معركة أدبية بين وزيرين

سبق أن أهداني الزميل الصديق “غازي القصيبي” ديوانه المسمى “أبيات غزل”. اطَّلعت على الديوان، وبعد قرائتي له أرسلت له “رسالةً أدبيةً” بصفةٍ شخصيةٍ إلاَّ أن الرسالة سُرِّبَتْ إلى جريدة “الجزيرة: نشرت الجزيرة في العدد رقم 1535 وتاريخ 28/6/1396هـ الموافق 26/6/1976م مقتطفات من الرسالة ببنوط عريضة قبل نشرها كاملة جاء فيها:
الجزيرة تتبنى أول معركة أدبية بين وزيرين سعوديين
الملحم ينتقد القصيبي ويقول عن ديوانه الأخير بأنه يحتوي على كلماتٍ غريبةٍ على لغة الضاد. لو كان عمر بن أبي ربيعة حيًا لحكم بإدانة كلمات الديوان..!! أتساءل لماذا تجمع في ديوانك بين النقيضين؟ ولماذا تبني باليد اليمنى وتهدم باليد الأخرى؟ هل تتذكركم كنا نتجادل حول ما يسمى بالشعر الحر وهو الشعر الذي حكم عليه محبو اللغة العربية يالإعدام؟ بقدر الإعجاب الذي أكنه “لأبيات غزل” بقدر الفتور الذي قابلت به “كلمات غزل”! أتمنى أن تقوم بتفريغ خيالك الواسع في أبيات عمودية تستطيع “يارا” أن تحفظها عن ظهر قلب. لماذا تفرض على الطفلة “يارا” أن تحمل كلامك في صحائف فترويه كلما كانت تلك الصحائف بين يديها، وتنساه في كل مرة تفقد فيه تلك الصحائف؟
رسالة أدبية:أخي غازيتحية طيبة وبعد:- لقد ورد في الأثر: لا شئ أسبق الى الاسماع وأوقع في القلوب وأبقى على الايام والليال من مثل سائر وشعر نادر موزون مقفى.ضم ديوانك “كلمات غزل” من بينها: هكذا قد خلقت، في المساء، الصيف. كما ضم نفس الديوان “أبيات غزل” من بينها: اضحكي، من قبل، مغرورة. في “كلمات غزل” معاني القليل منها مقبول. وفي “أبيات غزل” معاني معظمها رائع. والفرق واضح بين “الكلمات” و “الأبيات”. وتنم “الابيات” عن حب برئ، وحيوية متجددة، وخواطر فياضة.أحسن “أبيات غزل” في الديوان “مغرورة”. وهذه “الأبيات” سلسة اللفظ، جيدة السبك، متلائمة النسج، دالة في التصوير، غاية في المعنى. وتقرأ أبيات “مغرورة” كالتالي:
حَبِيبَتِي أَمِيرَةٌ فِي النِّسَاءِ …. تُومِضُ فِي نَاظِرِهَا الْكِبْرِيَاءجَادَ لَها الْحُسْنُ بِمَا تَشْتَهِي ….. وَأَعْطَتْ فِي دَهْرِهَا مَا تَشَاءيَقُولُ عَنْهَا النَّاسُ مَغْرُورَةً ….. وَيِلِي مِنَ النَّاسِ، مِنَ الأَغْبَيَاءمَا قيمَةُ الْحُسْنِ إِذَا لَمْ يَكُنْ ….. فَوْقَ حُدُودِ الْوَهْمِ، فَوْقَ الرَّجَاءوَهَلْ عَشِقْنَا الْبَدْرَ لَوْ أَنّـَهُ ….. خَرَّ إِلَى الأَرْضَ وَعَافَ السَّمَاء
وأردأ “كلمات غزل” في الديوان هي “الصيف” وهي كلماتٌ ليس فيها من الغزل شئ، كلُّها جمل مكررة، لا معنى لها، ولعلها وردت في الديوان من باب الخطأ، وتقرأ كلمات “الصيف” كالتالي:مر بنا الخريف والشتاءلم نحس بالخريف والشتاءكنا نعيش للربيعوعندما جاء الربيعمر علينا مسرعا ولم يقفلم يبق إلاَّ الصيففهل يضيع الصيفورحم الله “عمر بن أبي ربيعة”. كان أمير الغزل وشاعره ورائده. ويا ترى ماذا سيكون حكمه لو كان حيًّا بيننا ليقرأ ” أبيات غزل” وبالاخص “مغرورة”، و”كلمات غزل” وبالأخص “الصيف”. إني واثق أنه سيصدر حكم براءة على الأبيات وحكم إدانة على الكلمات.يحتوي ديوانك على “أبيات غزل ” تستحق أن يشاد بها، كما يحتوي ديوانك على “كلمات غزل” وهي كلمات، في الشكل الذي كتبت فيه، غريبة على لغة الضاد. وإنني لأتساءل لماذا تجمع في ديوانك بين النقيضين. بين السمين والغث، بين الجيد والردئ؟ لماذا تبني باليد اليمنى وتهدم باليد اليسرى!!هل تتذكَّر كم كنا نتجادل حول ما يسمى بالشعر الحر؟ وهو الشعر الذي حكم عليه محبو اللغة العربية بالاعدام. إانني أتمنى أن تقوم بتفريغ ما يزخر به خيالك الواسع في أبيات عمودية تستطيع (ابنتك) “يارا” أن تحفطها عن ظهر قلب فترددها حينما ترغب. لماذ تفرض على “يارا” أن تحمل بين يديها كلامك المرسل حينما ترى أن هناك ضرورة لروايته؟ أو حينما يطلب منها أن ترويه سواء في المدرسة أو في حديقة المنزل؟ لماذا تفرض عليها حمل كلامك في صحائف فترويه كلما كانت تلك الصحائف بين يديها، وتنساه في كل مرة تفقد فيها تلك الصحائف وتضيع منها.دع الفتاة الصغيرة تضم شعرك في قلبها، في ذاكرتها، (بدلا من) أن “تضمه بين يديها” كما تطلب منها في “اهداء” الديوان لها. دع “يارا” وهي طفلة وبعد أن تشب عن الطوق تروي شعرك من قلبها، من ذاكرتها! دعها تقول: “أبي أحب مرارًا ” “وقال شعرًا جميلا”.وفي الختام بودي الافادة انني تلقيت ببالغ السرور هديتك.، وبقدر الاعجاب الذي أكنه “لأبيات غزل” بقدر الفتور الذي قابلت به “كلمات غزل” وإلى ديوان جديد كله أبيات.ولكم تحياتي.أخوكمد. محمد عبد اللطيف الملحم
وعلَّقت “الجزيرة” على الرسالة بقولها:قراء الجزيرة سيطالبون بالتأكيد بوجهة نظر الدكتور القصيبي في هذا الكلام لأن الرسالة بعد نشرها لم تعد خاصةً، ولم تعد أفكارها ملكًا للوزيرين فقط ..!وبالفعل رد القصبيبي على الملحم برسالة: ونشرت الجزيرة في العدد رقم 1536 بتاريخ 29/6/1396هـ 27/6/1976م مقتطفات من الرسالة ببنوط عريضة قبل نشرها كاملة جاء فيها:أعتقد أن الشاعر متى رضي أن ينشر على الناس شعره لم يجز له أن يجزع إن قوبل شعره باستهجان واستنكار. عزائي في بعض مقطوعات الديوان أن قارئا مَّا في مكان مَّا سيعجب بها. سلام على الجزيرة التي تحاول عبثا أن تجعل من هذه المحاورة معركة مجلجلة ..! سهولة الحفظ لا يجب أن تكون المعيار الوحيد للشعر الحر..!! وفي تراثنا الشعري قصائد لا تستحق أن نطلق عليها كلمة شعر رغم استقامة أوزانها ووحدة قوافيها ..وقبل نشر الرسالة أوردت جريدة الجزيرة الملاحظات التالية:.. على عجل كتب معالي الدكتور الشاعر غازي القصيبي تعقيبه على زميله معالي الدكتور محمد الملحم، وفي التعقيب تلمس الروح الشفافة للفنان القصيبي من خلال الكلمات التي انتقاها لتكون ردًا ساخرًا وتقييمًا موضوعيًا لما كتبه أمس زميله الدكتور الملحم .. !!.. وكما كان حوار الملحم جادًا وصريحًا وموضوعيًا فقد حاول القصيبي بموضوعه أن يداعبه ويعطي نوعًا من الإعتدال في موقفه من نوعي الشعر خلاف الراي المتطرف الذي اتسم به موقف الدكتور الملحم من الشعر الحر !!.. لقد أردنا عبثُا كما يحلو للقصيبي أن نوفر للناس معركةً مجلجلة، ونعتقد في “الجزيرة” أننا قد نجحنا واستطعنا رغم كل مشاغل الوزيرين أن نقدمم بقليمهما معركة أدبية لن تنسى ..!!
