أدباء وأديبات من الخليج العربي (1)

أدباء وأديبات من الخليج العربي (1)الدكتور محمد بن عبداللطيف آل ملحم بقلم عبدالله بن أحمد الشباط
تربطني بمعالي الدكتور “محمد بن عبداللطيف آل ملحم” صداقة مواطنة تمتد إلى ما قبل ثلاثين عامًا تحدَّثت عن بعض من ملامحها في كتاب (هجر واحة الشعر والنخيل) .. ولقد شغلَته الوظيفة عن استغلال مواهبه الأدبية وتكريس ذكرياته ومحفوظاته في كتبٍ يطالعها الجميع، ويستفيد منها عامة القراء .. فأنت إذ تقرأ للدكتور “آل ملحم” تَحِسُّ أنك أمام طاقة أدبية تنشر عبيرها على الماضي والحاضر .. وإن كانت في غالبيتها لا تعدو نطاق المحلية مع جنوح إلى الالتزام بذلك المسلك القانوني الذي استنفذ الكثير من سنوات دراسته.

وقبل الولوج إلى عالمه الأدبي أجد من اللاَّئق أن أقدمَ للقراء تعريفًا مختصرًا بهذا الأديب.فهو من مواليد الأحساء عام 1357هـ، وبعد أن قرأ القرآن الكريم التحق بالمدرسة الإبتدائية حيث نال شهادتها عام 1371هـ.تابع دراسته حتى نال الشهادة الثانوية عام 1377هـ من المدرسة الثانوية بالرياض ـ أما اللِّيسانس في الحقوق فقد نالها من كلية الحقوق بجامعة القاهرة، ثم واصل دراسته حتى حصل على الدكتوراه من جامعة ييل Yale في “الولايات المتحدة الأمريكية”، ثم تقلَّب في الوظائف الحكومية والمراكز الهامة بالدولة حتى تم ترشيحه وزير دولة بمجلس الوزراء من عام 1395هـ إلى عام 1416هـ حيث تفرَّغ للعمل الخاص.

وقد صدرت له عدة كتب باللغتين العربية والإنجليزية، وكان في طليعة كتبه باللغة العربية كتاب (كانت أشبه بالجامعة) عن بداية التعليم النظامي بالأحساء في العهد السعودي .. وهو كتاب امتزج فيه التاريخ بالذكريات الخاصة في أسلوب سلس ممتع حاز على تقريظ العديد من رجال الفكر والأدب الذين شَهِدُوا بما لهذا الأديب من مقدرة على استنهاض الذكريات العذبة، وما تخلَّلها من شخصيات كان لها الفضل في إذكاء الروح الأدبية لدى أبناء الجيل الذي دارت حلقات الكتاب حوله، إلى جانب ما تميز به من التوثيق والحرص على ترسيخ المسميات التي كادت أن تنمحيَ من الذاكرة، وكان من بين من اثنوا على هذا الكتاب ـ الوثيقة ـ معالي الدكتور عبدالعزيز الخويطر .. الذي كتب عن الأحساء كتابة هي الثناء والتقدير لدور الأحساء الرائد، وأسرها العلمية، وعلمائها الذين كان لهم الفضل في حمل شعلة الثقافة إلى أنحاء العالم الإسلامي حيث كانت مدارسهم وأربطتهم ملتقى لطلاب العلم من “فارس”، و”الصومال”، و”موريتانيا”، و”إمارات الخليج العربي” آنذاك.ثم أتبع ذلك الكتاب بكتابٍ عنوانُه (حماد الراوية الثاني عبدالله بن فهد بوشبيب) الذي جاء في فصله الثاني ما أوضحه المؤلف:(سأطلق على (أبوشبيب) أكثر من اسم في هذا الكتاب:”تارة سأسميه باسمه الحقيقي ـ عبدالله بن فهد بوشبيب ـ واختصارًا “أبوشبيب”،وتارة سأسميه “حماد الراوية الثاني” ـ وهو الاسم الأكثر استخدامًا في هذا الكتاب،وتارة سأسميه “راوية الأحساء”،وتارة سأسميه “هزار الأحساء وبلبلها الغريد”،وتارة سأسميه “شادي الأحساء”،وتارة أخرى سأسميه “صداح القوافي”).من هو هذا الذي حظيَ من المؤلف بهذه التسميات التي تتنافسُ في التقدير؟ولد حماد الراوية الثاني في التاسع من شهر شعبان عام 1317هـ بالهفوف ـ درس القرآن الكريم، وتعلق بحفظ الشعر، وقراءة كتب الأدب، وكان طيلة حياته زينة المجالس يشدو فيها بعذب الأشعار، ومختار الأدب إلى أن توفيَ بمسقط رأسه في السادس من شهر رمضان عام 1403هـ.كان رحمه الله راوية للشعر العامي والفصيح، يمتاز بذاكرةٍ لا يتخللها الخلط أو التداخل، ولقد أحسن أديبنا الكبير “محمد آل ملحم” في رصدِ حياة هذا الراوية ومجالسه ومحفوظاته.ويمتاز هذا الكتاب أنه يقدم تعريفات لكل الشعراء الذين شدا ذلك الهزار بأشعارهم، كما يقدم تعريفات لكل الأشخاص الذين التقى بهم وأنشدهم، وعندما مات رثاه كثير من الأدباء وفي مقدمتهم “الشيخ الأديب عبدالله بن محمد بن خميس”، والدكتور “محمد آل ملحم” ـ مؤلف الكتاب، والشاعر “محمد بن عبدالله آل ملحم”، والشاعر “سعد بن عبدالرحمن البراهيم”.وأنا هنا لن أمضي الوقت في الحديث عن أثر واحد من آثار هذا الأديب حيث أن للدكتور “آل ملحم” الكثير من الإسهامات الأدبية حيث ذكر الدكتور أن له حوالى تسعة كتب تحت الطبع، إلى جانب البحوث والمقالات في المجلات والصحف المحلية.ويمتاز أسلوب الدكتور “محمد آل ملحم” بالشفافية والبساطة المباشرة خصوصًا عندما يتعلق الحديث بمن يكن لهم الود كحديثه عن ابن عمه الشاعر “محمد بن عبدالله آل ملحم” عندما اختطفه المنون فكتب مؤبنًا لينساب حديثه من القلب إلى القلب:”فجعتُ ـ كما فُجِعَ غيري من الأقارب والأصدقاء والمحبين بالأحساء ـ بفراق شاعر موهوب، وخفَّف من هول الفاجعة في نفسي قول الله تعالى: (وما كان لنفس أن تموت إلاَّ بإذن الله كتابًا مؤجلاَ).عَزَّ عليَّ ـ كما عزَّ على أسرته الصغيرة وأقاربه وأصدقائه ومحبيه ـ هذا الفراق ـ ولكنها إرادة الله، ولا راد لقضائه وقدره، قال الله تعالى [كل نفس ذائقة الموت].. وقال سبحانه وتعالى [ولن يؤخر الله نفسًا إذا جاء أجلها].في ظهر يوم الخميس الموافق السابع عشر من شهر ذي الحجة عام 1408هـ انتقل إلى رحمة الله الشيخ الأديب الشاعر/ “محمد بن عبدالله بن حمد [العمر خطأ] آل ملحم” قريبي ورفيق صباي وصديقي.تغمد الله الفقيد برحمته، وأسكنه فسيح جناته، وألهم الله أسرته وأقاربه وأصدقائه ومحبيه الصبر والإحتساب والسلوان . إنا لله وإنا إليه راجعون.

عشتُ مع الفقيد بحكم القربى منذ الصغر في “فريق آل ملحم” بالنعاثل بمدينة الهفوف حاضرة الأحساء، وتعلمتُ مع الفقيد قراءة القرآن الكريم في الكتاتيب عند الشيخ/ ثابت، ومن ثم دخلتُ معه المدرسة الابتدائية بالهفوف، ولم يكمل الفقيد الدراسة الإبتدائية حيث أدخله والده ـ رحمه الله ـ في المعهد العلمي بالأحساء بعد افتتاحه علم 1374هـ، وبعد تخرجه من المعهد التحق بكلية الشريعة بالرياض، وعلى إثر تخرجه من الكلية عمل بمهنة التدريس بمدينة الخبر، ومن ثم بالهفوف حاضرة الأحساء حتى وافاه الأجل المحتوم”.والدكتور “آل ملحم” عندما يتحدث عن أصدقائه تحس في حديثة تلك الحميمية المتفجرة الناطقة بكل معاني الود والوفاء.وبين يدي مقطوعة من ذكرياته يتحدَّث فيها عن زميله في المرحلة الجامعية عندما كان في القاهرة، وكان زميله الدكتور “حمود البدر” أمين عام مجلس الشورى يدرس الصحافة بجامعة القاهرة، ويتقاسم معه السكن: “مضى على صداقتنا أكثر من ستة وثلاثين عامًا .. تعرَّفَ بعضنا على بعض بمدينة الرياض في صيف عام 1378هـ. كان رفيق الدرب وقتها طالبًا في المرحلة النهائية بالمعهد العلمي السعودي بمكة المكرمة في عام 1378هـ، وكنت وقتها طالبًا في المرحلة النهائية بمدرسة الرياض الثانوية حينما كان مقرها بيت “ابن جبر” في 1378هـ .. قرَّرت الحكومة في ذلك العام، بعد نجاحنا، أن نواصل الدراسة بمصر، فاتفقنا على السفر سويةً.في مصر التحق صاحبي بقسم الصحافة بكلية الآداب، جامعة القاهرة، أمَّا أنا فقد التحقت بكلية الحقوق في الجامعة نفسها.وقرَّرنا أن نسكن معًا .. وكانت رغبتنا الجامحة أن نجاور الجامعة، وأن نذهب إليها مشيًا على الأقدام. وبصعوبةٍ بالغةٍ تحقق أملنا حيث وجدنا السكن المريح في شقة بشارع الخطيب بحي الدقي بالجيزة. وكما هو معروف تحتاج الدراسة في الغربة إلى استقرار نفسي، وإلى رفيق درب تشاطره ويشاطرك أحوال المسرة والألم .. كنا نتفق وكنا نختلف .. وهذه ظاهرة صحية. وكان من شأن اتفاقنا على بعض الأمور واختلافنا على أمور أخرى تقوية أواصر الصداقة بيننا.لعب الاستقرار النفسي والرفقة القائمة على التفاهم والمحبة والتسامح دورًا هامًا في نجاحنا الدراسي.

