كلمة د. الملحم أمام لقاء الرعيل الأول لخريجي مدرسة الأحساء الابتدائية الثامن

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وأصحابه، وبعد:الأخوة الزملاء “الرعيل الأول” وأبناءهم وأحفادهم وأسباطهم
الأخوة الحاضرون من الضيوف من غير خريجي المدرسة:
الأخ الزميل/عبدالله بن سلطان السلطان راعي اللقاء الثامن:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أودُ أن أبدأ كلمتي بأبيات للشاعر الجاهلي الْجُشَمِي “دريد بن الصمة” من قصيدةٍ يرثي فيها أخاه: يقول “دريد”:أَمَرْتُهُمُ أَمْرِي بِمُنْعَرَجِ اللِّوَى ــــ فَلَمْ يَسْتَبِينُوا النُّصْحَ إِلاَّ ضُحَى الْغَدِفَلَمَّا عَصُونِي كُنْتُ مِنْهُمْ وَقَدْ أَرَى ـــ غِوَايَتُهُمْ وَأَنَّنِي غَيْرُ مُهْتَدِوَمَـا أَنَا إِلاَّ مِنْ “غُزَيَّةَ” إِنْ غَـوَتْ ـــــ غَوْيتُ وَإِنْ تَرْشُدْ “غُزَيَّةَ” أََرْشُــدِ
ومناسبة إيراد هذه الأبيات هي أنها ذات صدىً للسنين الخوالي.
لقد ألقيتُ في اللقاء الخامس للرعيل الأول كلمة بعنوان: الماضي والحاضر والمستقبل حلقاتٌ ثلاثٌ تتداخل ولا تنفصل، وقلتُ فيها: وصلُ الماضي بالحاضر مهمةٌ صعبةٌ، وأصعبُ منها وصل الماضي بالمستقبل.
وتساءلتُ: هل من الممكن أن يتم ذلك الوصل عبر الحاضر بما يمثله من نشاط وحيوية ومتاهات لا حدود لها؟
الماضي والحاضر والمستقبل حلقات ثلاث بعضها يكملُ البعضَ الاخر.
ونحن الرعيل الأول جيل الحاضر ما هو الدور المطلوب منَّا عمله حتى نُفعِّلَ عملية الوصل والتواصل بين جيل مضى وهو جيل آبائنا بكل ما يمثله من ايجابيات وسلبيات، والجيل الحاضر وهو جيلنا الذي نمثله وما يزخر به من نشاط وحيويه ومتاهات لاحدود لها، وجيل المستقبل وهو جيل أبنائنا وحفدتنا وأسباطنا وهو الجيل الذي يحتاج إلى رؤيةٍ مستندةٍ على تجارب الماضي وتفاعلات الحاضر؟
أليس من واجبنا ونحن نمثل جيل الحاضر، ومن باب الوفاء لجيل الماضي، أن ننقل لجيل المستقبل أحوال الحياة وقيمها التي عاشها وتعايش معها جيل الماضي جيل الآباء والأجداد؟إن استمرارية التواصل تقتضي من الجيل الحاضر أن ينخرط في عملية من طبيعة تأسيسية تتسم بالثبات لربط الحلقات الثلاث ـ الماضي والحاضر والمستقبل ـ بعضها ببعض .
وقلتُ بمناسبة اللقاء الرابع لهذا الرعيل: ويلتقي الصحب من جديد. إنهم طلبة الأمس، ورجال اليوم والغد في جوٍ بهيجٍ ملؤهُ الحبُّ والسرورُ في بلدة “هجر” [الواحة الخضراء ذات الخير والعطاء]، البلدة ذات التاريخ المجيد التي عاصرتْ حضاراتٍ وثقافاتٍ قبل الاسلام وبعده، وتساءلتُ لماذا هذا التجمع؟ وأجبتُ أنه لتجديـد ذكريات الأمس العبقة التي ظلَّت ولا تزال عالقةً بأذهاننا مهما تغيرت الأحوال، وتعاقب الليل والنهار.
إنه لتجديد ذكرى مدرسة نحنو عليها وهو حنانٌ أشبه بحنان الأمِ على أطفالها، ورأيتُ أنه من المهم أن أتحدث آنذاك عن حقيقة ذات وجهين: الوجه الأول إيجابي: ويتمثل هذا الوجه في هذا التجمع الذي لا يزال صامدًا سنة بعد أخرى منذ أن أُعْلِنَ عن تجمعه الأول، ولأول مرة، في مزرعة الزميل “سعد الحسين”، والوجه السلبي: ويتمثل في الاعلان بعد حين، وإن كنتُ آمل أن لا يحدث ذلك، عن إقامة مأتم عزاء أخير يَتُمُّ فيه تأبين هذا التجمع، ووضع نهاية له وذلك لأسباب منها، ولعل من أهمها، أن هذا التجمع قـد ابتعد عن أساس وجوده فهو يلتقي الآن في مكانٍ بعيدٍ عن المكان الذي رَضَعَ فيه العلم، وهو مبنى مدرسة الهفوف الأولى الذي كان من المفروض من هذا التجمع أن يكون حاضرًا في ساحتها، وبين جدرانها، وفي قاعاتها يرصد أحوالها ذات الماضي العريق، ويضيف إليها أمجادًا جديدة من عنده.وكنتُ دعوتُ عن تأسيس لجنة تسمى “رابطة خريجي مدرسة الهفوف الأولى إبتدائي ومتوسط وثانوي”، وأعلنتُ ميثاقها أمام تجمع الرعيل في لقائه الرابع في هذه القاعة لتتحمل هذه الرابطة مسؤولية التواصل في مقر المدرسة نفسها، ولا مكان غيره كبديل عنها، وبمعنى حتى لو التقينا بها فلا مانع من استخدام المداد والزل والدواشك والمساند والسفر كرموز لتاريخ عبق.
