كتاب Middle East Oil a Redistribution of Values لمعالي د. محمد الملحم

كتاب : Middle East Oil
تاريخ الاصدار : 1991م
وصف الكتاب :
A Redistribution of Values Arising from the Oil Industry, published by University Press of America, Inc. 4501 Forbes Boulevard, Suite 200 Lanham, MD 20706, U.S.A.

متوفر في : مكتبة المريخ , الرياض

Middle East Oil a Redistribtion of Values by Dr Mohammad Almulhim

تعليق على مقالة: تكريم معلم (3)

(3) مساحة للتفكيرد. الملحم المعلمبقلم الأستاذ الدكتور محمد بن سليمان الأحمد
في هذه الزاوية تحدث معالي الدكتور محمد الملحم عن المربي الفاضل الأستاذ عثمان الصالح. وما دام الشيء بالشيء يذكر كما يقولون فلا بد من كلمة وفاء وتقدير للمعلم الجامعي الدكتور محمد الملحم نفسه.إذ كان هو شخصيًا أحد أعضاء هيئة التدريس في جامعة الملك سعود ـ الرياض سابقًا ـ وكنت أحد الطلاب الذين تلقوا المعرفة على يديه.وقد يستغرب البعض علاقة الإعلام ـ تخصصي ـ بالقانون ـ تخصصه ـ أن من أهم المقررات التي يجب أن يلم بها طالب الإعلام القوانين الدولية ـ في العلاقات والقوانين والأنظمة التي تعالج هذه العلاقات بين الدول، ومن ضمنها دون شك قوانين استخدام الموجات والفضاء الخ.ولقد كان د. الملحم يقطع المسافة بين عليشة مقر كلية التجارة سابقًا العلوم الإدارية والملز مقر كلية الآداب ليلتقي مع طلاب قسم الإعلام، ومع الدفعة الأولى من طلاب هذا القسم ليحاضر عليهم عن الأنظمة والقوانين التي تحكم الكثير من الأوضاع الدولية.وكان الدكتور الملحم كأي “معلم” من يرتاح لطريقة تعليمه ومن لا يرتاح ولو أن المجموعة الأولى تتفوق على الثانية بكثير لما عرف عنه من حب للنقاش، ومن إصرار على أن يطرح كل طالب ما يود قوله من آراء، ولم يكن يستخدم أي قانون من قوانين الرقابة حتى ضد من يعارضه. تحيةً لأستاذي الدكتور الملحم الرجل الوفي، وهذه مجرد محاولة لتطبيق الوفاء الذي تعلمته على يديه.
المصدر: صحيفة الجزيرة، العدد رقم 6799، ص/24، التاريخئك 27/10/1411هـ الموافق 11/5/1991م.


الناشر: جريدة الجزيرة

– العدد:6799

تاريخ النشر: 11/5/1991

تعليق على مقالة: تكريم معلم (2)

هؤلاء الرواد حان الوقت لرد الجميل لهم بقلم عبدالله الصالح الرشيد
عزيزتي الجزيرة:السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،في عدد مضى من هذه الجريدة الغراء وقبل أسبوعين تقريبًا كتب معالي الدكتور محمد الملحم في زاوية مساحة للتفكير مقالاً ضافيًا عن المربي الجليل عثمان الصالح ضمنه ذكريات، وموجزًا عن السوابق البيضاء لهذا المربي القدير في مجال التربية والتعليم، وهذا الذي كتبه معالي الدكتور الملحم أعادني إلى الماضي .. وبالذات ما سبق أن تطرقت إليه قبل عشرين عامًا في مجال المنهل حيث كتبت موضوعًا تحت عنوان عثمان الصالح الكاتب المثالي والمربي الناجح .. وذلك بمناسبة قرب تقاعده من عمله آنذاك كمدير لمعهد العاصمة النموذجي وذروة نشاطه في الكتابة بالصحف والمجلات في ذلك الوقت، وفي مختلف المواضيع التربوية والاجتماعية، وقد طلبت في الموضوع المشار إليه أن يتفرغ الشيخ عثمان بعد تقاعده إلى كتابة مذكرات وذكريات عن بواكير نهضتنا التعليمية المباركة، والذي له المساهمة الفعالة والقدر الملموس في غرسها وتنميتها، ويكتب عن خبراته وتجاربه كواحد من الرواد الأفذاذ في هذا المجال لتكون هذه الكتابة المفعمة بالخبرة الناضجة والمضمخة بعاطر التجارب الحية الصادقة نبراسًا لأجيالنا الجديدة المتعطشة للتوجيهات، ولمن يأخذ بيدها إلى الأكمل والأجمل لتسير على هدى وبصيرة في حياتها العلمية، كما تكون درسًا ومثالاً لبعض العاملين في إدارة مدارسنا ومعاهدنا ليستفيدوا من ثمارها اليانعة.ولا أدري حتى كتابة هذه السطور هل تحقق شيىء مما طلبناه من أستاذنا الفاضل قبل عشرين عامًا. ظني والله أعلم أن ظروف الحياة المتشابكة قد دخلت في الخط فلم تحقق مناشدتي ثمارها. ولعل مناسبة التذكير ما كتبه الدكتور الملحم أولاً .. وثانيًا هو ما يتطرق إليه الحديث بين حين وآخر في أوساطنا التربوية ومنابرنا الإجتماعية وهو حول إنصافنا لرجال التربية في بلادنا ممن عاصروا وساهموا خلال نصف قرن مضى وحتى الآن في نهضتنا التعليمية كرواد مبرزين أضاؤا معالم الطريق، وأناروا مشاعل الثقافة على قدر جهودهم واجتهادهم، وهل تم يا ترى تكريم هؤلاء، وإعطائهم ما يستحقون من تقدير معنوي أو تاريخي على الأقل ممن هم على قيد الحياة أو انتقلوا إلى الرفيق الأعلى .. إن التكريم المعنوي مطلوب حتى تبقى صورهم وسيرة حياتهم ماثلة أمام الأجيال في الحاضر والمستقبل كأساتذة جيل ورواد نهضة تعليمية في بلادنا بمختلف مدنها وقراها .. إن مبدأ عرفان الجميل وغرس القدوة الصالحة، كل هذه الأهداف تفرض وتحتم أن نطلق أسماء المبرزين منهم على بعض مدارسنا الإبتدائية والمتوسطة والثانوية التي تنتشر بالآلاف في طول البلاد وعرضها. فكل رائد تعليم، وصاحب جهد سباق في التربية والتعليم تسمى إحدى المدارس في منطقته بإسمه كرمز للوفاء، ومشعل باق للقدوة الصالحة.وتقديرًا لجميل هؤلاء الأفذاذ أود أن أشير إلى أن تكريم بعض الأسماء التي كان لأصحابها الأثر الملموس في حياتنا التعليمية والثقافية والاجتماعية شيء بسيط نقدمه لهم في حياتهم. أرجو أن ينال هذا الاقتراح العناية والتنفيذ من قبل المسؤولين والله والموفق.
المصدر: صحيفة الجزيزرة، العدد رقم 6694، ص/19،التاريخ: 11/7/1411هـ الموافق 26/1/1991م.