رسالة الدكتور غازي:أخي الدكتور محمد: أشكرك أجزل الشكر على رسالتك المتضمنة رأيك في “أبيات غزل”، أشكرك على ما تضمنته الرسالة من اطراء، وأشكرك – أكثر- على ما تضمنته من نقد. ذلك أنني أؤمن أن الاطراء نادرًا ما ينفع، أن نفع على الاطلاق، وأؤمن أن النقد، نادرًا ما يضر، إن ضر على الاطلاق.وبعد هذا كله فإنني أعتقد أن الشاعر متى ما رضي أن ينشر على الناس شعره لم يجز له أن يجزع إن قوبل شعره باستهجان أو استنكار فقد اختار- طائعًا- أن يعرض بضاعته على الناس: يعجب بها البعض ولا يعجب بها آخرون: سنة الحياة منذ أن كانت الحياة.وإذا كان البعض يرى أن من الممكن أن يتحول نقد الشعر إلى عملية موضوعية دقيقة فإنني أرى أنه عملية عفوية انطباعية يبقى الحكم الأول والأخير فيها للذوق: إن أجمعت الأذواق على أن شاعرًا مَّا شاعر جيد كان له نصيب من الخلود وإن أجمعت على أنه سيء لقي ما يستحقه من إهمال ما لم تتداركه أذواق جديدة في جيل جديد فترفعه إلى مصاف النابهين. إن رأيك في الشعر الحر معروف ورأيي فيه أيضا معروف. إن جاز لي أن ألخصه هنا قلت أن الشعر شعر يستوي المقفى والحر والعبرة بالنوعية ولا أظنك تختلف معي في أن في تراثنا الشعري “أطنانًا” من القصائد لا تستحق أن نطلق عليها كلمة شعر رغم استقامة أوزانها ووحدة قوافيها. ولا أظنك تختلف معي أن سهولة الحفظ لا يجب أن تكون المعيار الوحيد للشعر الجيد.إن في هذا الديوان الصغير حوالى خمسين مقطوعة: رضيت منها بعضها ولم ترض عن البعض الآخر. وقد تفضل آخرون فأخبروني أنهم اعجبوا بقسم منها ولم يعجبهم القسم الآخر. ولم تكن الآراء متفقة فقد أعجب البعض ما لم يعجب الآخرين. حسب هذا الديوان الصغير اذن أن أمتع بعض القراء ببعض مقطوعاته: أما المقطوعات الأخرى فلعل عزاءها أن قارئا مَّا في مكان ما سيعجب بها. ولعل عزاءها ـ إن لم يحدث ذلك ـ أنها نفست عن قائلها بعض ما يعتلج في صدره يوم قالها.سلام عليك، وعلى كل عشاق الشعر، من كل نوع! وسلام على الجزيرة التي تحاول ـ عبثًا ـ أن تجعل من هذه المحاورة معركة مجلجلة!
أخوك غازي القصيبي
ولقد أثارت هذه المعركة شجون الأخ الصديق أبوعبدالرحمن بن عقيل الظاهري حيث انبرى بقلمه معلقًا في جريدة الجزيرة العدد 1539 وتاريخ 3/8/1396هـ الموافق 30 يونية 1976م تحت عنوان: هوامش صحفية. قال:
لقد انبريتُ لديوان: “أبيات غزل” للدكتورغازي القصيبي، ولمسته لمسًا غير رفيق كرد فعلٍ لمجاملات الأدباء في بلادي.وعلَّلت مجاملاتهم بأربعة أمور! وتنكرتُ لعواطفي الجياشة نحو معالي الدكتور حرصًا على تحكيم القيم الجمالية، والقواعد النقدية!وفرحتُ بنقد الدكتور محمد الملحم لناحيةٍ واحدةٍ وهي أنه لا مجاملة فيه! ولكن أحكامه النقدية لا تتفق مع المسلم به من مقاييس الجمال والنقد! ومن هذه الزاوية انطلق القلم الظَّاهري لمناقضة الوزيرين.يرى الملحم أن أحلى قصائد الديوان “مغرورة” وهي جيدة بلا ريب. ولكن أحلى قصيدة في الديوان قوله:
طَوَيْتُ بِصَدْرِيَ عِبْءَ الْوُجُودِ ….. فَيُوشِكُ خَطْوِيَ أَنْ يَعْثُرَاكَأَنِّيَ خُلِقْتُ لِمَسْحِ الدُّمُوعِ ….. وَجِئْتُ لأَحْمِلَ هَمَّ الُوَرَىأَحِسُّ بِأَنَّ ابْتِسَامِي حَرَامْ ….. إِذَا مَا الْتَقَيْتُ بِدَمْعٍ جَرَىوَإِنْ سَهَرَتْ مُقْلَـةٌ فِي الظَّلاَمِ ….. رَأَيْتُ الْمُـرُوءَةَ أَنْ أَسْهَـرَا
لقوة بنائها الفني، وصدق عاطفتها. ويقول الكتور (الملحم) في حكم آخر: “سلسة اللفظ، جيدة السبك، متلائمة النسج، دقة في التصوير، غاية في المعنى!” قال أبو عبد الرحمن: هذا الكلام من الأحكام المهجورة اليوم في معيار النقد الحديث كقولهم:”تجري كالماء رقة!!” لا تدل عن تشخيص معيار أو استلماح ذوق. وقد سخر الدكاترة زكي بهذه الاساليب في كتابه: الموازنة بين الشعراء.وأمَّا قصيدة الصيف فأجزم أن الدكتور غازي لو جمع مختارات من شعره: سيستبعدها .. فليست تنقصه حاسة الذوق وهو أديب غض الثقافة مطبوع الاحساس!. وعمر بن أبي ربيعة- عفا الله عنه- ليس بيننا، ولا ينسب لساكت قول! ولو كان حيًّا لما كان قوله حكما في حضارتنا وأدبنا إلاَّ على مذهب من يقول: ما ترك الأول للآخر شيئا!والواقع: أن الاول كأنه لم يقل شيئا لكثرة ما ترك!! وإلى الآن ـ يا معالي الدكتور الملحم ـ فلسنا ندري ماذا تريد أن يقول عمر! ومرة ثالثة: فأهل اللغة لم يحكموا على الشعر الحر بالإعدام، وإنما حكموا على الكلفة واللحن سواء أكان ذلك في شعر حر أم في شعر عمودي! وأحكام الشعر الحر لا تستمد من أهل اللغة .. وإنما تستمد من معايير الجمال التي تلتقي فيها الفنون الجميلة من شعر وتصوير وموسيقى ورقص..ألخ. والشعر الحر موزون مقفى ولكن بصورة أخرى ولعل الدكتور لم يفرق بين الشعر الحر وبين الشعر المرسل.إن الشعر الحر ـ وهو شعر التفعيلة ـ يقاس بسلالم الموسيقى وأبعادها! وهو يكمل ما يعجز عنه الشعر العمودي .. والعكس أيضا صحيح. فهما توأمان. ولقد تكفَّلت ببيان الأوهام حول الشعر الحر ببحث لي ألقِي في مؤتمر الأدباء وطبعته جامعة الملك عبد العزيز.المخلصأبوعبدالرحمن بن عقيل الظاهريسيرة شعريةد. غازي عبد الرحمن القصيبي1408 هـ- 1988 ممطبوعات تهامة
ولقد كان مسك الختام في هذه المعركة الأدبية إعتراف غازي بخطئه في نشر ديوان “أبيات غزل”. يقول الصديق غازي في كتابه “سيرة شعرية”، الطبعة الثانية لعام 1408هـ الموافق 1988م صفحات 91 ـ 96 ما يلي: في سنة (1976م ـ (1396هـ طبعتُ ديوان أبيات غزل. ولا بد لي من أن أعترف اعترافًا واضحًا أنني ارتكبتُ خطأً كبيرًا بطباعة هذا الديوان، وأن أقول أني لو استقبلتُ من أمري ما استدبرت لما طبعته على الاطلاق.لقد كانت الفكرة التي دفعتني إلى طبع الديوان معقولةً ومنطقيةً، في رأي على الأقل. لقد رأيت أن يضم الديوان نوعين من القطع: المقطوعات القصيرة التي لا يمكن تصنيفها كقصائد والتي لم أتمكن لذلك من نشرها في الدواوين السابقة، ومقتطفات قصيرة من قصائد أطول لم تنشر من قبل إمَّا لأن القصيدة الكاملة غير صالحة للنشر أو غير قابلة للنشر، وهذا هو الجزء الأكبر من الديوان. ولقد حرصتُ على تسمية المجموعة أبيات غزل ليكون العنوان بمثابة انذار للقارئ بأنه لن يعثر على قصائد متكاملة بل مجرد أبيات متناثرة. وكان في ظني أن القارئ سيقبل على قراءة المجموعة وهو مدرك كل الادراك ما يحتويه وبدون توقعات كبيرة.كانت هذه هي النظرية. غير أن الأمور لم تجر على هذا النحو في الواقع. من ناحية، أدى اختيار قطع صغيرة من قصائد إلى الاخلال بالوحدة العضوية للقصيدة. وإذا كنت لم أتبين ذلك، باعتباري أعرف الأصل الكامل، فإن القارئ الذي لم يقرأ سوى أبيات ثلاثة أو أربعة لم يستطع أن يتبين المقصود من القطعة. من ناحية ثانية، أدَّى الجمع بين قطع كُتبَت في فترات زمنية مختلفة إلى وجود تباين واضح في المستوى لاحظه القراء. ومن ناحية ثالثة، جاء “أبيات غزل” بعد “معركة بلا راية” فتوقع القُراء ديوانًا ذا مستوى مماثل أو مقارب . وغني عن الذكر أن خيبة أملهم كانت كبيرة وهم يرون قطعا صغيرة لا يربط بينها رابط ولا توجد منها قطعة واحدة يمكن أن تسمى قصيدة.وعندما أمعن النظر في الأمر اليوم أجد أنني كنت على خطأ بين وكان القُراء على حق واضح … هناك كلمة أخيرة. لقد كان أبيات غزل أولَّ ديوان أنشره بعد تكليفي بأعباء الوزارة. والمفترض في الناس، أو معظمهم أو بعضهم، أن يجاملوا، على نحو أو آخر، من يتولى مثل هذا المنصب. والكتَََََََََاب بشرٌ يسري عليهم ما يسري على الآخرين. كان المفروض، إن أن تكون الكتابات التي عالجت أبيات غزل مليئة بالمجاملة متضمنة الكثير من التقريظ. غير أنني أشهد شهادةً مخلصةً أن كل من تناولوا الديوان بالبحث، بدون أي استثناء تقريبًا، قالوا آراءهم صريحة دون مواربة. إن أحدًا من الذين كتبوا عن الديوان لم يزعم أنه عظيم أو رائع. ولئن كنتُ قد أخطأت في نشر الكتاب فالقرَّاء والنقاد لم يخطئوا في تحليله. وأحمد الله أن كلمة الحق تقال، ولو كانت على حسابي.


