقم م/49 وتاريخ 6/1/1391.12- نظام جامعة الرياض الصادر بموجب المرسوم الملكي رقم م/6 وتاريخ 28/1/1392.


الناشر: مطابع جامعة الرياض

تاريخ النشر: 1396هـ الموافق 1976م
وضع الرسوم في القانون المالي السعوديد. محمد عبداللطيف الملحم*

معركة أدبية بين وزيرين

سبق أن أهداني الزميل الصديق “غازي القصيبي” ديوانه المسمى “أبيات غزل”. اطَّلعت على الديوان، وبعد قرائتي له أرسلت له “رسالةً أدبيةً” بصفةٍ شخصيةٍ إلاَّ أن الرسالة سُرِّبَتْ إلى جريدة “الجزيرة: نشرت الجزيرة في العدد رقم 1535 وتاريخ 28/6/1396هـ الموافق 26/6/1976م مقتطفات من الرسالة ببنوط عريضة قبل نشرها كاملة جاء فيها:
الجزيرة تتبنى أول معركة أدبية بين وزيرين سعوديين
الملحم ينتقد القصيبي ويقول عن ديوانه الأخير بأنه يحتوي على كلماتٍ غريبةٍ على لغة الضاد. لو كان عمر بن أبي ربيعة حيًا لحكم بإدانة كلمات الديوان..!! أتساءل لماذا تجمع في ديوانك بين النقيضين؟ ولماذا تبني باليد اليمنى وتهدم باليد الأخرى؟ هل تتذكركم كنا نتجادل حول ما يسمى بالشعر الحر وهو الشعر الذي حكم عليه محبو اللغة العربية يالإعدام؟ بقدر الإعجاب الذي أكنه “لأبيات غزل” بقدر الفتور الذي قابلت به “كلمات غزل”! أتمنى أن تقوم بتفريغ خيالك الواسع في أبيات عمودية تستطيع “يارا” أن تحفظها عن ظهر قلب. لماذا تفرض على الطفلة “يارا” أن تحمل كلامك في صحائف فترويه كلما كانت تلك الصحائف بين يديها، وتنساه في كل مرة تفقد فيه تلك الصحائف؟
رسالة أدبية:أخي غازيتحية طيبة وبعد:- لقد ورد في الأثر: لا شئ أسبق الى الاسماع وأوقع في القلوب وأبقى على الايام والليال من مثل سائر وشعر نادر موزون مقفى.ضم ديوانك “كلمات غزل” من بينها: هكذا قد خلقت، في المساء، الصيف. كما ضم نفس الديوان “أبيات غزل” من بينها: اضحكي، من قبل، مغرورة. في “كلمات غزل” معاني القليل منها مقبول. وفي “أبيات غزل” معاني معظمها رائع. والفرق واضح بين “الكلمات” و “الأبيات”. وتنم “الابيات” عن حب برئ، وحيوية متجددة، وخواطر فياضة.أحسن “أبيات غزل” في الديوان “مغرورة”. وهذه “الأبيات” سلسة اللفظ، جيدة السبك، متلائمة النسج، دالة في التصوير، غاية في المعنى. وتقرأ أبيات “مغرورة” كالتالي:
حَبِيبَتِي أَمِيرَةٌ فِي النِّسَاءِ …. تُومِضُ فِي نَاظِرِهَا الْكِبْرِيَاءجَادَ لَها الْحُسْنُ بِمَا تَشْتَهِي ….. وَأَعْطَتْ فِي دَهْرِهَا مَا تَشَاءيَقُولُ عَنْهَا النَّاسُ مَغْرُورَةً ….. وَيِلِي مِنَ النَّاسِ، مِنَ الأَغْبَيَاءمَا قيمَةُ الْحُسْنِ إِذَا لَمْ يَكُنْ ….. فَوْقَ حُدُودِ الْوَهْمِ، فَوْقَ الرَّجَاءوَهَلْ عَشِقْنَا الْبَدْرَ لَوْ أَنّـَهُ ….. خَرَّ إِلَى الأَرْضَ وَعَافَ السَّمَاء
وأردأ “كلمات غزل” في الديوان هي “الصيف” وهي كلماتٌ ليس فيها من الغزل شئ، كلُّها جمل مكررة، لا معنى لها، ولعلها وردت في الديوان من باب الخطأ، وتقرأ كلمات “الصيف” كالتالي:مر بنا الخريف والشتاءلم نحس بالخريف والشتاءكنا نعيش للربيعوعندما جاء الربيعمر علينا مسرعا ولم يقفلم يبق إلاَّ الصيففهل يضيع الصيفورحم الله “عمر بن أبي ربيعة”. كان أمير الغزل وشاعره ورائده. ويا ترى ماذا سيكون حكمه لو كان حيًّا بيننا ليقرأ ” أبيات غزل” وبالاخص “مغرورة”، و”كلمات غزل” وبالأخص “الصيف”. إني واثق أنه سيصدر حكم براءة على الأبيات وحكم إدانة على الكلمات.يحتوي ديوانك على “أبيات غزل ” تستحق أن يشاد بها، كما يحتوي ديوانك على “كلمات غزل” وهي كلمات، في الشكل الذي كتبت فيه، غريبة على لغة الضاد. وإنني لأتساءل لماذا تجمع في ديوانك بين النقيضين. بين السمين والغث، بين الجيد والردئ؟ لماذا تبني باليد اليمنى وتهدم باليد اليسرى!!هل تتذكَّر كم كنا نتجادل حول ما يسمى بالشعر الحر؟ وهو الشعر الذي حكم عليه محبو اللغة العربية بالاعدام. إانني أتمنى أن تقوم بتفريغ ما يزخر به خيالك الواسع في أبيات عمودية تستطيع (ابنتك) “يارا” أن تحفطها عن ظهر قلب فترددها حينما ترغب. لماذ تفرض على “يارا” أن تحمل بين يديها كلامك المرسل حينما ترى أن هناك ضرورة لروايته؟ أو حينما يطلب منها أن ترويه سواء في المدرسة أو في حديقة المنزل؟ لماذا تفرض عليها حمل كلامك في صحائف فترويه كلما كانت تلك الصحائف بين يديها، وتنساه في كل مرة تفقد فيها تلك الصحائف وتضيع منها.دع الفتاة الصغيرة تضم شعرك في قلبها، في ذاكرتها، (بدلا من) أن “تضمه بين يديها” كما تطلب منها في “اهداء” الديوان لها. دع “يارا” وهي طفلة وبعد أن تشب عن الطوق تروي شعرك من قلبها، من ذاكرتها! دعها تقول: “أبي أحب مرارًا ” “وقال شعرًا جميلا”.وفي الختام بودي الافادة انني تلقيت ببالغ السرور هديتك.، وبقدر الاعجاب الذي أكنه “لأبيات غزل” بقدر الفتور الذي قابلت به “كلمات غزل” وإلى ديوان جديد كله أبيات.ولكم تحياتي.أخوكمد. محمد عبد اللطيف الملحم
وعلَّقت “الجزيرة” على الرسالة بقولها:قراء الجزيرة سيطالبون بالتأكيد بوجهة نظر الدكتور القصيبي في هذا الكلام لأن الرسالة بعد نشرها لم تعد خاصةً، ولم تعد أفكارها ملكًا للوزيرين فقط ..!وبالفعل رد القصبيبي على الملحم برسالة: ونشرت الجزيرة في العدد رقم 1536 بتاريخ 29/6/1396هـ 27/6/1976م مقتطفات من الرسالة ببنوط عريضة قبل نشرها كاملة جاء فيها:أعتقد أن الشاعر متى رضي أن ينشر على الناس شعره لم يجز له أن يجزع إن قوبل شعره باستهجان واستنكار. عزائي في بعض مقطوعات الديوان أن قارئا مَّا في مكان مَّا سيعجب بها. سلام على الجزيرة التي تحاول عبثا أن تجعل من هذه المحاورة معركة مجلجلة ..! سهولة الحفظ لا يجب أن تكون المعيار الوحيد للشعر الحر..!! وفي تراثنا الشعري قصائد لا تستحق أن نطلق عليها كلمة شعر رغم استقامة أوزانها ووحدة قوافيها ..وقبل نشر الرسالة أوردت جريدة الجزيرة الملاحظات التالية:.. على عجل كتب معالي الدكتور الشاعر غازي القصيبي تعقيبه على زميله معالي الدكتور محمد الملحم، وفي التعقيب تلمس الروح الشفافة للفنان القصيبي من خلال الكلمات التي انتقاها لتكون ردًا ساخرًا وتقييمًا موضوعيًا لما كتبه أمس زميله الدكتور الملحم .. !!.. وكما كان حوار الملحم جادًا وصريحًا وموضوعيًا فقد حاول القصيبي بموضوعه أن يداعبه ويعطي نوعًا من الإعتدال في موقفه من نوعي الشعر خلاف الراي المتطرف الذي اتسم به موقف الدكتور الملحم من الشعر الحر !!.. لقد أردنا عبثُا كما يحلو للقصيبي أن نوفر للناس معركةً مجلجلة، ونعتقد في “الجزيرة” أننا قد نجحنا واستطعنا رغم كل مشاغل الوزيرين أن نقدمم بقليمهما معركة أدبية لن تنسى ..!!