كان صاحبي هاويًا للصحافة، متعلقًا بها، كانت في روحه ودمه حتى قبل أن يلتحق بقسم الصحافة. وحينما كان طالبًا بالقسم كان يراسل بعض صحفنا السعودية من القاهرة لغاية في نفسه تمكَّن من تحقيقها بسهولة. وكنتُ أتصورُ أن ما يرغب في تحقيقه عن طريق مهنة المتاعب معجزة في حد ذاتها، وهي غاية نجح في الوصول إليها، وحينما أمسك بناصيتها وجد فيها خيرًا وبركة.كان رفيقي يحدد وقت المذاكرة، كما يعرف وقت الراحة، وكان صاحب رأي، وكان يحاور ولكن في أناة وصبر بأدب جم، وكان يستمع للرأي الآخر وحتى إن لم يقبله، فهو يحترمه”. هذا هو أديبنا الكبير الدكتور “محمد بن عبداللطيف آل ملحم” في تعريفٍ قصدتُ به تقديمه كوجهٍ بارزٍ من وجوه الفكرِ في “منطقة الخليج العربي”.
بقلم عبدالله بن أحمد الشباط. المصدر: المنهل: مجلة العرب الأدبية، العدد (569)، ص/74 ـ77، المجلد (61)، العام 66، رجب 1421هـ،أكتوبر 2000م.

المقالة: أدباء وأديبات من الخليج العربي (1) أدباء وأديبات من الخليج العربي (1)
الكاتب: عبدالله بن أحمد الشباط
الناشر: مجلة المنهل ,
العدد:659تاريخ
النشر: أكتوبر 2000م

كتاب هزار الأحساء وبلبها الغريد لمعالي الدكتور محمد الملحم

كتاب : هزار الأحساء وبلبلها الغريد

تاريخ الاصدار : 1420هـ الموافق 2000م

موصف الكتاب : دراسة عن حياة شخصية ذات شهرة في فن الرواية الشعرية في القرن الرابع عشر الهجري

متوفر في :
1- الدار الوطنية الجديدة للنشر والتوزيع, الدمام – الأحساء
2-مكتبة جرير
3-مكتبة التعاون الثقافي , الأحساء

كتاب هزار الأحساء وبلبلها الغريد لمعالي د. محمد الملحم

 

الرد على مهيار (3)

من أوراقي المبعثرة الرد على مهيار 3 ـ 3بقلم معالي الدكتور محمد بن عبداللطيف آل ملحم*
وكان “مهيار” يتفاخرُ وينافحُ في قصيدته عن قوميته، ولكن هذه المنافحة والتفاخر من أجل ماذا؟ هل هو من أجل قوميةٍ بائدةٍ مجردةٍ من القيم والأخلاق الإسلامية؟ لماذا لا يكون التفاخر بالدين الجديد الذي جاء به القرآن الكريم، وهو الدين الذي يدعو إلى نبذ شركيات الماضي، والتمسك بالأخوة الإسلامية، وبالتقوى والدعوة إلى الله. هل يلزم تذكِير “مهيار” بزلزال “الإسلام” الذي اجتثَّ “إيوان كسرى” من جذوره، وهو يعلمه علم اليقين؟ هل يلزم تذكِير “مهيار” بعقيدة التوحيد التي قضت على كل ألوان الشرك وعبادة الأوثان والطغيان ، وجمعت منسوبي الإسلام في نسبٍ واحدٍ مهما اختلفت جنسياتهم وقومياتهم، وتبلور هذا النسب في قيام أمة واحدة تلتوي بلواء “الإسلام”، وتتفيَّأُ في ظلاله عير القرون في محبةٍ وأخوةٍ لا نظير لهما.يقول الشاعر:ـ
لَيْسَ يَا “مِهْيَارُ” فَخْرًا لِلْفَتَى ….. فِي مَيَادِينِ الْعُلَى وَالرُّتَبِ غَيْرَ تَقْوَى اللهِ بُرْهَانُ الرِّضَى ….. وَدَلِيلُ النُّجْحِ فِي الْمَطْلَبِوَالْفَخَارُ الْحَقُّ بِالدِّينِ الذِي ….. يُوصِلُ الْمَرْءَ لِمَا لَمْ يِخّرُبِ أَيْنَ “كِسْرَاكُمُ” عَلَى إَيوَانِهِ ….. وَبِسَاطٌ نَسْجُهُ مِنْ ذَهَبِ وَكُنُوزِ الدُّرِّ فِي بَهْجَتِهَا ….. تَبْهَرُ الْعَيْنَ بِمَرْأًى عَجَبِ وَسَنَاءُ التَّاجِ فِي رَوْعَتِهِ ….. سَاطِعًا مِثْلَ سَنَاءِ اللَّهَبِمَزَّقَّ اللهُ “بِسَعْدٍ” مُلْكَهُ ….. وَبِجَيْشِ الْمُتَّقِينِ النُّجُبِ وَكَذَا الْعُقْبَى لأَرْبَابِ التُّقَى ….. فَالْتَزِمْهَا تَظْفَــرَنْ بِالْغَلَبِ
ويختم الشاعر “آل ملحم” قصيدتَه موجهًا النُّصح “لمهيار” [ومهيار ميت] ولكن النصح، في حقيقة الأمر، موجةٌ إلى كل من سَيَسْرِ على شاكلة “مهيار”: بأن الإسلام ينبذ العصب الأعمى، والتفاخر بالقوميات المجردة من أخلاقيات الإسلام وتسامحه. كما يذكِّر الشاعر بأخلاق الإسلام النبيلة التي جمعت ولم تفرق دونما نظر لعنصرٍ أو جنسٍ ما دام الكل يدين بدين الإسلام. وهو الدين الذي يدعو لعبادة إلهٍ واحد، والتمسك بكتابٍ واحد، والتوجه إلى قبلةٍ واحدة، والإيمان برسل خاتمهم “محمد” صلى الله عليه وعليهم وسلم. يقول الشاعر:ـ
لاَ تُثِرْهَا نَعْرَةً بَالِيَةً ….. دَرَسَتْ آثَارُهَا فِي التُّرَبِ وَلْنِدَعْهَا إِنَّهَا مُنْتِنَةٌ ….. قَدْ نَهَى عَنْهَا الْفَتَى “الْمُطَّلِبي” إِنَّنَا بِالدِّينِ صِرْنا إِخْوَةٌ ….. وَكَفَانَا دِينُنَا مِنْ نَسَبِ عَزَّنَا اللهُ بِهِ أَجْمَعََُا ….. وَتَسَاوَيْنَا بِهِ فِي الْحَسَبِ فَإِذَا “سَلْمَانُ” مِنْ بَيْتِ “النَّبِي ….. وَ”صَهَيْبٌ” وَ”بِلاَلٌ” “يَثْرُبِي” أُمَّةٌ وَاحِدَةٌ أُمَّتُنَا ….. وَ”إِلَهٌ” وَاحِدٌ ثُمَّ “نَبِي” قُبْلَةٌ وَاحِدَةٌ قُبْلَتُنَا ….. ثَمَّ ذِكْرٌ وَاحِدٌ فَلْنُجِبِ: دَعْـوَةُ الْحَـقِّ إِذَا نُودِي بِهَا ….. وَلْنُجِدَّ السَّيْرَ فَـي الْمُطَّلَبِ
وَوَرَدَ تساؤلُ في “دراسة” أدبية تناولت قصيدة “أُعْجِبَتْ ِبي” فحواها عمَّا إذا كان “مهيار” قد أخلص للإسلام؟ فكان الجواب نعم. ذلك أن ديوانه قد تحدَّث بصفةٍ خاصةٍ عن حبه العميق للأهل البيت، ثم إن شعره يوضح اعتقاده الحار في الإسلام عن اقتناع، ورغبته بأن يدخل قومه في الإسلام، وكان الدليل ذلك تحبيره الأبيات التالية:ـ
وَبَلِّغْ أَخَا صُحْبَتِي عَنْ أَخِيكَ ….. عَشِيرَتَهُ نَائِيًا أَوْ قَرِيبَاتَبَدَّلْتُ مِنْ نَارِكُمْ رَبَّهَا ….. وَخُبْثَ مَوَاقِدِهَا الْخُلَدُ طِيبَا نَصَحْتُكُمُ لَوْ وَجَدْتُ الْمُصِيخُ ….. وَنَادَيْتُكُم لَوْ دَعَوْتُ الْمُجِيبَا أَفِيقُوا فَقَدْ وَعَدَ اللهُ فِي ….. ضَلاَلَةِ مِثْلِكُمُ أَنْ يَتُوبَا وَإِلاَّ هَلِــمُّوا أُبَاهِيكُــمُ ….. فَمَنْ قَامَ وَالْفَخْرُ قَامَ الْمُصِيبَا
وفي مقدمة “دراسة” أخرى عن شعره “مهيار” ورد ما يلي:ـ وشعر “مهيار” في محتواه يمثِّل ظاهرةً خاصةً في كونه صورة ناضجة لقصيدة التشيع، وتطورها في تاريخها الطويل، ولقصيدة الشعوبية في آخر مراحلها في العصر العباسي. وهو بعد ذلك النموذج الواضح للتلمذة الشعرية وتطورها في الشعر العربي.وبمقدمة الدراسة نفسها تقويم موضوعي “لمهيار” من حيث معتقده، تقول الدراسة”:ـولم يقدر لشاعر أن تتضارب حوله الآراء كما قدر “لمهيار الديلمي”، فقد ظلت أصابيع الاتِّهام تشير إليه مثيرةً الشكوك حول إسلامه وتشيعه، كما أشير إليه بالبنان من قبل آخرين وجدوا فيه مثالاً صادقاً للإيمان والثبات على الدين والمذهب. ولم يقف هذا التناقض عند حدود تاريخ الشاعر الشخصي، وفكره ومعتقده، وإنما امتد إلى الجوانب الفنية، وشمل شعره. فهناك من النقاد القدامى ومؤرخي الأدب من أنكر “مهيار” أشد الإنكار، وفضَّل أن لا يشير إليه، وأن لا يضعه مع أدباء العصر. وهناك أيضًا من نظر في شعر “مهيار” نظرة فاحصٍ مدققٍ ليستشهد به، ويبررعيوبه ونواقصه.ولم يكن هذا التناقض في الرأي عند عصرٍ بعينه، فما زالت الآراء المحدثة تتناول “مهيار” مختلفة حوله بين الإعجاب الواسع والإشارة الصريحة إلى الفراغ الفني الفكري في شعره.
*رئيس دارة الدكتورآل ملحم  للتحكيم والاستشارات القانونية.