الناشر: جريدة الجزيرة

– العدد:6694

تاريخ النشر: 26/1/1991م

تكريم معلم (1) 

إنه الأستاذ الشيخ عثمان بن ناصر الصالح المربي الكبير والأديب الأريب والذي كان العلم المتألق في ميدان التربية والتعليم في مدينة الرياض مديرا لمعهد الأنجال الشهير بها في الستينيات والسبعينيات والثمانينيات من القرن الهجري الماضي.كان هذا الرجل معلمًا من الطراز الأول مربيًا فاضلاً ومديرًا حازمًا.التقيت لأول مرة بهذا المعلم الجليل حينما كنت طالبًا بمدرسة الرياض الثانوية (الواقع في بيت آل جبر بحي الظهيرة) وذلك في الحفل الذي أقامته المدرسة لاختتام نشاطها السنوي عام 1377هـ. وكان مدير المدرسة الثانوية النواة آنذاك الأستاذ “أحمد بن محمد الجبير”، كما كنتُ وقتها رئيسا لمجلس إدارة طلبتها. وكان ذلك الحفل متواضعًا في مظهره لضعف الموارد المتاحة له، ولكنه كان ساميًا في معناه وجوهره. وخلال برنامج ذلك الحفل كان الشيخ عثمان وكأنه بين طلبته بمعهد الأنجال مشجعًا ومتعاطفًا وعلى وجهه علامات البشر والسرور. ولا أبالغ إذا ذكرت الآن أنني كنت أتخيله آنذاك بقلبين: قلب بمعهد الأنجال وقلب آخر بالمدرسة الثانوية بالرياض.وظل هذا المعلم القدير في الساحة التربوية كالعاشق المتيم محبًا للتربية والعلم والمتعلمين.وكان هذا الرجل بالمرصاد للطلبة المتفوقين سواءً منهم من كان بمعهد الأنجال أو من هو بالمدرسة الثانوية بالرياض حتى بعد تخرجهم حيث كان يراسلهم حيثما كانوا مشجعا لهم على مواصلة الدراسة وبذل الجهد في سبيل تحصيل العلم.وخلال مراحل دراستي خارج بلادي وبعدها كنت أتابع النشاط التربوي والأدبي لهذا المربي الجليل الذي تخرج على يديه رجال ساهموا، ولا يزالون يساهمون، في قيادة مسيرة بلادنا الخيرة كل في موقعه من حيث المسئولية سواء منهم من هو أمير لمنطقة، أو وزير على رأس مرفق، أو أديب مثقف، أو صحفي موهوب، أو رجل أعمال.وحتى بعد أن ترك هذا المعلم الساحة التربوية فإنه لم يزل معها بقلبه ودمه وفكره وأحاسيسه حيث لم تشده عنها وسائل البحث عن المال والغنى أو الرغبة في التواري عن الأنظار طلبا للراحة والدعة. لقد كان “أبو ناصر” بعد تركه للساحة التربوية أكثر حماسا وتعلقا بها من ذي قبل إذ ساهم قلمه الفياض في مجال الأدب والتوجيه التربوي حيث أثبت هذا القلم، وبجدارة أن صاحبه شاعر مجيد، ومرب واع، وذو اطلاع واسع في عالم الفكر والثقافة. وكنت، على سبيل المثال، أتابع ما ينشره هذا العلم في مجلة “المنهل” الغراء تحت عنوان “ملاحظات غير عابرة”. وهي ملاحظات قيمة أو هي بمثابة الموسوعة حيث تجد فيها ما لذ وطاب من القول الجيد الحسن. ففيها الطرافة في الاختيار والعرض، وفيها القصة المعبرة وأبيات الشعر الجميلة من مقول الشيخ عثمان أو منقوله، كما تجد بها ما اختاره من طيب القول المأثور شعرًا ونثرًا وذلك بالإضافة إلى التعليق المفيد والكلمة الصادقة المعبرة. وكم أتمنى على هذا المربي الجليل أن يجمع تلك الملاحظات بين دفتي كتاب لتستفيد منه الأجيال الصاعدة التي أحب وربى آباءها.وفي إحدى “ملاحظاته غير العابرة” وما أكثرها تحدث الشيخ عثمان عن لغتنا الجميلة أو لغتنا الخالدة في عام 1408هـ حيث قال (من بين أمور أخرى) مانصه: “كلتا الجملتين يصلح لأن نعبر بهما عن لغتنا الجميلة الخالدة التي لا يخلق ثوبها. ولا تزول أهميتها. ولا يتحول جمالها ما مر الزمان، وتعاقب الملوان. لكنا نحن الذين مع الأسف “والقول للمربي الجليل” تخاذلنا في دراستها.. طغى عليها غيرها مع أنها الثوب لكل العلوم.. واللباس الذي لم يزل قشيبًا.. إن العلوم التي تزاحمها، والمواد التي يتلقاها الطالب في مدرسته وفصله ليست هي السبب في هزالها في الأفكار، ولكن الذي جعل الطالب يتقاعس عنها.. ولا يقبل عليها ذلك أن المعلم لم يكن مؤهلاً فيها، ولا متعمقا في مفرداتها.. والادارة المدرسية التي هيأتها لم تكن واعية لها ولا متذوقة لطعمها .. جعل التعليم فيها أليًا سواء في مفرداتها أو نصوصها أو قواعدها حتى أصبح ما يدرسه الطالب في الخامسة (الابتدائي) لا يعاوده في (السادسة). وما يدرسه الطالب في المتوسط لا يكون مما يتذكره ويراجعه في الثانوي.. لأن المدرس نفسه يحفظ أبوابا ولا يتجاوزها إلى ما سبق…”وفي ملاحظات غير عابرة أخرى أورد قصيدة أخوية رقيقة من مقوله. وهي قصيدة تنم عن شاعرية خصبة. وقد وجَّه هذه القصيدة للأستاذ عبد الله بن حمد الحقيل وذلك بمناسبة تعيينه أمينًا عامًا لدارة الملك عبد العزيز رحمه الله عام 1406هـ وهي قصيدةٌ من بحر الوافر اقتطفت منها الأبيات التالية:
(أَبَاحَمَدٍ) عَمِـيدَ الْمُخْلصِينَا ….. وَيـَا شَيْخَا (بِسِيرَتِهِ) رَزِيـنَا(بِدَارَةِ) قَائِـدٍ فَـذٍّ عَظِـيمٍ….. صَعُدْتَ لَهَا فَصِرْتَ لَهَا أَمِيـنَانُهَنِّيكُمْ بِفَـوْزٍ فِـي مَجَـالٍ….. شَرِيفٍ مَـا تَزَالُ بِـهِ قَمِيـنَاوَكُنْتَ مُرَبِّيًا وِمُدِيـرَ عِلْـمٍ….. وَرَبَّيْتَ الشَّبِيبَةَ أَجْمَعِيـــنَاوَفِي دَرْبِ الثَّقَافَةِ سِرْتَ شَوْطًا….. وَفِي التَّدْرِيسِ قَدْ زَاوَلْتَ حِينَالِذَا أَهَّلْتَ نَفْسَكَ دُونَ شَـكٍّ….. لِتُصْـبِحَ رَائِـدَ الـرُّوَّادَ فِينَا
وكنت، ولا أزال، أتابع وبشغف كذلك ما ينشره هذا المربي في مجلاتنا وصحفنا كالمجلة العربية والجزيرة واليوم والرياض من تعليقات قيمة ذات طابع أدبي واجتماعي وتربوي ومنها على سبيل المثال تعليقاته حول “الطفل وكيف نربيه” التي نشرها في جريدة الجزيرة” الغراء بتاريخ 14 و18/جمادى الآخرة/1411هـ. وهي تعليقات تنم عن بصيرة نافذة رغب أن يرينا شيخنا فيها الداء والدواء والسلبيات والايجابيات في مجال تربية الطفل. لقد استهل تعليقاته متحدثا عن أهمية الطفل والطفولة وعما سيكون للأمة في المستقبل من تقدم وسمو إذا كان الطفل معتنى به خلقيًا وتربويًا وعلميًا وصحيًا. وفي هذا الخصوص يشيرالشيخ “عثمان” إلى أن الطفل “وديعة مهمة عند الأب والأم.. فإذا لم يعتنيا بهذه الوديعة والأمانة ويحافظ عليها ستصبح الأمانة نقمةً.. والوديعة خسارةً ومن ثم يؤولان إلى عبء على الأسرة في شخصية هذا الطفل المضاع.كذلك يمضي الشيخ “عثمان” ليتحدث عما ستتحول إليه هذه الوديعة إذا أصبحت خسارة حيث ستمسي “لبنة منهارة في المجتمع ونكبة سوداء في جبين البلد”.. إن الطفل الذي لا يجد أمَّا تربيه ولا أبا يحميه يصبح كما يقول الشاعر:
لَيْسَ الْيَتِيمُ مَنْ انْتَهَى أَبَوَاهُ ….. مِنْ ذِلِّ الْحَيَاةِ وَخَلَّفَاهُ ذلِيلاَإِنَّ الْيَتِيمَ هُوَ الذِي تَلْقَى لَهُ ….. أُمّـَا تَخَلَّتْ أَوْ أَبًا مَشْغُولاَ
أن تعليقات الشيخ عثمان “حول الطفل كيف نربيه لنجعل منه رجلاً صالحًا وامرأةً صالحة” هي تعليقاتٌ شيقةٌ وممتعةٌ وجديرةٌ بالاهتمام.إنني أهمس الآن في آذان طلبة هذا المعلم الجليل ومنهم أمراء ووزراء وقادة رأي وفكر بأن يتحركوا لتكريمه في أحد أندية الأدب ببلادنا وذلك وفاءً وعرفانًا لما قدمه ولا يزال يقدمه لوطنه حيث في تكريم هذا المعلم تكريم للعلم والتربية والأدب.
تكريم معلم: مقالة بقلم معالي الدكتور محمد آل ملحم في “مساحة للتفكير” في جريدة “الجزيرة” في العدد رقم 6674، وتاريبخ 20/6/1411هـ الموافق 6/1/1991 م