الناشر: جريدة الجزيرة

تاريخ النشر: 26/06/1976م

 كلمة عميد كلية التجارة الدكتور آل ملحم لطلبة الكلية

طلبت نشرةُ الطالب: نشرة نصف شهرية تصدرها اللجنة الثقافية بكلية التجارة ـ جامعة الرياض سابقًا من عميد الكلية الدكتور “محمد بن عبداللطيف آل ملحم” أن يوجه كلمةً ترحيبيةً للطلبة الجدد بالكلية للعام الدراسي 1394/1395هـ.فوجَّه سعادته الكلمة التالية:أبنائي الطلبة:إن اللِّقاء بكم في مختلف المناسبات … وعلى مختلف المستويات من القضايا الأساسية التي نسعى جاهدين إلى تحقيقها وصولاً إلى تحقيق أهدافنا النهائية. لقد التقيت بكم قبل أسبوع واحد فقط، وكان ذلك في حفل الكلية السنوي بمناسبة العام الجديد، رحَّبت بكم، وأعلنتُ عن سعادتي وسعادة الكلية بانضمامكم إليها، وأكَّدت لكم أن هذه السعادة لن تكون كاملة إذا اقتصر وجودكم في هذه الكلية على سنوات أربع فقط.وأعود اليوم لكي التقي بكم على صفحات نشرة الطالب مركزًا على النقاط التالية:ـ إن إدارة الكلية اتبعت وستتبع سياسة الباب المفتوح، وليست هناك حواجز أو موانع تحول بين الطالب وأي مسؤول في الكلية ابتداءًا من قمة هرم التنظيم وحتى أدنى مستوى التنظيم ـ بل إن الطالب يستطيع عرض احتياجاته في أي وقت ودون أي تردد. لقد وزَّعنا على الطلبة دليل الكلية الذي يتضمن مواضيع أساسية عن أنظمة الكلية، وأُخِذَتْ توقيعات هؤلاء الطلاب على استلامه، وكان الهدف من ذلك إلزام كل طالب بما جاء في ذلك الدليل من قواعد وأنظمة، ولا يعود بعد ذلك مكان للاحتجاج بقاعدة الجهل بالقانون. الكل يعلم، وعلى هذا الكل ينفذ. إن الانضباط ضروري وهام بالكلية وذلك لضرورات انتظام الدراسة في الكلية. ويبدو بوضوح أن حضور المحاضرات في مواعيدها المقررة سلفًا من الأمور الرئيسة التي يجب الاهتمام بها، والكلية وهي تبذل جهودها في سبيل تحقيق أقصى قدر ممكن من الدراسة الجامعية الصحيحة لا يمكنها أن تتوقع بأي حال من الأحوال غير تعاونكم الفعَّال. إن النشاطات اللاصفية تُؤْخَذُ بعين الإعتبار عند تقويم فعاليات الطالب، فلا تتردَّدوا في المشاركة فيها بجهود صادقةٍ ومخلصةٍ.والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته،


عميد كلية التجارةالدكتور محمد بن عبداللطيف آل ملحم،
المصدر: نشرة الطالب: نشرة نصف شهرية تصدرها اللجنة الثقافية بكلية التجارة ـ جامعة الرياض.ا

الدكتور آل ملحم لطلبة الكلية عام 1394هـ
الناشر: نشرةُ الطالب

تاريخ النشر: 2/11/1974م

 حوار حول الشعر الحر (3): موقفي من الشعر الحر

موقفي من الشعر الحر:
منشور بالملحق الأدبي والفني بجريدة الرياض، العدد 2806 بتاريخ 4 شعبان 1394هـ الموافق 22 أغسطس 1974م. بقلم: الدكتور محمد الملحم، عميد كلية التجارة ـ جامعة الرياض.
سألني أحد الطلاب بالكلية عن سبب امتناعي عن الكتابة عما يسمى “بالشعر الحر” والذي نسبة ما ينشر منه على صفحات جرائدنا ومجلاتنا تفوق نسبة ما ينشر مـن “الشعر العربي”، وعـن الرد على الدردشة الرقيقة التي أوردتها جريدة “الرياض” في ملحقها الأدبي بتاريخ 6/7/1394هـ وتاريخ 20/7/1394 فأجبته بأنه ليس هناك داع لهذا الرد، ولا فائدة منه ما دام ان موجة هذا الشعر لاتزال في عنفوانها. كما ذكرتُ له بأن من شأن أيِّ رد إثارة الجدل من جديد حول هذا اللون من الكلام، وأنه سبق لي أن تعرَّضت له باقتضاب في كلمة قصيرة بعنوان “درس في الإعلام” نشرتُها في مجلة “اليمامة” الصادرة بتاريخ 21/2/1994م، كما ذكرت له أيضا بأن أي جدل من هذا النوع سيخدم في المحل الاول رغبات منتجي ما يسمى “بالشعر الحر” الذين يسعدهم أن يجدوا إنتاجهم محل اهتمام خاص من الكل، وإن كان من الانصاف أن أذكر أن معظم هؤلاء المنتجين مبرزون في أكثر من فَنٍّ من فنون الأدب العربي كفن الشعر الموزون المقفى، وأنه من اللاَّزم علينا جميعا كقراء أن نشجعهم على مواصلة العطاء. وسألني نفس الطالب عما إذا كنتُ أحبر الشعر العمودي أي الشعر العربي، فأجبته بالنفي، وإن كانت لي فيه محاولات غير جادة، وأضفت بأنني أحب قراءة الشعر العربي، وأحب أن أستمع اليه، وباعتباري أحد المستهلكين له فإني أبحث عنه دائما لاشتريه. وقلت لمحدثي بأن صفة الشاعر يجب، في رأيي، أن لا تطلق ألاَّ على الذين تمكنوا، بجدارة واستحقاق، من تجسيم أدب أمتهم، ومن إبراز خصائصه واظهار اصالة معدنه. وهنا تساءل هـذا الطالب بأن أحـد دعاة الشعر الحر في رده على ما نشرتُه في مجلة “اليمامة” قد قرَّر بأن ما يسمى “بالشعر الحر” لا يخلو من الموسيقى ومن المضامين الثقافية والفكرية والانسانية، فأجبته بأن هذا صحيح. كما أجبته بأن كل فنون الكلام كالنثر الفني، والمقامات، والقصة، والمقالة والمسرحية والرواية، والشعر الموزون المقفى وما يسمى “بالشعر الحر” تتضمن موسيقى ومعاني ثقافية وفكرية وإنسانية. ولكن لكل فن من هذه الفنون خصائصه ومميزاته، وتتحدَّث كتب الأدب العربي قديمها وحديثها عن هذه الخصائص والمميزات. ومن خصائص الشعر الذي عرفتُه وتعرفه الأمة العربية الوزن والقافية. وهاتان الخاصيتان لا تتوفران فيما يسمى “بالشعر الحر” الذي قد يكون فنا من فنون الكلام ولكنه ليس بشعر وفقًا لمقاييس الشعر التي قررها العرب وهذا هو المهم، وقد يكون شعرًا في آداب الأمم غير العربية، وهو لاشك كذلك. ولما لم يفهم الطالب ما ذكرتُ استرسلتُ في حديثي قائلاً له بأن “الكلمة” مهما كان وضعها وموضعها من الكلام لا بد من اشتمالها على مضمون ومعنى وإلاَّ كانت مجرد لغط. وما دامت فنون الكلام ـ من نثر وشعر وقصة ومقالة ومسرحية ـ تتكون من كلمات، وكل كلمة ذات مضمون ومعنى فإنه لا يختلف اثنان في أن جميع فنون الكلام، بما فيها ما يسمى بالشعر الحر” ذات مضامين فكرية وثقافية وانسانية. “ولقد عرف العرب فنون الكلام ومنه فن الشعر.والشعر الذي عرفوه وعُرِفُوا به هو الشعر الموزون المقفى. ولقد تجسد هذا الشعر، من الناحية الدينية والثقافية والحضارية، في آداب الامة العربية. كما عبر بواسطته روَّاد الشعر العربي عما يجيش في وجدان هذه الأمة، وما يتلاءم مع عقليتها، ويتناسب مع حسها، بل وتصورها للأمور من حولها وفي البيئة التي تعيش فيها وعاشت فيها. كما تمكَّن الرواد العرب في آداب اللغة العربية وعلومها من وضع الأسس العلمية والأشكال الفنية للصناعة الشعرية والتي استخدمها الشعراء العرب في تحبير الشعر الذي يفهمه الأنسان العربي، ويطرب له، ويتجاوب معه بالفطرة والسليقة، بل ويعيش معه عن طريق العاطفة والتفاعل، ولقد حفظ لنا التراث العربي الاسلامي قديمه وحديثه ذخيرة حية من هذا الشعر. وإلى هذا الحد نبهتُ هذا الطالب إلىحقيقة مهمة وهي أن ما يسمى “بالشعر الحر” يعاني، في تصوري، من مشكلة حضارية ذات علاقة بآدات الأمم وعلومها. كما يعاني من ما يمكن أن أسميه بمشكلة الانتماء الثقافي. وتأبى، في تصوري، حضارة العرب وآدابها العربية والاسلامية أن تتقبل هذا الكلام، ولآأن تستقبله بالأحضان. كما يعز ويصعب على هذه الحضارة الشامخة والتي تبلورت خلال تاريخ العرب الطويل أن ترغم الإنسان العربي على تقبل هذا اللون من الكلام وتذوقه وهضمه والتفاعل معه. ويكفي أن أشير في هذا الخصوص إلى ما أورده “ابن الاثير” في معرض تقسيمه للكلام إلى منظوم ومنثور من أن الأشعار لدى العرب أكثر، والمعاني فيها أغزر. ويعزو “ابن الاثير” سبب ذلك إلى أن العرب الذين هم أهل الفصاحة جل كلامهم شعر، ولا يوجد الكلام المنثور في كلامهم إلاَّ يسيرًا، ولو كثر فإنه لم ينقل عنهم، بل المنقول عنهم هو الشعر، فأودعوا أشعارهم كل المعاني. كذلك يذكر “ابن خلدون”: في مقدمته الشهيرة، وهو الخبير بأحوال الأمم وحضاراتهم وآدابها وملامح مجتمعاتها من أن لسان العرب وكلامهم إلى فنَّين في الشعر المنظوم وهو الكلام الموزون المقفى، وفي النثر وهو الكلام غير الموزون. وكل واحد من الفنَّين يشتمل على فنون ومذاهب في الكلام. ويقول “ابن خلدون” في مكان آخر من مقدمته بان “هذا الفن من فنون كلام العرب وهو المسمى بالشعر عندهم. ويوجد في سائر اللغات، إلاَّ أننا الآن إنما نتكلم في الشعر الذي للعرب فإن أمكن أن تجد فيه أهل الألسن الأخرى مقصدهم من كلامهم، وإلاَّ فلكل لسان أحكام في البلاغة تخصه، وهو في لسان العرب غريب النَّزعة، عزيز المنحى إذ هو كلام مفصل قطعًا متساويةً في الوزن متحدة في الحرف الأخير من كل قطعة من هذه القطعات”. ويقول المؤرخ الكبير أيضا بأن فن الشعر كان شريفًا عند العرب، ولذلك جعلوه ديوان علومهم وأخبارهم وشواهد صوابهم وخطئهم وأصلاً يرجعون إليه في الكثير من علومهم وحكمهم ولا يستطيع، في رأيي، أن يحظ ما يسمى “بالشعر الحر بهذه الميزة التي تحدث عنها ابن خلدون. وما يسمى “بالشعر الحر”، وهو كلامٌ له مضامين فكرية كسائر فنون الكلام الأخرى، كذلك له موسيقى ولكنها ليست كموسيقى الشعر العربي ولخلوه من الوزن والقافية فانه يفقد كل خصائص الجمال والإثارة التي تتوفر في الشعر العربي. ومهما قيل عن هذا اللون من الكلام وعن الدور الذي من الممكن أن يلعبه في الحياة الأدبية العربية فان نغماته ـ إذا كانت له نغمات ـ ستظل عاجزةً عن دغدغة سمع الانسان العربي وحسه، ناهيك عن عدم قدرة هذا الانسان على حفظه، أو على التفاعل معه حينما يسمعه. وقد يكون من نافلة القول لآأن أشير إلى المكانة الخاصة والفذة التي يحتلها شعرنا العربي في حياتنا الخاصة والعامة، وفي مجالس أنسنا وسمرنا. وفي نهاية حديثي مع محدثي تعهَّدت له بأن بكون هذه آخر مـرة تحدث فيها عن ذلك اللَّون من الكلام.


