وتحدث السيد “تويتشل” باستفاضة عن الامكانيات المالية المتوقعة من “البترول” في “مقاطعة الأحساء”، كما تناول من وجهة نظره ما تم من مغامرات ومحادثات وملابسات انتهت بفوز شركة أمريكية ـ كان له دور فيها ـ بامتياز البحث عن البترول في البلاد السعودية. وهو امتياز تحقق له النجاح والبقاء المستمر إلى حين.وعن الماء والآبار يقول المؤلف: إن ما يعنينا من حالة الري في البلاد العربية السعودية أننا تجاه حقيقة واقعة، وهي أن “منطقة الأحساء” تتمتع بأعظم إمكانيات الري. وتوجد هنالك احتمالات بانبثاق آبار ارتوازية في منبسط الأرض يمتد إلى مسافة تبلغ فوق [مائة] 100 ميل مربع غربي الخليج [الفارسي] بموازاة ساحله. ويقول السيد “تويتشل”: وإن ما يحمل على هذا الاعتقاد هو تلك الآبار التي قامت شركة الزيت العربية الأمريكية بحفرها في مراكز أعمالها في “الخبر” و”بقيق” و”الجبيل” و”أبوحدرية” إلى الشمال والجنوب من “الظهران”، وما قامت بحفره كذلك الحكومة العربية السعودية في مواقع عديدة في “حوية” إلى الغرب من “بقيق” وفي “الهفوف”.وبالإضافة إلى ما يجري ـ والقول للسيد “تويتشل” ـ بهمة ونشاط من تحسينات للحصول على الماء، يوجد هنالك ينابيع عظيمة تتدفق بالماء العذب الزلال بكميات هائلة في واحات “الأحساء” و”القطيف” و”صفوة” و”تاروت”، وأعظم نبع جار في “الهفوف” وهو نبع “عين حقل” ويعطي (22500) جالون في الدقيقة الواحدة، ولا يزال جارياً متدفقاً، ويُرى أثره في في أراض كثيرة حيث عاش جماعات من الناس آلاف السنين وخلفوا وراءهم الحدائق والبساتين التي يستثمرها أبناؤهم جيلاً بعد جيل. وقد قُدِّرَ ما تعطي كل من الثلاث العيون الأخرى في واحة “الأحساء” بحوالي (20000) جالون في الدقيقة الواحدة، كما قدر ما تعطيه خمسة ينابيع أخرى بـ (800) إلى (4000) جالون في الدقيقة. وواحات “الهفوف” التي تعتبر أوسع الواحات في البلاد العربية السعودية ذات ارتفاع معدله (500) قدم، وقد قدر مهندسو شركة الزيت بأن مقدار تلك المساحة ـ التي تنمو فيها أكثر من مليوني “نخلة ” يبلغ حوالي (25000) فدان.ومن مليوني “النخلة” كانت “الزراعة” من اهتمامات السيد “تويتشل” وذلك من خلال تحريه وبحثه عن مصادر المياه. يقول السيد “تويتشل” عن الزراعة والمياه في “منطقة الأحساء”: أن هذه البلدة حتى قبل اكتشاف البترول فيها كانت تعتبر ذات أهمية في البلاد العربية السعودية، وعلى الأخص الواحات الشاسعة المعروفة في “الهفوف” التي تجري فيها سبعة ينابيع مياه هائلة، ويوجد فيها أكثر من ميليوني نخل، وهذه تعطي أعظم منتوج من تمر “الخلاص” الغالي الثمن.وعن التمور يقول السيد “تويتشل”: والتمر هو المنتوج الزراعي الرئيس في البلاد، وأصنافه لا عَدَّ لها … كما ذكر أن تمور المملكة متنوعة، ولكن ما يرسل للخارج، أو وراء البحار، حسب تعبير المؤلف، إنما هو من الصنف الصغير الحجم الحلو الغالي السعر وهو ما يدعى “بالخلاص”، ويُغَلُّ في “منطقة الأحساء” الذائعة الصيت.وفي موقع آخر من كتابه يقول السيد “تويتشل”: ويعدُّ الأرز من المنتوجات الهامة في واحات “الأحساء”، وكمية المياه المتدفقة من الينابيع السبعة العظيمة تجعل في الإمكان القيام بعملية غمر الماء اللازم لحقول الأرز، ومعظم الأرز غير المقشور يوجد في بساتين النخيل الواسعة الأطراف، ويستهلك محلياً.