الناشر: جريدة الجزيرة

– العدد:6674

تاريخ النشر: 6/1/1991 م

وقفة مع أطول ملحمة شعرية..!! (1)

لقد نشرت رثاءا بعنوان “ومات شاعر موهوب”(1) وكان هذا الرثاء في الشاعر محمد بن عبدالله العمر الملحم الذي توفاه الله منذ عام تقريبا. ولقد عهد إلي ورثة الشاعر بكل ما خلفه من تراث شعري سجله الشاعر بنفسه في عشرات المجلدات المخطوطة. ولدى مطالعتي لتلك المجلدات عثرت على قصيدة من ثلاثة عشر الف بيت تقريبا. وكان عنوان هذه القصيدة “الدر المكنون في شتى الفنون”. وتعتبر هذه القصيدة لطولها أكبر ملحمة شعرية عرفتها، حسب علمي، لغة الضاد. وفي القصيدة غزارة. وللغزارة طعم خاص عند صاحب الملحمة، غزارة في المعاني الشريفة وغزارة في الخيال الخصب وفيالقدرة على تطويع الشعر لكل ما يريد قوله للأخرين. وختم الشاعر ملحمته بأبيات منها:
ثمار العبادة قد أينــعت …… على كل لون لمن يرغبونومن بين أثمارها إخـوتي …… صلاة على خاتم المرسلينختمت بها عقد ملحـمتي …… عساها بهذا الختام تكونلدى الله مقبولة وكفـى …… وذاك الذي أرتجيه يكونفإن هو من بهـا فأنــا …… من الفائزين الكرام أكونوظني بـربي جميـل ولا …… يخيب من هم به يحسنون
وتحتوي هذه القصيدة على علوم ومعارف ومسائل وأخبار وشؤون شتى في أمور الحياة وفي العقيدة الاسلامية وقيمها وآدابها. والقصيدة “نونية”. وحبرها الشاعر على روي وقافية واحدة تقاربت على نغم البحر المتقارب المتقارب فقربت إلينا فلسفته للحياة في شتى جوانبها، كأنك ترى الشاعر رحمه الله يعوم على بحر من العلوم، وينثر الدرر غزيرة برغم ندرتها في الوجود . ولقد استخدم الشاعر كل تفعيلات هذا البحر ذى الصور المتعددة. وفي هذا يقول الشاعر:
وهذى مشاعرنا شعرنا …… وهذي خواطرنا والشجوننعبر عنها بهذا القريض …… على كل فن زهى في الفنونولا سيما البحر هذا ففي …… ترانيمه كل لحن حنــونتجـاذبني فيه أمواجـه …… يسارا تقـاذفني ويمــينفأفرح حينـا بأنغامـه …… وأبكي مع اللحن فيه الحزينفقاربنـا متقاربنـــا …… نسافر فيه فنعم السفــيننسافر فيه فتون الهـوى …… فسره أبداع سر تعــون
واستهل الشاعر ملحمته بمقدمة طللية أو غزلية على عادة الشعراء القدامى في الوقوف على الأطلال والتغني بالآثار أو التغزل بالمحبوبة بما يحلو من نسيب أو مداعبة أو عتاب أو حنين. وأقتطف من هذه المقدمة ما يلي:
أحب النخيل وأهوى العيون …… وشدو البلابل فوق الغصونوأهوى الجداول وقت الضحى …… وأهوى الجداول وقت السكونتراءى بهن خيال الغصـ …… كمثل السيوف بأيدي القيون(2)كمثل المرايا لبسن الضحى …… وقرن الاصيل(3) البهي الفتونحبيبة قلبي تلك التي …… على كل حين لعيني تزينتجمع فيها الهوى كله …… فقصر عن وصفها الواصفونفما “هند” منها ولا “أمها” …… وليس سواها من العالمينيقاربن من لا أقول اسمها …… وإني لباسم حبيبي ضنينفيا فرحتي إن تلح لفتة …… أفوز بها حين تلتفتينوحين تنادين باسمي رضا …… وحين علي إذن تغضبينفيا من تعيشين في مهجتي …… وإني معنى(4) بها كل حينأتدرين أني أسر الهوى …… وأنت الخلية لو تعلمينوذكراك في خافقي لم تزل …… فهل أنت لي ساعة تذكرينلئن لم تكوني ذكرت الهوى …… وعهد الهوى عبقري حنونولم تذكري “الحقل”(5) عهد الصبا …… وموطن ذكرى هوانا الحنونولم تذكري الباب “باب الهوى”(6) …… ولم تذكرى حسنهن الفتون
وأيامنــا الحالمــات التي …… مررن كأعجل حلم يكونفـإني تذكـرت أيامنـــا …… وإني وفي لها لا أخــونولست بسال عهود الهـوى …… ومن ذا عليه الغرام يهونأأنسى وأسلو عيون الحـمى …… وبرء سقامي تلك العيونأأنسى “البحيرة”(7) تلك التي …… سبحت على ضفتيها السنينوأنسى “البحير”(8) وماء به …… يروق ببهجته الناظريــن”وأم خريسان”(9) ناطقــة …… بها ذكريات صباي الأمـين”وأم نسيم(10) نسيمــاتها …… داوي جراح فؤاد حزيـنفمرحى مواطننا هــذه …… ومرحى بجناتها والعيــونوأهلا بها في الدنا كــلها …… كأكبر وآحاتها تنظــرون
وفيما عدا العنوان الكبير الذي وضعه الشاعر لملحمته لم يحاول نفس الشاعر أن يضع عناوين فرعية للموضوعات التي احتوت الملحمة عليها. وهي موضوعات متنوعة

—————هوامش:—————
(1) نشر الرثاء في جريدة “الجزيرة” السعودية، العدد (5814) ص8، الصادرة يوم الاثنين 27/محرم 1409هـ الموافق 29 آب (أغسطس) 1988م.(2) القيون جمع قين. ولعل المقصود هنا صانعوا السيوف أو العبيد السود.(3) قرن الاصيل هو وقت غروب الشمس.
(4) المعنى بتشديد النون من المعاناة. والمقصود ما يكابده الانسان من شوق.
(5) المقصود هنا “عين الحقل” الشهيرة في الاحساء. وكانت هذه العين تعتبر من حديث وفرة مائها وقوة تدفقه ثاني أكبر عين بالاحساء الا ان وفرة مائها وقوة تدفقه قد قل عن ذى قبل في هذه الايام.(6) باب الهوى نخل كبير ومن اشهر نخيل الاحساء ، ولقد شهد هذا النخل ماضيا مجيدا ولاهالي الاحساء فيه ذكريات عطره.(7) عين تقع في وسط نخيل السيفة بغرب مدينة الهفوف القديمة عاصمة الاحساء . وتقع هذه العين الان في وسط مدينة الهفوف وذلك بالنظر الى توسع المدينة من جهة الغرب. واسم العين المتعارف عليها هو “البحيرية”. وكان لهذه العين ماض مشهود حيث كانت بمثابة معهد السباحة لمعظم ساكني مدينة الهفوف من الجهة الغربية. وللشاعر ذكريات عطرة في هذا المعهد وقد حبر فيه الكثير من القصائد. (8) عين تقع بالقرب من عين “البحيرية” من جهة الشرق تماما. وكان يرتاد العين الكثير من النساء للأستحمام بها. ولقد اندثرت هذه العين وأصبحت طللا من الاطلال.(9) عين تقع شمال مدينة الهفوف القديمة.(10) نخل صغير كان يملكه والد الشاعر. ويقع هذا النخل في شرق حي “الكوت” أحد أحيا الهفوف القديمة.
—————

