واشتملت ملحمة الدر المكنون في شتى الفنون لصاحبها الشاعر محمد العمر الملحم على مذاهب شعرية من طبيعة سياسية واجتماعية وتاريخية.فمن الناحية السياسية جعل الشاعر من الشعر أداة استراتيجية الغرض منها المطالبة ببسط سيادة الاسلام في عالم الدنيا. وانطلاقا من هذه الاستراتيجية كان كل توجه الشاعر في ملحمته هو دعوة ولاة الامر المسلمين ليدافعوا عن العقيدة الاسلامية لأن في التمسك بها سعادة كافة المسلمين في الدنيا والآخرة. وفي هذا المعنى يقول الشاعر:
ألا صحوة من سباتكم ….. وحتى متى نومنا المسلمينأما مل هذا الكرى جفننا ….. وحتى متى مغمضين العيونأفيقوا بني قومنا وانظروا ….. إلى وضعكم علكم تفلحونفهذى مظاهر ظاهرة ….. بأشراكها القوم هم واقعونلجانب سرب مثيلاتها ….. من المشكلات التي تعلمونفهيا بنا يا بني قومنا ….. إلى حلها بالقرآن المبينفلا تطمئنوا لغرب، ولا ….. لشرق، وذلك شرع مكينيخولنا المجد في عاجل ….. وبالخلد في جنة الخالدينفعضوا عليه بناجذكم ….. ولا تهملوه أيا مسلمونفإنه سر سعادتكم ….. بدنيا وأخرى إذا تعقلونوَصَبراً عَلَى كُلِّ ما أَنتُمُ ….. تُلاقُونَهُ فِيهِ حتَّى الْمَنُونْ
ويقول الشاعر في المعنى نفسه:
وَإِنَّ عَقِيدتَنَا تِلْكُمُ ….. لَواحدةٌ أَيُّهَا الْمُسْلِمُونْوَأَمَّتَكُمْ مِثُل ذَلكُمُ ….. وَربُّكُمُ وآحدٌ تَعِبدُونْوَقِبْلَتُكُمْ تِلكَ وَاحدة ….. وَقُرآنَكُمْ وآحدٌ تَتْبَعُونْ ٌوإن نبيكم واحد ….. وسنته وحدها تسلكونفلم ذا الخلاف الذي بيننا ….. وحتى متى نحن مختلفونوأعداؤنا ضدنا أبدا ….. على كل حال هم مجمعونوليسوا لنا يخلصون الدنا ….. ولو لهم أمتي تخلصونفلموا شتات أموركم….. ولا تهنوا أيها المسلمون
والشعر الاجتماعي في نظر شاعر الملحمة هو ذلك الشعر الذي يتوجه نحو الاصلاح بن الناس، وتربية الناشئة، وتنظيم العلاقات الأجتماعية في إطار الاسرة الواحدة وبين سائر افراد المجتمع وكل ذلك وفقا للنهج الأسلامي الصحيح. يقول الشاعر في هذا المعنى:
وإن الحضانة للأمهات ….. وإن الحضانة للأقربينوليس الحضانة للنائيات ….. تربي البنات لنا والبنينوإن الأجانب يستخدمون ….. لكل مجال له يصلحونوإن كان لا بد من ذلكم ….. وأنتم بذلك تنتفعونوليس يضر بدينكم ….. وعرضكم منه جد مصونفإن الضرورة تلكم لها، ….. كما قيل، أحكامها والشؤون
ويقول الشاعر كذلك بأن التنافر بين الإخوة في البيت الواحد سببه عدم الرضاع المتصل من ثدي الأم الواحدة:
وظاهرة بيننا ظهرت ….. نشاهدها كلنا أجمعونوإنا نعاني الأمرين منهـا ….. ومنها الجميع هم يشتكونوتلك التنافر في إخوة ….. لأم ووالد هم ينسبونوبيتهم وآحد ضمهم ….. بعهد طفولتهم يسرحونوهم يمرحون باكنافه ….. وهم في جوانبه يلعبونوهم أبريا بطفولتهم ….. فما سر ذلكم أخبرونأرى السر ذلكم كامنا ….. بهذا الحليب الذي ترضعونفهذا الحليب مصادره ….. بها الشك قام إذا تعلمونفتركيبه ليس قط يرى ….. كثدي النساء إذا تمعنونوثدي النساء له وضعه ….. وميزانه أينما تذهبونبه الطفل يرضع معنى الحنان ….. ومعنى الوداد الذي تعرفونويشرب من أمه عطفها ….. بثدي لها عبقري لبونوهذه ظاهرة النشء في ….. تنافرهم مثلما تشهدونوأسبابها من شراء الحليب ….. وإرضاعه صبية يرضعونوليس بعيدا يكون به …..مزيجا من البهم يستعملون