الرد على مهيار (3)
الناشر: جريدة اليوم

– العدد:9837

تاريخ النشر: 21/05/2000م

من أوراقي المبعثرة وعن النخلة أم البترول مرة أخرى 2 ـ 4

وتحدث السيد “تويتشل” باستفاضة عن الامكانيات المالية المتوقعة من “البترول” في “مقاطعة الأحساء”، كما تناول من وجهة نظره ما تم من مغامرات ومحادثات وملابسات انتهت بفوز شركة أمريكية ـ كان له دور فيها ـ بامتياز البحث عن البترول في البلاد السعودية. وهو امتياز تحقق له النجاح والبقاء المستمر إلى حين.وعن الماء والآبار يقول المؤلف: إن ما يعنينا من حالة الري في البلاد العربية السعودية أننا تجاه حقيقة واقعة، وهي أن “منطقة الأحساء” تتمتع بأعظم إمكانيات الري. وتوجد هنالك احتمالات بانبثاق آبار ارتوازية في منبسط الأرض يمتد إلى مسافة تبلغ فوق [مائة] 100 ميل مربع غربي الخليج [الفارسي] بموازاة ساحله. ويقول السيد “تويتشل”: وإن ما يحمل على هذا الاعتقاد هو تلك الآبار التي قامت شركة الزيت العربية الأمريكية بحفرها في مراكز أعمالها في “الخبر” و”بقيق” و”الجبيل” و”أبوحدرية” إلى الشمال والجنوب من “الظهران”، وما قامت بحفره كذلك الحكومة العربية السعودية في مواقع عديدة في “حوية” إلى الغرب من “بقيق” وفي “الهفوف”.وبالإضافة إلى ما يجري ـ والقول للسيد “تويتشل” ـ بهمة ونشاط من تحسينات للحصول على الماء، يوجد هنالك ينابيع عظيمة تتدفق بالماء العذب الزلال بكميات هائلة في واحات “الأحساء” و”القطيف” و”صفوة” و”تاروت”، وأعظم نبع جار في “الهفوف” وهو نبع “عين حقل” ويعطي (22500) جالون في الدقيقة الواحدة، ولا يزال جارياً متدفقاً، ويُرى أثره في في أراض كثيرة حيث عاش جماعات من الناس آلاف السنين وخلفوا وراءهم الحدائق والبساتين التي يستثمرها أبناؤهم جيلاً بعد جيل. وقد قُدِّرَ ما تعطي كل من الثلاث العيون الأخرى في واحة “الأحساء” بحوالي (20000) جالون في الدقيقة الواحدة، كما قدر ما تعطيه خمسة ينابيع أخرى بـ (800) إلى (4000) جالون في الدقيقة. وواحات “الهفوف” التي تعتبر أوسع الواحات في البلاد العربية السعودية ذات ارتفاع معدله (500) قدم، وقد قدر مهندسو شركة الزيت بأن مقدار تلك المساحة ـ التي تنمو فيها أكثر من مليوني “نخلة ” يبلغ حوالي (25000) فدان.ومن مليوني “النخلة” كانت “الزراعة” من اهتمامات السيد “تويتشل” وذلك من خلال تحريه وبحثه عن مصادر المياه. يقول السيد “تويتشل” عن الزراعة والمياه في “منطقة الأحساء”: أن هذه البلدة حتى قبل اكتشاف البترول فيها كانت تعتبر ذات أهمية في البلاد العربية السعودية، وعلى الأخص الواحات الشاسعة المعروفة في “الهفوف” التي تجري فيها سبعة ينابيع مياه هائلة، ويوجد فيها أكثر من ميليوني نخل، وهذه تعطي أعظم منتوج من تمر “الخلاص” الغالي الثمن.وعن التمور يقول السيد “تويتشل”: والتمر هو المنتوج الزراعي الرئيس في البلاد، وأصنافه لا عَدَّ لها … كما ذكر أن تمور المملكة متنوعة، ولكن ما يرسل للخارج، أو وراء البحار، حسب تعبير المؤلف، إنما هو من الصنف الصغير الحجم الحلو الغالي السعر وهو ما يدعى “بالخلاص”، ويُغَلُّ في “منطقة الأحساء” الذائعة الصيت.وفي موقع آخر من كتابه يقول السيد “تويتشل”: ويعدُّ الأرز من المنتوجات الهامة في واحات “الأحساء”، وكمية المياه المتدفقة من الينابيع السبعة العظيمة تجعل في الإمكان القيام بعملية غمر الماء اللازم لحقول الأرز، ومعظم الأرز غير المقشور يوجد في بساتين النخيل الواسعة الأطراف، ويستهلك محلياً.ويظل كتاب “الزراعة الحديثة بالمملكة العربية السعودية” من أهم الكتب الوثائقية في خصوص الموضوع الذي يتطرق إليه. كما وجدتُ أنه كتاب قد تحدث باستفاضة وشمولية عن أوضاع الزراعة بالمملكة، وكذا عن “النخلة”، ومؤلف الكتاب هو السيد “حسين محمد بدوي” الخبير الزراعي المصري وعضو “البعثة الزراعية المصرية” التي قدمت “للملكة العربية السعودية” للنظر في دراسة الأوضاع الزراعية في المملكة بموجب الأمر الملكي الصادر في 36/8/1362هـ. وتتكون البعثة المصرية من فريقين: فريق “وزارة الزراعة” وهم: الأستاذ “عمر بك خليل” رئيساً، وعضوية كل من:الأستاذ “حسين دويدار”، و”حسين بدوي”، و”إبراهيم سجيني”. أما فريق “وزارة الأشغال” فهم: الأستاذ “محمد بك عمر” رئيساً، وعضوية كل من:”صلاح الدين فطين” عضواً و”عبداللطيف فتوح” عضواً.وتضمَّن الأمر الملكي الموجه أصله لمعالي وزير المالية الفقرات التالية”: “بما أننا لم نأمر باحضار البعثة الزراعية إلا لتنظيم المزارع على الطريقة الفنية للوصول إلى أحسن الأصناف الممكنة، ولأجل تسهيل مهمة البعثة والحصول على النتيجة التي جاءت البعثة من أجلها نأمر بما يأتي. وأهم ما جاء في الأمر ما يلي:ـ (1) يقوم بالأعمال الزراعية في “الخرج” المهندسون الفنيون فيكون أحدهم “للسيح” و”سميح”، و”المحمدي”، “والآخر “لخفس”، والثالث لقسم البساتين والخضار والفواكه والأشجار. (2) تعطى السلطة الكاملة للمهندسين المذكورين في المراقبة والإشراف على الأعمال الزراعية، وفي طلب فصل المزارعين الذين لا يقومون بوجباتهم، ولا يمتثلون للتعليمات التي تعطى لهم بدقة. (3) يقوم مدير مصلحة الخرج بإنجاز اللوازم والطلبات من بذور وعمال ومحروقات وغيرها في أوقاتها اللازمة بحيث لا يحدث من جرائها أدنى تعطيل. (4) المسئولية في أعمال الزراعة الفنية على المهندسين الزراعيين، والمسئولية في تأميم الطلبات على إدارة الخرج فإن حصل قصور من أحد الجانبين يكون مسئولاً.وكانت مهمة رؤساء الفريقين لمدة ستة أشهر، ومهمة أعضاء الفريقين لمدة سنتين مبتدئة من 12 ذي القعدة عام 1361هـ. وخلال السنتين الأولى قامت “البعثة الزراعية المصرية” بأداء مهمتها المناطة بها في “الخرج” و”خفس دغرة”، وتقدمت بتقرير عن حالة المواشي “بالخرج” تضمَّن اقتراحات طالبت البعثة من المسؤولين بتنفيذها. وبعد أن انتهت مدة البعثة مددت مهمتها لمدة سنتين أخريتين للعمل بمنطقتي “الأحساء” و”القطيف”.وبموجب هذا التمديد قامت البعثة بأعمال تستحق الإشادة والذكر. وتضمَّن الكتاب معلومات مهمة عن هاتين المنطقتين تحتل الجزء الأكبر من محنويات الكتاب. وعن هاتين المنطقتين ورد بكتاب “وزارة الزراعة والمياه” المئوي معلومات من طبيعة توثيقية منها: وتتفوق واحة “الأحساء” على غيرها من مناطق المملكة في انتاج التمور بكميات وافرة ونوعيات عالية الجودة وكذلك الأرز الحساوي، كما أن واحتي “الهفوف” و”القطيف” تعدان من أهم مراكز انتاج الفاكهة خاصة الرمان والموالح والخوخ والتين والموز والخضار”.

