العلاقات العامة (1) 

تندرج العلاقات العامة، باعتبارها وسيلة اتصال بين طرف وآخر، تحت مظلة الاستراتيجية الأيديلوجية. وتتكون هذه الاستراتيجية من وسائل اتصال من طبيعة ذهنية ومادية. ومن هذه الوسائل على سبيل المثال، لا الحصر، العلاقات العامة، وفنون الدعاية، البث المرئي والمقروء والمسموع، ما ينقل عبر وسائط النقل السلكية واللاسلكية والأقمار الصناعية، وما ينقل عبر وسائط النقل البحرية والجوية والأرضية، ومكاتب النشر، وأجهنزة الطبع، وما تعبر عنه الاتصالات الشخصية والزيارات الفردية والجماعية، اليومية والأسبوعية والشهرية، وتوزيع النشرات اليومية والأسبوعية والشهرية، والملصقات، وأشرطة “الفيديو والكاسيت” والجوائز والهديايا.وتبرز العلاقات العامة باعتبارها من أه مكونات الاستراتيجة الأيديلوجية. والعلاقات العامة مفهوم من طبيعة متغيرة بحسب الزمان والمكان والغرض. وللعلاقات العامة طرفان: أحداهما مرسل والآخر متلقي. وبين هذين الطرفين أخذ وعطاء، وتكيف ومواءمة. قد يكون كلاهما شخص طبيعي. كما قد يكون أحدهما شخص طبيعي والآخر شخص معنوي. وقد يكون الطرف المعنوي في شكل جهاز إداري حكومي، أو وكالة خاصة أو عامة، أو مؤسسة خاصة أو عامة، أو شركة، أو جامعة، أو مهنة، أو دولة فدرالية، أو ولاية داخل دولة فدرالية، أو محافظة، أو منطقة أو مقاطعة، أو مركز داخل دولة بسيط’.لكل طرف من هذه الأطراف علاقات عامة ذات محتوى وغرض.وتتحدد أغراض العلاقات العامة في جهاز إداري حكومي في مجموعة أوجه النشاط والفعاليات التي يمارسها هذا الجهاز والتي من أهمها إيجاد صلة مباشرة بين هذا الجهاز والجمهور المستفيد منه وبالأخص إذا كان هذا الجهاز الحكومي من مرافق الخدمات. ومن مهام العلاقات العامة في الجهاز الحكومي ترتيب وتنظيم اتصالات كبار المسئولين فيه مع الغير بما في ذلك تحديد المواعيد، وترتيب أماكن الاجتماعات، وتسجيل وقائع الاجتماعات، وتصنيفها.كانت هذه الأفكار تجول بخاطري قبل أن أبدأ في مطالعة كتاب “أسس العلاقات العامة وتطبيقاتها” للأستاذ الدكتور حمود بن عبدالعزيز البدر عضو هيئة التدريس بكلية التربية بجامعة الملك سعود.(1) أما وبعد أن انتهيت من قراءة هذا الكتاب فلقد وجدت نفسي في خصوص العلاقات العامة مشتت الأفكار، وأن ما تحدثت عنه سلفا في خصوص أغراض العلاقات العامة ليس إلا قطرة في بحر حيث نقلني الدكتور البدر إلى عالم لم يخطر على بالي أبدا.لقد وجدت عملية العلاقات العامة، التي كانت في نظري من البديهيات، عملية معقدة في عالمنا المعاصر المتغير، وأن ممارستها بإتقان من أهم متطلبات النجاح لأعمال واهداف أي طرف من الأطراف التي أشرت اليها سلا.