الناشر: جريدة الرياض

– العدد:2806

تاريخ النشر: 22/08/1974م

حوار حول الشعر الحر (1): درس في الأعلام

درس في الأعلام: منشور في مجلة اليمامة، العدد 292 تاريخ 21/2/1394هـ 15/3/1974م
في صباح يوم السبت الموافق 10 محرم 1394هـ، وأنا في طريقي من كلية التجارة الى كلية الآداب لإلقاء دروس في القانون الدولي على طلبة السنة الثانية بقسم الاعلام، أطلعني الزميل الدكتور غازي القصيبي على خبر أوردته مجلة اليمامة في عددها الصادر في يوم الجمعة الموافق 9 محرم 1394هـ. ونص الخبر كالتالي:_ “عميد كلية التجارة” الدكتور محمد الملحم جدَّد هذه الأيام حملته الشديدة على”الشعر الحر” وأصحابه على الأصح، ويرى أن هذا النوع من الشعر تافه، ولا يمكن أن يلحق بغبار الشعر التقليدي.. ولكن الدكتور الملحم يخشى من الكتابة في الصحف حول هذا الموضوع خوفًا من هجوم شعراء الشعر الحر.. ونحن نرى أن هذا التبرير غير كاف.. ونأمل من الدكتور أن يجمع أطراف شجاعته ويكتب.. ومن ثم يتحقق إن كان سيستطيع أن يضيف أشياء جديدة تساهم في محاصرة موجة الشعر الحر العنثفة التي تجتاح الاوساط الأدبية في العالم العربي برمته.. فهل يرغب الدكتور الملحم في أن يفقد حب جيل كامل من الأدباء وبالتالي يقع تحت مطارق نقدهم؟؟ ليفعل إذن”.ولم أتمكن من التعقيب على هذا الخبر في حينه.. وأعادت مجلة “اليمامة” نفس الخبر، ولكن بإسلوب آخر، وفي مكان آخر من عددها الصادر في يوم الجمعة الموافق 16 محرم 1394. ولم أتمكن من التعقيب على نفس الخبر في حينه أيضا..وأعادت المجلة نفسها الخبر وتحت عنوان جديد في عددها الصادر في يوم الجمعة الموافق 14 صفر 1394..
واذا كان لابد من التعقيب فيسرني أن أؤكد أن الخبر صحيح، وإن كان قد كتب بأسلوب فيه شئ من الإثارة والمبالغة.. وهذا دأب الصحافة!ولعله من المفيد، لوضع هذا الخبر في إطاره الصحيح، أن أذكِّر بأنني حينما لفتُّ، ذات يوم، نظر أحد كتاب مجلة “اليمامة” البارزين، وهو من “الشعراء الاحرار”، عن رأيي فيما يسمى “بالشعر الحر”، وكان رأيا عابرًا وفي حديث عابر، كنتُ أهدف من ورائه المساهمة في حل “أزمة الورق” التي تعاني منها الصحف عن طريق توفير الأعمدة، التي تخصص لهذا الكلام المنثور، للأمور الأكثر أهمية..وبودي أن تعرف مجلة “اليمامة” أن الموضوع ليس موضوع الخشية من الكتابة في الصحف حول هذا الشعر خوفًا من هجوم شعرائه.. إن من حقي، وأعتقد أن مجلة اليمامة لا تنازع في وجود هذا الحق، أن يكون لي رأي فيما يعرض في السوق من غث وسمين، فأشتريه أو لا أشتريه. وإذا كانت مجلة “اليمامة” ترغب أن أكتب عن رأيي في هذا اللون من الكلام فآمل أن تهدي لي ما تعتقد هي بأنه أحسن ديوان أو ديوانين يتضمنان هذا اللون من الكلام.. عندئذ سأكتب عن رأيي في الوقت الذي أراه مناسبًا.وبودي أيضا أن تعرف مجلة “اليمامة” أنني توجَّهت في ذلك الصباح إلى كلية الآداب ونفسي وخواطري تحدثني عن مفهوم الإعلام ومحتواه ودوره، وبدلاً من أن أبدأ محاضرتي في “القانون الدولي” كالمعتاد رأيت من الأفضل وأنا أمام جيل من أجيال الإعلام في بلادي أن أتحدث معهم في بداية المحاضرة عن عملية الإعلام وعلاقتها بما يمكن أن أسميه “وليسمح لي الدكتور القصيبي إذا كان في هذه التسمية شئ من الانحراف الأكاديمي” بسياسة التحرش”. وهذه السياسة معروفة وليست بالأمر الجديد في حقل الإعلام وتتبناها جميع أجهزة الإعلام في كل بلد وعلىجميع المستويات .. ولكن لهذه السياسة قيود قانونية. ولكي تكون هذه السياسة منتجة وفعالة فيجب، وهنا موطن
الشرعية، أن يكون استخدامها بريئًا وتخدم الصالح العام.. وقد تنفع هذه السياسة في حمل الاخرين ـ وأنا واحد منهم ـ على المساهمة في عملية الإعلام المسموعة أو المقروءة أو المرئية، وقد لا تنفع. والأمر في تصوري مرهون بحسن استخدام تلك السياسة وللظروف!!وفي حديثي عن مفهوم الإعلام مع طلاب الإعلام سألتهم عما إذا كانوا قد درسوا “قيود النشر” بعد، فأجابوا بالنفي..وفي رأيي أنه لولا “قيود الشعر” وهي الوزن والقافية لم تكن للشعر قيمة، وأقصد بذلك الشعر الذي قال عنه “أبو هلال العسكري” بأنه “ديوان العرب، وخزانة حكمتها، ومستنبط آدابها، ومستودع علومها”.وترغب مجلة “اليمامة” أن أضيف أشياء جديدة أساهم بها في محاصرة موجة الشعر الحر العنيفة التي تجتاح الأوساط الأدبية في العالم العربي برمته.. وأعتقد أنه ليس هناك داعٍ لهذا العناء.. فهذا الكلام محاصر.. ويكفي أن أذكر في هذا الخصوص بأن الذين يحبون هذا اللون من الكلام ويدافعون عنه ويؤرقهم نقده هم “منتجوه” وحدهم.. وكل يغني على ليلاه!!وإنني لا أشارك مجلة “اليمامة” رأيها القائل أن من شأن التعرض لإنتاج “شعراء الشعر الحر” فقدان حب جيل كامل من الأدباء وبالتالي الوقوع تحت مطارق نقدهـم .. أنني آمل أن يكون هذا الجيل على مستوى المسؤولية.. ولولا محبتي لهما تعرضت لإنتاجه وهو إنتاج غزير ليس في الشعر فحسب إنما في مجالات أخرى .. والمثل يقول “صديقك من صدقَك لا من صدَّقك. إلاَّ إذا كانت مجلة “اليمامة” تعبر في رأيها عن ظاهرة مريضة تجتاح الأوساط الأدبية في العالم العربي برمته..”.