ــــــــــــــ

الناشر: جريدة اليوم

– العدد:9802

تاريخ النشر: 19/04/2000م

*رئيس دارة الدكتور آل ملحم للتحكيم والاستشارات القانونية

الرد على مهيار (2)

الرد على مهيار 2 ـ 3بقلم معالي الدكتور محمد بن عبداللطيف آل ملحم*
وللرد على “مهيار” من منطلقاتٍ إسلاميةٍ بحتةٍ ترتكز على مبدء نبذ القومية والعنصرية رفع الشاعر “آل ملحم” شعار “الإسلام” وشعار “الأخوة الإسلامية”.يقول:ـ
لَكَ يَا “مِهْيَارُ” فِي الشِّعْرِ يَدٌ ….. وَلَنَا أَيْدٍ لَهَا لَمْ تُغْلَبِ لاَ تُفَاخِرْ “أُمَّةَ الضَّادِ” التِي ….. خَصَّهَا اللهُ بِذِكْرٍ عَرَبِي وَحَبَاهَا مِنْ لَدُنْهِ “الْمُصْطَفَى” ….. وَكَفَى الْعُرْبَ النَّبِيَّ الْيَعْرُبِي فَسَمُوا “بِالْمُصْطَفَى” فِي مَشْرِقٍ ….. وَسَمُوا “بِالْمُصْطَفَى” فِي مَغْرِبِ قَدْ أَضَاءَ الْكَوْنَ مِنْ أَنْوًارِهِ ….. وَانْجَلَتْ عَنَّا غُيُوبِ الْكُرَبِ لاَ تُفَاخَرْنـَـا فَإِنَّــا أُمَّــةٌ ….. شَمْسُهَا مِنْذُ بَــدَتْ لَمْ تَغْرُبِ
كما أخذ الشاعر “آل ملحم” يذكِّر “مهيار” بأثر الإسلام في “فارس”. يقول له:ـ
لاَ تُفَاخِرْ “أُمَّةَ الضَّادِ” التِي ….. خَصَّهَا اللهُ بِذِكْرٍ طَيِّبِ كُنْتُمُ مِنْ قَبْلَهُ فِي مِحْنَةٍ ….. وَالْوَرَى كُلُّهٍمْ فِي نُوَبِ تَعْبُدُونَ النَّارَ وَيْحَكُمُ ….. وَتَجُودنَ لَهَا بِالْقُرَبِ كَمْ شُعُوبٍ حَارَبَتْنَا فَانْتَهَتْ ….. وَاسْتَحَالَتْ فِي سَحِيقِ التُّرَبِ قَدْ مَضَتْ “فُارِسُ” وَ”الرُّومِ” مَعًا ….. وَكَذَا دَيَلَكُمُ عَنْ َكَثبِلاَ تُفَاخِرْ “أُمَّةَ الضَّادِ” التِي ….. خَصَّهَا اللهُ بِذِكْرٍ طَيِّبِ كُنْتُمُ مِنْ قَبْلَهُ فِي مِحْنَةٍ ….. وَالْوَرَى كُلُّهٍمْ فِي نُوَبِ تَعْبُدُونَ النَّارَ وَيْحَكُمُ ….. وَتَجُودنَ لَهَا بِالْقُرَبِ كَمْ شُعُوبٍ حَارَبَتْنَا فَانْتَهَتْ ….. وَاسْتَحَالَتْ فِي سَحِيقِ التُّرَبِ قَدْ مَضَتْ “فُارِسُ” وَ”الرُّومِ” مَعًا ….. وَكَذَا دَيَلَكُمُ عَــنْ َكَثبِ
وفي دَرْسٍ كلهُ أدبٌ جمٌّ أخذ الشاعر “آل ملحم” يحدث “مهيار” عن الإسلام ورسالته، وعن أثره في بناء أمة مسلمة متماسكة ذات بنيان مرصوص لدرجة أصبح لهذه الأمة في هذا الكون، بفضل الإسلام هذا الدين الخالد، الكلمة النافذة والذكر الحسن. يقول الشاعر:ـ
وَابْتَدَأْنَا كُلُّنَا تَارَيْخَنَا …… “أُمَّةَ الإِسْلاَمِ” مِنْ هَذَا “النَّبَي” قِصَّةُ الْمَجْدِ لَنَا قَدْ بَدَأَتْ …… بِظُهُورِ الدِّينِ فَافْهَمْ يَا “غَبِي” إِنَّهُ مَنْسِبُنَا أَجْمَعِنَا …… حَسْبُنُا ذَلِكُمْ مِنْ نَسَبِ حَيْثُ نُلْنَا ذُرْوَةَ الْمَجْـدِ هُنَا …… وَغَـدًا نَبْلُغُ أَعْلَـى الرُتَبِ
ومن ثم وجَّه الشاعر خطابه إلى “مهيار” يذكِّره ولعل الذكرى تنفع المؤمنين، بما يجب عليه أن يتفاخر به، وتمكن شاعرنا أن يستخدم أبياتًا من قصيدة “مهيار” لما فيه صالحه وصالح كل مسلم. والبيتان هما:ـ
“وَبِهِ اسْتَوْلُوا عَلَى الدَّهْرِ فَتًى” ….. “وَمَشُوا فَوْقَ رُؤُسِ الْحُقثبِ” “عَمَّمُوا بَالشَّمْسِ هَامَاتُهُـمُ” ….. وَبَنُوا أَبْيَاتُهُــمْ فِي الشُّهُبِ
يقول الشاعر “آل ملحم” في خطابه:ـ
لاَ تُفَاخِرْ بِتُرَاثٍ مَيِّتٍ ….. لَمْ يُقِمْ بُنْيَانُهُ هَدْيِ نَبِي وَافْتَخِرْ بِالدِّينِ لَوْلاَهُ لَمَا ….. بَلَغَ الإِنْسَانُ أَقْصَى مَأْرَبِ ذَلِكَ الدِّينُ الذِي سَادُوا بِهِ ….. مِـنْ أَقَاصِي الشَّرْقِ حَتَّى الْمَغْرِبِ”وَبِهِ اسْتَوْلُوا عَلَى الدَّهْرِ فَتًى” ….. “وَمَشُوا فَوْقَ رُؤُسِ الْحُقُبِ” “عَمَّمُوا بِالشَّمْسِ هَامَاتُهُـمُ” ….. وَبَنُوا أَبْيَاتُهُــــمْ فِي الشُّهُبِفَهَنِيئًا لَهُمُ فِي غَِدِِهِــمْ ….. بِنَعِيمٍ دَائِــمٍ مُرْتَقِــــبِ
كما أخذ الشاعر يوضح “لمهيار” ما جاء الإسلام به من حقائق مع اقتباس جميل لأبيات من قصيدة “مهيار” في غير ما خُصِّصَتْ له أصلاً فيقول:ـ
لاَ تُفَاخِرْ بِجُدُودٍ سَلَفُوا ….. لَيْسَ فِيهُمْ “مُسْلِمٌ” أَوْ “يَعْرُبِي” أَيْنَ يَا “مِهْيَارُ” آبَاؤُكُمُ ….. مِنْ نَبِيٍ “قُرَشْيٍ” “عَرَبِي”وَكَفَانِي شَرَفًا أَنِِّّيَ مَنْ ….. جَدُّهُ “عَدْنَانَ” مَنْ “مِثْلَ أَبِ”أَيْنَ يَا “مِهْيَارُ” إِيوَانُكُمُ ….. إِنْ تَنَازَلْنَا لِعَرْضِ النَّسَبِ وَنَسَبنَا إِرَمًا نِدًا لَهُ ….. هَلْ تُرَابٌ يَسْتَوِي مَعْ ذَهَبِ أَتَقُولُونَ فَخَارًا بَعْدَ ذَا ….. لِفَتَاةِ “الْعُرْبِ” عَبْرَ الْحُقُبِ “أُعْجِبَتْ بِي بَيْنَ نَادِي قَوْمِهَا” ….. “أُمَّ سَعْدٍ فَمَضَتْ تسْأَلُ بِي” يَا تُرَى هَلْ بَعْدَ هَذَا فِي الدُّنَا ….. “رُومُهَا أَوْ “فُرْسُهَا” فِي مَنْصَبِ مَنْ يُدَانِينَا عَلَى طُولِ الْمَدَى ….. فَلِتَسْلَمْ مُذْعِنًا “لِلْيُعَرُبِـــي”


الناشر: جريدة اليوم

– العدد: 9830

تاريخ النشر: 14/05/2000

*رئيس دارة الدكتورآل ملحم للتحكيم والاستشارات القانونية.