وكان للشعر الديني نصيب الاسد في الملحمة. وكانت العقيدة الاسلامية هي الحكم على الأشياء والأمور وسائر الشؤون التي تعرضت لها الملحمة. يقول الشاعر لدى تأمله لآيات الله سبحانه وتعالى:-
وإن نظام الحياة البديـع ….. ليعجزنا سره أجمعينفإن الذي سنة واحد ….. وليس له أبدا من معينفمن ذا يسير أفلاكه ….. بهذا النظام الحكيم المبينفيولج في الليل هذا النهـار ….. على نسق دائم مستبينومن ذا يدبر هذى النجـوم ….. ويرسلها في مدار مكينومن سير الريح من بدئها ….. فحينا شمالا وحينا يمينومن حرك البحر في مده ….. وفي جزره بين حين وحينومن مرج البحر لا يلتقي به الملح والعذب عبر القرونومن أخرج النار ذى للورى ….. فمنها الخلائق ينتفعونمتاعا هنا نستعين به ….. وللنار ذكرى لمن هم يعونسوى من إذا شاء قضاه ….. يقول له كن فحالا يكونوإن الآله قدير على ….. جميع الأمور وكل الشئونفمن أوجد الشيء من عدم ….. عليه الأعادة حتما تهونولو رحت في من ومن لا نقضى ….. قريضي، ولا تنقضي، فاعذرونإذا أنا قصرت يا إخوتي ….. فنحن الورى كلنا عاجزون
وتصدر الشعر التاريخي مركز من مراكز الصدارة في الملحمة. وهو شعر تناول تاريخ الأحساء مسقط راسه. استمع الى الشاعر يتحدث عن الحدود الجغرافية لمسقط رأسه الأحساء حيث يقول:
وإقليم أحسائنا هذه ….. تكاثر أسماؤه في القرونففي عهد عادهم لقبوا ….. بإسم “مجان” أخي الأولون”ووادى المياه” به اشتهرت ….. قديما كما قد روى الأقدمونوذلك سد حباها المدى ….. مناخا به انفردت في السنينفليست ترى الفقر في عمرها ….. وفيها الثرا مستقر مكين”وبحرين” في جاهليتهم ….. وعصر النبي الكريم الأمينهما العذب والملح لا يبغيـان ….. هما الزيت والماء كل ثمينألقبها عبر ملحمتي ….. “حسائي”، أفيد بها الباحثينوأيضا يسمونها “هجرا” ….. بتسكين جيم وفتح مبينلهجرة هذا الأنام لها ….. وهجر سوآها من النازحينو “أحسا” بفتح وكسر معا ….. وألقابها اليوم في العالمين”بشرقية” وكفى شرفا ….. تعدد أسمائها في السنين
وتحدث الشاعر عن أيام طفولته وذكرياته أيام الصبا حيث قال:
وأهلا وسهلا بعهد الصبـا ….. فلست بسال له أي حينأأنسى صبآي وأيامه ….. ومن “بالفريق” هم يقطنونوأنسى الملاعب هاتيكم ….. وأنسى الصحاب بها يلعبونألا ما ألذ “الهدام” وما ….. ألذ مجالسنا محدقين”وأم الخبيصي” لنا معهد ….. لهونا به وغممنا العيونسقفنا به حفرا طالما ….. تساقط في قاعها السائرونفطار المتاع الذي معهم ….. ورآحوا لأرجلهم يعصبونأأنسى المناظر في “سومة” ….. وعند “قرارة” قرت عيون”وسمحا” وقصرا بها يزدهي ….. وحمامها والرواق الفتونوأنسى المسابح في “بقشة” ….. وجارآتها “والخفيس” المصونأأنسى المعاهد هآتيكم ر وأسلو النخيل وأسلو العيون”وسودة” و”السيفة” الحلوتيـن ….. بنوملحم فيهما يكثرون
للبحث صله
المجلة العربيةالعدد:152التاريخ: رمضان – 1410 هـ – ابريل -1990 م
الناشر: المجلة العربية
– العدد: 152
تاريخ النشر: 01/04/1990م