ويظل كتاب “الزراعة الحديثة بالمملكة العربية السعودية” من أهم الكتب الوثائقية في خصوص الموضوع الذي يتطرق إليه. كما وجدتُ أنه كتاب قد تحدث باستفاضة وشمولية عن أوضاع الزراعة بالمملكة، وكذا عن “النخلة”، ومؤلف الكتاب هو السيد “حسين محمد بدوي” الخبير الزراعي المصري وعضو “البعثة الزراعية المصرية” التي قدمت “للملكة العربية السعودية” للنظر في دراسة الأوضاع الزراعية في المملكة بموجب الأمر الملكي الصادر في 36/8/1362هـ. وتتكون البعثة المصرية من فريقين: فريق “وزارة الزراعة” وهم: الأستاذ “عمر بك خليل” رئيساً، وعضوية كل من:الأستاذ “حسين دويدار”، و”حسين بدوي”، و”إبراهيم سجيني”. أما فريق “وزارة الأشغال” فهم: الأستاذ “محمد بك عمر” رئيساً، وعضوية كل من:”صلاح الدين فطين” عضواً و”عبداللطيف فتوح” عضواً.وتضمَّن الأمر الملكي الموجه أصله لمعالي وزير المالية الفقرات التالية”: “بما أننا لم نأمر باحضار البعثة الزراعية إلا لتنظيم المزارع على الطريقة الفنية للوصول إلى أحسن الأصناف الممكنة، ولأجل تسهيل مهمة البعثة والحصول على النتيجة التي جاءت البعثة من أجلها نأمر بما يأتي. وأهم ما جاء في الأمر ما يلي:ـ (1) يقوم بالأعمال الزراعية في “الخرج” المهندسون الفنيون فيكون أحدهم “للسيح” و”سميح”، و”المحمدي”، “والآخر “لخفس”، والثالث لقسم البساتين والخضار والفواكه والأشجار. (2) تعطى السلطة الكاملة للمهندسين المذكورين في المراقبة والإشراف على الأعمال الزراعية، وفي طلب فصل المزارعين الذين لا يقومون بوجباتهم، ولا يمتثلون للتعليمات التي تعطى لهم بدقة. (3) يقوم مدير مصلحة الخرج بإنجاز اللوازم والطلبات من بذور وعمال ومحروقات وغيرها في أوقاتها اللازمة بحيث لا يحدث من جرائها أدنى تعطيل. (4) المسئولية في أعمال الزراعة الفنية على المهندسين الزراعيين، والمسئولية في تأميم الطلبات على إدارة الخرج فإن حصل قصور من أحد الجانبين يكون مسئولاً.وكانت مهمة رؤساء الفريقين لمدة ستة أشهر، ومهمة أعضاء الفريقين لمدة سنتين مبتدئة من 12 ذي القعدة عام 1361هـ. وخلال السنتين الأولى قامت “البعثة الزراعية المصرية” بأداء مهمتها المناطة بها في “الخرج” و”خفس دغرة”، وتقدمت بتقرير عن حالة المواشي “بالخرج” تضمَّن اقتراحات طالبت البعثة من المسؤولين بتنفيذها. وبعد أن انتهت مدة البعثة مددت مهمتها لمدة سنتين أخريتين للعمل بمنطقتي “الأحساء” و”القطيف”.وبموجب هذا التمديد قامت البعثة بأعمال تستحق الإشادة والذكر. وتضمَّن الكتاب معلومات مهمة عن هاتين المنطقتين تحتل الجزء الأكبر من محنويات الكتاب. وعن هاتين المنطقتين ورد بكتاب “وزارة الزراعة والمياه” المئوي معلومات من طبيعة توثيقية منها: وتتفوق واحة “الأحساء” على غيرها من مناطق المملكة في انتاج التمور بكميات وافرة ونوعيات عالية الجودة وكذلك الأرز الحساوي، كما أن واحتي “الهفوف” و”القطيف” تعدان من أهم مراكز انتاج الفاكهة خاصة الرمان والموالح والخوخ والتين والموز والخضار”.
ــــــــــــــ
الناشر: جريدة اليوم
– العدد:9802
تاريخ النشر: 19/04/2000م
*رئيس دارة الدكتور آل ملحم للتحكيم والاستشارات القانونية