الرد على مهيار 1

من أوراقي المبعثرة الرد على مهيار 1 ـ 3بقلم معالي الدكتور محمد بن عبداللطيف آل ملحم*
وُلِدَتْ قصيدة “أعجبت بي” في بغداد عاصمة الخليفة “المعتصم” التي كان وقتها تحت “الحكم البويهي” ذي النَّزعات الفكرية المتصارعة. وتتكوَّن هذه القصيدة من “تسعة” أبيات محبرة على بحر “الرمل” ذي الموسيقى الرشيقة الخفيفة المنسابة كما يقول أحد النقاد العرب. وتقرأ الأبيات التسعة كما يلي:ـ
أُعْجِبَتْ بِي بَيْنَ نَادِي قَوْمِهَا …… “أُمٌّ سَعْدٍ” فَمَضَتْ تَسْأَلُ بِي سَرَّهَا مَا عَلِمَتْ مِنْ خُلُقِي …… فَأَرَادَتْ عِلْمَهَا مِنْ حَسَبِي لاَ تَخَافِي نَسَبًا يُخْفُضُنِي …… أَنَا مَنْ يُرْضِيكَ عِنْدَ النَّسَبِ قَوْمِيَ اسْتَوْلُوا عَلَى الدَّهْرِ فَتًى …… وَمَشُوا فَوْقَ رُؤُوسِ الْحُقُبِ عَمَّمُوا بِالشَّمْسِ هَامَاتُهُمُ …… وَبَنُوا أَبْيَاتَهُمْ فِي الشُّهُبِ وَأَبِي “كْسْرَى” عَلَى إِيَوَانِهِ …… أَيْنَ فِي النَّاسِ أَبٌُّ مِثْلَ أَبِي سَوْرَةُ الْمُلْكِ الْقُدَامَى وَعَلَى …… شَرَفِ الإْسِلاَمِ لِي وَالأَدَبِ قَدْ قَبَسْتُ الْمَجْدَ مِنْ خَيْرِ أَبٍ …… وَقَبَسْتُ الدِّينَ مِنْ خَيْرِ نَبِي وَضَمَمْتُ الْفَخْرَ مِنْ أَطْرَافِــهِ …… سُؤْدَدَ الْفُرْسِ وَدِينَ الُعَــرَبِ
ومنذ أن تَمَّ تحبير هذه القصيدة وهي ذاتٍ تألقٍ متناهٍ في عالم التجربة الشعرية،والقصيدة من روائع الشعر العربي، وقد نالت ما تستحقه من شهرة، وهي من نتاجٍ فارسيٍ في شكل عربي، وكان الغرض منها التعبير بوضوحٍ عن تفوق “فارس” أصلاً ومحتدًا وباسم الإسلام، وضد كل ما هو عربي أصلاً ومحتدَا.والقصيدة معلم شامخ، وتدل على عظمة الفخر باعتباره أحد فنون التجربة الشعرية العربية، كما أنها أهم رمز ممثل لروح الفلسفة الشعوبية التي نشأت وترعرعت في ظل التسامح الإسلامي وأخلاقياته النبيلة.وتَمَّ تحبير القصيدة تحت سمع وبصر خليفة “بغداد” الذي لم يحوك ساكنًا لأنه كان حبيس القفص الشهير. وكانت القصيدة في حد ذاتها أهم رسالة إعلامية عبرت في عقر دار العربي عن عظمة الفرس، والتذكير بأمجادهم، كما يتخيلها “مهيار”..وقائل القصيدة رجل فارسي مجوسي حديث عهد بالإسلام. ولتمجيد الفرس استخدم “مهيار” سلاح من أمضى الأسلحة عند العرب أَلاَ وهو الشعر عندما رغب في التعبير عن آرائه.وَفَعَلَ “مهيار” ما فعل لإدراكه أنه يعيش في عصر كانت السيادة فيه “للفرس”، كما كانت القصيدة نذير انتكاسات تلت عصر “المعتصم”.وكان “مهيار” نسيج عصره، وهو عصر اختلط فيه الحابل بالنابل وذلك في ظل ضعف عربي، وسيطرة خليط من أجناس غير عربية، ومذاهب متعددة، وأفكار متباينة.وقيل عن “مهيار” في التراث العربي أنه له مذاقٌ خاصٌ في الشعر، مبغضٌ “للعرب”، فخورٌ “بكسراويته”، ومحبٌ “للآل البيت”.تسامح الإسلام جعل “مهيار” يقول ما قال، وهو تسامح تبدو مصداقيته في قول “الرسول” صلة الله عليه وسلم في خطبة الوداع “ليس لعربي فضل على عجمي إلاَّ بالتقوى”.ولم أعثر، وهذا مبلغ علمي، على اسم شاعر تصدى “لمهيار” غير الشاعر”محمد بن عبدالله بن حمد آل ملحم” الذي حبَّر قصيدة من بحر “الرمل”، وهو البحر نفسه الذي استخدمه “مهيار” في قصيدته. وهي قصيدةٌ، كما سنرى، تستحِق الذكر والإشاده.وتحدث الشاعر “آل ملحم” عن كيفية عثوره على قصيدة “أعجبت بي” في أبياتٍ قدَّم بها قصيدته قائلاً:
بَيَنَمَا كُنْتُ بِظِلّ مُعْجِبٍ ….. مِنْ ظِلاَلِ الأَدَبِ الْمُعْشَوْشِبِ وَأَنَا فِيهِ أُسَلِّي خَاطِرِي ….. مُسْتَريِحاً فِي رِيَاضِ الْكُتُبِ إِذْ بَدَتْ لِي قِطْعَةٌ شِعْرِيَّةٍ ….. لِفَتًى لاَحَ كَمِثْلِ الْكَوْكَبِ فَاخِرًا فِيهَا بِقَوْمِيَّتِهِ ….. يَتَبَاهَى مُظْهِرًا لِلْحَسَبِ يُرْسِلُ الشِّعْرَ كَمَا نَعْهَدُهُ ….. لَيْسَ بِالْمَصْنوعِ وَالْمُكَتسِبِ سَاحِرُ الإِيقَاعِ فِي نَغْمَتِهِ ….. نَفَثَاتُ الْحُبِّ فِي قَلْبِ صَبِي غَيْرَ أَنَّ الْمَرْأَ مَهْمَا يَعْتَلِي ….. لَيْسَ يَخْلُو أَبَدًا مِنْ ثُلَبِ وَلأَنَّا لَمْ نَجِدْ مَنْ يَنْبَرِي ….. قَدْ أَخَذْنَا قَوْسَنَا فِي اللَّعِبِ فَاسْمَعُوا آرَاءَنَا نَعْرُضَـهَا ….. دُرَرًا مِْن نَوْعِـهَا لَمْ تُجْلَبِ
وهكذا، وفي أدب جم، بدأ “آل ملحم” قصيدته التي وإن لم تخلو من مدح لشاعرية مهيار، ومن أنه شاعر مطبوع، إلاَّ أن استنكرتْ عليه التعصب لقوميته.يقول “مهيار”:
أُعْجِبَتْ بِي بَيْنَ نَادِي قَوْمَهَا ….. “أُمٌّ سَعْدٍ” فَمَضَتْ تَسْأَلُ بِي
مَنْ هي “أم سعد”؟ هل هي محبوبةٌ أم زوجهُ؟لقد سار “مهيار” على ما سار عليه الشعراء العرب منذ العهد الجاهلي وحتى عصر “مهيار” على اتخاذ اسم محبوبة لمناجاتها في أشعاره مثل “سلمى” و”بثينة” و”ليلبى” و”عنيزة”. ولكن “أم سعد” في مفهوم “مهيار” هي “العروبة المسلمة” وقوم “أم سعد” هم “الأمة العربية” قاطبةً. ولأن “العروبة” وقتها كانت في حالة ضعف واستكانة أخذت “أم سعد” تسأل “مهيار” مَنْ أنت؟ مَنْ أنت؟ وتمكن “مهيار” من التغلغل في أعماق “أم سعد” ليكشف عن سِرِّ سؤالها بكل وضوح. قال “مهيار”:
سَرَّهَا مَا عَلِمَتْ مِنْ خُلُقِـي ….. فَأَرَادَتْ عِلْمَــهَا بِحَسَبِي
وهنا أراد “مهيار” بجلاءٍ تبيانَ أخلاق “الفرس”، وأنه لولا علم “أم سعد” عن حسن أخلاقي باعتباري فارسيًا” لما كان لديها ما يبرر السؤال عن حسبي ونسبي.وللرد على “مهيار” من مطلقاتٍ إسلاميةٍ بحتةٍ ترتكز على نبذ “القومية” و”العنصرية” رفع الشاعر شعار “الإسلام”، وشعار “الأخوة الإسلامية”.يقول الشاعر “آل ملحم”:
لَكَ يَا “مِهْيَارُ” فِي الشِّعْرِ يَدٌ ….. وَلَنَا أَيْدٍ لَهَا لَمْ تُغْلَبِ لاَ تُفَاخِرْ “أُمَّةَ الضَّادِ” التِي ….. خَصَّهَا اللهُ بِذِكْرٍ عَرَبِي وَحَبَاهَا مِنْ لَدُنْهِ “الْمُصْطَفَى” ….. وَكَفَى الْعُرْبَ النَّبِيَّ الْيَعْرُبِي فَسَمُوا “بِالْمُصْطَفَى” فِي مَشْرِقٍ ….. وَسَمُوا “بِالْمُصْطَفَى” فِي مَغْرِبِ قَدْ أَضَاءَ الْكَوْنَ مِنْ أَنْوًارِهِ ….. وَانْجَلَتْ عَنَّا غُيُوبِ الْكُرَبِ لاَ تُفَاخَرْنـَـا فَإِنَّــا أُمَّــةٌ ….. شَمْسُهَا مِنْذُ بَــدَتْ لَمْ تَغْرُبِ
كما أخذ الشاعر “آل ملحم” يذكِّر “مهيار” بزلزال “الإسلام” الذي اجْتَثَّ “إيوان كسرى” من جذوره، كما قضى على كل ألوان الشرك والطغيان جامعًا منسوبيه مهما اختلفت جنسياتهم وقومياتهم في أمة واحدة تلتوي بلواء “الإسلام” وتتفيأُ في ظلاله في محبةٍ وأخوةٍ لاَ نظير لهما.يقول الشاعر “آل ملحم” مخاطباً “مهيار”:
لاَ تُفَاخِرْ “أُمَّةَ الضَّادِ” التِي ….. خَصَّهَا اللهُ بِذِكْرٍ طَيِّبِ كُنْتُمُ مِنْ قَبْلَهُ فِي مِحْنَةٍ ….. وَالْوَرَى كُلُّهٍمْ فِي نُوَبِ تَعْبُدُونَ النَّارَ وَيْحَكُمُ ….. وَتَجُودنَ لَهَا بِالْقُرَبِ كَمْ شُعُوبٍ حَارَبَتْنَا فَانْتَهَتْ ….. وَاسْتَحَالَتْ فِي سَحِيقِ التُّرَبِ قَدْ مَضَتْ “فُارِسُ” وَ”الرُّومِ” مَعًا ….. وَكَذَا دَيَلَكُمُ عَــنْ َكَثبِ