رسالة الدكتور غازي:أخي الدكتور محمد: أشكرك أجزل الشكر على رسالتك المتضمنة رأيك في “أبيات غزل”، أشكرك على ما تضمنته الرسالة من اطراء، وأشكرك – أكثر- على ما تضمنته من نقد. ذلك أنني أؤمن أن الاطراء نادرًا ما ينفع، أن نفع على الاطلاق، وأؤمن أن النقد، نادرًا ما يضر، إن ضر على الاطلاق.وبعد هذا كله فإنني أعتقد أن الشاعر متى ما رضي أن ينشر على الناس شعره لم يجز له أن يجزع إن قوبل شعره باستهجان أو استنكار فقد اختار- طائعًا- أن يعرض بضاعته على الناس: يعجب بها البعض ولا يعجب بها آخرون: سنة الحياة منذ أن كانت الحياة.وإذا كان البعض يرى أن من الممكن أن يتحول نقد الشعر إلى عملية موضوعية دقيقة فإنني أرى أنه عملية عفوية انطباعية يبقى الحكم الأول والأخير فيها للذوق: إن أجمعت الأذواق على أن شاعرًا مَّا شاعر جيد كان له نصيب من الخلود وإن أجمعت على أنه سيء لقي ما يستحقه من إهمال ما لم تتداركه أذواق جديدة في جيل جديد فترفعه إلى مصاف النابهين. إن رأيك في الشعر الحر معروف ورأيي فيه أيضا معروف. إن جاز لي أن ألخصه هنا قلت أن الشعر شعر يستوي المقفى والحر والعبرة بالنوعية ولا أظنك تختلف معي في أن في تراثنا الشعري “أطنانًا” من القصائد لا تستحق أن نطلق عليها كلمة شعر رغم استقامة أوزانها ووحدة قوافيها. ولا أظنك تختلف معي أن سهولة الحفظ لا يجب أن تكون المعيار الوحيد للشعر الجيد.إن في هذا الديوان الصغير حوالى خمسين مقطوعة: رضيت منها بعضها ولم ترض عن البعض الآخر. وقد تفضل آخرون فأخبروني أنهم اعجبوا بقسم منها ولم يعجبهم القسم الآخر. ولم تكن الآراء متفقة فقد أعجب البعض ما لم يعجب الآخرين. حسب هذا الديوان الصغير اذن أن أمتع بعض القراء ببعض مقطوعاته: أما المقطوعات الأخرى فلعل عزاءها أن قارئا مَّا في مكان ما سيعجب بها. ولعل عزاءها ـ إن لم يحدث ذلك ـ أنها نفست عن قائلها بعض ما يعتلج في صدره يوم قالها.سلام عليك، وعلى كل عشاق الشعر، من كل نوع! وسلام على الجزيرة التي تحاول ـ عبثًا ـ أن تجعل من هذه المحاورة معركة مجلجلة!
أخوك غازي القصيبي
ولقد أثارت هذه المعركة شجون الأخ الصديق أبوعبدالرحمن بن عقيل الظاهري حيث انبرى بقلمه معلقًا في جريدة الجزيرة العدد 1539 وتاريخ 3/8/1396هـ الموافق 30 يونية 1976م تحت عنوان: هوامش صحفية. قال:
لقد انبريتُ لديوان: “أبيات غزل” للدكتورغازي القصيبي، ولمسته لمسًا غير رفيق كرد فعلٍ لمجاملات الأدباء في بلادي.وعلَّلت مجاملاتهم بأربعة أمور! وتنكرتُ لعواطفي الجياشة نحو معالي الدكتور حرصًا على تحكيم القيم الجمالية، والقواعد النقدية!وفرحتُ بنقد الدكتور محمد الملحم لناحيةٍ واحدةٍ وهي أنه لا مجاملة فيه! ولكن أحكامه النقدية لا تتفق مع المسلم به من مقاييس الجمال والنقد! ومن هذه الزاوية انطلق القلم الظَّاهري لمناقضة الوزيرين.يرى الملحم أن أحلى قصائد الديوان “مغرورة” وهي جيدة بلا ريب. ولكن أحلى قصيدة في الديوان قوله:
طَوَيْتُ بِصَدْرِيَ عِبْءَ الْوُجُودِ ….. فَيُوشِكُ خَطْوِيَ أَنْ يَعْثُرَاكَأَنِّيَ خُلِقْتُ لِمَسْحِ الدُّمُوعِ ….. وَجِئْتُ لأَحْمِلَ هَمَّ الُوَرَىأَحِسُّ بِأَنَّ ابْتِسَامِي حَرَامْ ….. إِذَا مَا الْتَقَيْتُ بِدَمْعٍ جَرَىوَإِنْ سَهَرَتْ مُقْلَـةٌ فِي الظَّلاَمِ ….. رَأَيْتُ الْمُـرُوءَةَ أَنْ أَسْهَـرَا
لقوة بنائها الفني، وصدق عاطفتها. ويقول الكتور (الملحم) في حكم آخر: “سلسة اللفظ، جيدة السبك، متلائمة النسج، دقة في التصوير، غاية في المعنى!” قال أبو عبد الرحمن: هذا الكلام من الأحكام المهجورة اليوم في معيار النقد الحديث كقولهم:”تجري كالماء رقة!!” لا تدل عن تشخيص معيار أو استلماح ذوق. وقد سخر الدكاترة زكي بهذه الاساليب في كتابه: الموازنة بين الشعراء.وأمَّا قصيدة الصيف فأجزم أن الدكتور غازي لو جمع مختارات من شعره: سيستبعدها .. فليست تنقصه حاسة الذوق وهو أديب غض الثقافة مطبوع الاحساس!. وعمر بن أبي ربيعة- عفا الله عنه- ليس بيننا، ولا ينسب لساكت قول! ولو كان حيًّا لما كان قوله حكما في حضارتنا وأدبنا إلاَّ على مذهب من يقول: ما ترك الأول للآخر شيئا!والواقع: أن الاول كأنه لم يقل شيئا لكثرة ما ترك!! وإلى الآن ـ يا معالي الدكتور الملحم ـ فلسنا ندري ماذا تريد أن يقول عمر! ومرة ثالثة: فأهل اللغة لم يحكموا على الشعر الحر بالإعدام، وإنما حكموا على الكلفة واللحن سواء أكان ذلك في شعر حر أم في شعر عمودي! وأحكام الشعر الحر لا تستمد من أهل اللغة .. وإنما تستمد من معايير الجمال التي تلتقي فيها الفنون الجميلة من شعر وتصوير وموسيقى ورقص..ألخ. والشعر الحر موزون مقفى ولكن بصورة أخرى ولعل الدكتور لم يفرق بين الشعر الحر وبين الشعر المرسل.إن الشعر الحر ـ وهو شعر التفعيلة ـ يقاس بسلالم الموسيقى وأبعادها! وهو يكمل ما يعجز عنه الشعر العمودي .. والعكس أيضا صحيح. فهما توأمان. ولقد تكفَّلت ببيان الأوهام حول الشعر الحر ببحث لي ألقِي في مؤتمر الأدباء وطبعته جامعة الملك عبد العزيز.المخلصأبوعبدالرحمن بن عقيل الظاهريسيرة شعريةد. غازي عبد الرحمن القصيبي1408 هـ- 1988 ممطبوعات تهامة
ولقد كان مسك الختام في هذه المعركة الأدبية إعتراف غازي بخطئه في نشر ديوان “أبيات غزل”. يقول الصديق غازي في كتابه “سيرة شعرية”، الطبعة الثانية لعام 1408هـ الموافق 1988م صفحات 91 ـ 96 ما يلي: في سنة (1976م ـ (1396هـ طبعتُ ديوان أبيات غزل. ولا بد لي من أن أعترف اعترافًا واضحًا أنني ارتكبتُ خطأً كبيرًا بطباعة هذا الديوان، وأن أقول أني لو استقبلتُ من أمري ما استدبرت لما طبعته على الاطلاق.لقد كانت الفكرة التي دفعتني إلى طبع الديوان معقولةً ومنطقيةً، في رأي على الأقل. لقد رأيت أن يضم الديوان نوعين من القطع: المقطوعات القصيرة التي لا يمكن تصنيفها كقصائد والتي لم أتمكن لذلك من نشرها في الدواوين السابقة، ومقتطفات قصيرة من قصائد أطول لم تنشر من قبل إمَّا لأن القصيدة الكاملة غير صالحة للنشر أو غير قابلة للنشر، وهذا هو الجزء الأكبر من الديوان. ولقد حرصتُ على تسمية المجموعة أبيات غزل ليكون العنوان بمثابة انذار للقارئ بأنه لن يعثر على قصائد متكاملة بل مجرد أبيات متناثرة. وكان في ظني أن القارئ سيقبل على قراءة المجموعة وهو مدرك كل الادراك ما يحتويه وبدون توقعات كبيرة.كانت هذه هي النظرية. غير أن الأمور لم تجر على هذا النحو في الواقع. من ناحية، أدى اختيار قطع صغيرة من قصائد إلى الاخلال بالوحدة العضوية للقصيدة. وإذا كنت لم أتبين ذلك، باعتباري أعرف الأصل الكامل، فإن القارئ الذي لم يقرأ سوى أبيات ثلاثة أو أربعة لم يستطع أن يتبين المقصود من القطعة. من ناحية ثانية، أدَّى الجمع بين قطع كُتبَت في فترات زمنية مختلفة إلى وجود تباين واضح في المستوى لاحظه القراء. ومن ناحية ثالثة، جاء “أبيات غزل” بعد “معركة بلا راية” فتوقع القُراء ديوانًا ذا مستوى مماثل أو مقارب . وغني عن الذكر أن خيبة أملهم كانت كبيرة وهم يرون قطعا صغيرة لا يربط بينها رابط ولا توجد منها قطعة واحدة يمكن أن تسمى قصيدة.وعندما أمعن النظر في الأمر اليوم أجد أنني كنت على خطأ بين وكان القُراء على حق واضح … هناك كلمة أخيرة. لقد كان أبيات غزل أولَّ ديوان أنشره بعد تكليفي بأعباء الوزارة. والمفترض في الناس، أو معظمهم أو بعضهم، أن يجاملوا، على نحو أو آخر، من يتولى مثل هذا المنصب. والكتَََََََََاب بشرٌ يسري عليهم ما يسري على الآخرين. كان المفروض، إن أن تكون الكتابات التي عالجت أبيات غزل مليئة بالمجاملة متضمنة الكثير من التقريظ. غير أنني أشهد شهادةً مخلصةً أن كل من تناولوا الديوان بالبحث، بدون أي استثناء تقريبًا، قالوا آراءهم صريحة دون مواربة. إن أحدًا من الذين كتبوا عن الديوان لم يزعم أنه عظيم أو رائع. ولئن كنتُ قد أخطأت في نشر الكتاب فالقرَّاء والنقاد لم يخطئوا في تحليله. وأحمد الله أن كلمة الحق تقال، ولو كانت على حسابي.