لمجلة العربيةالعدد:148التاريخ: جماد الأول – 1410 هـ – ديسمبر -1989 م

الناشر: المجلة العربية

– العدد: 148

تاريخ النشر: 01/12/1989م

رحيل عملاق “د.رفعت المحجوب”

حدثني سماحة الشيخ محمد بن ابراهيم بن جبير وزير العدل حفظه الله ومتعه بالصحة والعافية بعد عودته الأخيرة من زيارة لجمهورية مصر العربية أنه التقى بأحد أساتذتي، وأن هذا الأستاذ قد أثنى، لدى سماحته، علي حينما كنت طالبا بكلية الحقوق – جامعة القاهرة فيما بين الأعوام 1378 حتى 1382هـ الموافق 1958 حتى 1962م.وآخر لقاء لي مع أستاذي كان في مدينة نيودلهي العاصمة الهندية. وكان كل منا وقتها يمثل بلاده في تعزية الحكومة الهندية في وفاة السيدة إنديرا غاندي رئيسة وزراء الهند.لقد التحقت بكلية الحقوق – جامعة القاهرة. وبتوفيق من الله سبحانه وتعالى كنت في أول فصل دراسي بها الأول على أكثر من ألفي طالب. وفي بداية الفصل الدراسي الثاني من نفس العام سأل أستاذي الطلبة في مدرج العميد بدر عمن كان الأول من بينهم. وأشار كل الطلاب علي فوقفت وأنا أتصبب عرقا حيث لم أر بدا من الوقوف بين زملائي . ووجه أستاذي لي سؤالا في علم الاقتصاد السياسي. ووسط همس وضجيج وتصفيق الطلاب أعترف أنني لم أحسن ظنه في. وزرت أستاذي في مكتبه المتواضع بالقرب من المدرج الشهير. ولما علم أنني طالب من المملكة العربية السعودية سر كثيرا وحدثني عن التفوق وإيجابياته. ومن ثم جرى حديث بيننا عن المملكة العربية السعودية. ووعدته بتزويده ببعض المطبوعات عن بلادي حيث زودته فعلا ببعض المطبوعات التي حصلت عليها (من المديرية العامه للصحافة والطباعه والنشر بجده) أثناء زيارتي له في منزله الكائن بشارع الدري بالعجوزه. ومن وقتها توطدت علاقتي به وصرت أحرص على حضور محاضراته في الاقتصاد السياسي بالكلية. وكان يشدني إلى محاضراته كونه عالما فذا، ومحاضرا متمكنا، ومحدثا بارعا، قوي الحجة، قوي التأثير. وكان أستاذي ذا قدرة متناهية في فرض احترامه على طلابه. وكان لا يتردد في استعمال الالفاظ القاسية ضد أي طالب مشاغب. وكانت أسماع الكثير من الطلاب تطرب حينما يتحدث في لغة عربية فصحى، على سبيل المثال، عن قانوني تناقص المنفعة الحدية وتزايد الألم الحدي ممثلا لها بوحدات البرتقال والخبز وعن المقارنات بين النظم الإقتصاديه كالرأسمالية والاشتراكية والشيوعية. وكان أستاذي يستخدم أثناء القاء محاضراته مصطلحات اشتهر بها. وكان منها “وفي تعبير متكافئ و”خلاصة القول” و”نخلص مما تقدم” و”ومن الممكن القول” و”تفسير ذلك” و”في تعبير آخر”. وكان من شأن حرصي على حضور دروس هذا الأستاذ العملاق ومحاضراته أنني حصلت وقتها وبتوفيق من الله عز وجل على جائزة كلية حقوق القاهره في الاقتصاد السياسي حيث تسلمت هذه الجائزة في أحد أعياد العلم الشهيرة بالجامعة في عام 1382هـ الموافق عام 1962م.كان أستاذي معلما بارزا بجامعة القاهرة. تخرج من كلية الحقوق بتفوق عام 1948م، وتدرج في مقاعدها العلمية حتى وصل إلى درجة الأستاذيه بها . وحاضر بكلية التجارة، ومن ثم تقلد عمادة كلية الاقتصاد والعلوم السياسية التي أنشئت فيما بعد بنفس الجامعة. وله مؤلفات في الاقتصاد والعلوم المالية في مستوى المراجع العلمية.وشاءت قدرة الله أن ينتزع هذا المعلم من عالم العلم الى عالم السياسة العربية. هذا العالم المحفوف، في الاحوال المعاصرة، بالمخاطر وعدم الاستقرار والعنف واللاعقلانيه.وتقلد هذا الاستاذ مناصب سياسية مختلفة في بلاده. وتربع لعدة سنين وحتى فارق الحياة على مقعد رئاسة مجلس الشعب المصري مساهما في صنع ارادته وهو ثاني منصب سياسي في أرض الكنانه. وكانت له اثناء شغله لهذا المنصب معارك في الحوار والجدل التشريعي مع قدرة فائقة على المناقشة، وهيمنة لا توصف على ناصية الكلمة الرصينة. وكان يروي عنه أنه كان يعامل بعض نواب الشعب معاملة الاستاذ لطلبته حيث كان الكثير من هؤلاء النواب في الأصل من طلبته.وجرت محاولات لتشويه سمعته بعد رئاسته لمجلس الشعب المصري عن طريق النيل من أحد اقاربه فلم تهزه هذه الحادثه.كان أستاذي من أساطين القانون والاقتصاد والتشريع في عالمنا العربي.وقتل يوم أجله. ويقال أن المستهدف غيره. ولا راد لقضاء الله وقدره. وإنا لله وإنا اليه رآجعون. ولقد تأثرت كثيرا عند علمي بحادث اغتياله. وهو الاغتيال الذي فقدت به مصر واحدًا من أكبر مثقفيها وساستها. رحم الله معالي الدكتور رفعت المحجوب، وألهم أهله وذويه وأبناء الكنانة الصبر والسلوان.


الناشر: جريدة الرياض

– العدد: 8198

تاريخ النشر: 04/12/1990

 وقفة مع أطول ملحمة شعرية..!! (5)