وأخيرًا بودي أن أطمئن مجلة “اليمامة” بأن مفعول موجة الشعر الحر التي “تجتاح الأوساط الأدبية في العالم العربي برمته” كما تدعي هي لا تختلف عن مفعول أية موجة من موجات البحر.. وتبدأ موجة البحر بعنف وتسير مع التيار بعنف وترتطم بصخور البحر “التقليدية” فتهزمها الصخور وتتلاشى وتزول ويتولد عنها زبد. ويقول الله في محكم كتابه “فأمَّا الزبد فيذهب جفاء، وأمَّا ما ينفع الناس فيمكثُ في الارض”.


الناشر: مجلة اليمامة

– العدد:292

تاريخ النشر: 15/03/1974م

والذكريات صدى السنين

خبر كالرَّعد .. كذكْرى أغنية ربيعية .. تمتد وتتجدد .. وتعيد إليك التفاؤل والإحساس بحلاوة الحياة .. وجمال الأشياء.لم أكن أصدق بأن أخبار الأمس .. يمكن أن تمنح اللذة والفرح لقارئٍ لم يرجُ شيئًا حتى من أخبار المستقبل .. القارئ يشعر بالملل حين يقرأ أخبار الساعة .. ولكن هذا الخبر يختلف .. فقد فرحتُ به كفرحي بصورةِ حبيبة .. بقصيدةٍ وجدتُها فجأةً غافيةً بين أوراقي .. حيث تتلاقى الذكرى بصداها .. فينشأ ما يُسمى بتداعي الصقور أن العودة الحميمة للحب .. أو صدى الذكريات الواعدة ..الذين قرؤُا هذه الخبر قبل حوالى خمسة عشر عامًا لا بد أن شعروا ما دغدغ عواطفهم .. وحين يقرؤنه الآن .. سيكتشفون روعة النبتة الغضة .. وقد أصبحت سنبلة .. روعة الزهرة وقد انعقدت ثمرًا حلوًا .. روعة الأمل وقد مَدَّ ذراعيه للشمس.الخبر نُشِرَ في جريدة المدينة العدد 785 بتاريخ 17 ذي القعدة 1378هـ .. ومصدره القاهرة .. أما كاتب الخبر .. فهو من أبرز صحفي المملكة الآن .. محمد علي حافظ ..ثلاثة طلاب سعوديين أوائل في جامعة القاهرة  القاهرة ـ من محمد علي حافظ خمسمائة طالب سعودي في القاهرة يتحدَّثون هذه الأيام عن قصة نجاح ثلاثة طلاب سعوديين ظَهَرَ من نتيجة الفصل الأول أنهم فازوا بالأولية في سنواتهم الدراسية التي يبلغ عدد الطلبة في كل منها ما لا يقل عن ألفي طالب.إن أولهم هو الطالب محسون محسن بهجت جلال بالسنة الثانية ـ تجارة القاهرة . ظهر من نتيجته أنه الأول على أكثر من ألفي طالب مصري . وكان محسون قد التحق بكلية الطب، ولكن الدراسة فيها لم ترقه فتحول لكلية التجارة حيث وجد فيها مجال التفوق الممتازوثاني هذا الثالوت هو غازي القصيبي . إنه أيضًا في السنة الثانية لكلية الحقوق في جامعة القاهرة، وظهر أنه الأول على ألفي طالب مصري .أمَّا محمد بن عبداللطيف آل ملحم فهو شاب هادئ من بعثة هذ العام .. التحق بكلية الحقوق، واستطاع أن يثبت من أول اختبار يدخله في الجامعة أنه من الطلبة الممتازين سنه أولى حقوق وعدد طلاب سنته الدراسية ألفي طالب. إن قصص النجاح التي يتحدث عنها الطلبة هنا لا تنتهي . إن هؤلاء الطلبة المتفوقين سيصبحون حديث الناس كلهم .. إن الحياة العملية ستستقبل هؤلاء الشبان الممتازين . إن بلادنا لتنظر إليهم وإلى زملائهم بعين الأمل الكبير” انتهى الخبر.ودارت الأيام ..فإذا بهؤلاء الفرسان الثلاثة يصبحون كما توقع لهم الأستاذ “محمد علي حافظ” .. يصبحون حديث الناس كلهم .. تنظر إليهم بلادهم بعين الأمل الكبير.ما أجمل هذه الصدف .. درسوا واجتمعوا معًا في القاهرة كطلاب زملاء .. فإذا بهم اليوم يجتمعون مرةً أخرى دكاترة زملاء في كلية التجارة الناهضة ليساهموا في نهضة هذا البلد، ونموه، وتطوره، وفي أرقى مجال .. مجال التعليم الجامعي ..وكصحفي .. أفرحنى الخبر حتى بعد 15 عامًا ..وكصحفي أدهشني توقعات الأستاذ “محمد حافظ” .. فأجدني الآن أتوقع لهؤلاء الفرسان مناصب أعلى .. تنتظرهم كوزراء في يوم قادم قريب .. أرجو أن تصدق توقعاتي لهم ولزملاءهم في الجامعة .. ذلك لأن عجلة التقدم في المملكة بحاجةٍ ماسةٍ إلى شباب أقوياء مسلحين بالعلم .. والتجربة .. والعزيمة الصادقة ..تحيةً لهؤلاء الشباب .. وتنهئةً لهم بالمناصب المنتظرة المتوقعة مقدمًا. في الهامشمُنًى إِنْ تَكُنْ حَقًا فَمِنْ أَجْمَلِ الْمُنَى ….. وَإِلاَّ فَقَدْ عِشْنَا بِهَا زَمَنًا رَغْدَا
المصدر : مجلة اليمامة، السنة السادسة، العدد 248، ص/7،التاريخ 10 ربيع الأول 1393هـ الموافق 13 أبريل 1973م،