الناشر: جريدة اليوم

– العدد: 9823

تاريخ النشر: 07/05/2000م

رئيس دارة الدكتورآل ملحم للتحكيم والاستشارات القانونية

 من أوراقي المبعثرة وعن النخلة أم البترول مرة أخرى 4 ـ 4 

 

وأفرد السيد “حسين محمد بدوي” في كتابه “الزراعة الحديثة بالمملكة العربية السعودية” بحثاً خاصاً عن التمور بالمملكة. ومما قاله في هذا الشأن أن المملكة تعد من الممالك الأولى بعد “العراق” في الأهمية بأشجار “النخيل” حيث يبلغ ما فيها ما ينوف عن عشرة ملايين من الغريس المزروع في أنحائها، وأن العناية بها يجب أن تكون من الدرجة الأول ذلك أن جزيرة العرب تعتبر تاريخياً أصلاً لهذا المحصول، وتزرع بكثرة بكل الممالك المسكونة بجزيرة العرب خصوصاً الصحراوية ذات الجو الجاف. ويحبذ “المؤلف” لو وجهت دول الشرق نظرة لهذا المحصول الذي يعتبر الغذاء الأساسي للشعب علاوة على ما فيه من غذاء وقوة للأبدان، ذلك أنه ثبت أن الوحدة منه تحتوي على كمية من الحرارة تعادل ضعف الكمية الموجودة في وحدة من اللحم.ووزعت “البعثة الزراعية المصرية” منشوراً على كبار المزارعين بمنطقتي “الأحساء” و”القطيف”. ومما جاء في المنشور الذي يحمل رقم (1) وتاريخه 11/3/1364هـ ما يلي: لاحظنا بمنطقتي “الأحساء” و”القطيف” أصنافاً جيدةً من التمور مثل “الخلاص” و “الرزيز”، ورغم ذلك فأغلبية النخيل الموجود “مجهل” مزروع حيثما اتفق، وأن أغلب المزارع الحديثة تزرع على مسافات ضيقة، وجميعه أو الأغلبية منه يجف ولا ينجح، وذلك يرجع لأسباب عدَّدها المؤلف، ولا يتسع المقام لذكرها هنا..وتحدث المؤلف عن “النخلة” فوصفها، وتناول عالمها وذلك من حيث تكوينها، وغرسها، وأوان غرسها، وإسلوب ريها، والأراضي التي توافق زراعة النخيل، وما ينتابها من أمراض، وركز على مرض سمَّاه “مرض المجنونة”. وقد عرفت “البعثة الزراعية الأمريكية” هذا المرض كما يلي ـ”إن أعراض هذا المرض المسمى بهذا الاسم هي النمو بشكل أوراق منتصبة ومندفعة إلى أعلى ذات قمة مسطحة. وكلما استفحل أمره أخذ الموت يدبًّ إلى السعف الخارجي، في حين أن السعف الداخلي يبرز إلى الخارج على هيئة تدل على أنه قد ضغط فأصبح في أشكال ممسوخة مشوهة. الفسائل الكبيرة المعاد غرسها، وأشجار النخيل الصغيرة معرضة لهذا البلاء أكثر من تعرض الفسائل المتوسطة الحجم أو أشجار النخيل المتقدمة في السن له. وهذا البلاء لا يسببه المرض بل إنما ينجم عن إيقاف جميع النمو ــ لهذا السبب أو ذاك ــ مدة من الوقت تسمح للألياف الموصلة إلى قواعد السعف أن يكتمل نموها فتتصلب. وهذا التصلب المبكر للألياف يؤدي إلى اختناق السعف الخارجي من جراء بروز السعف الجديد ضارباً إلى أعلى في الوسط. ومع أن طريقة الإحراق وهي الطريقة الشائعة الاستعمال في المعالجة من شأنها أن توهن الألياف فتؤدي بذلك إلى شفائها شفاءً واضحاً إلاَّ أن هناك طريقة للمعالجة أكبر كفاية، وهي قطع الألياف بأزميل من تحت أشد قواعد السعف انخفاضاً، وتمديد القطع إلى أعلى لمسافة بين 16 و 20 بوصة”. انتهى. ويرى “المؤلف” أن مرض “المجنونة” المعروف في “منطقة الأحساء” يعرف في “مصر” باسم “مرض “اللفحة السوداء”، وهو مرض يصيب السعف، ويكون واضحاً كما هو مشاهد في “الأحساء” في السعف الطري الجديد، ويُرَى على امتداد جانب السعفة في مساحات كبيرة أو صغيرة غير منتظمة أو متصلة لونها أسمر ضارب إلى السواد . وقد لاحظ “المؤلف” كذلك أن السعف في بعض الأحيان خشناً أو مضرساً، كما أن السعف الذي يبزغ حديثاً يبدو في بعض الأحيان ملتوياً مشوهاً. وعدَّد “المؤلف” أسماء التمور الممتازة في “المملكة العربية السعودية” مما لا يتسع المقام لذكرها هنا إلاَّ أنه في خصوص تمور “الأحساء” و”القطيف” و”نجد” فقد ذكر ما يلي:ـ تمور الأحساء أربعة أصناف:ــ ـ الأصناف الممتازة ذات المحصول وسط الموسم وهي:ـ رزيز، خلاص، شيشي، شبيبي، برحي.ـ ـ أصناف محصولها وسط الموسم أيضاً خلاف الأولى وهي: الغرَّا، خنيزي، حاتمي، دعالج، وصيلي.ـ ـ الأصناف ذات المحصول المبكر: طيار، ومجناز، كابسي.ـ ـ أصناف يتأخر محصولها إلى آخر العام وهي: شهل، تناجيب، أم رحيم، خصاب.أما تمور “القطيف” فهي: مواجي بكيرة، غرَّا، خنيزي، خصيب رزيزي، خصيب عصفور.وأشهر التمور “بنجد” هي:ـ ـ ـ الأصناف الجيدة التي تنضج مبكرة هي: المقفزي، الدحيني، القطار الأبيض، القطار الأسود، المسكاني، أنبوت سيف، الخلاص.ـ ـ الأصناف الجيدة التي تنضج في الوقت الوسط، وتدخر عند أهل نجد قوتاً لهم وهي: الخضري، الصقعي، السلج، السكري.ـ ـ الأصياف الجيدة التي تنضج متأخرة، وهي تؤكل عادة في أخر أيام الثمرة وهي: الخصاب، الذاوي، الحقاقي، المنيفي.كما وضع المؤلف قوائم طويلة بالنخيل المعمور وغير المعمور في “منطقة القطيف”. ومسك الختام للمقالة ذات الحلقتين بعنوان “أيهما أهم النخلة أم البترول” “مقتطفات” من مقالة قصيرة أعجبتني كثيراً للكاتب “فالح الشراخ” نشرها بجريدة “الرياض”، العدد رقم (11578) وتاريخ 29 ذو القعدة عام 1420هـ تحت عنوان “النخلة … رمز العطاء وشموخ في قوافي الشعراء”.يقول الأستاذ “الشراخ” في مقالته المعبرة:ـالنخلة هذه الشجرة الجميلة والتي أصبحت رمزاً من رموز العطاء والشموخ.كان لها مكان عظيم في ثنايا القوافي. والبعض الآخر تغزل بجمالها وأوصافها، فظلالها وارفة، وثمارها زاد الضيف والمسافر، وسعفها وجريدها رزق للعاملين في مجال الْحِصِرْ وأعمال السعف، وجذعها أسقف لمباني، وهي من الأشجار النظيفة فأوراقها لا تسقط، وكل ما فيها مفيد بما في ذلك ليفها. يقول الشاعر “غالب بن منصور”:ـيا زينها لاَ نظفوها من الليف مثل الهنوف اللي تهنصر تهنصاروالعشق بين النخلة وإنسان الجزيرة العربية [ولايزال القول للأستاذ الشراخ] عشق أزلي تأكدت روابطه المتينة من خلال عنايته بها وزراعتها في كل مكان يتوفرفيه الماء. [والماء بيت القصيد، وهنا يتوقف قلمي؟].
ــــــــــــــ  * رئيس دارة الدكتور آل ملحم للتحكيم والاستشارات