وتتعدد موضوعات وأغراض ملحمة الدر المكنون. ويصعب على في هذا البحث العابر تصنيفها أو الإحاطة بها. وع هذا فبالإضافة إلى ما حاولت الكشف عنه من مكنون فإن هذه المحاولة ستكون غير ناجحة إذا لم أنوه عن أمرين هامين قد طبعا الملحمة بطابع خاص. ويتعلق الأمر الأول بالموقف الذي حدده شاعر الملحمة لنفسه في علاقته بربه سبحانه وتعالى. وكان موقف الضعيف أمام القوي. أما الأمر الآخر فهو موقف المربي والمذكر والواعظ. وهو موقف حددته بعض القصص والمحاورات التي أوردها الشاعر في ملحمته والتي استهدف منها النصيحة والموعظة.
وبخصوص الأمر الأول فإن الشاعر كان أمام الله سبحانه وتعالى في موقف الخائف والزاهد والمذنب والمؤمن والمتوكل والذليل.استمع إليه في هذا الدعاء والإستغفار:
إلهي إني من المذنبين ….. وأنت علي قدير مكينومالي سوى بابكم بارئي ….. إليه قصدت مع القاصدينلك الملك وحدك يا مالكي ….. فأنت الذي تهب المالكينلك الكون وحدك يا فاطري ….. فأنت الذي أوجد العالمينإلهي ثبت على الدين قلبي ….. بقبري وأخراي أنت المعينإلهي أهدني وجميع الورى ….. ولا تجعلنا من الممترينوأصلح شؤوني وذريتي ….. ومن هم يلوني والمؤمنينإلهي وفق لما ترتضي ….. لكيما أكون من الأسعدينوحقق رجاي بتوفيقكم ….. فأنت الموفق أنت المعينفإن تم هذا فهذا المنى ….. لقد طاب عيشي وإني أمين
ويقول في مكان آخر بالملحمة:
فيا رب تمم علينا القوى ….. بعافية ارحم الراحمينوصرف قوانا على طاعة ….. بفضلكم أكرم الأكرمينوأصلح لنا ديننا إنه ….. به عصمة أمرنا أجمعينودنيا كذلك أصلح بها ….. معاشا يكرمنا كل حينوآخرة تلك فيها لنا ….. معاذ يقي أبد الآبدينويا رب واجعل لقاك لنا ….. ألذ من الما لدى الظامئينوأشهى من الأكل يا ربنا ….. على الجوع دوما لدى الجائعينوأنعم علينا بخاتمة ….. بها نبلغ الخلد في الفائزينفهذا المرام وهذا المنى ….. وأنت المجيب لمن يسألون
ويقول الشاعر في مكان آخر من الملحمة:
وإن العقيدة في واحد ….. هو الله لا غيره تعبدونتعالى عن الند سبحانه ….. فليس له من نظير يكونفوا عجبا كيف يعصى الإله ….. وكيف له يجحد الجاحدونوفي كل شيء له آية ….. تدل عليه ألا تعقلونتباركت يا من بريت الوجود ….. وأبدعت فيه جميع الشئونوأودعت فيه الجمال الذي ….. تحير في نعته الناعتونفهذي الطبيعة تسبي النهى ….. ويحتار في حسنها الواصفونتجمع فيها صنوف الجمال ….. وحسبك منه جمال العيونوآيات ربي لا تنتهي ….. وليس إليها الورى ينتهونفسبحان من قد أشاد السماء ….. بغير عماد لها تنظرونوزينها بالنجوم التي ….. تراءى بها بهجة الناظرينتنور في الليل آفاقه ….. وتهدي الحيارى من السائرين
فسبحانك الله من خالق ….. لك الخلق والأمر والعالمونوسبحانك الله من رازق ….. لك الكل مفتقر أجمعونتباركت ربا بريت الجمال ….. وأمرك ما بين كاف ونونإذا ما أردت لشيء له ….. تقول بأمرك كن فيكون
وأما الأمر الثاني والذي طبع الشاعر ملحمته به فهو أسلوب الحوار الذي استخدمه مع أصدقائه على شكل أسئلة وأجوبة، وكذلك مجموعة القصص التي ساقها واستهدف منها الموعظة والنصيحة. استمع إليه، على سبيل المثال، في هذه المحاورة:-
ولو قلت: أنكم تأكلون ….. لحومكم ولها تنهشونلقالوا: وكيف؟ فقلت لهم ….. ألستم بأعراضكم واقعينفإن اغتيابكم بعضكم ….. لأكل لأنفسكم لو تعونولو قلت: إنكم تهدمون ….. بيوتكم أي هدم مبينلقالوا: وكيف؟ فقلت لهم ….. بفأس النميمة لو تعلمونولو قلت: إنكم تقتلون نفوسكم ولها تذبحونبغير سيوف نظرتم لها ….. ولا من دم مرة تسفكونلقالوا: وكيف؟ فقلت لهم ….. أليس على بعضكم تكذبونولو قلت: إنكم تخربون ….. بيوتكم ثم لا تشعرونلقالوا: وكيف؟ فقلت لهم ….. بتربية الجيل لو تعلمونعلى غير سنة خير الورى ….. ألستم بذلك تعترفونولو قلت: إنكم تهلكون ….. نفوسكم ثم لا تبصرونلقالوا: وكيف؟ فقلت لهم ….. ألستم لأرحامكم تقطعونفإن القطيعة تهلك من ….. هم يقطعون ولا يصلونوهل كان يا قوم موجبها ….. سوى الشح لو أنكم تعقلونوحبكم المال هذا الذي ….. فتنتم به أفلا ترعوونولو تعلمون بأن الدنا ….. وما قد حوت لزوال تكونلما كنتم تقطعون بها ….. وشائجكم، بل لها تصلونفتوبوا إلى الله من فوركم ….. فإن المصرين لا يفلحون
وفي ختام هذا البحث عن ملحمة الدر المكنون أود إبداء بعض ملحوظات عنت لي أثناء المراجعة الأولية:1- لقد استهدفت من هذا البحث العابر هو التعريف بالملحمة وتقديمها للقارىء.2- لم يخرج شاعر الملحمة، لما قرر وضعها، عن أساليب الشعراء القدامى حيث سلك الشاعر نهجهم مقلدا لهم ومقتفيا لأثرهم روحا ومعنى.3- استخدم الشاعر في تحبير الملحمة كل صور تفصيلات بحر المتقارب. وبسبب استخدام كل هذه الصور فإن من سيقرأ هذه الملحمة بعد نشرها كاملة إذا كانت لديه حاسية شعرية ربما يتصور أن الشاعر قد خرج عن الروي والقافية وهو تصور غير صحيح لا سيما إذا أدرك هذا القاريء سلفا الفروق الواضحة بين صور تفعيلات البحر الواحد.4- من عيوب الملحمة التكرار الملحوظ في نهايات بعض الأبيات والتكرار كان من الضرورات لملحمة تجاوزت أبياتها الثلاثة عشر ألف بيت. والتكرار في حقيقة الأمر هو تكرار في اللفظ وليس في المعنى الذي استخدم اللفظ المكرر له. وفي عبارة أخرى لقد جاء تكرار اللفظ أحيانا بليغا في وقعه وتأثيره.5- لا تخلو الملحمة وذلك بالنظر لطولها من أبيات ذات صياغة ركيكة، وأبيات أخرى غامضة المعنى وأبيات أخرى هي والنثر سواء بسواء. ولهذا سوف تخضع كل أبيات الملحمة قبل نشرها كاملة لعملية مراجعة دقيقة.6- لم يحدد الشاعر الزمن الذي استغرقه في وضع الملحمة، كما لم يشر في أي جزء من أجزاء الملحمة للتاريخ الذي بدأ فيه كتابة أول بيت من أبياتها.7- يعد الشاعر على ضوء ما ضمنه في هذه الملحمة من توجيهات ونصائح وحماسة إسلامية من شعراء الدعوة الإسلامية. ولقد أبدى الشاعر قدرة فائقة في تطويع الشعر في سبيل الحث على التمسك بالعقيدة الإسلامية وإبراز عظمتها ومحاسنها بما دلل عليه من معين أمهات الكتب الإسلامية والمراجع الأدبية.8- لم أحاول في هذا البحث العابر التصدي للخصائص الفنية للملحمة أو القاء الضوء على أسلوب الشاعر وهل فيه تكلف أم لا؟9- لقد تعرض الشاعر في ملحمته للشعر عامة ولما يسمى بالشعر الحر أو المرسل خاصة. ولقد كال للشعر الأخير مر النقد. وهو موقف تبناه الشاعر ليس في هذه الملحمة فحسب وإنما في عشرات المجلدات الشعرية التي خلفها وراءه. استمع إليه يقول في الملحمة في هذا المعنى:
وما مرسل الشعر ذلكم ….. بشعر إذا أرسل المرسلونولكنه النثر في ضيغة ….. مشوهة عند ما يكتبون ولو نمقوا فيه ما نمقوا ….. فما الشمس في الليل قد يكونوشعري كما النثر اسكبه ….. بطيء القوافي التي تعلمونفعولن فعولن وغيرهما ….. قياس العروض الذي تعرفونفصوغوا القوافي على نمط ….. كهذا إذا رمتم تشعرونوإلا فخلوا القريض لمن ….. يجيدونه ثم لا تقربونومن ينشئون القوافي على ….. رسوم الأوائل هم يصلونتراثهم بجميع الدنا ….. فنعم الطريق الذي يصلون
انتهى البحث