والذكريات صدى السنينوالذكريات صدى السنين
الناشر: مجلة اليمامة

العدد:248

تاريخ النشر: 13/04/1973م

كلمة طلاب المدرسة لسعادة الشيخ عبدالعزيز آل الشيخ

كلمة باسم طلاب المدرسة الثانوية في الحفل الذي أقيم تكريما لسعادة وكيل وزارة المعارفالشيخ عبدالعزيز بن حسن آل الشيخكلمة باسم طلاب المدرسة الثانويةفي الحفل الذي أقيم تكريما لسعادة وكيل وزارة المعارفالشيخ عبدالعزيز بن حسن آل الشيخ
الناشر: كتاب من النشاط المدرسي ص64-66تاريخ النشر: 1375هـ
صاحب الفضيلة. حضرات السادةأهلاً بكم، ومرحبًا.يا صاحب السعادة.أهلاً بكم، في أعمالكم، أهلاً بكم وبمن معكم يا كتيبةَ العلم، ويا موجهي النهضة، وحاملي رسالة التعليم.إننا إذ نحتفل بكم ـ في زيارتكم هذه ـ لايدفعنا لذلك إلاَّ فضلكم الكبير الذي نحاول أن نكافئه وأعمالكم الجليلة التي نحاول قدر المستطاع أن نشكركم عليها.يا صاحب الفضيلة. إن المدرسة الثانوية ممثلةً في أبنائها الطلاب قد عقدت الآمال بعد الله عليكم، فأنتم محطَّ رجائها في تحقيق مطالبها وأهدافها في حقول التربية والتعليم، وإنها لِفيض أعمالكم تحي فيكم هذه الروح الطيبة، وهذا العزم الكبير في البناء والتشييد الذي تسهرون عليه متجشمين في سبيله الصعاب والمتاعب.حقا إنكم بذرتم للعلم حقوله وتريدون- إتماما لذلك- أن تتعهدوه بالرعاية والقيادة، وتمسكوا بزمام ركبه وتوجهوه حتى يصل إلي غايته ولا سيما هذه المدرسة التي كان لها نصيب من تلك البذرات، والتي كانت منذ أن توليتم مهام أعمالكم وهي باكورة إنتاجكم الجيد، وإبداع أعمالكم العظيمة، ولا أقول ذلك إلاَّ حقيقة، ففي عهدكم وجدت نشاطا ممهد السبل: في هذا النشاط قوةٌ، وفي قوته اندفاعٌ، وفي اندفاعه عملٌ وإنتاج.يا صاحب الفضيلة: إن العلم يكرم رجل العلم، وإن الأعمال تتحدث عن صاحبها، وبقدر الإنتاج تعرف شخصية المنتج، وإننا طلاب المدرسة أمام أعمالكم نكبر في شخصكم الجليل الوعود الصادقة والآمال الكبيرة التي ضربتموها لنا في العام الماضي، وفعلاً عزمتم على تحقيقها وحققتموها. لقد كنا نظن أن تلك الوعود خيالٌ للمستقبل وأفكارٌ للمستقبل ولكننا فوجئنا بها فوجدناها قد أصبحت في هذا العام حقائق اليوم. ولا شك أن هذا التجاوب الصادق، وتلك الاحساسات الكريمة التي تحدثنا عنها ـ نحن الطلاب ـ منذ عامنا الدراسي المنصرم، لا شك أن ذلك ينبئ عن خير جليل ظهر فيه أولاً الشعور المتبادل بين مرب مخلص وبين أبناء مطيعين، وظهر فيه ثانيًا الأعمال التي حققتها فضيلتكم يا صاحب الفضيلة.إن الوحدة الصحية التي فاجأتمونا بها في هذا العام لدليل صادق، وبرهان واضح على مدى الاهتمام الفذ والتشجيع الحار لهذه المدرسة بالذات. هذه المدرسة التي تحفظ لكم أعز الذكريات، وتسجل لفضيلتكم تقديرها العظيم. إن الصحة، وهي كما يقول المثل، تاجٌ على رؤوس الأصحاء لا يشعر بها إلاَّ المرضى، عندما كانت موضع عنايتكم لا زالت في هذا العام تؤدي رسالتها كاملة، وكان لهذا الأثر الجليل في مساعدة الطلاب، وتخفيف أعباء الأمراض والآلام عنهم مما جعلهم ينشدون العمل، ويسعون وراء الإصلاح محققين نشاطًا حيويًا ناطقًا في مختلف المرافق لم تشهده المدرسة في تاريخها، وإذا كانت الوحدة الصحية قوةً فعالةً، لا ننسى ما للنشاط الصحي الثقافي الذي أوليتموه عنايتكم الخاصة من مفعول كبير في توجيه الطلاب أنفسهم إلى العناية والنظافة بواسطة الرموز والإشارات والتصوير.يا صاحب الفضيلة. إن ما تقدم ذكره هو بعض من الأعمال الكثيرة التي تحققت في هذا العام لمدرستنا، والآن سأتحدث لفضيلتكم عن ثلاثة مطالب أرجو منكم أن تحققوها لنا. فأولها الكتب الدراسية التي لا تزال مشكلتنا المستمرة. المشكلة التي لاقينا منها المشاق. ولا يخفى على فضيلتكم ما للكتب من أثر فإنها تشجعنا على مواصلة الجهود في الدرس والمذاكرة والتحصيل. إن الكتب مشكلةٌ صعبةٌ بالنسبة لنا نحن الطلاب، وتأمينها سهل بالنسبة لكم. إننا في انتظارها بفارغ الصبر في مطلع عامنا الدراسي الجديد وإن أملنا وطيد في إجابة طلبنا.يا صاحب الفضيلة: إن تجهيز المعمل هو مطلبنا الثاني وهو لا يقل أهمية عن الكتب. ولقد شق طريقه، وبرهن على وجوده في شكله ومظهره فقط في هذا العام. أما مخبره فلاَ. وإنه يحتاج إلى مواد خام، وإلى وقود، وإن ذلك يعتبر بالنسبة له غذاءه اللازم الذي لا يستطيع أن يؤدي رسالته إلاَّ به، وإن إخواني طلاب المدرسة الثانوية ليرفعون إلى فضيلتكم شكواهم من المتاعب التي يلاقونها لعدم وجود معمل كامل في مظهره وجوهره يتمشى مع الدروس جنبًا إلى جنب في الدراسة العملية.يا صاحب الفضيلة: لأحدثنك بعد عن وسيلة تافهة وحتى الآن لم تأخذ مجراها الطبيعي. إنها المكافأة. إنها عرجاء. إنها مريضة. إنها تتعثر في طريقها. حقًا إنها وسيلة أمام الحياة وغاياتها، وإنني أرجو أن تأخذ طريقها حتى لا تصبح عند أصحابها غاية، ولكي لا تؤثر في مصيرهم ولاَ تعرقل هممهم، وما دامت المكافأة وسيلة، وهذا عملها في الحياة، فَلِمَ لا تكون وسيلةً حقًا حتى يدرج الطلاب ـ بناة المستقبل ـ إلى أهدافهم وغاياتهم؟يا صاحب الفضيلة: إن الطلاب يحسون بالفرح لأنهم وجدوا فيك الأب المخلص، مجيبًا لمطالبهم، ومحققًا لأهدافهم، وإن حديثهم اليوم أنهم لن يلاقوا متاعب، ولن يصادفـوا عقبات لأنهم قد أحسوا من قرارة نفوسهم أن قائدهم يقظٌ، و موجهُ ركبهم مخلص، ولذلك فمبدؤهم في حياتهم الدراسية “إن الرائد لا يكذب أهله”.يا صاحب الفضيلة: إن الطلاب في هذه المملكة يعبئون الجهود لنهضة، ويجمعون القوى لوثبة، فما تسرح بالطرف في كل ناحية إلاَّ وتجد فيها شبابًا ينبض بالقوة وهو جوهرها. ولا شك أن هذه الطلائع المتقدمة الباسمة ستكون باكورةً لإنتاج جبار، وتمهيدًا لأعمال عظيمة ونواةً صالحة لنهضةٍ علميةٍ شاملةً تمهد لما بعدها حتى تنشأ في وسطها جامعات تكون منهلاً عذبًا، وموردًا فياضًا تمثل هذه الجزيرة في ماضيها الحافل وتاريخها المجيد إن شاء الله.يا صاحب الفضيلة: مادامت المبادئ التي تسيرون عليها تتجاوب أصداؤها مع رغبات أبنائكم، فلا شك أن المستقبل يبشر بنهضةٍ قويةٍ أساسها الإسلام فكرةً وعقيدةً. نهضة تكتسح الخمول والكسل والجهل. نهضة ترفع راية الجزيرة العربية مجددة لها أيامها الإسلامية الخالدة. تلك الأيام التي كانت بسمةً في فم الزمان. نهضة تنبع حيث أشرقت شمس الهدى على عالم حيران يخبط في ديجور الضلالة والجهالة فبددتها وحطمت دعائم أفكارها العمياء مطهرة الإنسانية من أوهام الخرافة، ومخرجة زعماء وقادة أخذوا بالأمة العربية إلى مدارج المجد والخلود، فسجل لهم التاريخ صفحات مشرقة تقرأ على جبين الدهر. وأخيرا كل ذلك ليس ببعيد على ذي العزائم الصادقة.وإليك يا صاحب الفضيلة شكر إخواني الطلاب، وإليك دعاءهم الحار أن يحفظك الله في حلك وترحالك.
محمد بن عبداللطيف آل ملحمطالب ثالث كفاءة بثانوية الأحساء ـ نظام قديم، 1374هـ.
المصدر: كتاب من النشاط المدرسي-ص64-66المدرسة الثانوية بالأحساء، عام/1375هـ، دار مصر للطباعة.