الناشر: جريدة الجزيرة

تاريخ النشر: 26/06/1976م

اللقاء الصحفي الأول مع عميد كلية التجارة

اللقاء الصحفي الأول مع عميد كلية التجارة الدكتور الملحم
الناشر: نشرة الطالب

-العدد:2

تاريخ النشر: 1394/1395هـ

لقاء صحفي (أول) أجراه المعيد/عبدالله عابد المشرف في مجلة اللجنة الثقافية بكلية التجارة ـ (جامعة الرياض سابقًا) جامعة الملك سعود حاليًا مع الدكتور محمد بن عبداللطيف الملحم عميد كلية التجارة في عام 1394هـ.

يقول المعيد (عابد) مخاطبًا طلبة الكلية نبدأ معكم لقاءات ستكون متكررة ـ بإذن الله ـ طوال العام الدراسي نقدم فيه شخصية من الكلية.
ومن الطبيعي أن نبدأ هذا الباب مع سعادة عميد الكلية الدكتور “محمد بن عبداللطيف الملحم”.
طرحتُ عليه الفكرة، وكان إيجابيًا في ردِّه، ومتحمسًا للفكرة . وبدأت الإجابات تتدافع .. تترى .. ودون تردد.
س : أين ولدتَ؟ وفي أي عام؟
جـ : ولدتُ في الأحساء ـ الهفوف ـ في عام 1357هـ،
س : هل أنت متزوج؟ وكم عدد الأولاد؟
جـ : متزوج …. ولدي بنت إسمها “إيمان” وعمرها ثلاث سنوات ونصف، وابن وإسمه “عبدالعزيز” وعمره ثلاثة شهور ونصف.
س : بالمناسبة، ما هو رأيك في الزواج المبكر، وخاصة بالنسبة للطلبة؟
جـ : الوقت المناسب للزواج هو بعد الحصول على الشهادة الجامعية، وهو وقت مبكر. ولقد تزوجت بعد حصولي على شهادة “الماجستير في القانون”، وربما كان ذلك وقتًا مبكرًا أيضًا.
س : ما رأيك في الشعر الحر؟
جـ : لقد التزمتُ أن لا أتحدث عن هذا اللون من الكلام. ويمكن الرجوع في هذا الشأن إلى ما نشرتُه في الملحق الأدبي بجريدة الرياض، العدد رقم 2806 وتاريخ 4 شعبان 1394هـ تحت عنوان “حوار حول الشعر الحر”.
س : هل حاولتَ نشر قصائد شعرية؟
جـ : لقد حبَّرت بعض القصائد في الشعر العربي منذ كنات طالبًا في مدرسة الهفوف الثانوية.
س : لماذا لا تطالب الكلية بزيادة مكافآت الطلبة، خاصةً أن مستوى المعيشة ارتفع ارتفاعًا كبيرًا في الآونة الأخيرة؟
جـ : الكلية تطالب بزيادة مكافآت الطلبة، وإعادة مكافأة طلبة السنة الأولى، والأمر راجعٌ للجامعة باعتبار أن هذا الموضوع يهم جميع الكليات.
س : ما السبب في تأخر صرف المكافآت؟
جـ : كثرة عدد الطلاب.
س : لماذا لا يُحَسَّنْ وضع البوفيه، وجعله على شكل جمعية تكون تحت إشراف أحد أعضاء هيئة التدريس؟
جـ : سيحسَّن وضع البوفيه، والإصلاحات في طريقها إليه. ولقد تم رصد مبلغ (700) ريال في ميزانية الكلية لشؤون البوفيه. وفكرة الجمعية فكرة رائعة. وقد يتم إنشاؤها.
س : لماذا اخترت حقل القانون في دراستك مع أنك كنت أحد خريجي الثانونية / قسم علمي؟
جـ : لقد اخترت قسم القانون لأنني خريجي الثانوية ـ قسم أدبي.
س : على أي أساس تقوِّم الكلية صلاحية الطالب المتخرج لأن يكون معيدًا فيها؟ هل على أساس الدرجات؟ أم أنَّ هناك عوامل أخرى؟
جـ : بالإضافة إلى عامل الدرجات، فإن هناك عدد من الاعتبارات الأخرى كالمشاركة في النشاطات المختلفة، وشخصية الطالب، وطريقة التدريس، ورغبته في ذلك.
س : إذا قدِّرت لك سفرة إلى دول شرق آسيا، فأي الدول تفضل؟ ولماذا؟
جـ : الولايات المتحدة الأمريكية، والسبب أنني كل ما سافرتُ شرقًا سأصل إلى الدولة المذكورة أعني “الولايات المتحدة الأمريكية”.
س : لو كنت تنوي السفر، فما هي الأشياء التي تحب أن تأخذها معك في سفرك؟
جـ : ثيابي!!
س : هل هناك برنامج لرحلات داخلية وخارجية على مستوى الكلية؟ أو على مستوى الجامعة تقوم بها الكلية؟ أسوة بجامعة الملك عبدالعزيز؟
ج : من الممكن القيام بالرحلات الداخلية. أما بالنسبة للرحلات الخارجية فلا يتم القيام بها إلاَّ بعد استئذان وموافقة الجامعة عليها؟
س : ما هي العلاقة التي يجب أن تقام بين عضو هيئة التدريس وطلبته؟
جـ : مثل العلاقة بين الأب وابنه، فيها القسوة وفيها العطف.
س : هل تؤثر العلاقة الشخصية بين عضو هيئة التدريس والطالب على نجاح أو رسوب الطالب؟
جـ : لا أعتقد ذلك.
س : ما هي مرايا وعيوب الدكتور محمد الملحم؟
جـ : العنف في محاربة الإنحرافات الأكاديمية، وأخذ الأمور بهدوء في حالة الغضب.
س : ما هي الشخصية التي أثرت في حياتك؟
جـ : خالي “محمد بن حمد النعيم” الذي توفَّاه الله منذ أسبوعين.
س : كلمة تحب أن توجهها لزملائك أعضاء هيئة التدريس؟
جـ : أكن لهم كلَّ وُدٍ، وأنا “الأول” بين متساويين.
س : كلمة توجيهية لأبنائك الطلبة؟
جـ : الإلتزام بما ورد بدليل الكلية، وبالأخص المواد من 86 إلى 96.

المصدر: نشرة الطالب: نشرة نصف شهرية تصدرها اللجنة الثقافية بكلية التجارة ـ جامعة الرياض، العدد الثاني، السنة الثالثة، العام الجامعي 1394/1395هـ

 كلمة عميد كلية التجارة الدكتور آل ملحم لطلبة الكلية

طلبت نشرةُ الطالب: نشرة نصف شهرية تصدرها اللجنة الثقافية بكلية التجارة ـ جامعة الرياض سابقًا من عميد الكلية الدكتور “محمد بن عبداللطيف آل ملحم” أن يوجه كلمةً ترحيبيةً للطلبة الجدد بالكلية للعام الدراسي 1394/1395هـ.فوجَّه سعادته الكلمة التالية:أبنائي الطلبة:إن اللِّقاء بكم في مختلف المناسبات … وعلى مختلف المستويات من القضايا الأساسية التي نسعى جاهدين إلى تحقيقها وصولاً إلى تحقيق أهدافنا النهائية. لقد التقيت بكم قبل أسبوع واحد فقط، وكان ذلك في حفل الكلية السنوي بمناسبة العام الجديد، رحَّبت بكم، وأعلنتُ عن سعادتي وسعادة الكلية بانضمامكم إليها، وأكَّدت لكم أن هذه السعادة لن تكون كاملة إذا اقتصر وجودكم في هذه الكلية على سنوات أربع فقط.وأعود اليوم لكي التقي بكم على صفحات نشرة الطالب مركزًا على النقاط التالية:ـ إن إدارة الكلية اتبعت وستتبع سياسة الباب المفتوح، وليست هناك حواجز أو موانع تحول بين الطالب وأي مسؤول في الكلية ابتداءًا من قمة هرم التنظيم وحتى أدنى مستوى التنظيم ـ بل إن الطالب يستطيع عرض احتياجاته في أي وقت ودون أي تردد. لقد وزَّعنا على الطلبة دليل الكلية الذي يتضمن مواضيع أساسية عن أنظمة الكلية، وأُخِذَتْ توقيعات هؤلاء الطلاب على استلامه، وكان الهدف من ذلك إلزام كل طالب بما جاء في ذلك الدليل من قواعد وأنظمة، ولا يعود بعد ذلك مكان للاحتجاج بقاعدة الجهل بالقانون. الكل يعلم، وعلى هذا الكل ينفذ. إن الانضباط ضروري وهام بالكلية وذلك لضرورات انتظام الدراسة في الكلية. ويبدو بوضوح أن حضور المحاضرات في مواعيدها المقررة سلفًا من الأمور الرئيسة التي يجب الاهتمام بها، والكلية وهي تبذل جهودها في سبيل تحقيق أقصى قدر ممكن من الدراسة الجامعية الصحيحة لا يمكنها أن تتوقع بأي حال من الأحوال غير تعاونكم الفعَّال. إن النشاطات اللاصفية تُؤْخَذُ بعين الإعتبار عند تقويم فعاليات الطالب، فلا تتردَّدوا في المشاركة فيها بجهود صادقةٍ ومخلصةٍ.والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته،


عميد كلية التجارةالدكتور محمد بن عبداللطيف آل ملحم،
المصدر: نشرة الطالب: نشرة نصف شهرية تصدرها اللجنة الثقافية بكلية التجارة ـ جامعة الرياض.ا

