يقع جبل “القارة” في شرق مدينة الهفوف، حاضرة الأحساء على بعد ثلاثة عشر كيلو مترا تقريبا. ويعتبر هذا الجبل من أشهر المعالم الأثرية في الأحساء ان لم يكن أشهرها على الاطلاق. واتخذ هذا الجبل اسمه من اسم أكبر قرية مجاورة له وهي قرية “القارة” ان لم يكن العكس، كما كان يسمى قديما بأنه جبل بالبحرين يتبرد بكهوفه. وقال عنه صاحب كتاب تحفة المستفيد حديثا بأنه الجبل المعروف الآن بالأحساء بجبل القارة. وحظي هذا الجبل كأثر تاريخي في الأحساء بالذكر والاشادة في كتب التاريخ والجغرافيا والأدب. وحيكت حول هذا الجبل قصص بعضها خرافية. ولقد تميز هذا الجبل بميزتين كان بسببهما، كما يقال، من عجائب الدنيا. الأولى كون كهوفه ومقاراته وممراته ذات دفء في الشتاء وبرودة في الصيف مما جعله من أهم المنتجعات التي يؤمها أهالي الأحساء ومن أقام أو عبر بها طوال فصول السنة. والميزة الثانية أنه لا يعيش بداخل هذا الجبل أي من الزواحف أو الهوام أو الحشرات. وهو كبير ذو تعرجات وتحيط به وحوله ومن فوقه وعلى جوانبه كتل من الصخور ذات أشكال هندسية صمدت في وجه الأعاصير وتوالي الملوين.ويقع هذا الجبل وسط غابة من النخيل والبساتين والمزارع بحيث في امكان من يصعد الى قمته أن يستمتع، في سكون وهدوء تأمين، بجمال منظر واحة الأحساء الكبرى المترامية الأطراف.ويسمى جبل “القارة” عند الأقدمين بجبل “الشبعان” أو “الريان”. وعاصر أحداثا على مر الأزمان. وباعتباره منتجعا حيويا لأهالي الأحساء طوال السنة فكثيرا ما تردد عليه فيما مضى بعض الصائمين حينما يكون شهر رمضان في فل الصيف وذلك قبل استخدام وسائل التكييف الحديثة بالمنازل. وجاء في نشرة لبلدية منطقة الأحساء ما مفاده أن جبل “القارة” يتميز باعتدال جوه حيث يكون باردا معتدلا صيفا وداافئا شتاء. وأنه يزدحم بالمصطافين على مدار السنة من داخل وخارج منطقة الأحساء. كما تم تزويده في الآونة الأخيرة بالتيار الكهربائي، وأضيئت منطقته، وأنشئت مواقف للسيارات بساحته، وسوي الطريق المؤدي اليه.ومن أحسن الكتب التي وقعت في يدي متناولا جبل “القارة” وقراه هو كتاب “واحة الأحساء” تأليف السيد ف. ش. فيدال.وقد تغنى بهذا الجبل العملاق الشاعر محمد بن عبدالله بن حمد آلملحم الذي يقول عنه في احدى قصائده:
قر في “القارة” العريقة معنى ….. عند مغنى النخيل وافي العهودهو مصطافنا الفريد المعاني ….. وهو مشتى إن زاد لسع الجليدأعجب السبع في العجائب طرا ….. فاق في سره العجيب الوحيدصنعة الله لم تكن نحتته ….. يد هذا الورى بطول العهود ومعظم من تعرض لجبل “القارة” وقراه من باحثين أفاد بأن الجبل محاط بأربع قرى وهي “القارة” و”الدالوة” و”التيمية” و”التوثير”، وكان من أقدمهم السيد فيدال الذي يرى بأنها أربع قرى حيث ذكر في كتابه بأن القرى الأربع ذات ميزات مشتركة مما مكنه (أي السيد فيدال) من وصفها كمجموعة. وفي هذا المجال أفاد السيد فيدال أن كل هذه القرى قد بنيت عند قاعدة منحدر الهضبة اذ تقع قرية “القارة” قبالة هضبة كثيرة الصخور والأطراف المنحدرة المنفصلة