 أضواء على تربيتنا ثالث كفاءة بثانوية الأحساء 

تربية الأطفال هي حديث المصلحين في كل زمان ومكان، حيث يزول عنهم ميلهم إلى الشر ويقوي فيهم ميلهم إلى الخير. نعم، يكثر الحديث في ذلك لأن الأطفال ـ على حد تعبيرهم ـ النواة الأولى والجيل المنتظر لعصر يدعى عصر الفوران والغليان.هذا العصر الذي كاد أن يصل فيه العقل الإنساني إلى مرحلة النضج والقوة.إننا في هذه الجزيرة ساعون لتأدية رسالة نريدها أن تنبع من ذاتنا وتعبر عن وجداننا وعقيدتنا في هذا الوسط العالمي المتلاطم. رسالةٌ نقدمها للإنسانية كأمة مجيدة قد هيأ لها ماضيها المشرف وموقعها الجغرافي أن تقوم بها. وما دمنا عاملين ـ ماوسعنا الجهد ـ من أجلها، فيجب علينا أن نتفهم أسرار القوى التي تهيئنا لبلوغ ما نريد.إن نقطة الانطلاق التي نسعى لها لا تبدأ إلاَّ بآلة تحركها، وهذه الآلة هي ناشئتنا متى وجهناهم. فهم جذور نهضتنا وأساس وثبتنا، وما منا نصبو إلى ذلك فيجب أن يكون الأساس قوى الأركان متين البنيان.إن جيلنا الصغير ـ وناشئتنا الفتية ـ تحتاج إلى رعاية وتوجيه، فلذا يجب أن نسخر قوانا من أجل تربيتها وتوجيهها حتى يشرئب بالإيمان والحزم، وحتى تستطيع الوقوف بثبات وقوة فتؤدي رسالتنا وتحمى بيضتنا.إن ذلك لايكون حتى ننظر إليه كنشءٍ مثالي، نستشف من شخصيته الإكبار والإعجاب، وكنشءٍ مثالي نحترم منه آماله وعزمه ونحترم فيه إيمانه العميق برسالته.إن ناشئتنا تحتاج إلى قيادة حتى يصلب عودها، ويثبت جأشها، وتصدق رغبتها، لتشق الحياة طارحة الخمول والتواكل، مؤمنةً بعقيدتها التي تدافع من أجلها، متأكدةً أن الحياة حياة القوة، وأن العقل مصدر التفكير والابتكار.يجب أن نبحث لناشئتنا عن تربيةٍ خاصةٍ تنبع من روح رسالتنا. تربيةٌ تتناسب وبيئتنا وتتكافأ وأثرنا. تربيةٌ نستمدها من وحي تراثنا الخالد، وتاريخنا المجيد لنغذي بها مشاعرهم، ونربي مداركهم.إن التربية الذاتية هي أفضل طرق التربية، ولكنها معدومة لدينا. إن التربية الذاتية هي أن يتعلم الناشئ ـ منذ أن يفقه ما حوله ـ كيف يعلم نفسه، وكيف ينمي شخصيته ويرقى ذهنه. حقا إنها تربية مفقودة لدينا، وما دام الطفل يتلقى تربيته الأولية من أم لا تعرف ماهية التربية، فكيف تنمو في أفكاره الفتوة واليقظة والذكاء؟لقد جعل رجال التربية الأم محور الارتكاز في التربية ونقطة الابتداء في التوجيه والرعاية، معترفين لها بمفعولها الكبيرفي حياة الأطفال. نعم، الأم التي يرتشف الطفل منها ـ على حد رأيهم ـ مثله العليا وقدوته الحسنة. الأم التي هي في الواقع مرآة حسه ووجدانه، وصاقلة عواطفه وشعوره. على هذا الأساس تجد الطفل منذ أن يشم عبير الحياة تتولاه الأم بالعناية والرعاية معتبرةً نفسها أمامه سلطة رئيسية تهيمن عليه في كل اتجاهات طفولته، ولها أثرها المباشر في شخصيته وآماله ومستقبله. يقول نابليون: ” إن المرأة التي تهز المهد بيمينها تستطيع أن تهز العالم بيسارها”. حقا إنها فلسفة عميقة. كيف لا يكون ذلك صحيحا والمرأة تمد الطفل منذ نعومة أظفاره أبلغ الدروس وأقواها تأثيرًا.إن الطفل في حد ذاته يخرج إلى الحياة وقد تهيأت غرائزه لتتقبل ما يلاقيها، ولذلك يمكن توجيهه توجيها حسنا، ولاشك أن صلاح المربي في عقيدته وعمق فهمه لتربيته له أثره المباشر في غرائز الطفل وتنميتها. إن الطفل ـ كما يقال ـ جوهرة إذا اعتني بها منذ صيدها تبقى على صفاتها وجمالها، وكالغصن المائل، إن ترك مائلاً فسينمو مائلاً، فإن أقيم اعوجاجه فسيصلح.الأم عاملٌ مهمٌ في بناء كيان الطفل، فهي مدرسته الأولى عندما تشعره بمعاني الشجاعة والإقدام متكافئة مع مواهبه، وحين تعرف بدافع من ثقافتها الحية ونظرتها الثاقبة موقفها الحقيقي تجاه مصيره تكون قد ساعدته، كل ذلك مادام في حدود البيت. البيت المحكم الذي ينشأ وينشأ فيه معه الرباط العائلي، تمسكه نظم وقواعد تصدرهما الأم، وتكون تلك النظم والقواعد مصدرًا أساسيًا من مصادر التربية المنزلية في حياة الطفل منذ حداثتها. نعم البيت الذي يعيش فيه الطفل صغيرًا، فشابًا، وهو يتأثر به وبتنظيمه، فإذا كانت ربة البيت على جانب كبير من الثقافة تجد بيتها فنيًا جميلاً في ترتيبه وتوزيع الأثاث فيه، وكل اهتمام توجهه إلى بيتها معناه اهتمام بالسلوك والأخلاق، خصوصًا لدى الأطفال الذين يستمدون من العمل في البيت علومًا أوليةً بدائيةً في معرفة الحياة ومعرفة شئونها، وبقدر طرق التنظيم التي يكسبونها من حياتهم المنزلية، تكون حياتهم الخارجية أقوى على تفهم أسرار الحياة. وإذا تعاون البيت بأجمعه على نشر الأفكار الفنية الناضجة والمعاني الموجهة الحية في عقله لا سيما في حركات الأم المنزلية والأب الخارجية، والتي ستكون أقوى مثل يدفع الطفل أن يقلدهما، على شريطة أن تكون تلك الحركات صادرةً من روح تلك المعاني والأفكار مطبقة تطبيقا حكيما. فإن كانت الأم أو الأب يوجه الطفل دون أن يعمل بمقتضى تلك الأفكار، فإن الطفل لا يتقبل ذلك نظريات جامدة، لأنه يعيش في بيئة يعيش فيها أبوه وأمه، وهو بطبعه أو بحكم إنسانيته سريع التأثر والإحساس. والطفل يتأثر بسلوك الأم العام ـ مهما كان نوعه ـ لأنه يأخذ كثيرًا من مظاهر حساسيتها ويقلدها في كثير من مواقفها، فإذا كانت سلبية في كل توجيهاتها، فإن الطفل لا يبالي بها ولا بتوجيهاتها، ولذا وجب على الأم أن تجعله في جوٍ مرنٍ متفائل مملوء بالحب يلائمه في تربيته وتتفاعل مع روح ابنها في ذلك الجو النشيط، وحتى تتمكن ـ إن كانت واعية ـ أن توقد أمام ميولاته مشاعل القوة، وأن توحي إليه بمعاني الفتوة فيتصورها، ولكي يواجه الحياة بعدها بعينٍ مبصرةٍ ونفسٍ قويةٍ تنبض بالجهاد والكفاح.إن الطفل ينشأ في وسط عائلي، وهو في هذا الوسط يشب ويترعرع، وبقدر قوة الثقافة التي يتمتع بها هذا الوسط يكون استعداد الطفل لتقبل الثقافة الخارجية، ومادامت الأم الراعية الأولى لتربية الطفل، فإنها ستغذيه غذاء ماديًا وروحيًا، ثانيهما بوساطة العقل. ويختلف المقياس الحقيقي لثقافة الأم في المجتمعات المختلقة، فإن كانت معدومة الثقافة فإن الطفل سينخرط في سنواته الأولى من حياته يلعب ويلهو دون نفع ودون أن يكسب ربحًا تربويًا، وإن كسب شيئًا فلن يتعدى معرفته كيف يأكل، وكيف يضع لقمته في فيه، وكيف يشرب وينام، مع أن تلك أمور سيتعلمها بطبيعته. وعلى هذا الأساس تنعكس تربية الأم الجاهلة على ابنها، فيكون على شاكلتها، مشلول التفكير والفهم، يعيش بغرائزها وعواطفها، ولا يعرف أخطاءه حتى تصدمه الحياة وتحطمه.هذه هي سر مشكلة الطفل عندنا حينما يدرج إلى الحياة شابًا، ثم يحس بضرورة التعليم في سنٍ يصعب فيها التعلم، وفي سنٍ يمنعه تمامًا من التعلم. ومن هنا يتأكد أن مصدر تأخره هي الأم التي تعهَّدته وقادته بقدوتها العكسية وتعليماتها الخاطئة.هناك ظواهر كثيرة وأمثلة عديده تمثل لنا ـ على مسرح الحياة الواسع ـ أساطير بالية تعيش في هذا العصر مصانة، وقد اتجه إليها النشء في الماضي القريب، ولا تزال آثارها تدور وتجول تبحث عن مقرها، وقد وجدت لها أنصارًا واتباعًا. فمن تلك الظواهر الاكتفاء الذاتي من الحياة والعيش في أبراج عاجية، وبذلك يؤثر الطفل حب السكون لانطوائه على نفسه، وتنشأ هذه الظاهرة في وسط طبقة معينة. وهناك من يتعهَّده الشارع بالتربية والتوجيه، فيشقى في حياته وفي مستقبله. وهكذا تجد تينك التربيتين: العاجية، والشارعية وما دار حولها، تربيتين زائفتين تقتلان في الإنسان مقومات الشخصية والنبل والخلق، وتدفنان في مستقبله الطموح، وتنميان التواكل والأنانية، وتوجدان الخرافة والأوهام. نعم الخرافة التي قاس منها آباؤنا الأمرَّين، الخرافة التي ما زالت تنبعث، ولها مجال كبير تحيا فيه، وبها أوكار وخلايا تقطن فيها، وحريٌ أن تكون بعض العقول أوكارًا لها مما سببت تداعي التربية في الماضي.أتذكر قصةً قصيرةً في هذا المجال: هي أن طفلاً عمره عشر سنين قد نزل في يومٍ مَّا من الطابق العلوي بوساطة سلم، وقد أحس في أثناء نزوله بتعبٍ تافهٍ بسيط، وبإحساسه به سرعان ما ذهب مُشْعِرًا أمه، ولرداءة عقلية أمه الجاهلة وتحجرها ثارت، ولا أخالها إلاَّ “زوبعة في فنجان” ثارت من أجل شكوى الطفل السخيفة، فذهبت بانفعالاتها، وتوتر أعصابها، إلى الخادمة التي تلقت منها السب والشتم، الأمرُ الذي جعلها تنسى وجودها للذنب الذي اقترفته. الذنب الذي تراه كبيرا، وذلك أن الخادمة تركت الطفل ينْزل وحده، ويعتمد على نفسه بدلاً من أن يكون محمولاً، وكان الواجب ـ في نظر الأم ـ أن يحمل على الأكتاف مكرمًا ومنعَّمًا بالراحة والسرور.هذه القصة الصغيرة تعطينا صورة واضحة من صور الجهالة في الماضي، ولاشك أن هذه الصورة وأمثالها تشعرنا بما للتقاليد وتسلط الجهل من مفعول كبير. حقا، إن الأم قد تجعل من ابنها رجلا قويا بما تنشره أمام أفكاره من صور النضال والجهاد، وقد تجعله جبانا، وقد تجعله ضعيفا بما تكسبه وتغذيه به من صور الخمول والجمود.إن تربية كتلك تعود الناشئ – حينما يقع في شراكها- على الخمول وتسبب له الاستكانة وتعلمه من الحياة جانبها المادي الترف، وكأنه محصور في الفراش الوثير المهيأ والأكل. وحقا فلقد صدق حافظ حين قال:
من لي بتربية النساء فإنها …… في الشرق علة ذلك الإخفاقالأم مدرسة إذا أعددتها…… أعددت شعبا طيب الاعراقالأم روض إن تعهده الحيا …… بالري أورق أيما إيراقالأم أستاذ الأساتذة الألى…… شغلت مآثرهم مدى الآفاق
ولأثرها السئ فإنها محاطة بالحفاوة والتقديس، حاول الآباء مااستطاعوا أن يخلفوها إلى أبنائهم بمساوئها، وكأنها ميراث يجب المحافظة عليه والحرص على توزيعه وتنفيذ أحكامه. وهكذا يساق الأبناء إلى الجمود- من حيث لايشعرون- ويساقون إلى تيارات الضعف وأساليبه وإلى الخنوع والأبهة، بعيدا عن حقائق في الحياة أفضل وقيم أحسن لايتمكنون من الوصول إليها، لأن طاقتهم الفكرية أقل من أن تهضمها، وعلى هذا الأساس تجد النشء في المجتمعات المتخلفة مثلا سيئا في كل اتجاهاته وتصرفاته، خارجا إلى الحياة أعزل من السلاح إلا سلاح الحياء والخجل، أعزل من الطموح، وأعزل من الكفاح، مترددا متسائلا قلقا.وكثيرا ما يحرص بعض الآباء على إرضاء أبنائهم في تسهيل كل شئ لهم ولو كان تافها، أو إرخاء القيادة لهم في سن لايستطيعون أن يتصرفوا فيها بأنفسهم. إن هذه النظرية التي يتبعها الآباء نظرية مريضة خاطئة، تمثل التدليل في صوره الواسعة، وتمثل سوء التربية في أبشع صورها. وكمثل القصة التي سبق ذكرها والتي تصور لنا أن التعب في نظر الطفل خرافة، بينما التعب وتحمل المشاق من علامات الاعتماد على النفس والنشاط والقوة.إن الأمور المحطمة للنفس، كثيرة وتنبت دائما تحت ظلال الجهل الداكنة وتحت سمائه، فحيث وجد الجهل وشروره وجدت تلك الأمراض والثعابين المبيدة. حقا إن الجهل أنتج لنا مشاكل كثيرة لاسيما في الطفولة، فمن شعور بالنقص إلى عدم ثقة بالنفس، ومن خوف وخجل إلى اضطراب وتردد، ومن ضعف وفشل إلى تأخر وجمود. هكذا مصير البيئة المحاطة بالجهل والمصونة بالاستكانة والجمود، ومن هنا تجد العواطف هي التي تحرك نشأنا، والاتجاهات والميول هي العواطف التي يتحرك بها، وحينما تكون تلك العواطف تافهة في قيمتها فإنه يتحرك ويتوجه إلى مصيره، حيث يجد كساده وبواره وتأخره، حيث يجد حتفه وموته يلاقيه مرتاح البال قرير العين.إن الأم هي التي تحرك في الفتى عواطفه وتكسبه روح الكفاح والجد، بل هي التي تهيئه للمدرسة: مدرسة الحياة يخوض غمارها ويكافح فيها، وبقدر قوة الأم في ثباتها وحزمها يكون مقدار قوة ابنها في ثباته في حياته وحزمه في أموره.حقا إن الأم تحمل رسالة، وبقدر حرصنا على حفظ الرسالة التي تحملها يكون حرصنا عليها، لا لأنها امرأة تخرج للحياة شبابا، وتتوقف قوى الشباب في حركته على قوى حركات الأم في منزلها، ولذا وجب على الأمهات أن يكن- بحق- واعيات لحقائق الحياة التي يوجهن إليها أبناءهن وفلذات أكبادهن، وأن يعرفن أسسا من التربية تساعدهن في حياتهن المنزلية وقليلا من التعليم.حقا إن مشكلة تربية الطفل صعبة، وهي صعبة في كل زمان ومكان تكاد تكون عند رجال التربية أهم مرحلة من مراحل النمو، لأن وقوف الطفل حائرا في حياته يسبب له الانهزام والاضطراب والفشل صغيرا وكبيرا.والآن ونحن نؤمل في الناشئة أن تعبر وتكون في الطليعة وأن تتقدم نضع الآمال في رجال التربية والمصلحين، وبالإشراف على الأطفال منذ ولادتهم، وأن يرفعوا النقاب عن أسرار التربية التي تمر بهم، وأن يحاولوا بفهمهم الواسع وتفكيرهم العميق معرفة مصير أبنائهم، وأن يسدوا كل نقص ويداووا كل جرح، وأن يعملوا بدافع من إيمانهم برسالتهم وإخلاص ضمائرهم وبدافع من نزاهة الأمانة المعلقة عليهم، أن يوجهوا مجتمعهم في ناشئتها مهيئين لهم الفرص وباحثين عن مقوماتهم وعن عناصر تكوين بيئتهم التي تحيط بهم وعن الأشياء التي تؤثر فيهم وأثرت فيهم، فيضعون أسسا للتربية تناسبهم وتتكافأ مع توازن حياتهم التي يتجهون إليها. ولاشك أن دور حضانة أو رياض أطفال حين تؤسس تكون خطوة عملية في هذا السبيل، وإن فعلوا ذلك فقد أدوا أمانتهم ووجهوا أبناءهم، ولو عرفوا بعدئذ مصادر الأمراض الأساسية فاقتلعوا جذورها وأصلحوا من شأنها، لأمكنهم أن يخرجوا نشئا قويا مثقفا، يفقه الحياةعقيدة وأهدافا، ويكون قوة معبأة في هذه الحياة، تراعي له كرامته وقيمته، وليس ذلك ببعيد إذا تضافرت الجهود وخلصت النيات.
بقلم الطالب محمد عبد اللطيف الملحمثالث كفاءة بثانوية الأحساء، 1374هـ،
المصدر: كتاب ألوان من النشاط المدرسي- ص/75 ـ 08المدرسة الثانوية بالأحساء، ، دار مصر للطبتاعة، 1375هـ.