الدكتور آل ملحم لطلبة الكلية عام 1394هـ
الناشر: نشرةُ الطالب

تاريخ النشر: 2/11/1974م

 حوار حول الشعر الحر (3): موقفي من الشعر الحر

موقفي من الشعر الحر:
منشور بالملحق الأدبي والفني بجريدة الرياض، العدد 2806 بتاريخ 4 شعبان 1394هـ الموافق 22 أغسطس 1974م. بقلم: الدكتور محمد الملحم، عميد كلية التجارة ـ جامعة الرياض.
سألني أحد الطلاب بالكلية عن سبب امتناعي عن الكتابة عما يسمى “بالشعر الحر” والذي نسبة ما ينشر منه على صفحات جرائدنا ومجلاتنا تفوق نسبة ما ينشر مـن “الشعر العربي”، وعـن الرد على الدردشة الرقيقة التي أوردتها جريدة “الرياض” في ملحقها الأدبي بتاريخ 6/7/1394هـ وتاريخ 20/7/1394 فأجبته بأنه ليس هناك داع لهذا الرد، ولا فائدة منه ما دام ان موجة هذا الشعر لاتزال في عنفوانها. كما ذكرتُ له بأن من شأن أيِّ رد إثارة الجدل من جديد حول هذا اللون من الكلام، وأنه سبق لي أن تعرَّضت له باقتضاب في كلمة قصيرة بعنوان “درس في الإعلام” نشرتُها في مجلة “اليمامة” الصادرة بتاريخ 21/2/1994م، كما ذكرت له أيضا بأن أي جدل من هذا النوع سيخدم في المحل الاول رغبات منتجي ما يسمى “بالشعر الحر” الذين يسعدهم أن يجدوا إنتاجهم محل اهتمام خاص من الكل، وإن كان من الانصاف أن أذكر أن معظم هؤلاء المنتجين مبرزون في أكثر من فَنٍّ من فنون الأدب العربي كفن الشعر الموزون المقفى، وأنه من اللاَّزم علينا جميعا كقراء أن نشجعهم على مواصلة العطاء. وسألني نفس الطالب عما إذا كنتُ أحبر الشعر العمودي أي الشعر العربي، فأجبته بالنفي، وإن كانت لي فيه محاولات غير جادة، وأضفت بأنني أحب قراءة الشعر العربي، وأحب أن أستمع اليه، وباعتباري أحد المستهلكين له فإني أبحث عنه دائما لاشتريه. وقلت لمحدثي بأن صفة الشاعر يجب، في رأيي، أن لا تطلق ألاَّ على الذين تمكنوا، بجدارة واستحقاق، من تجسيم أدب أمتهم، ومن إبراز خصائصه واظهار اصالة معدنه. وهنا تساءل هـذا الطالب بأن أحـد دعاة الشعر الحر في رده على ما نشرتُه في مجلة “اليمامة” قد قرَّر بأن ما يسمى “بالشعر الحر” لا يخلو من الموسيقى ومن المضامين الثقافية والفكرية والانسانية، فأجبته بأن هذا صحيح. كما أجبته بأن كل فنون الكلام كالنثر الفني، والمقامات، والقصة، والمقالة والمسرحية والرواية، والشعر الموزون المقفى وما يسمى “بالشعر الحر” تتضمن موسيقى ومعاني ثقافية وفكرية وإنسانية. ولكن لكل فن من هذه الفنون خصائصه ومميزاته، وتتحدَّث كتب الأدب العربي قديمها وحديثها عن هذه الخصائص والمميزات. ومن خصائص الشعر الذي عرفتُه وتعرفه الأمة العربية الوزن والقافية. وهاتان الخاصيتان لا تتوفران فيما يسمى “بالشعر الحر” الذي قد يكون فنا من فنون الكلام ولكنه ليس بشعر وفقًا لمقاييس الشعر التي قررها العرب وهذا هو المهم، وقد يكون شعرًا في آداب الأمم غير العربية، وهو لاشك كذلك. ولما لم يفهم الطالب ما ذكرتُ استرسلتُ في حديثي قائلاً له بأن “الكلمة” مهما كان وضعها وموضعها من الكلام لا بد من اشتمالها على مضمون ومعنى وإلاَّ كانت مجرد لغط. وما دامت فنون الكلام ـ من نثر وشعر وقصة ومقالة ومسرحية ـ تتكون من كلمات، وكل كلمة ذات مضمون ومعنى فإنه لا يختلف اثنان في أن جميع فنون الكلام، بما فيها ما يسمى بالشعر الحر” ذات مضامين فكرية وثقافية وانسانية. “ولقد عرف العرب فنون الكلام ومنه فن الشعر.والشعر الذي عرفوه وعُرِفُوا به هو الشعر الموزون المقفى. ولقد تجسد هذا الشعر، من الناحية الدينية والثقافية والحضارية، في آداب الامة العربية. كما عبر بواسطته روَّاد الشعر العربي عما يجيش في وجدان هذه الأمة، وما يتلاءم مع عقليتها، ويتناسب مع حسها، بل وتصورها للأمور من حولها وفي البيئة التي تعيش فيها وعاشت فيها. كما تمكَّن الرواد العرب في آداب اللغة العربية وعلومها من وضع الأسس العلمية والأشكال الفنية للصناعة الشعرية والتي استخدمها الشعراء العرب في تحبير الشعر الذي يفهمه الأنسان العربي، ويطرب له، ويتجاوب معه بالفطرة والسليقة، بل ويعيش معه عن طريق العاطفة والتفاعل، ولقد حفظ لنا التراث العربي الاسلامي قديمه وحديثه ذخيرة حية من هذا الشعر. وإلى هذا الحد نبهتُ هذا الطالب إلىحقيقة مهمة وهي أن ما يسمى “بالشعر الحر” يعاني، في تصوري، من مشكلة حضارية ذات علاقة بآدات الأمم وعلومها. كما يعاني من ما يمكن أن أسميه بمشكلة الانتماء الثقافي. وتأبى، في تصوري، حضارة العرب وآدابها العربية والاسلامية أن تتقبل هذا الكلام، ولآأن تستقبله بالأحضان. كما يعز ويصعب على هذه الحضارة الشامخة والتي تبلورت خلال تاريخ العرب الطويل أن ترغم الإنسان العربي على تقبل هذا اللون من الكلام وتذوقه وهضمه والتفاعل معه. ويكفي أن أشير في هذا الخصوص إلى ما أورده “ابن الاثير” في معرض تقسيمه للكلام إلى منظوم ومنثور من أن الأشعار لدى العرب أكثر، والمعاني فيها أغزر. ويعزو “ابن الاثير” سبب ذلك إلى أن العرب الذين هم أهل الفصاحة جل كلامهم شعر، ولا يوجد الكلام المنثور في كلامهم إلاَّ يسيرًا، ولو كثر فإنه لم ينقل عنهم، بل المنقول عنهم هو الشعر، فأودعوا أشعارهم كل المعاني. كذلك يذكر “ابن خلدون”: في مقدمته الشهيرة، وهو الخبير بأحوال الأمم وحضاراتهم وآدابها وملامح مجتمعاتها من أن لسان العرب وكلامهم إلى فنَّين في الشعر المنظوم وهو الكلام الموزون المقفى، وفي النثر وهو الكلام غير الموزون. وكل واحد من الفنَّين يشتمل على فنون ومذاهب في الكلام. ويقول “ابن خلدون” في مكان آخر من مقدمته بان “هذا الفن من فنون كلام العرب وهو المسمى بالشعر عندهم. ويوجد في سائر اللغات، إلاَّ أننا الآن إنما نتكلم في الشعر الذي للعرب فإن أمكن أن تجد فيه أهل الألسن الأخرى مقصدهم من كلامهم، وإلاَّ فلكل لسان أحكام في البلاغة تخصه، وهو في لسان العرب غريب النَّزعة، عزيز المنحى إذ هو كلام مفصل قطعًا متساويةً في الوزن متحدة في الحرف الأخير من كل قطعة من هذه القطعات”. ويقول المؤرخ الكبير أيضا بأن فن الشعر كان شريفًا عند العرب، ولذلك جعلوه ديوان علومهم وأخبارهم وشواهد صوابهم وخطئهم وأصلاً يرجعون إليه في الكثير من علومهم وحكمهم ولا يستطيع، في رأيي، أن يحظ ما يسمى “بالشعر الحر بهذه الميزة التي تحدث عنها ابن خلدون. وما يسمى “بالشعر الحر”، وهو كلامٌ له مضامين فكرية كسائر فنون الكلام الأخرى، كذلك له موسيقى ولكنها ليست كموسيقى الشعر العربي ولخلوه من الوزن والقافية فانه يفقد كل خصائص الجمال والإثارة التي تتوفر في الشعر العربي. ومهما قيل عن هذا اللون من الكلام وعن الدور الذي من الممكن أن يلعبه في الحياة الأدبية العربية فان نغماته ـ إذا كانت له نغمات ـ ستظل عاجزةً عن دغدغة سمع الانسان العربي وحسه، ناهيك عن عدم قدرة هذا الانسان على حفظه، أو على التفاعل معه حينما يسمعه. وقد يكون من نافلة القول لآأن أشير إلى المكانة الخاصة والفذة التي يحتلها شعرنا العربي في حياتنا الخاصة والعامة، وفي مجالس أنسنا وسمرنا. وفي نهاية حديثي مع محدثي تعهَّدت له بأن بكون هذه آخر مـرة تحدث فيها عن ذلك اللَّون من الكلام.