المجلة العربيةالعدد:153التاريخ: شوال – 1410 هـ – مايو -1990 م

الناشر: المجلة العربية

– العدد: 153

تاريخ النشر: 01/04/1990م

وقفة مع أطول ملحمة شعرية..!! (4)

واشتملت ملحمة الدر المكنون في شتى الفنون لصاحبها الشاعر محمد العمر الملحم على مذاهب شعرية من طبيعة سياسية واجتماعية وتاريخية.فمن الناحية السياسية جعل الشاعر من الشعر أداة استراتيجية الغرض منها المطالبة ببسط سيادة الاسلام في عالم الدنيا. وانطلاقا من هذه الاستراتيجية كان كل توجه الشاعر في ملحمته هو دعوة ولاة الامر المسلمين ليدافعوا عن العقيدة الاسلامية لأن في التمسك بها سعادة كافة المسلمين في الدنيا والآخرة. وفي هذا المعنى يقول الشاعر:
ألا صحوة من سباتكم ….. وحتى متى نومنا المسلمينأما مل هذا الكرى جفننا ….. وحتى متى مغمضين العيونأفيقوا بني قومنا وانظروا ….. إلى وضعكم علكم تفلحونفهذى مظاهر ظاهرة ….. بأشراكها القوم هم واقعونلجانب سرب مثيلاتها ….. من المشكلات التي تعلمونفهيا بنا يا بني قومنا ….. إلى حلها بالقرآن المبينفلا تطمئنوا لغرب، ولا ….. لشرق، وذلك شرع مكينيخولنا المجد في عاجل ….. وبالخلد في جنة الخالدينفعضوا عليه بناجذكم ….. ولا تهملوه أيا مسلمونفإنه سر سعادتكم ….. بدنيا وأخرى إذا تعقلونوَصَبراً عَلَى كُلِّ ما أَنتُمُ ….. تُلاقُونَهُ فِيهِ حتَّى الْمَنُونْ
ويقول الشاعر في المعنى نفسه:
وَإِنَّ عَقِيدتَنَا تِلْكُمُ ….. لَواحدةٌ أَيُّهَا الْمُسْلِمُونْوَأَمَّتَكُمْ مِثُل ذَلكُمُ ….. وَربُّكُمُ وآحدٌ تَعِبدُونْوَقِبْلَتُكُمْ تِلكَ وَاحدة ….. وَقُرآنَكُمْ وآحدٌ تَتْبَعُونْ ٌوإن نبيكم واحد ….. وسنته وحدها تسلكونفلم ذا الخلاف الذي بيننا ….. وحتى متى نحن مختلفونوأعداؤنا ضدنا أبدا ….. على كل حال هم مجمعونوليسوا لنا يخلصون الدنا ….. ولو لهم أمتي تخلصونفلموا شتات أموركم….. ولا تهنوا أيها المسلمون
والشعر الاجتماعي في نظر شاعر الملحمة هو ذلك الشعر الذي يتوجه نحو الاصلاح بن الناس، وتربية الناشئة، وتنظيم العلاقات الأجتماعية في إطار الاسرة الواحدة وبين سائر افراد المجتمع وكل ذلك وفقا للنهج الأسلامي الصحيح. يقول الشاعر في هذا المعنى:
وإن الحضانة للأمهات ….. وإن الحضانة للأقربينوليس الحضانة للنائيات ….. تربي البنات لنا والبنينوإن الأجانب يستخدمون ….. لكل مجال له يصلحونوإن كان لا بد من ذلكم ….. وأنتم بذلك تنتفعونوليس يضر بدينكم ….. وعرضكم منه جد مصونفإن الضرورة تلكم لها، ….. كما قيل، أحكامها والشؤون
ويقول الشاعر كذلك بأن التنافر بين الإخوة في البيت الواحد سببه عدم الرضاع المتصل من ثدي الأم الواحدة:
وظاهرة بيننا ظهرت ….. نشاهدها كلنا أجمعونوإنا نعاني الأمرين منهـا ….. ومنها الجميع هم يشتكونوتلك التنافر في إخوة ….. لأم ووالد هم ينسبونوبيتهم وآحد ضمهم ….. بعهد طفولتهم يسرحونوهم يمرحون باكنافه ….. وهم في جوانبه يلعبونوهم أبريا بطفولتهم ….. فما سر ذلكم أخبرونأرى السر ذلكم كامنا ….. بهذا الحليب الذي ترضعونفهذا الحليب مصادره ….. بها الشك قام إذا تعلمونفتركيبه ليس قط يرى ….. كثدي النساء إذا تمعنونوثدي النساء له وضعه ….. وميزانه أينما تذهبونبه الطفل يرضع معنى الحنان ….. ومعنى الوداد الذي تعرفونويشرب من أمه عطفها ….. بثدي لها عبقري لبونوهذه ظاهرة النشء في ….. تنافرهم مثلما تشهدونوأسبابها من شراء الحليب ….. وإرضاعه صبية يرضعونوليس بعيدا يكون به …..مزيجا من البهم يستعملون
وكان للشعر الديني نصيب الاسد في الملحمة. وكانت العقيدة الاسلامية هي الحكم على الأشياء والأمور وسائر الشؤون التي تعرضت لها الملحمة. يقول الشاعر لدى تأمله لآيات الله سبحانه وتعالى:-
وإن نظام الحياة البديـع ….. ليعجزنا سره أجمعينفإن الذي سنة واحد ….. وليس له أبدا من معينفمن ذا يسير أفلاكه ….. بهذا النظام الحكيم المبينفيولج في الليل هذا النهـار ….. على نسق دائم مستبينومن ذا يدبر هذى النجـوم ….. ويرسلها في مدار مكينومن سير الريح من بدئها ….. فحينا شمالا وحينا يمينومن حرك البحر في مده ….. وفي جزره بين حين وحينومن مرج البحر لا يلتقي به الملح والعذب عبر القرونومن أخرج النار ذى للورى ….. فمنها الخلائق ينتفعونمتاعا هنا نستعين به ….. وللنار ذكرى لمن هم يعونسوى من إذا شاء قضاه ….. يقول له كن فحالا يكونوإن الآله قدير على ….. جميع الأمور وكل الشئونفمن أوجد الشيء من عدم ….. عليه الأعادة حتما تهونولو رحت في من ومن لا نقضى ….. قريضي، ولا تنقضي، فاعذرونإذا أنا قصرت يا إخوتي ….. فنحن الورى كلنا عاجزون
وتصدر الشعر التاريخي مركز من مراكز الصدارة في الملحمة. وهو شعر تناول تاريخ الأحساء مسقط راسه. استمع الى الشاعر يتحدث عن الحدود الجغرافية لمسقط رأسه الأحساء حيث يقول:
وإقليم أحسائنا هذه ….. تكاثر أسماؤه في القرونففي عهد عادهم لقبوا ….. بإسم “مجان” أخي الأولون”ووادى المياه” به اشتهرت ….. قديما كما قد روى الأقدمونوذلك سد حباها المدى ….. مناخا به انفردت في السنينفليست ترى الفقر في عمرها ….. وفيها الثرا مستقر مكين”وبحرين” في جاهليتهم ….. وعصر النبي الكريم الأمينهما العذب والملح لا يبغيـان ….. هما الزيت والماء كل ثمينألقبها عبر ملحمتي ….. “حسائي”، أفيد بها الباحثينوأيضا يسمونها “هجرا” ….. بتسكين جيم وفتح مبينلهجرة هذا الأنام لها ….. وهجر سوآها من النازحينو “أحسا” بفتح وكسر معا ….. وألقابها اليوم في العالمين”بشرقية” وكفى شرفا ….. تعدد أسمائها في السنين
وتحدث الشاعر عن أيام طفولته وذكرياته أيام الصبا حيث قال:
وأهلا وسهلا بعهد الصبـا ….. فلست بسال له أي حينأأنسى صبآي وأيامه ….. ومن “بالفريق” هم يقطنونوأنسى الملاعب هاتيكم ….. وأنسى الصحاب بها يلعبونألا ما ألذ “الهدام” وما ….. ألذ مجالسنا محدقين”وأم الخبيصي” لنا معهد ….. لهونا به وغممنا العيونسقفنا به حفرا طالما ….. تساقط في قاعها السائرونفطار المتاع الذي معهم ….. ورآحوا لأرجلهم يعصبونأأنسى المناظر في “سومة” ….. وعند “قرارة” قرت عيون”وسمحا” وقصرا بها يزدهي ….. وحمامها والرواق الفتونوأنسى المسابح في “بقشة” ….. وجارآتها “والخفيس” المصونأأنسى المعاهد هآتيكم ر وأسلو النخيل وأسلو العيون”وسودة” و”السيفة” الحلوتيـن ….. بنوملحم فيهما يكثرون