ونُشِرَ ميثاقُ الرابطة بجريدة اليوم العدد رقم 11662 وتاريخ 12/ ربيع الأول/1426هـ. ما كنتُ أتصورُ أن مجرد الحديث عن هذه اللجنة وميثاقها لم يكن إلاَّ كالحلم العابر، أو كان بمثابة كلام الليل يمحوه النهار. والسؤال الذي يطرح نفسه لماذا لا تُفَعَّل هذه الرابطة إذا كان هدف الوصل والتواصل قائمًا في أذهان هذا الرعيل؟
لماذا يكتفي هذا الرعيل عند تجمعه بلقاءٍ عابرٍ خلال ساعات تُتبادلُ فيه التحيات، ويُتناولُ فيه الطعام والمرطبات بعيدًا عن مقر المدرسة الأم؟
وكان آخر لقاء حضرتُه شخصيًا هو اللقاء الخامس. أما اللقاء السادس والسابع فلم أحضرهما للأسباب الواردة أعلاه، وأعتذرُ في ذلك للأخوين الزميلين: “إبراهيم بن عبدالعزيز الطوق” رمز اللقاء السادس، و”عبدالرحمن بن سعد الراشد” رمز اللقاء السابع.واليومُ أَحضرُ اللقاء الثامن الذي دعى له الزميل “عبدالله بن سلطان السلطان” على سبيل الإستثناء، وللأسباب التالية:
1 ـ وضعُِ مدرسة الهفوف الأولى الحزين منذ صدور كتابي “كانت أشبه بالجامعة” هَمٌ شغل بالي.
2 ـ إلحاح الإخوة الزملاء: محمد بوعايشة، وحمد بن صالح الحواس، وعبدالعزيز بن محمد الجندان وغيرهم لعملِ شئٍٍ مَّا من أجل المدرسة أجَّج كوامن الرغبة في نفسي للإستجابةِ لما طلبوه.
3 ـ زرت المدرسة في 21 من شهر الحجة الماضي عام 1430هـ، فوجدتُها أُمًا ثكلى خاويةً على عروشها قد فقدتْ فلذات كبدها.
4 ـ ولما أعلمه من رعاية صاحب السمو الملكي الأمير “سلطان بن سلمان بن عبدالعزيز” للمدرسة باعتباره رئيسًا لمؤسسة التراث وهو الآن، إلى جانب مؤسسة التراث، الرئس العام لمؤسسة السياحة والآثار فلقد بعثتُ له برسالة ذات رقم وتاريخ عن وضع المدرسة بعد نقلها إلى الهيئة العامة للسياحة والآثار، ومستفسرًا عن مآل هويتها القانونية كمعلم حضاري. استجاب سموه متصلاً بي على الفور حيث هاتفني منوهًا عن أمور عن المدرسة أثلجتْ صدري كما يقال في المثل. ولم يكتف سموه بذلك حيث بعث لي برسالة رسمية برقم 1153 وتاريخ 9/2/1431هـ ضمَّنها اعترافًا منه باعتباره الرئيس للهيئة العامة للسياحة والآثار، وكذا بتعهدين من سموه. وكلها، من وجهة نظري، لها دلالات قانونية بالنسبة للوضع القانوني للمدرسة. أما الإعتراف فهو اعتبار مدرسة الهفوف الإبتدائية أحد المعالم التاريخية في المملكة العربية السعودية. وأعتبرُ شخصيًا أن هذا إنجازٌ كبيرٌ ليس لصالح المدرسة، بل وتتويجًا لكتابي “كانت أشبه بالجامعة” عن المدرسة التاريخية العتيدة نفسها. أما التعهد الأول فهـو أن المدرسة محل اهتمام سموه الشخصي. ومغـزى هذا التعهد هو أن المدرسة كانت فيما سبق محل رعاية مؤسسة التراث التي كان يرأسها سموه ولا يزال يرأسها. ومحتوى التعهد الثاني، وهو غال وثمين ومهم للغاية للمدرسة، فمحتواه هو أن “الهيئة العامة السياحة والآثار” مهتمةٌ بترميم المدرسة وتأهيلها. أيها الرعيل الأول لعلكم تسألون عماذا بقيَ؟
ما بقيَ هو أن سموه أنهى رسالته قائلاً لي: وستزال كافة العقبات التي تحول دون إنجاز هذا المشروع الذي صفه سموه بأنه هام.
وهكذا أصبحت مدرستنا على لسان مسؤول: مشروع مهم ومعلم تاريخي.ولِيعلمَ الرعيل الأول أن اتصلاتي مع سمو الأمير سلطان متواصلة شخصيًا ورسميًا بشأن أمور أخرى تتعلق بالمدرسة، وسيُعلن عن هذه الأمور في حينها. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،،،

_____________________

المقالة | كلمة أمام لقاء الرعيل الأول لخريجي مدرسة الأحساء اإبتدائية الثامن المقالة | كلمة أمام لقاء الرعيل الأول لخريجي مدرسة الأحساء اإبتدائية الثامن
الكاتب: معالي الدكتور محمد بن عبداللطيف آلملحم
الناشر: تاريخ النشر: 4/3/2010م
الرابط:

الكلمة التي ألقاها معالي الدكتور محمد بن عبداللطيف آل ملحم وزير الدولة وعضو مجلس الوزراء السابق وخريج مدرسة الهفوف الإبتدائية عام 1371هـ أمام اللقاء السنوي الثامن للرعيل الأول لخريجي مدرسة الهفوف الأولى بفندق الأنتر بمحافظة الأحساءفي يوم الخميس 18/3/1431هـ الموافق 4/3/2010م

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.