قليلا عن الكتلة الرئيسية للجبل، أما القرى الثلاث الأخرى فقد بنيت عند منحدر الكتلة الرئيسية للجبل. وأضاف السيد فيدال بأن جميع القرى مسورة رغم أن أسوارها لم تبن خصيصا لهذا الغرض مما جعلها توصف أحيانا بأنها غير مسورة. أما الشاعر محمد بن عبدالله بن حمد آلملحم فيفيد في بيت واحد من قصيدته عن جبل “القارة”، وهي القصيدة التي ذكرت أبياتا منها أعلاه، بأن قرى الجبل سبع دون أن يذكر أسماءها في القصيدة. وبعد البحث والتقصي تبين لي أن الشاعر كان محقا في قوله حيث أن قرى جبل “القارة” سبع وهي “القارة” و”الدالوة” و”التويثير” و”التيمية” و”الوسيلة” و”الرميلة” و”غمسي”. وفي بيت واحد وصف الشاعر محمد بن عبدالله آلملحم قرى الجبل بالغيد الفواتن:ومعظم من تعرض لجبل “القارة” وقراه من باحثين أفاد بأن الجبل محاط بأربع قرى وهي “القارة” و”الدالوة” و”التيمية” و”التوثير”، وكان من أقدمهم السيد فيدال الذي يرى بأنها أربع قرى حيث ذكر في كتابه بأن القرى الأربع ذات ميزات مشتركة مما مكنه (أي السيد فيدال) من وصفها كمجموعة. وفي هذا المجال أفاد السيد فيدال أن كل هذه القرى قد بنيت عند قاعدة منحدر الهضبة اذ تقع قرية “القارة” قبالة هضبة كثيرة الصخور والأطراف المنحدرة المنفصلة قليلا عن الكتلة الرئيسية للجبل، أما القرى الثلاث الأخرى فقد بنيت عند منحدر الكتلة الرئيسية للجبل. وأضاف السيد فيدال بأن جميع القرى مسورة رغم أن أسوارها لم تبن خصيصا لهذا الغرض مما جعلها توصف أحيانا بأنها غير مسورة. أما الشاعر محمد بن عبدالله بن حمد آلملحم فيفيد في بيت واحد من قصيدته عن جبل “القارة”، وهي القصيدة التي ذكرت أبياتا منها أعلاه، بأن قرى الجبل سبع دون أن يذكر أسماءها في القصيدة. وبعد البحث والتقصي تبين لي أن الشاعر كان محقا في قوله حيث أن قرى جبل “القارة” سبع وهي “القارة” و”الدالوة” و”التويثير” و”التيمية” و”الوسيلة” و”الرميلة” و”غمسي”. وفي بيت واحد وصف الشاعر محمد بن عبدالله آلملحم قرى الجبل بالغيد الفواتن:طوق الطود بالقرى السبع طوقا بســروب من الفواتــن غيـــدوفي وصف فني دقيق لجبل “القارة” يقول السيد فيدال بأن الجبل يعد “أعلى مرتفع داخل المنطقة الزراعية في الأحساء، اذ يبلغ ارتفاعه حوالي 680 قدما فوق مستوى البحر. يمكن الوصول الى قمة الجبل المسطحة بسهولة من نقاط قليلة ويستحيل الوصول اليها من أي مكان آخر … توجد ظواهر مختلفة على طول حافات جبل القارة سببتها عوامل التعرية، اذ توجد فتحات وأخادير عميقة. وقد تركت العوامل هنا وهناك بلورات مستدقة الرؤوس مستقيمة ودقيقة، كالتي بقيت من معالم السطح في وادي جبال أرزونا، رغم أنها أقل جمالا واثارة مما هو موجود في جبل القارة. وقد أدت عوامل التعرية المختلفة في أماكن عدة الى قطع مغارات طبيعية قليلة مختلفة العمق داخل الطبقة السفلى لجوانب الجبل. يزداد عمق هذه المغارات أحيانا عندما تسقط كتلة صخرية كبيرة من الطبقة العليا الأقل تآكلا أمام الكهف تاركة مدخلا ضيقا للعبور فقط. وأحيانا تسقط عدة صخور أمام كهف من الكهوف تؤدي، وبسبب عمق هذه المغارات ودوران الهواء خلال المغارة، الى جعلها باردة جدا في الصيف. ولهذا السبب كانت مغارات جبل القارة من زمن قديم منطقة مفضلة للراحة من قبل سكان الأحساء. ولكون هذه المغارات تعد أيضا واحدة من أكبر المعالم الجغرافية المتميزة في الأحساء، فقد أصبحت أماكن مفضلة لاطلاع الزوار والسياح عليها.”وفي وصف جميل لكهوف ومغارات الجبل يقول الشاعر الملحم:
فاذا ما به توغلت تلقى ….. من بديع الفنون كل عتيدغرفا زخرفت بشكل جميل ….. سلبت عين ناظر بالخلودمن قديم الزمان ظل رؤاها ….. صامدا للقرون ما من محيدتتعالى بها السقوف العوالي ….. كلما رحت في مسير مزيد
ويختتم الشاعر الملحم قصيدته مشيرا الى ما يذكر من أن قصة الكهف كانت بهذا الجبل:
ذكروا أن فتية الكهف فيه ….. ربما للمناخ فيه الفريدأي سر وأي حسن بذاك ….. الجبـل الساحر الغريب العتيد
وتحدث الشاعر الملحم عن جبل القارة في قصيدة جاء فيها:”
فلو كنت يوما بظل الجبل ….. وحولك بحر النخيل اتصللكنت ترى منظرا معجبا …… يسر النفوس ويسبي المقل
فيا حسنه الحسن ذاك العجيب ….. ويا سره السر ذاك الغريبتوالى الزمان ولما يزل ….. بثوبه ذاك الجليل القشيب
وهب نسيم صباه العليل ….. فأشفى الحزانى وداوى العليلفيا له من كنف ومقيل ….. أبى أن يكون له من مثيل
بجو تكيف مثل الزمن ….. يريح النفوس يريح البدناذا ما قسا الصيف في نفحه ….. وزاد الجليد بحكم السنن
وقالوا بكهفك عين الحياه ….. وعين كأعذب ما في المياهودوحة رمان مغروسة ….. لمن ضل فيه أوانا وتاه
وليس تعيش به الحشرات ….. ولا يسمع الصوت والذبذباتوصخره ذو ملمس ناعم ….. رقيق كمثل أديم النبات
وقد ذكروا بقديم الزمن ….. ثلاث بهن ذهاب الحزنوجلب المسرة في خضرة …… وماء يسيل ووجه حسن
وذلكم كله بالجبل …… بجمع الأحبه فيه اتصلوتلك الخمائل صفت بنا ….. وماء تدفق ينفي الملل
وفي قصيدة بعنوان “قرارة” أحد بساتين الأحساء المشهورة أشار الشاعر الملحم الى جبل “القارة” تحت مسماه القديم “الشبعان” قائلا:
أي بحر لا تشبع العين منه ….. من نخيل ثمارهن تدلىتحت ظل “الشبعان” أجمل ظل ….. سيما في الأصيل والمزن هلا
ويروي الشاعر الملحم واقعة حدثت في عهد جلالة الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود رحمه الله مفادها أن الجراد هدد منطقة الأحساء، وأحيط جلالة الملك عبدالعزيز علما بذلك في حينه، فاستفسر جلالته عن وضع المزارع المحيطة بجبل “الشبعان” (أي جبل القارة)، فقيل له أنها سليمة، فقال جلالته ما معناه بأن الأحساء لم تصب إذن بسوء. وحبر الشاعر قصيدة طويلة جاء في ضمنها هذه الواقعة:
يا وادي النخل بالأحساء يذكره ….. عبدالعزيز ولا ينساه نسيانااذ قيل أن الحسا أضحت مهددة ….. من الجراد الذي قد جاء طوفانافقال في أذن الدنيا مقالته ….. تلك التي حفظ التاريخ إتقاناهل ما وراء جبل “الشبعان” سالمة ….. من القرى فأجابوا أن نعم كانافقال لم تجرد الأحساء إذن أبدا ….. فان شبعانها ما زال شبعانا
الناشر: جريدة الرياض
– العدد:8674
تاريخ النشر: 24/03/1992م