الناشر: جريدة اليوم

– العدد:9816

تاريخ النشر: 30/04/2000م

من أوراقي المبعثرة وعن النخلة أم البترول مرة أخرى 3 ـ 4 

من ضمن ما ورد “بكتاب الزراعة الحديثة بالمملكة العربية السعودية” مجموعة تقارير كانت تعدها “البعثة الزراعية المصرية” بين الحين والآخر عن منطقتي “الأحساء” و”القطيف”. ولن أتناول من هذه التقارير إلا كل ما له علاقة “بالنخلة” باعتبارها رمز الزراعة. وقبل الحديث عن “النخلة” تلزم الاشارة إلى بعض الأمور التي في ذكرها فائدة لمن لا يعرفون عن عالم الزراعة من أمثالي إلا القليل.أدخلت “البعثة الزراعية المصرية” أصناف تمور المملكة بجميع أنواعها بكمية أوسع إلى المملكة المصرية. وكان هذا في مقابل ما أرسلته الحكومة المصرية من مواد زراعية للملكة مثل الحبوب، والبذور، والخضروات، وأشجار، وموالح، وفواكه. وورد بالكتاب أن “المملكة العربية السعودية” تعتبر الرابعة من بلاد العالم في محصول النخيل ….. وأن بها أصناف جيدة كثيرة تربو على (150) صنفاً من أحسن أصناف التمور في العالم. كما أن الأصناف الممتازة من التمور قد أدخلت إلى الولايات المتحدة الأمريكية عن طريق البعثة الزراعية الأمريكية لزراعتها بأمريكا. وكرر المؤلف السيد “بدري محمد حسين” في أكثر من مكان بالكتاب أن أحسن أنواع التمور “بالأحساء” هي “الخلاص”، و”الرزيز”، و”الشيشي”.ونبَّه المؤلف المسؤولين عن الزراعة في المملكة من الإكثار من زراعة “الخلاص”، و”الرزيز”، و”الشيشي” بالجهات المجاورة “لمنطقة الأحساء”. وَعَنَى المؤلف بهذه الجهات “القطيف” و”الدمام” و”الخبر” و”الخرج” مما يعني أن هذه الجهات المذكورة لا تعرف هذه الأصناف من التمور من قبل. كما أفاد المؤلف أن كلا من “البعثة الزراعية المصرية” و”البعثة الزراعية الأمريكية” تقوم من جهتها بالإكثار من زراعة “الخلاص”، و”الرزيز”، و”الشيشي” في الجهات المذكورة. كما ينقل المؤلف من تقرير لأحد أعضاء “البعثة الزراعية المصرية” أن من أسباب اهتمام الحكومة بالزراعة هو رغبتها بانهاض البلاد زراعياً حتى لا يتعرض الأهالي للجوع في وقت الحرب العالمية التي قد لا تصل إليهم بسببها أقوات ومؤن من الخارج فتصبح الحياة عسيرة وأي عسر.وبالكتاب مقارنة بين زراعة الفاكهة بكل من المملكة وبمصر. وبخصوص هذه المقارنة يذكر المؤلف أن نهضة الفاكهة بالمملكة العربية السعودية شبيهة بنهضتها في مصر أيام “إسماعيل باشا” حيث تقدمت زراعة البساتين تقدماً سريعا،ً وأتت أحسن الثمرات. وعزا المؤلف ذلك إلى جهود من أتى بهم “إسماعيل باشا” من مهرة البستانيين الفرنسيين والإيطاليين الذين عملوا على إدخال كثير من الأشجار والفواكه المختلفة وعملوا على توسيعها وتعميمها.وذكر المؤلف معلومة لم أكن أعرفها من قبل [ولعل غيري يعرفها] وهي أنه في عهد “محمد علي باشا” كانت الصين تصدر برتقالاً من نوع خاص إلى “فرنسا”. ولأن بين فرنسا ومصر تواصل ثقافي في العهد الخديوي كان من وسائله تبادل البعثات الثقافية. ومن باب المصادفة كان أحد طلبة البعثة المصرية التي أرسلها “محمد علي باشا” إلى “فرنسا” طالب أسمه “يوسف أفندي” لتعلم الزراعة عناك . أدخل هذا الطالب بعد عودته إلى “مصر”هذا النوع من البرتقال وزرعه بها، فعرف هذا البرتقال باسم هذا الطالب مصر وفي المملكة وسائر البلدان العربية.وذكر المؤلف أن جلالة الملك “عبدالعزيز” أمر بإحضار أستاذ من قسم البساتين المصرية لتعليم أهل “المدينة المنورة” تعبئة التمور في العلب والصناديق بعد تهيئتها لذلك حسب الأصول الفنية حتى أنهم وصلوا إلى حشو التمور قبل التعبئة باللوز (ناتج الطائف). وترتب على هذا قيام جلالة الملك “عبدالعزيز” بتوزيع هدايا كثيرة منها لجلالة الملك “فاروق الأول” ملك مصر، وجلالة الامام “يحيى” ملك اليمن، وغيرهما من الأمراء والضيوف.وانتقد المؤلف ما أَلِفَ عليه الأهالي في خصوص زراعة الأشجار وتجهيز المشاتل حيث وجدهم على غير علم بزراعتها وتجهيزها، إذ في منطقة “القطيف” و”الدمام” و”الأحساء” لا تجد بستاناً قائماً على زراعة فنية، أو مشتل مجهز بأدواته، ومنظم بمغروساته، إنما تجد أشجار النخيل وبداخلها ما يتيسر من زراعته حيثما اتفق من موالح وخوخ ورمان وعنب وتين كل شجرة بمفردها، وكلها داخل أشجار النخيل. وهذه الظاهرة كما شاهدتها بنفسي لا تزال موجودة حتى الآن.ويصف المؤلف “الحديقة” بأنها “كل أرض أحيطت بسور أو حائط أو سياج مانع يحيط بها وأعدت لزراعة الفاكهة أو الخضروات أو الأزهار. كما يتحدث عن نوع الأرض الموافقة للحديقة، وخدمتها، وأساليب الزراعة بها. وتحدث المؤلف بلغة زراعية مبسطة عن “المشتل” من حيث التكوين، وما يزرع به، وكذا عن “البستان” بإسهاب من حيث إنشائه، وشكله، وما يغرس به، وكيفية تسميده، وريه. ولا يتردد المؤلف من انتقاد الأساليب الزراعية المستعملة في مزارع “الأحساء” و”القطيف” و”الدمام”. ففي هذا الخصوص يقول: ومما يؤسف له كما شاهدنا بمزارع “الدمام” و”الأحساء” و”القطيف” الاهتمام بالمحصولات الداخلية وعدم الالتفات للأشجار بتاتا، بل ويستغلون الأرض بمحصولات مجهدة غير ملتفتين لمصلحة الأشجار من جهة الري والخدمة والغذاء الذي تطلبه أشجار الفاكهة. كذلك لا يهتم الزراع بتسميد الأشجار إلا متى بدأت في الإثمار فيضيع الوقت الذي كانت فيه الأشجار في أشد الحاجة لتربيتها وتقويتها، وتصير هزيلة ذات ساق رفيعة لا تقوى على حمل فروع الشجرة بما عليها من ثمار، وتكون معرضة للكسر إذا هبت رياح أو كثر حملها، ولا يعوض ذلك زيادة التسميد في المستقبل لأن المهم هو تقوية الجسم قبل الإثمار ، ويتحمل أصحابها خسائر فادحة كانوا في غنى عنها لو أنهم اهتموا بتربية الأشجار وهي صغيرة.وركز المؤلف على زراعة “الموالح” في “الأحساء” و”القطيف”. وفي هذا الخصوص يقول: الأنواع الجاري زراعتها محلياً “بالمملكة العربية السعودية” تشمل الليمون والبنزهير والترنج والليمون الحلو، وتوجد بعض أشجار معدودة من البرتقال الحلو “بالأحساء” و”القطيف” ولكنها مظللة جداً بأشجار النخيل وهذا يجعلها لا تنتج نتاجاً حسناً وينقطع الاثمار حيث لا تصلها الشمس وقد أرشدنا كثيراً من كبار المزارعين بضرورة إزالتها إذا وصلت إلى هذا الحد.وتضمن الكتاب بحث عام عن الخضروات من حيث تربتها، وتسميدها، وريها، والآفات التي يتعرض لها، وأساليب مقاومتها، كذلك تحدث المؤلف بتوسع عن زراعة كل من العنب البطيخ (الحبحب) والشمام، والقرع، والخيار، والباذنجان، والفلفل، والطماطم، البطاطس، والكرنب، والقرنبيط، والخس، والسلق، والسبانخ، والجزر، والبنجر، والشلغم، والفجل، والملوخية، والباميا، والبطاطا، واللوبيا” والفاصوليا، والبسلة، وبالكتاب تقرير عام عن أملاك الدولة بمنطقة القطيف وكذلك عن أحوال مياهها.