وبما أن مصطلح “العلاقات العامة” من نتاج أمريكي صرف فلقد أولت الموسسات الأمريكية بما فيها الجامعات والشركات عنايتها الخاصة به. ولذا لا مندوحة أن تجد لعلم العلاقات العامة رجاله من كتاب ومؤلفين وبحاثة امثال السادة:1 – دورمان إيتون Doorman Iton2 – إيفي ليد بيتر لي Ivy led Better Lee3 – إدوارد بيرنيز Edward Bernays4 – ركس هارلو Rix Harllowويقف السيد دورمان إيتون Doorman Iton في طليعة رجال العلاقات العامة حيث هو الذي اختار لأول مرة في عام 1288م عبارة “العلاقات العامة” في محاضرة له بعنوان “العلاقات العامة ومستلزمات المهنة” كان قد ألقاها في قسم القانون بجامعة ييل Yale الأمريكية. وتلاه السيد إيفي ليد بيتر لي Ivy led Better الذي وصفه المؤرخون، كما ذكر الدكتور البدر، بأنه أب العلاقات العامة حيث اتخذ شعارا لعملية العلاقات العامة هي عبارة “لا بد من إعلام الجمهور”. وتتلخص فلسفة السيد إيفي لي في مرتكزات ثلاثة هي: الصدق والأمانة والوضوح حتى لو أدى الأمر إلى الإعتراف بالخطأ لأن ذلك أدعى إلى كسب ثقة الجمهور وتعاطفه معه. ويتحدث الدكتور البدر عن ارتباط اسم السيد إيفي لي بأربعة إنجازات مهمة في ميدان العلاقات العامة هي كالتالي:1 – تثبيت مبدأ يقوم رجال الأعمال ورجال الصناعة بتوجيه استثماراتهم فيما يعود بالنفع العام، وليس تسخير المصلحة العامة للمصلحة الخاصة.2 – أن تكون أنشطة (سائر أوجه نشاط) العلاقات العامة مرتبطة بالإدارة العيا، وأن لا ينفذ برنامج منها إلا إذا اقتنعت به تلك الجهة لأنها ستسنده بعد القناعة.3 – إقامة اتصال واع مستمر مع وسائل الإعلام المختلفة.4 – تأجيد النواحي الإنسانية في اعمال المؤسسات، وتحويل العلاقات مع الجمهور والموظفين والجيران إلى علاقة إنسانية حميمة.(2) وتسير القافلة ي مجال “العلاقات العامة” من السيد إيفي لي Ivy Lee إلى السيد إدوارد بيرنيرز Edward Bernays الذي حدد في كتاب له في عام 1923م وظائف العلاقات العامة كما يلي:1 – التكيف Adjustment ويقصد بذلك أقلمة الجمهور بالواقع الذي تعيشه المؤسسة ومن ثم التكيف مع ذلك الواقع.2 – الإعلام Information والذي يعني اطلاع الجمهور على حقيقة ما يجري مما هو في صالح المؤسسة وفي غير صالحها حتى تكون مواقفه تجاهها مبنية على الحقائق.3 – الإقناع Persuasion وذلك بأن تكون الفكرة التي تكونت لدى الجمهور عن المؤسسة مقنعة بحيث تجعله يتمسك بموقفه منها ولا يتحول عنها إلى غيرها. وذلك عن طريق المتابعة المستمرة لتلك العلاقات التي تكونت.(3) وتعقب المؤلف في تسلسل زمني مسيرة مهنة “العلاقات العامة” منذ أن تبلورت معالمها في الفكر الإداري الأمريكي، ومنذ أن أصبح لنفس المهنة مسمى محددا. ولقد احتضنت الجامعات ومعاهد العلم ومراكز إدارات المؤسسات والشركات الكبرى في الولايات المتحدة الأمريكية، ومن ثم في بريطانيا، وفرنسا، وغيرها من الدول الغربية مهنة العلاقات العامة حتى أصبح لهذه المهنة جمعيات على المستوى القومي في هذه الدول. وبعد ذلك تظافرت جهود هذه الجمعيات في عام 1955م حيث أنشأت جمعية العلاقات العامة الدولية التي اتخذت لها من جنيف بسويسرا مقرا لها .(4)يتبـــع
—————هوامش:—————(1) راجع د/البدر، أسس العلاقات العامة وتطبيقاتها، ط/1، 1412هـ، دار العلوم للطباعة والنشر، الرياض، المملكة العربية السعودية.
(2) المرجع السابق، ص/25.(3) المرجع السابق، ص/25ــ26.(4) المرجع السابق، ص/31ــ32.


الناشر: جريدة اليوم

– العدد:7200

تاريخ النشر: 02/03/1993م

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.