الناشر: جريدة الرياض

– العدد:2806

تاريخ النشر: 22/08/1974م

لقاء المعيد/عبدالله عابد المشرف على مجلة اللجنة الثقافية بكلية التجارة

لقاء صحفي (أول) أجراه المعيد/عبدالله عابد المشرف في مجلة اللجنة الثقافية بكلية التجارة ـ (جامعة الرياض سابقًا) جامعة الملك سعود حاليًا مع الدكتور محمد بن عبداللطيف الملحم عميد كلية التجارة في عام 1394هـ.
يقول المعيد (عابد) مخاطبًا طلبة الكلية نبدأ معكم لقاءات ستكون متكررة ـ بإذن الله ـ طوال العام الدراسي نقدم فيه شخصية من الكلية. ومن الطبيعي أن نبدأ هذا الباب مع سعادة عميد الكلية الدكتور “محمد بن عبداللطيف الملحم”.طرحتُ عليه الفكرة، وكان إيجابيًا في ردِّه، ومتحمسًا للفكرة . وبدأت الإجابات تتدافع .. تترى .. ودون تردد.س : أين ولدتَ؟ وفي أي عام؟ اللقاء الصحفي الثاني مع عميد كلية التجارة الدكتر الملحم
الناشر: نشرة الطالب -العدد:23تاريخ النشر: 09/03/1394هـ
لقاء صحفي (ثاني) أجراه المعيد/عبدالله عابد المشرف على مجلة اللجنة الثقافية بكلية التجارة ـ (جامعة الرياض سابقًا) جامعة الملك سعود حاليًا مع الدكتور محمد بن عبداللطيف الملحم عميد كلية التجارة في عام 1394هـ. س : هل ترون سعادتكم أن عمل التوعية الإسلامية مقتصر على لجنة التوعية الإسلامية بالكلية أم أنه ينبغي على كل اللجان بمختلف نشاطاتها القيام بنصيبها فيه؟جـ : كلية التجارة ممثلة في عميدها وأساتذتها وطلابها وموظفيها يجب أن تهتم بالتوعية الإسلامية … إن وجودنا كعرب بدون إسلام لا يعني شيئًا ولا قيمة له .. وتاريخنا يتحدث عن هذه الحقيقة، ويؤكدها وهي أنه لم ولن يكون لهذه الأمة وزن ولا عزة ولا كرامة إلاَّ بالإسلام. ولن يصلح آخر هذه الأمة إلاَّ بما صلح به أولها. لذلك فإن التوعية الإسلامية لا تقتصر على لجنة أو جهة معينة، بل ينبغي على الجميع القيام كل بدوره في أداء هذا الواجب، وسيكون مفهوم التوعية ضيقًا جدًا لو اقتصرت على القيام به لجنة معينة.س : ما هو الدور الذي تلعبه كلية التجارة بتخصصاتها المختلفة والعلوم التي يتلقاها الطلاب فيها في تكوين شخصية الطالب المسلم الغيور على دينه المطلع على مختلف اتجاهات الفكر المعاصر؟جـ : إن كلية التجارة تنفرد من بين سائر كليات الجامعة بعنايتها بشؤون الحياة، فهي بحكم تخصصاتها المختلفة: الاقتصاد/والسياسة/والمحاسبة/ والإدارة تحاولُ أن تلبي احتياجات مجتمعنا المتطور فتصدِّر رجالاً يساهمون في خدمة هذه المملكة الفتية. ولا شك أن هذه الخدمة لن تكون منتجة ولا ذات جدوى إلاَّ إذا كانت متلائمة مع التكوين الاجتماعي الإسلامي الذي يبرز شخصية هذا المجتمع، فالمملكة بحكم وجود المقدسات الإسلامية على ترابها في مركز القيادة الدينية في منطقتها، ولا شك أنه حينما تعد الكلية شبابها ليساهموا في مراكزهم في تطوير هذا المجتمع يجب أن يكون هذا التطوير في نطاق الإطار الإسلامي العام الذي يحدد سير الحياة لهذا المجتمع.س : هل يتنظر في وقت قريب إيجاد فقرات داخل كل مادة يدرسها الطلاب في العلوم المختلفة في شكل مقارنة بين وجهة النظر الغربية الحديثة والبديل الإسلامي؟جـ : إن اتجاهات أو سياسة الكلية في دراسة الثقافة الإسلامية هو التركيز على الجوانب الثقافية الإسلامية ذات العلاقة بما يدرَّس للطالب في الكلية كمواد نابعة من الشريعة الإسلامية مثل نظام الحكم والإدارة في الإسلام والاقتصاد الإسلامي.س : من خلال تجربتكم الدراسية التي تعتبر مثلاً يحتذى به، هل يمكن لسعادتكم بمناسبة اقتراب موعد الامتحان النهائي وتزايد “المنفعة الحدية” أن تعطونا خطة عملية أو برنامج لاستغلال ساعات اليوم بما يحقق أفضل استيعاب ممكن وأحسن النتائج؟جـ : سبق أن سئِلت نفس السؤال في جريدة “البلاد” الصادرة يوم 6/3/1379هـ عندما كنت طالبًا في كلية الحقوق بجامعة القاهرة ـ ـ والجدير بالذكر أن سعادة العميد كان من الطلبة المتفوقين في دراستهم الجامعية وحتى الدراسات العليا ـ ـ وقد أحالنا سعادته على الجريدة المذكورة، وقد اخترنا من تلك المقابلة جواب السؤال الذي نحن بصدده، وكان نصه كالتالي: ـ ليست هناك طريقة مثلى تصلح ـ كقاعد عامة ـ لكل زمان ومكان، بل هناك طرق كثيرة تحدث عنها رجال علم النفس والاجتماع، ولهذا فالمذاكرة والاستذكار والتذكر تختلف من طالب إلى آخر، ويختلف بالنسبة للطالب نفسه من حالة إلى أخرى. وأنا بتجربتي الخاصة أنصح كل طالب أن يختار له الطريقة المثلى التي يراها مناسبة، والتي يكشفها بنفسه، ويجدها متجاوبة مع ميوله واستعداده حيث أن كل طالب أثناء مذاكراته يخضع لعوامل شتى نفسية واجتماعية يؤثر في الطريقة التي يختارها لمذاكرته. أمَّا إذا أردتَ أن أذكر لك الطريقة التي ناسبتني واتبعتها فأفادتني فهي طريقة القراءة الكلية، وبعدها مباشرة طريقة القراءة الجزئية مع شئ من التعديل. وأكرر مرة أخرى أن على كل طالب أن يذاكر بالطريقة التي تناسبه، وتتفق مع ميوله وأمزجته، وأن يترك عنه التقليد، ومحاكاة الآخرين إلاَّ إذا أحس أنه سيستفيد من التجارب التي استفاد منها الآخرون.س : ما هي الظروف التي جعلتك تتفوق في عامك الدراسي بكلية الحقوق حيث حصلتَ على الترتيب “الأول”؟جـ : ليس التفوق والأولية بالشيء الجديد بالنسبة لي، فقلد حصلتُ على “الأولية” في أغلب سني الدراسة بالمرحلة الإبتدائية والثانونية. أمَّا الظروف التي جعلتني أتفوق فبودي أن أؤكد لك أن هذه الظروف عادية، ولم تتوفر لي ظروف تميزني عن غيري من الطلاب، كما اعتقد أن كل ظروفنا نحن الطلاب بالقاهرة متساويةً ما دمنا مرتاحين من الناحية المادية والنفسية والصحية. أما الثقافة الخارجية والمعلومات العامة فهي مهمة، ويجب أن يحرص عليها الطالب، ولكنني لا أعتبرها ظروفًا يتميز بها طالب عن آخر، بل نوع من الدراسة يتلقاها الطالب من الحياة العامة. وبودي أن أنوه أنني في دراستي كنتُ أعتمدُ على الآتي:ـ1) أعتمد على الله ثم على نفسي،2) أحدِّث نفسي بالنجاح،أما العنصران الرئيسان اللذان يجب أن يتوفرا لدى الطالب لتحقيق النجاح فهما في نظري:1) عنصر الرغبة،2) عنصر التفرغ. س : ما هو الكتاب الإسلامي الذي قرأتموه، وأُعحبتُم به، وتنصحون الطلاب بقراءته؟جـ : هو كتاب “التشريع الجنائي الإسلامي” للشهيد الأستاذ عبدالقادر عودة”س : هل من الممكن أن يتفضل سعادتكم بتوجيه كلمة إلى أبنائكم الطلاب من خلال نشرة الطالب؟جـ : إن الطالب الجامعي يجب أن يحصل على أكبر قدر من المعرفة في هذه الفترة من حياته، وأن لا يكون الغرض من تواجده في الجامعة هو الحصول على المؤهل فقط لأن المؤهل أمنية ممكنة التحقيق، ولكن القدرة على التعرف على المعرفة والقدرة على الاستفادة منها تأتي بعد المؤهل. والعلم الحقيقي أيضًا يبدأ بعد المؤهل الجامعي، فمن الممكن أن يحصل الطالب على المؤهل الجامعي ثم يعمل في أي فرع من فروع العمل، ويكون هناك المحك: هل هو قادر على أن يكون على مستوى مسؤولية العمل أم لا؟س : طلبٌ أخيرٌ في ختام هذا اللقاء هو أن تتفضلوا بتخصيص يوم في الأسبوع حسب ظروفكم توجهون فيه كلمة إلى أبنائكم الطلاب بعد الصلاة في أي موضوع تختارونه؟جـ : هناك برامج لزيارة بعض المهتمين بشؤؤن التوعية الإسلامية سوف يزورون الكلية ومن بينهم فضيلة الشيخ عبدالرحمن بن فريان. والحقيقة أن فكرة اللِّقاءات بين الأساتذة والطلاب في الكلية هي فكرة جيدة إلاَّ أنه تواجهنا في الوقت الحاضر بعض الصعوبات الناجمة عن عدم توفر قاعة تستوعب أعداد كبيرة من الطلاب. لذا فستقتصر اللِّقاءات في الوقت الحاضر على النطاق الضيق في شكل مجموعات. وقد أنشِئت لجنة لتنظيم الندوات والمحاضرات بالكلية من أهدافها تحقيق مثل هذا الاتصال، وتوثيق العلاقات بين الطلاب والأساتذة. وآخر لقاء للطلاب كان كما تعلمون في الندوة التي عقدت مؤخرًا لشرح نظام الامتحانات الجديد.
ا


اللقاء الصحفي الأول مع عميد كلية التجارة الدكتور الملحماللقاء الصحفي الأول مع عميد كلية التجارة الدكتور الملحم
الناشر: نشرة الطالب