الناشر: كتاب ألوان من النشاط المدرسي- ص/75 ـ 08

تاريخ النشر: 1374هـ
أضواء على تربيتنا بقلم الطالب محمد بن عبداللطيف آل ملحمثالث كفاءة بثانوية الأحساء(1374هـ)

حوار حول الشعر الحر (4): الدكتور الملحم ناقدا أدبيا

عميد كلية التجارة الدكتور الملحم، يصر دائمًا على مهاجمة الشعر الحديث.. وهذا من حقه ـ بطبيعة الحال ـ لأن صراع القديم والجديد ليس مستحدثًا على الأدب العربي منه والعالمي. ولكن الذي ليس من حقه هو أ يهاجمه لأ جديد فقط.الدكتور كتب مقالاً في الزميلة “اليمامة” فهم منه القارئ أنه قد ذهب من كلية “التجارة” إلى كلية “الآداب” ليلقي هناك محاضرةً، وأن الدكتور يكره الشعر الحديث. ولو اكتفي الدكتور بهذا لقلنا أن سعادته ساهم في توفير الورق وأدوات الطباعة الأخرى.. لكنه طلب مطلبًا غريبًا.. أن يعطى ديوانان من الشعر الحديث حيث سيدرسهما ويكتب عنهما دراسة نقدية (عندما يتوفر لديه الوقت).. عجيب!!!هل يعني هذ أن الدكتور لم يقرأ بعد أي نموذج من الشعر الحديث؟ وإذا كان قد قرأ فهل يعنى هذا أن النماذج التي اختارها الدكتور لم تشبع نهمه في البحث (العلمي) الذي هو رائده؟يخيل إليَّ أن الإجابة مختلفة عن مضمون هذين السؤالين، وتتركز في أن هناك اختلافًا في مفهومه للشعر الحديث عن المفهوم الذي يعرفه الذين يمارسون كتابة هذا الشعر كتابةً جيدةً. وإذا كان الدكتور يطلب ديوانين من الشعر الحديث ليدرسهما فانني مستعدٌ لإهدائه أيضًا عشرة دواوين من الشعر التقليدي ليقول لنا رأيه فيها.في اعتقادي أن الشعر الجيد يظل كذلك مهما كان الاطار الذي وضع فيه، وأن الشعر التافه يظل كذلك حتى لو كان عموديًا من النوع الذي يفضله الدكتور ـ ومعارضًا لامرئ القيس نفسه.هل يريدني الدكتور أن أستشهد له بنماذج من الأمسية الشعرية التي نظمتها الجامعة أخيرًا أم يكتفي هو بإعادة النظر في موقفه على ضوء دراسة جادة مستوحاة من دراساته وروح البحث العلمي التي يعلمها لطلابه في “الآداب” و”التجارة”.


الناشر: جريدة الجزيرة

– العدد:857

تاريخ النشر: 26/2/1394 هـ
الدكتور الملحم ناقدا أدبيا..! تعليق منشور في آفاق أدبية بجريدة الجزيرة، العدد رقم 857، 26/2/1394 هـ بقلم إسماعيل كتكت.