ــــــــــــــــــ

الناشر: جريدة اليوم

– العدد:9809

تاريخ النشر: 23/04/2000م

*رئيس دارة الدكتورآل ملحم للتحكيم والاستشارات القانونية

 من أوراقي المبعثرة وعن النخلة أم البترول مرة أخرى 1 ـ 4 

 

في أوراقي تكملة لمقالتي ذات الحلقتين التي عنوانها: أيهما أهم النخلة أم البترول؟ والمنشورة في جريدة “اليوم” في العدد رقم 9746 وتاريخ/14 ذوالقعدة/1420هـ والعدد رقم 9753 وتاريخ 21/ذوالقعدة/1420هـ. وتتناول هذه التكملة الحديث عن “النخلة” سيدة الأشجار، ويتعرض هذا الحديث للارتباط الوثيق بين اكتشاف البترول وتدفقه في “مقاطعة الأحساء” كما كانت تسمى وقت اكتشافه وتدفقه وبين اهتمام جلالة الملك “عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود” يرحمه الله بالزراعة وأهلها في شتى أنحاء المملكة. وفي هذا الشأن يتحدث كتاب “وزارة الزراعة والمياه” المئوي “تحد وإنجاز عبر مائة عام” عن حقائق منها أن الدلائل تشير إلى الاهتمام بأمور الزراع والزراعة في بداية تأسيس “المملكة العربية السعودية”، وأن هذا الاهتمام كان يسير جنباً إلى جنب مع بقية التوجهات المبكرة الرامية إلى بناء المرافق العامة والأساسية. وتجلَّى هذا الاهتمام في متابعة جلالة الملك “عبدالعزيز” يرحمه الله الشخصية لأحوال الزراع والزراعة، واستفساره عن الأمطار والسيول وخاصة في الجهات التي كانت تتعرض للجفاف، كما كان يهتم بعمليات مكافحة الآفات الزراعية وكان أخطرها الجراد، وكانت توجيهات جلالته تقضي بتقديم كل ما من شأنه توفير التسهيلات والمساعدات المفيدة للزراع وذلك قبل أن يحين الوقت المناسب لإنشاء جهاز يختص بإدارة شئون الزراعة في هذه البلاد.وما ذكره كتاب “وزارة الزراعة” المئوي تؤكده حقائق منها سياسة الانفتاح التي تبناها الملك “عبدالعزيز” في المجال الزراعي حيث فتح أبواب المملكة لبعثات وخبراء عرب وغير عرب للبحث وإجراء الدراسات الأولية للإمكانات الزراعية والمائية في شتى أنحاء المملكة. ومن هذه البعثات: “البعثة الزراعية الأمريكية”، و”فريق الري الأمريكي”، و”فريق المهندسين الأمريكي”، و”البعثة الفنية الزراعية العراقية”، و”البعثة الزراعية السورية”، و”بعثة المساحة الجيلوجية الأمريكية”، و”البعثة الفنية الزراعية المصرية”. ومن هؤلاء الخبراء السيد “كارل تويتشل” المكلف بالبحث عن مصادر المياه في الجزئين الغربي والأوسط من المملكة. وبين يدي كتابان: الأول من إعداد السيد “كارل تويتشل” تحت عنوان “المملكة العربية السعودية”: مصادر المياه في المملكة العربية السعودية” ترجمة الأستاذ “شكيب الأموي”، والثاني من تأليف السيد ” حسين محمد بدوي” بعنوان “كتاب الزراعة الحديثة بالمملكة العربية السعودية”. وصدر الكتابان منذ نصف قرن تقريباً. ولم يصل إلى علمي عما إذا كانت بقية البعثات الزراعية الأخرى قد نشرت تقاريرها في مطبوعات متداولة.وقبل أن أتناول ما تعرض له الكتابان بخصوص “النخلة” لعله من المهم إعطاء فكرة عامة عن الكتابين، وعن مؤلفيها، ولماذا ألَّفا هذين الكتابين؟من الحقائق المسلم بها أن البحث عن الماء كان الشغل الشاغل للكل في بدايات تأسيس المملكة العربية السعودية. والله سبحانه وتعالى يقول في كتابه الكريم: “وجعلنا من الماء كل شئ حي”. ولا تزال هذه الحقيقة ماثلة أمام أعيننا حتى أيامنا المعاصرة رغم ما حبا الله به هذه الديار من نعم لا تعد ولا تحصى.ومن أجل البحث عن الماء دعت الحكومة السعودية السيد “شارلس ر. كرين” [وهو سياسي أمريكي مخضرم ذو صلات قوية بالإمام يحيي إمام اليمن] لزيارة المملكة ومساعدتها في البحث عن كمات كافية من الماء وعلى الأخص إذا أمكن اكتشاف آبار ارتوازية جارية في الحجاز ونجد. فما كان من السيد “كرين” إلا استدعاء السيد “كارل تويتشل” الذي كان “باليمن” وكلفه بالبحث عن مصادر المياه في مناطق محددة من المملكة فانتهى به الأمر إلى وضع دراسات ضمَّنها كتاباً يحمل العنوان المذكور سلفا. وتضمن الكتاب معلومات قيمة عن الحقبة التي عايشها بالمملكة حيث تطرق لنواحي الحياة العامة السياسية والاجتماعية. يتحدث السيد “تويتشل عن مهمته قائلاً: وفي 30 مارس سنة 1931 تلقيت برقية من المستر “كرين” يسألني فيها أن أغادر إلى “جدة” بأسرع وقت ممكن لفحص الأراضي بحثاً عن الماء وعلى الأخص في مناطق طرق الحج … فوصلت جدة … وقد قطعت حوالي (1500) ميل في “الحجاز” فلم أجد دلائل جيولوجية تبعث على الأمل في تدفق آبار إرتوازية، فقدمت تقريراً على إثر ذلك لا يبشر بالخير عن وجود مياه. وبما أن إمكانيات العثور على الماء أصبحت قليلةً جداً فقد صرفت النظر عن القيام بمشروعات كبيرة في البلاد. ومن ثم أردف السيد “تويتشل” قائلاً: ونظراً لهذه الحالة فقد سئلت عما إذا كان باستطاعتي التفتيش عن موارد أخرى لزيادة الدخل زيادة محسوسة بعد أن أصبح من المفهوم أن تقاريري لا تبشر بأمل في زيادة تنتج عن مشروعات ري أو زراعة في “الحجاز”.وفي موقع آخر من الكتاب يتحدث المؤلف عن موقف نبيل للملك “عبدالعزيز” يرحمه الله يعترف فيه عن أسفه في أمل لم يتحقق. فيقول:ـ طلب إلي جلالة الملك … أن أسعى للقائه … وأعرب الملك عن شكره للمستر “كرين” الذي كان السبب في إرسالي وتقديمي هذه الخدمات التي قمت بها في “الحجاز”، وأعرب عن ارتياحه للعناية الفائقة التي بذلنها في عمل التقارير؛ كما أعرب [جلالته] عن أسفه لانهيار آماله في الآبار الارتوازية وإمدادات المياه العظيمة التي كان يرجوها للبلاد.وفي هذه التقارير كان السيد “تويتشل” يبدي لستعدادة عن البحث عن المعادن ذلك أنه وجد ـ من خلاله بحثه عن “الماء” ـ آمال واعدة عن إمكانيات معدنية هائلة من طبيعة سائلة وصلدة.وباعتباره ذا خبرة في شئون التعدين أفاد في تقاريرة الأولية أن إمكانيات التعدين في المملكة واعدة لوجود مستنقعات زيتية جافة قديمة العهد وفي وجود مناجم قديمة كذلك.وفي سياق حديثه عن المعادن والتعدين ذكر السيد “توتشل” حادثة ذات دلالة ملخصها أنه عاد إلى “اليمن”، وبعد اتمامه مهمة هناك غادر إلى موطنه أمريكا متوقفاً في طريقه في “جدة”، وتصادف حينئذ أن وجد بحاثة “تركي” كتلتين من تبر الذهب قرب “الطائف”، فرغب الملك “عبدالعزيز” منه أن يذهب ليشاهد الموقع لتقرير عما إذا كان ذهباً أصلباً حقيقيا، فأفاد أنه ذهب إلا أن جيلوجية وطوبوغرافية الأرض كانت لا تبشر إلا ببصيص من الأمل بتشغيل أية أدوات على نطاق تجاري واسع بحيث تدر في ذات الوقت ربحاً وافراً. وعن المعادن والتعدين في “مقاطعة الأحساء” يقول المؤلف”: طلب الملك “عبدالعزيز” مني أن أذهب عبر البلاد العربية لإفادته عن حتمالات موارد الماء والزيت في “مقاطعة الأحساء” بمحاذاة الخليج [الفارسي]، ومع أن ذلك يعني قطع ألف (1000) ميل في رحلة عبر أرض صعبة المسالك لم يطرقها أي أمريكي قبلي أبدا، فقبلت الدعوة في الحال.وكانت هذه الدعوة فتحاً للسيد “تويتشل” الذي استخدم مهاراته وخبراته في علم التعدين لتكون منطلقه في مجالي “البترول” و”النخلة” رمز الرزاعة.وقد تبنى السيد “تويتشل” خلال بحثه عن الزيت والماء سياسة [ارتقب وانتظر]، وشرح المقصود منها قائلاً: فطلب مني ابن سعود أن أرتب أمر استقدام جيولوجيين للزيت وحافرين للآبار فأوصيت بالتريث حتى تظهر نتيجة البئر الأولى في البحرين [إذ كانت تُجْرَى استكشافات أولية هناك] وذلك قبل الإقدام على عمل أي شئ يتعلق بالزيت في “الأحساء” ذلك أن الحقيقة الواقعة هي أن أعمال الاستكشاف والحفر باهظة التكاليف، وأنه إذا لم يدر بئر “البحرين” كميات تجارية كافية فقد يكون الأمر كذلك في “الحسا”، وأنه لو كانت بئر البحرين ناجحة بكمياتها فيكون معقولاً وجود كميات زيت تجارية أكثر في “الأحساء” وذلك لاتساع مساحتها وامتداد رقعتها.

ـــــــــــــــ

من أوراقي المبعثرة وعن النخلة أم البترول مرة أخرى 1 ـ 4 من أوراقي المبعثرة وعن النخلة
الناشر: جريدة اليوم

– العدد:9795

تاريخ النشر: 09/04/2000م

*رئيس دارة الدكتور آل ملحم للتحكيم والاستشارات القانونية