-العدد:2

تاريخ النشر: 1394/1395هـ

حوار حول الشعر الحر (1): درس في الأعلام

درس في الأعلام: منشور في مجلة اليمامة، العدد 292 تاريخ 21/2/1394هـ 15/3/1974م
في صباح يوم السبت الموافق 10 محرم 1394هـ، وأنا في طريقي من كلية التجارة الى كلية الآداب لإلقاء دروس في القانون الدولي على طلبة السنة الثانية بقسم الاعلام، أطلعني الزميل الدكتور غازي القصيبي على خبر أوردته مجلة اليمامة في عددها الصادر في يوم الجمعة الموافق 9 محرم 1394هـ. ونص الخبر كالتالي:_ “عميد كلية التجارة” الدكتور محمد الملحم جدَّد هذه الأيام حملته الشديدة على”الشعر الحر” وأصحابه على الأصح، ويرى أن هذا النوع من الشعر تافه، ولا يمكن أن يلحق بغبار الشعر التقليدي.. ولكن الدكتور الملحم يخشى من الكتابة في الصحف حول هذا الموضوع خوفًا من هجوم شعراء الشعر الحر.. ونحن نرى أن هذا التبرير غير كاف.. ونأمل من الدكتور أن يجمع أطراف شجاعته ويكتب.. ومن ثم يتحقق إن كان سيستطيع أن يضيف أشياء جديدة تساهم في محاصرة موجة الشعر الحر العنثفة التي تجتاح الاوساط الأدبية في العالم العربي برمته.. فهل يرغب الدكتور الملحم في أن يفقد حب جيل كامل من الأدباء وبالتالي يقع تحت مطارق نقدهم؟؟ ليفعل إذن”.ولم أتمكن من التعقيب على هذا الخبر في حينه.. وأعادت مجلة “اليمامة” نفس الخبر، ولكن بإسلوب آخر، وفي مكان آخر من عددها الصادر في يوم الجمعة الموافق 16 محرم 1394. ولم أتمكن من التعقيب على نفس الخبر في حينه أيضا..وأعادت المجلة نفسها الخبر وتحت عنوان جديد في عددها الصادر في يوم الجمعة الموافق 14 صفر 1394..
واذا كان لابد من التعقيب فيسرني أن أؤكد أن الخبر صحيح، وإن كان قد كتب بأسلوب فيه شئ من الإثارة والمبالغة.. وهذا دأب الصحافة!ولعله من المفيد، لوضع هذا الخبر في إطاره الصحيح، أن أذكِّر بأنني حينما لفتُّ، ذات يوم، نظر أحد كتاب مجلة “اليمامة” البارزين، وهو من “الشعراء الاحرار”، عن رأيي فيما يسمى “بالشعر الحر”، وكان رأيا عابرًا وفي حديث عابر، كنتُ أهدف من ورائه المساهمة في حل “أزمة الورق” التي تعاني منها الصحف عن طريق توفير الأعمدة، التي تخصص لهذا الكلام المنثور، للأمور الأكثر أهمية..وبودي أن تعرف مجلة “اليمامة” أن الموضوع ليس موضوع الخشية من الكتابة في الصحف حول هذا الشعر خوفًا من هجوم شعرائه.. إن من حقي، وأعتقد أن مجلة اليمامة لا تنازع في وجود هذا الحق، أن يكون لي رأي فيما يعرض في السوق من غث وسمين، فأشتريه أو لا أشتريه. وإذا كانت مجلة “اليمامة” ترغب أن أكتب عن رأيي في هذا اللون من الكلام فآمل أن تهدي لي ما تعتقد هي بأنه أحسن ديوان أو ديوانين يتضمنان هذا اللون من الكلام.. عندئذ سأكتب عن رأيي في الوقت الذي أراه مناسبًا.وبودي أيضا أن تعرف مجلة “اليمامة” أنني توجَّهت في ذلك الصباح إلى كلية الآداب ونفسي وخواطري تحدثني عن مفهوم الإعلام ومحتواه ودوره، وبدلاً من أن أبدأ محاضرتي في “القانون الدولي” كالمعتاد رأيت من الأفضل وأنا أمام جيل من أجيال الإعلام في بلادي أن أتحدث معهم في بداية المحاضرة عن عملية الإعلام وعلاقتها بما يمكن أن أسميه “وليسمح لي الدكتور القصيبي إذا كان في هذه التسمية شئ من الانحراف الأكاديمي” بسياسة التحرش”. وهذه السياسة معروفة وليست بالأمر الجديد في حقل الإعلام وتتبناها جميع أجهزة الإعلام في كل بلد وعلىجميع المستويات .. ولكن لهذه السياسة قيود قانونية. ولكي تكون هذه السياسة منتجة وفعالة فيجب، وهنا موطن
الشرعية، أن يكون استخدامها بريئًا وتخدم الصالح العام.. وقد تنفع هذه السياسة في حمل الاخرين ـ وأنا واحد منهم ـ على المساهمة في عملية الإعلام المسموعة أو المقروءة أو المرئية، وقد لا تنفع. والأمر في تصوري مرهون بحسن استخدام تلك السياسة وللظروف!!وفي حديثي عن مفهوم الإعلام مع طلاب الإعلام سألتهم عما إذا كانوا قد درسوا “قيود النشر” بعد، فأجابوا بالنفي..وفي رأيي أنه لولا “قيود الشعر” وهي الوزن والقافية لم تكن للشعر قيمة، وأقصد بذلك الشعر الذي قال عنه “أبو هلال العسكري” بأنه “ديوان العرب، وخزانة حكمتها، ومستنبط آدابها، ومستودع علومها”.وترغب مجلة “اليمامة” أن أضيف أشياء جديدة أساهم بها في محاصرة موجة الشعر الحر العنيفة التي تجتاح الأوساط الأدبية في العالم العربي برمته.. وأعتقد أنه ليس هناك داعٍ لهذا العناء.. فهذا الكلام محاصر.. ويكفي أن أذكر في هذا الخصوص بأن الذين يحبون هذا اللون من الكلام ويدافعون عنه ويؤرقهم نقده هم “منتجوه” وحدهم.. وكل يغني على ليلاه!!وإنني لا أشارك مجلة “اليمامة” رأيها القائل أن من شأن التعرض لإنتاج “شعراء الشعر الحر” فقدان حب جيل كامل من الأدباء وبالتالي الوقوع تحت مطارق نقدهـم .. أنني آمل أن يكون هذا الجيل على مستوى المسؤولية.. ولولا محبتي لهما تعرضت لإنتاجه وهو إنتاج غزير ليس في الشعر فحسب إنما في مجالات أخرى .. والمثل يقول “صديقك من صدقَك لا من صدَّقك. إلاَّ إذا كانت مجلة “اليمامة” تعبر في رأيها عن ظاهرة مريضة تجتاح الأوساط الأدبية في العالم العربي برمته..”.

وأخيرًا بودي أن أطمئن مجلة “اليمامة” بأن مفعول موجة الشعر الحر التي “تجتاح الأوساط الأدبية في العالم العربي برمته” كما تدعي هي لا تختلف عن مفعول أية موجة من موجات البحر.. وتبدأ موجة البحر بعنف وتسير مع التيار بعنف وترتطم بصخور البحر “التقليدية” فتهزمها الصخور وتتلاشى وتزول ويتولد عنها زبد. ويقول الله في محكم كتابه “فأمَّا الزبد فيذهب جفاء، وأمَّا ما ينفع الناس فيمكثُ في الارض”.