للبحث صله

المجلة العربيةالعدد:152التاريخ: رمضان – 1410 هـ – ابريل -1990 م

الناشر: المجلة العربية

– العدد: 152

تاريخ النشر: 01/04/1990م

الرجل المناسب في المكان المناسب

لقد تلقيتُ خبر صدور قرار صاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن فهد بن عبدالعزيز الرئيس العام لرعاية الشباب باختيار الأديب عبدالرحمن بن عبدالكريم العبيد رئيسًا للنادي الأدبي بالمنطقة الشرقية بارتياح وسرور بالغين. وهذا الاختيار جاء موفقًا ومطابقًا لقاعدة “اختيار الرجل المناسب في المكان المناسب”.ولقد كانت لديَّ النية في توجيه تهنئة للأستاذ العبيد، والذي دفعني وبشدة أكثر إلى تنفيذ ما عقدتُ العزم عليه هو عثوري أثناء تصفحي لأوراقي القديمة على قصاصةٍ كنتُ أحتفظ بها منذ ثلاثة وثلاثين عامًا.وتتعلق هذه القصاصة بحفلة تكريم باسم “دار الخليج العربي” أقامتها الدار مساء يوم الأحد الموافق الثاني من شهر محرم عام 1377هـ للأخ الأستاذ العبيد وذلك بمناسبة تأليفه لكتاب “الأدب في الخليج العربي”. ونشرت مجلة الخليج العربي الأسبوعية آنذاك والتي كان يرأس تحريرها أستاذنا الأديب الأخ عبدالله بن أحمد الشباط خبر حفل التكريم في الثالث عشر من شهر صفر عام 1377هـ. وجاء في الخبر ما مؤدَّاه أن “دار الخليج العربي” تحتفل بقدوم الأستاذ العبيد مؤلف كتاب “الأدب في الخليج العربي”. وكان الاحتفال في حديقة “فندق الشرق” بالدمام، وشارك في حفل التكريم الزملاء التالية أسماؤهم مع احتفاظي بألقابهم: عبدالله أحمد شباط، وعبدالعزيز السماهيجي، وعبداللطيف العفالق، وعبدالعزيز أبوسند، وابراهيم محمد رشاد، وسعود المرشد العقيلي، ومحمد بن عبداللطيف آل ملحم.وهكذا وبالأمس .. أي منذ ثلاثة وثلاثين عامًا شاركتُ في حفل تكريمٍ متواضعٍ بعيدٍ عن الأضواء قام به شباب في عمر الزهور. وكنتُ وقت مشاركتي في ذلك التكريم أعملُ بالصيف في إدارة التعليم بالدمام وذلك بعد نجاحي إلى السنة السادسة ـ قسم أدبي في المدرسة الثانوية بالرياض. وتم ذلك التكريم بمبادرةٍ من الأستاذ الشباط. وقد توخَّينا في ذلك التكريم ما سيكون للمحتفى به من مستقبلٍ أدبيٍ مرموقٍ حيث نوَّهنا عن هذه الحقيقة بما ألقيناه وقتها من أحاديث تناولت في مجملها مدى إسهامات المحتفى به في الحركة الأدبية في جزء غالي من بلادنا العزيزة.والآن وبعد هذه المدة تحقق ما كنا توخيناه والحمد لله.وبما أن الأستاذ العبيد الآن هو صاحب الولاية في رعاية الحركة الأدبية في المنطقة الشرقية، وهي ولايةٌ شاقةٌ ومضنيةٌ ومشرفةٌ فإنه لا يخفى عليه أن المنطقة الشرقية من مملكتنا الحبيبة ممثلة في “أحسائها” و”قطيفها” و”جبيلها” وسائر مدنها تزخر بمخزونٍ أدبيٍ مطمور، وأنها الآن مهمته مع زملائه أعضاء النادي في إخراج هذا المخزون. ولقد نوَّه عن هذه الحقيقة، وباستفاضةٍ، صديقنا الأستاذ الشباط في جريدة “اليوم” الغراء بتاريخ 3 شعبان عام 1410هـ، والتي أرى بعد استئذانه، ملاءمة اختتام هذه السطور بفقرة واحدة منها: “إن هذه المنطقة كانت ولا تزال مركزًا من مراكز الإشعاع، وموئلاً لمكان الثقافة والأدب منذ العصور الموغلة في القدم زاخرة برجال الأدب والفكر المهتمين بالعلم والتعليم والثقافة، ولهم مشاركات في النشر والتأليف قبل أن تنتشر وسائل الطباعة بها ..”أما عن خبر التكريم فقد أوردته مجلة الخليج العربي على النحو التالي:في مساء يوم الأحد 2/1/77هـ احتفلت دار الخليج العربي بقدوم الأستاذ عبدالرحمن العبدالكريم العبيد مؤلف كتاب “الأدب في الخليج العربي”، وكان الاحتفال في حديقة فندق الشرق بالدمام، وقد حضر الحفل لفيفٌ من الأدباء والشعراء والكتاب. وقد افتتح الحفل الأستاذ عبدالله أحمد الشباط رئيس تحرير مجلة الخليج العربي بكلمة ترحيبية شكر فيها الذين تفضلوا بالحضور، وأشاد بمجهودات الأستاذ عبدالرحمن، وما يبذله في سبيل الأدب، ثم أتبعه الأستاذ عبدالعزيز السماهيجي بمقتطفات من قصائده الوطنية، ثم تلاه السيد عبداللطيف العفالق بقراءة مختارات من كتاب الأدب في الخليج العربي، ثم قام الأستاذ عبدالعزيز أبوسنيد فارتجل كلمة مطولة عن الأدب للحياة، ثم قدم السيد إبراهيم رشاد باقة من النكت والطرائف تَلاَه بعد ذلك الشاب الأديب محمد عبداللطيف الملحم فارتجل كلمة (عن الصحافة والأدب ورسالة الأدباء) وقد ناقش خلالها ما ألقي من آراء، ثم تلاه الأستاذ سعود مرشد العقيلي بكلمةٍ أثنى فيها على “دار الخليج العربي”، وما تقوم به من خدمة للأدب، ثم قام المحتفى به فألقى كلمة قصيرة شكر فيها الذين تفضلوا بالمشاركة في تكريمه والذين فكروا في إقامة هذا الحفل. المصدر: جريدة اليوم، صفحة الرأي، العدد رقم 6129، ص/7،التاريخ: 1/9/1410هـ الموافق 27/3/1990م.