الناشر: مجلة اليمامة

– العدد:292

تاريخ النشر: 15/03/1974م

والذكريات صدى السنين

خبر كالرَّعد .. كذكْرى أغنية ربيعية .. تمتد وتتجدد .. وتعيد إليك التفاؤل والإحساس بحلاوة الحياة .. وجمال الأشياء.لم أكن أصدق بأن أخبار الأمس .. يمكن أن تمنح اللذة والفرح لقارئٍ لم يرجُ شيئًا حتى من أخبار المستقبل .. القارئ يشعر بالملل حين يقرأ أخبار الساعة .. ولكن هذا الخبر يختلف .. فقد فرحتُ به كفرحي بصورةِ حبيبة .. بقصيدةٍ وجدتُها فجأةً غافيةً بين أوراقي .. حيث تتلاقى الذكرى بصداها .. فينشأ ما يُسمى بتداعي الصقور أن العودة الحميمة للحب .. أو صدى الذكريات الواعدة ..الذين قرؤُا هذه الخبر قبل حوالى خمسة عشر عامًا لا بد أن شعروا ما دغدغ عواطفهم .. وحين يقرؤنه الآن .. سيكتشفون روعة النبتة الغضة .. وقد أصبحت سنبلة .. روعة الزهرة وقد انعقدت ثمرًا حلوًا .. روعة الأمل وقد مَدَّ ذراعيه للشمس.الخبر نُشِرَ في جريدة المدينة العدد 785 بتاريخ 17 ذي القعدة 1378هـ .. ومصدره القاهرة .. أما كاتب الخبر .. فهو من أبرز صحفي المملكة الآن .. محمد علي حافظ ..ثلاثة طلاب سعوديين أوائل في جامعة القاهرة  القاهرة ـ من محمد علي حافظ خمسمائة طالب سعودي في القاهرة يتحدَّثون هذه الأيام عن قصة نجاح ثلاثة طلاب سعوديين ظَهَرَ من نتيجة الفصل الأول أنهم فازوا بالأولية في سنواتهم الدراسية التي يبلغ عدد الطلبة في كل منها ما لا يقل عن ألفي طالب.إن أولهم هو الطالب محسون محسن بهجت جلال بالسنة الثانية ـ تجارة القاهرة . ظهر من نتيجته أنه الأول على أكثر من ألفي طالب مصري . وكان محسون قد التحق بكلية الطب، ولكن الدراسة فيها لم ترقه فتحول لكلية التجارة حيث وجد فيها مجال التفوق الممتازوثاني هذا الثالوت هو غازي القصيبي . إنه أيضًا في السنة الثانية لكلية الحقوق في جامعة القاهرة، وظهر أنه الأول على ألفي طالب مصري .أمَّا محمد بن عبداللطيف آل ملحم فهو شاب هادئ من بعثة هذ العام .. التحق بكلية الحقوق، واستطاع أن يثبت من أول اختبار يدخله في الجامعة أنه من الطلبة الممتازين سنه أولى حقوق وعدد طلاب سنته الدراسية ألفي طالب. إن قصص النجاح التي يتحدث عنها الطلبة هنا لا تنتهي . إن هؤلاء الطلبة المتفوقين سيصبحون حديث الناس كلهم .. إن الحياة العملية ستستقبل هؤلاء الشبان الممتازين . إن بلادنا لتنظر إليهم وإلى زملائهم بعين الأمل الكبير” انتهى الخبر.ودارت الأيام ..فإذا بهؤلاء الفرسان الثلاثة يصبحون كما توقع لهم الأستاذ “محمد علي حافظ” .. يصبحون حديث الناس كلهم .. تنظر إليهم بلادهم بعين الأمل الكبير.ما أجمل هذه الصدف .. درسوا واجتمعوا معًا في القاهرة كطلاب زملاء .. فإذا بهم اليوم يجتمعون مرةً أخرى دكاترة زملاء في كلية التجارة الناهضة ليساهموا في نهضة هذا البلد، ونموه، وتطوره، وفي أرقى مجال .. مجال التعليم الجامعي ..وكصحفي .. أفرحنى الخبر حتى بعد 15 عامًا ..وكصحفي أدهشني توقعات الأستاذ “محمد حافظ” .. فأجدني الآن أتوقع لهؤلاء الفرسان مناصب أعلى .. تنتظرهم كوزراء في يوم قادم قريب .. أرجو أن تصدق توقعاتي لهم ولزملاءهم في الجامعة .. ذلك لأن عجلة التقدم في المملكة بحاجةٍ ماسةٍ إلى شباب أقوياء مسلحين بالعلم .. والتجربة .. والعزيمة الصادقة ..تحيةً لهؤلاء الشباب .. وتنهئةً لهم بالمناصب المنتظرة المتوقعة مقدمًا. في الهامشمُنًى إِنْ تَكُنْ حَقًا فَمِنْ أَجْمَلِ الْمُنَى ….. وَإِلاَّ فَقَدْ عِشْنَا بِهَا زَمَنًا رَغْدَا
المصدر : مجلة اليمامة، السنة السادسة، العدد 248، ص/7،التاريخ 10 ربيع الأول 1393هـ الموافق 13 أبريل 1973م،


والذكريات صدى السنينوالذكريات صدى السنين
الناشر: مجلة اليمامة

العدد:248

تاريخ النشر: 13/04/1973م

أبناؤنا على مدرجات الجامعات في الخارج

مقابلاتٌ صحفية أجرتها جريدة “الخليج العربي” الصادرة في 5 شعبان 1381هـ الموافق 11 يناير 1962م مع طلاب يدرسون بجامعات “الجمهورية العربية المتحدة” تحت عنوان: “أبناؤنا على مدرجات الجامعات في الخارج، رجال الغد يتحدثون عن آمالهم في المستقبل” وهم: محمد بن عبداللطيف آل ملحم، ناصر بونهية، عبدالله العنقري، عبدالله الرميح، جمال فطاني، فهد البشر، عبدالله الصيخان، حمد القباع.
صدَّرت الجريدة مقابلاتها لهؤلاء الطلاب بمقدمة كتبها رئيس تحريرها الأستاذ/عبدالله بن أحمد الشباط، ونصه المقدمة كما يلي:عندما تستيقظ الأمم على صوت النفير يهز في أعماقها رغبة الحياة .. ويثير في نفسها نوازع الصعود .. فأنها تتطلع مع شمس خيوطها الأولى إلى شبابها .. إلى سواعدهم وعزائمهم .. ونحن اليوم إذ نقف على عتبة المستقبل المشرق الذي نتلمَّسه عن طريق شبابنا المثقف .. فإن علينا من جديد ضرورة العمل على إيجاد جيل من المثقفين الواعين .. المدركين تمامًا لحقيقة المرحلة الخطيرة التي تجتازها أمتهم. والحق أن حكومتنا السنية أدركت من أول وهلة ضرورة ذلك .. فما فَتِئَتْ الجامعات الكبرى في شتى أنحاء العالم تستقبل كل عام وفودًا جديدة من شبابنا .. طالبي العلم والمعرفة .. يفدون إليها .. تحدوهم عزائمهم في الارتشاف من منابع العلم والمعرفة والتَّزود بسلاح العلم لكي يخوضوا معركة بناء أوطانهم .. بثقةٍ في أنفسهم، وجدارةٍ في إمكانياتهم.وفي القاهرة وحدها يوجد أكثر من خمسمائة طالب .. عَرِفَتْ مدرجات الجامعات فيها فيهم المثابرة الصادقة والذكاء المتوقد. وقد برز منهم الطالب/محمد بن عبداللطيف آل ملحم الذي نال تقدير أساتذته وإعجاب زملائه.هؤلاء هم شبابنا .. عدة المستقبل وبناته .. وأملنا الكبير في غدنا السعيد. زرتُهم في بيوتهم، وجلستُ معهم على مكاتبهم المثقلة بالمجلدات ..وسهرتُ معهم الليالي الطويلة .. وهم يعملون دون هوادةٍ على تحقيق آمال أمتهم وأحلامها.وخرجتُ منهم ببعض التحقيقات التي سأدون منها بما يمكن أن يسمح به هذا العدد الخاص.قابلتُ الطالب محمد بن عبداللطيف آل ملحم .. الطالب بالليسانس بكلية الحقوق وسألته:س : يعرف القرَّاء عن طريق ما نُشِرَ عنك في صحفنا المحلية بأنك طالب متفوق في دراستك، ومن أوائل الطلبة بكلية الحقوق ـ جامعة القاهرة، فما هو سِرُّ ذلك؟جـ : ليس هناك سِرٌ، فكل طالب يمكن أن يوفق ويتفوق في دراسته إذا كان راغبًا في الدراسة التي اتجه إليها، ويهتم في الوقت نفسه بتنظيم وقته.س : يذكر البعض من الطلاب بأن الدراسة بكلية الحقوق مطولةٌ بالنسبة لمناهجها، وشاقة في استيعابها، فهل هذا صحيح؟جـ : أتفق معك على ما ذكرتَ إلى حدٍ مَّا، وذلك أن مناهج الدراسة بكلية الحقوق في تطورٍ وتغيرٍ مستمرٍ، وللدلالة على ذلك فهناك بعض المناهج حديثة العهد قد تقرر تدريسها ـ بالإضافة إلى المناهج التقليدية ـ كضرورة لمسايرة التقدم الاجتماعي والنمو الاقتصادي والصناعي الذي تعيشه معظم دول العالم الآن، وكنتيجة لأخذ دول العالم ببرامج التنمية والتخطيط. هذه البرامج لا يمكن أن يقر لها النجاح إلاَّ بعد إيجاد أنظمة تكون ضوابط لها، وتكون، في الوقت نفسه موضوعًا لدراسة علمية، نظرية وتطبيقية، من الضروري أن يدرسها كل طالب ينتسب إلى أي كلية من كليات الحقوق. وليست المطولات القانونية ـ التقليدية والحديثة ـ كمواد تدريسية إلاَّ ظاهرة منتشرة في معظم جامعات العالم التي بها هذا الفرع من الدراسات. أمَّا أن تلك المطولات شاقة في استيعابها فهو حكم صحيحٌ بالنسبة لطالب، وقد لا يكون صحيحًا بالنسبة لطالب آخر.س : ما مدى ملاءمة دراسة القانون لبلادنا التي تطبق الشريعة الإسلامية؟جـ : ليست المشكلة مشكلة ملاءمة أو تكيف. بل هي الحاجة إلى بعض الدراسات القانونية لبلادنا، وبكليات الحقوق بجامعات “القاهرة” و”عين شمس” و”الإسكندرية” تدرس الشريعة الإسلامية وفقًا لأحدث النظم التدريسية، ويتخرج الطالب منها وهو مُلِمٌ ـ في حدود متفاوتة ـ بالمبادئ الكلية والجزئية في الفقة الإسلامي، وذلك بالإضافة إلى العلوم القانونية في المال والسياسة والاقتصاد ـ التي تلبي حاجات المجتمع المتطور، وتوفق بين مطالبه ـ مع المقارنة ـ نسبيًا ـ في بعض منها بأحكام القانون الإسلامي. أمَّا أَنَّ بلادنا تطبق الشريعة الإسلامية فهو معروف للجميع، ومفخرة لكل عربي ومسلم. ومع ذلك فهناك أنظمة يمكن أن أسميها ـ بالأنظمة الإنمائية ـ لا يثور شك أن بلادنا في حاجةٍ إليها تدعيمًا للتقدم الاجتماعي والاقتصادي والثقافي الذي بدأت ظواهره ـ منذ حين ـ تعم سائر أنحاء المملكة. ومن الجدير ذكره أن بلادنا أخذت فعلاً في سبيل إيجاد بعض من هذه الأنظمة المشار إليها، ومنها “توحيد القوانين البحرية وتنظيمها”. هذه القوانين التي تلبي حاجات مرفق الملاحة المتطورة والموانئ الكبيرة الموجودة في المملكة. ولا تزال الصحف المحلية تتحدث عن أعمال اللجنة المشكلة لتوحيد تلك القوانين. وكذلك الأمر بالنسبة لنظام الموظفين فلقد قرأت في الصحف بأنه قد وُضِعَ مشروع لتعديل النظام المذكور. وينعدم الشك في أن الموظف هو قاعدة الجهاز الإداري الأساسية، ويحتاج إلى توفي الضمانات له حتى يتجنب إغراء الوعد وشر الوعيد، وحتى يستطيع العمل في جوٍ نشطٍ وداخل إطار نظام متكامل. كما أن إنشاء وزارة للعمل والعمال والشؤون الاجتماعية خطوة تقدمية في سبيل الإصلاح لحقل العمل وشؤون المجتمع. وهذه الوزارة البكر ستعمل إنشاء الله على إعادة النظر في “نظام العمل والعمال” الحالي. هذا النظام الذي استنفذ أغراضه، وصار هزيلاً لا يقوى على الحركة أمام تطور أوضاع بلادنا في محيط العمل والعمال، وهي الأوضاع المحتاجة إلى نظام جديد يقرر للعامل وكذلك الفلاح ـ في حدود متفاوتة ـ مدى حقوقهما، ويحدد واجباتهما. وبما أن المملكة قد اهتمت بسياسة التطوير الشامل عن طريق إنشاء “المجلس الأعلى للتخطيط”، فإن على عاتق هذا المجلس مهمة الأخذ بأنظمة الإنماء لكي يؤدي الخدمات والمهمات المسندة إليه، وهي تطبيق وتنفيذ برامج التنمية والتخطيط في مجالات الزراعة والصناعة المرافق العامة. ولقد بدأ هذا المجلس فعلاً في تنفيذ بعض من برامجه، ونشرت صحفنا المحلية قسمًا منها، وبجانب ذلك أخذ المجلس في إقرار بعض “أنظمة الإنماء. وما مشروع نظام الشركات الذي تبناه هذا المجلس إلاَّ مثالاً رائعًا واستجابة موفقة لتنظيم الضوابط لتلك البرامج المخططة والتي ستعمل ـ إذا قُدِّرَ لها النجاح ـ على تطوير مناطق المملكة في ميادين شتى. إمَّا بالنسبة “لأنظمة الإنماء” فهي مرتبطة بتلك البرامج ـ بشكل طردي مركز ـ وسيقدر لها النجاح بقدر ما تتمشى ـ من حيث المبدأ ـ مع العرف السائد ببلادنا والتقاليد العربية والإسلامية التي فُطِرَ عليها مجتمعنا.س : المحاماة من فرص العمل المتاحة لكم، فهل تفضلونها؟جـ : المحاماة من الأعمال المهنية الحرة، وتقوم أساسًا على الاستعداد الشخصي والنشاط الذهني، وتتطلب كفاءة علمية قانونية. والمحاماة رسالة ومبدأ، والغرض الأساس منها تأكيد الحق، وإقرار العدالة بأيسر السبل، وإنصاف المظلوم. وللاعتبارات السابقة كان المحامون من رجال القانون، موظفين أو غير موظفين، يساعدون الخصوم عند التقاضي، ويوفِّرون للقاضي سواء أكان تجاريًا أو مدنيًا أو دوليًا وقتًا وجهدًا في تحضير الدعوى وتوضيح معالمها عن طريق مرافعاتهم. وتُنَظِّمُ قوانين المحاكم الشرعية وقوانين أصول المحاكمات نطاق المحاماة كرسالة وكمهنة. وتنتشر المحاماة ـ بواسطة مكاتبها ـ في المجتمعات التي تَتَعَدَّدُ مشاكل أفرادها. ورجل القانون هو محامي ـ بحكم تخصصه ـ سواء أكان داخل الوظيفة حيث يساعد الإدارة أو كان خارج الوظيفة إذ يقيم حلقة اتصال بينه وبين الأفراد في شأن قضيتهم. وللمحاماة الفضل في الاقتصاد في الوقت، وفي سرعة اتصال الحكم بالدعوى. ولقد بدأت تظهر مكاتب منتظمة للمحاماة في بلادنا. وهي موجودةٌ ـ من حيث الموضوع ـ منذ زمن بعيد.س : ما ذا تنوي عمله بعد تخرجك من الكلية؟جـ : الحديث عن المستقبل ـ إذا انعدم التوقع ـ نوع من الخيال. ورغبتُ متابعة دراستي المتخصصة إن أمكن، وإلاَّ فسوف أخدم بلدي بقدر جهدي.
المصدر: الخليج العربي: جريدة أسبوعية جامعة تصدر بالخبر ـ المنطقة الشرقية.عدد ممتاز، ص/47ـ49، لصاحبها عبدالله بن أحمد الشباطالخميس 5 شعبان 1381هـ الموافقث 11 يناير 1962م.


أبناؤنا على مدرجات الجامعات في الخارج رجال الغد يتحدثون عن آمالهم في المستقبل
الناشر: جريدة الخليج العربي

تاريخ النشر: 11/01/1962م

فنجان قهوة مقابلة صحفية مع الطالب محمد الملحم

شبابنا في الجامعة صفحة نصف شهرية بجريدة “قريش”يحررها الطالبان: أسامة السباعي ومحمد سعيد الخالدي.
مقابلة في جريدة “قريش”، العدد رقم 6، وتاريخ 7/جمادى الثاني/1379هـ الموافق 7 ديسمبر 1959م بعنوان:
فنجان قهوة مع المتوفقين الجامعيين بجامعات الجمهورية العربية المتحدة الطالب/محمد بن عبداللطيف آل ملحم : بكلية الحقوق ـ جامعة القاهرةاستهل المشرفان على الصفحة بمقدمة جاء فيها: استطاعت الصفحة أن تزور الأربعة الطلاب السعوديين المتفوقين بتقدير (جيد جدً) في منازلهم، وتشرب مع كل منهم فنجان قهوة .. تصاعد بخار القهوة حاملاً هذا التحقيق .. يسرنا أن ننشر في هذا العدد حديثًا دار مع اثنين منهم، وسننشر في العدد القادم ما دار مع الآخرين. إننا نهدي هذا التحقيق إلى شبابنا الجامعي متمنين لهم التوفيق والسداد وللمتفوقين مزيد النجاح.
دارت عجلة الحديث بين “قريش” وبين الطالب محمد بن عبدللطيف آل ملحم على النحو التالي: استرسلنا في الحديث مع الطالب محمد بن عبد اللطيف الملحم والحديث ذو شجون… تحدثنا عن القوانين والنظم العالمية وتناولنا في مقدمتها الشريعة الاسلامية وعلاقتها بالنظم الاخرى، وتمخض الحديث فولد السؤال الآتي:س ـ إننا نؤمن بأن الشريعة الاسلامية كاملة، فهل هناك اذا من أسباب تدعو الى دراسة الشرائع الاجنبية والقوانين الوضعية؟ج ـ الطالب بكلية الحقوق أو كلية الشريعة يدرس بجانب الشريعة الاسلامية الشرائع العالمية ليكون على علم بها، وليأخذ منها فكرة عامة، ولا ينافي الشريعة الإسلامية أو يقلل من أهميتها أن يدرس بجانبها قوانينًا وضعية مهما كان مصدرها. فالشريعة الإسلامية من حيث المبدأ .. شريعة عالمية تقوم على نظام قانوني متجانس، ويرفع من شأنها أن مصدرها سماوي يميزها عن التشريعات التى من وضع الانسان. أمَّا الفائدة الكبرى التي يجدها دارس التشريعات الأجنبية هو اطلاعه على تلك النزعات الهدامة التي أخذت تنال من الشريعة الاسلامية في الصميم، وتغذي هذه النَّزعات حركات التشريع ورواد الاستشراق أمثال المستشرق الالماني (فولدزهر) الذي يدعي ـ كذبًا وافتراء ـ بأن الفقهاء المسلمين أخذوا شريعتهم في البحث والقياس من الفقهاء الرومان، ويضيق المجال حينما نتحدث عن افتراءاتهم وادعاءاتهم، ولكن هذا يستلزم بالضرورة أن ندرس الشرائع الاجنبية لسببين أولهما حماية للشريعة الاسلامية والثاني العلم بهذه الشرائع.س ـ من أبواب العمل الحر بالنسبة “لخريجي كلية الحقوق” المحاماه، هذا النوع من العمل لايوجد في بلادنا، فهل سيوجد؟ج ـ من المعروف أن المحاماة كأي عمل حر لا يمكن أن يتوافر إلاَّ إذا توافرت الظروف التي تسمح بها، والمحاماة بمعناها الواسع نظام لا يوجد ببلادنا حيث قضاء المحاكم يسير على نظام معين، واطردت أحكامه وفقًا لإجراءات معينة، ويوم لا يجد خريج الحقوق والتربية من العمل إلاَّ باب المحاماة فمما لاشك فيه أنه عمل شريف. وأتذكر مثلاً أنه يوجد “بالاحساء” و”الهفوف” بالذات بعض أفراد اتخذوا من المحاماة الشرعية والتجارية مهنة لهم تخصصوا لها، ولقد كان لهم أثر في أنجاز كثير من القضايا والمحاماة وسيلة من الوسائل التي يلجأ اليها الناس في انهاء مشاكلهم وأقضيتهم أمام القضاء. وقد تنتشر المحاماة في المستقبل إذا رغب العمل بها طلاب هذا النوع من العمال.س ـ وما هي طريقتك في الاستذكار؟
ج ـ طريقتي التي استفدت منها هي طريقة القراءة الكلية، ثم القراءة الجزئية التفصيلية الموضوعية، وقد لا تفيد هذه الطريقة حيث لكل طالب طريقته. وأنا بدوري أنصح كل طالب أن يسلك الطريقة التي تتلاءم معه، وينال بواسطتها النجاح، وقد أعتقد أن طريقتي أفضل الطرق، وقد لايشاركني غيري في هذا الاعتقاد.وختاما للحديث “مع محامي المستقبل” طلبنا إليه أن يهدي إلى الزملاء العبرة التي استخلصها من هذه النتيحة المشرفة فكانت هي الجد والعمل والصبر إذ قال: ليست هناك عبرة استخلصتها أو اكتسبتها ويمكن أن تكون منطقيةً وصادقةً لأوجهها إلى زملائي فأنا معهم لا نزال في أول الطريق، ولا شك أنهم يشاركونني في رأيي أن النجاح يتطلب الجد والعمل والصبر.


الناشر: جريدة قريش

– العدد: 6تاريخ

النشر: 01/12/1959م