الناشر: جريدة اليوم

– العدد:6129

تاريخ النشر: 27/3/1990م

وقفة مع أطول ملحمة شعرية..!! (3)

احتوت ملحمة الدر المكنون على معظم فنون الشعر العربي المعتبرة كالغزل والحماسة والوصف والفخر والمدح والزهد والحكمة والموعضة.تغزل الشاعر محمد العمر الملحم في المرأة متخيلا لمفاتنها وكاشفا عن أسرار انوثتها وتاركا لخياله العنان ليصل بحبها إلى درجة العشق. ومع ذلك فان ما حبره من شعر في المرأة كان كله عفة وجمالا وترفعا عن السفاسف وكل أنواع الابتذال. استمع اليه يقول في “حسناء” ساعة الاصيل:

أحب الربيع البديع الفتون ….. وحسنه ذاك البهي المصون”وحسناء” تخطر أثناءه ….. تقمص منها رؤاها القرونتبدت أصيلا بعرض الطريق ….. فحار بدربهم السائرونتشعشع منها المحيا الذي ….. ينور رغم الحجاب المصونوشعر تسلسل من عنبر ….. يوارى وراه لجين المتونوينساب حينا على صدرها ….. فيغرق رمانه في سكونجميلة هذا الورى كله ….. جمالك يزداد في كل حينمحياك في ناظري لم يزل ….. فليس خيالك عني يبينفأنت بقلبي أحلى الصدى ….. وأنت لسمعي أشهى الرنينوأنت على خاطري أبدا….. وأنت بفكري لا تبرحينحنانا على عاشق صابر ….. ببحر دموعه تجري السفينترين جنايته حبه ….. أذلك تجزون من يعشقونأقول لها والأسى محرق ….. ودمع العيون يفوق العيونغرامك يا منيتي قاتلي ….. الستم لموقفنا تدركونفقالت: نجيئك بعد العشاء ….. إذا هجع الناس والسامرونفقلت: عسى ذلك واقع ….. ولو أنه في المنام يكونفما غرض غير رؤيتكم ….. وأن نتعاطى الحديث الحنونوذلك أسمى معاني الهوى ….. نجله عما يشين، نصون
وللحماسة مكانة خاصة في الملحمة، وهي حماسة تدور وجودا وعدما مع أمرين: الأمر الأول الدفاع عن العقيدة الاسلامية مع التصدي لأعدائها. والأمر الثاني الكشف عن أوضاع المسلمين المعاصرة مع العمل عن طريق النصيحة على إصلاحها لما فيه إسعادهم في الدارين: دار الدنيا والدار الاخرة. ومن الحماسة قول الشاعر في القضية الفلسطينية والتي فيها دعا الشاعر الى ثورة الحجارة قبل قيامها:
وفي جنى الخلد حسن مصون ….. ففيها الذي ما رأته عيونوأبوابها فتحت لكم ….. ثمانية نحوها تهرعون فسيروا إلى الله في عزمة ….. يقول لكم قدسكم أنقذونأليس لنومتكم صحوة ….. لقد بح صوتي ولا تسمعونأما عندكم غيرة أمتي ….. أليس لأعراضكم تمنعونأما عندكم غيرة أمتي ….. أأرضكم منكم تسلبونفوالله لو أنكم مرة ….. تحسون أو أنكم تشعرونلثرتم عليهم ولو بالعصا ….. ولو بالحصى إنكم تغلبونولكن ببعض شغلتم، فما ….. تصافون يوما، وما تسلمونقيادتكم لأمرئ واحد ….. عليه ولو ساعة تجمعونعساه يخوض الغمار بكم ….. فما بعد واقعكم ذاك هونفإما السفين وربانه ….. غريق، وإلا نجا الراكبون
وفي نفس المعنى يقول الشاعر في مكان آخر بالملحمة:
وإن اليهود لشر الورى ….. لقد لعنوا في القرآن المبينوأسوأ من دب فوق الثرى ….. عليهم لعائن ربي السنين وأقبح من هم تحوى القرى ….. فما لهم في الورى من خدينفيا ويحنا وهم قلة ….. ونحن بجانبهم أكثرونإذا رمتم النصر يا أمتي ….. وعيش الكرامة في العالمينفسيروا إلى القدس واسترجعوا ….. حمى القدس من عصبة معتدينفإن لنا في صلاح المثل ….. لقد طرد العصبة الغاصبينوفي خالد سيف ربي البطل ….. بيرموكها حطم الظالمينوعامرنا في الصحاب الأول ….. به نصر الله نصرا مبينألا اشعلوها عليهم فلن ….. نؤخرها، أو يحين اليقينوليس يلذ لنا طعم زاد ….. وآباؤنا قتلوا والبنونألا فلتسيري جموع الشباب نشق الدروب بعزم مكيننخوض الخطوب نخوض الصعاب ….. فنحن الأسود أسود العرينفشمس الكفاح تذيب الضباب ….. ويمحو الظلام صباح مبين
وللوصف مكانة بارزة في الملحمة حيث ركز الشاعر على وصف الطبيعة وتذوق الجمال والأفتتان بكل شيء جميل: وفي هذا المعنى يقول الشاعر:
أحب الربيع وأهوى العيون ….. وأعشق كل جمال فتونأحب النخيل وأهوى النسيم ….. يلامس أمواج تلك العيونولا سيما في نخيل “الحسا” ….. وتقسيمها العبقري المصونبهن مروج الهوى أخصبت ….. ووآفى الربيع الحياة الحنونأحب الربيع مليك الزمـان ….. تبدى الطبيعة فيه الحنونفكل الأنام بمقدمه ….. سعيدون حقا ومغتبطونتغنى الطيور على حبه ….. ألذ أغاريدها واللحونوتنفح أشجاره بالجنى ….. على كل ما يشتهي الآكلونوتدنو الغصون بأثمارها ….. وتحنو الفروع كام حنون
وتطرق الشاعر للفخر في نفس الملحمة حيث افتخر ببني قومه ولكنه فخر ذا مدلول اسلامي. كذلك افتخر الشاعر في اكثر من مكان بالملحمة بمسقط رأسه “الاحساء”(1) وبشاعريته. ومما قاله مفتخرا ببني قومه العرب:
أيا شعر حي بني قومنا ….. بأزكى التحية عبر القرونوما قومنا وعروبتنا ….. سوى ديننا الحق لو تعلمونفإما نفاخر يوما بذا ….. وذاك فنحن له منتمون وآثار اسلافنا لم تزل ….. فشاهدها غضة بالعيون
وقال مفتخرا بمسقط رأسه “الأحساء”:
ألا فالدنا يا “حسا” ذكريات ….. ومن لك يا “هجر”(2) لايذكرونوذكراك والله في خاطري ….. على كل حين ندى حنون فيا جنة الله في أرضه ….. جمالك فوق الذي يصفونمثالك عز بكل الدنا ….. فما من جمال يرى الناظرونأأنساك “أحساء” هذا محال ….. وأنسى جمالك ذاك الفتون؟أأنسى نخيلك بين النخيـل ….. وأنسى عيونك بين العيون
وقال متفاخرا بشعره في اكثر من مكان بالملحمة:
وبستان شعري غرست به ….. فنونا فأثمرن فيه الفنونحرام علي أخبئه ….. وفوق ثرآه جرين عيونوفاح الأريج وطاب الهوى ….. ورق ورآق لمن يعشقونفأهلا وسهلا به ما أتى ….. أوان الاصيل ووقت السكونبه نشرب الراح راح الهوى ….. بلا شفة بل بروح حنونفما الشعر إلا غذاء الشعـور ….. وما كان يوما غذاء البطونفمتع مآقيك في حسنه ….. ولا تحرمن بهاه العيونورو بيانك من نبعه ….. ففيه الجمال وكل الفنونوزود خيالك من مده ….. فمن بحره يغرف الشاعرون
للبحث صله
—————هوامش:—————
(1) الاحساء اكبر واحة زراعية بالمملكه العربية السعودية وتشكل الجزء الأكبر من المنطقة الشرقية بالمملكه. وللاحساء مكانة خاصة لدى الشاعر. ولقد حبر فيها الكثير من الأشعار اذ بجانب ما حظيت به الاحساء من أهتمام في الملحمة فلقد كانت نصب عين الشاعر في معظم قصائده. وسوف يصدر للشاعر عشرات الدواوين ومن بينها ديوان مستقل تحت عنوان “ديوان الأحساء”.(2) هجر بفتح الهاء وتسكين الجيم من أسماء “الأحساء” التاريخيه. ويقال في الأمثال “هجر وربع القوت”.
————–

المجلة العربيةالعدد:150التاريخ: رجب – 1410 هـ – فبراير (شباط) -1990 م

الناشر: المجلة العربية

– العدد: 150

تاريخ النشر: 01/02/1990م