فقيد الأحساءخليفه بن عبدالله بن عبدالمحسن آل ملحم 

كان “فقيد الأحساء” من رجالات “محافظة الأحساء” المرموقين.كان له دور بارز في “العملية التعليمية” الأساسية في “مقاطعة الأحساء”.وكان له دور حيوي في إدارة دفة الشئون البلدية في “الأحساء”.وكانت له صلات واسعة مع معظم الأسر بمدن “الأحساء” وقراها، وهي صلات توطدت مع مر السنين.وفوق ذلك كله كانت له، ومن قَبْلِهِ لوالده، صداقة خاصة مع أسرة “آل جلوي آل سعود” الكريمة في “الأحساء”، وبسبب هذه الصداقة كانت لا تفوته أية مناسبة رسمية “بأمارة الأحساء” إذ كان من ضمن مستقبلي زوار “الأحساء” ممن تستقبلهم الإمارة، كما كان لا يترك أية فرصة أو مناسبة تَمُرًّ وهو في “إمارة الأحساء” إلاَّ ويتحدث لما هو في صالح “الأحساء”، وكان يقول لمن يقابله من المسئولين الزائرين “للأحساء”: إننا لا نطلب منكم وأنتم في “الأحساء” إلاَّ ما تطلبه النخلة من مالكهـــا. إنها تقول له : “زرني ولا تعمرني”.وفقيد الأحساء هو “خليفه بن عبدالله بن عبدالمحسن آل ملحم”. ولد الشيخ “خليفة” في “الأحساء” عام 1343هــ، وتعلم القرآن الكريم عند الشيخ “عبدالله بن فهد أبوشبيب”، وأكمل ختم القرآن الكريم عند المطوع “ابن عديل”.ودخل “خليفة” “مدرسة النجاح” التي أسسها الشيخ “حمد بن محمد النعيم” في عام 1343هــ، وتعلم بها مبادئ الخط والكتابة والحساب.ومن ثم أرسله والده إلى “محمية البحرين” آنذاك حيث التحق “بمدرسة الهداية الخليفية”، وبقي في المدرسة ثلاث سنوات، وكان من زملائه بهذه المدرسة “خليفه بن عبدالرحمن القصيبي”، و”فهد بن محمد العجاجي”، و”ابراهيم كانو”، وأنجال “عبدالرحمن الزياني”.تدرَّب الشيخ “خليفة” “بمدرسة الهداية الخليفية” على إلقاء الخطب، وبعد تخرجه منها عاد إلى “الأحساء” حيث التحق “بمدرسة النجاح” لمؤسسها الشيخ “النعيم” مرة أخرى [بعد انتقالها إلى حي القرن بجنوب مدينة الهفوف القديمة] التي كانت آنذاك تمول من قبل أسرة “القصيبي”، وكان من بين زملائه بالمدرسة أخوه “عبدالمحسن” متعه الله بالصحة، و”سعد الحواس”، و”أحمد بن حمد القصيبي”، وكان مـن بين المدرسين بالمدرسة “الشيخ “عبدالله بن عبداللطيف العمير”.وحينما كان الشيخ “خليفه” طالبًا “بمدرسة النجاح” ألقى قصيدة “للسموءل” أمام جلالة الملك “عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود” يرحمه الله الذي كان في زيارة للمدرسة عام 1348هــ.ونال إلقاؤه للقصيدة الاستحسان من لدن جلالته. ومن أبيات هذه القصيدة:ــإِذَا الْمَرْءُ لَمْ يَدْنُسْ مِنَ اللُّؤْمِ عِرْضَهُ ….. فَكُلُّ رِدَاءٍ يَرْتَدِيهِ جَمِيلُوَإِنْ هُوَ لَمْ يَحْمِلْ عَلَى النَّفْسِ ضَيْمَهَا ….. فَلَيْسَ إِلَـى حُسْنِ الثَّنَاءِ سَبِيلُإِذَا سَيِّدٌ مِنَّا خَلاَ قَامَ سَيِّدٌ ….. قَؤُؤلٌ لِمَا قَالَ الْكِرَامُِ فَعُولُسَلِي إِنْ جَهِلْتِ النَّاسَ عّنَّا وَعَنْهُـمُ ….. فَلَيْسَ سَـوَاءٌ عَالِـمٌ وَجَهُـولُ
وكان الشيخ “خليفة” من الرعيل الأُوَلْ الذين التحقوا بوظائف حكومية إذ شغل وظيفة “أمين مستودع الرياض للأرزاق بمالية الأحساء”، وكانت مهمة هذا المستودع ترحيل الأرزاق والبضائع والبترول والغاز إلى “الرياض”. ومن ثم انتقل الشيخ “خليفة” بإدارة “مالية الأحساء” إلى “قسم المحاسبة” ومكث بها مدة من الزمن، ومن ثم انتقل إلى “الجبيل” في فرع ماليتها الذي افتتح آنذاك، وأصبح مديرًا لهذا الفرع بعد ذلك. وبعد حين تقلد إدارة “مالية القطيف” خلال الحرب العالمية الثانية، وبعدها انتقل إلى وظيفة “مندوب الرئيس العام لشئون الماليات والجمارك والتموين” بالدمام. ولأسباب عائلية من بينها وفاة زوجته الأولى [أم عبدالله] تأثرت صحته؛ وقرر الاستقرار بمسقط رأسه “الأحساء” حيث طلب منه سمو الأمير “سعود بن عبدالله بن جلوي آل سعود”، و”بإلحاح”، أن يتقلد رئاسة “بلدية الأحساء” فوافق، وكان ذلك في نهاية عام 1367هــ، وأجرى أثناء رئاسته للبلدية إصلاحات متواضعة في مدينة “الهفوف” وقراها وذلك في ضوء الإمكانيات المتاحة آنذاك.كذلك كان الشيخ “خليفة” عضواً في اللجنة التي شكلها سمو الأمير “سعود بن جلوي”، وهي اللجنة المكلفة بتقديم المساعدات والإعانات للطلاب الفقراء لكي يواصلوا دراستهم في كل من “مدرسة الأحساء الابتدائية”، و”مدرسة الأحساء الثانوية” التي تأسست في بداية عام 1376هــ، وأسهم الشيخ “خليفة” في تأسيس “بلدية الدمام” بعد انتقال مقر “إمارة الأحساء” إلى “الدمام في عام 1373هــ.وأسهم الشيخ “خليفة” اِسهامًا فعالاً في تأسيس “شركة كهرباء الأحساء”، ومن ثم عُيِّنَ مديراً لها لمدة خمسة عشر عامًا. والشيخ “خليفة” شاعر مقل، وله قصائد في الشعر النبطي، وهو متحدث لبق، فصيح اللسان، ذو ثقافة عامة، ولديه قدرة عجيبة على الإقناع.وكان من أصدقائه [إلى جانب أقاربه] كل من [مع الاحتفاظ بألقابهم] محمد بن إبراهيم بن جندان” و”عبدالعزيز بن منصور التركي”، و”سليمان بن محمد بالغنيم”، و”عبدالله بن فهد أبوشبيب”، و”محمد بن إبراهيم المبارك”، و”أحمد بن علي المبارك”، و”عبدالعزيز البراك”، و”عبدالله بن شهيل”، و”إبراهيم الحملي”، و”عبدالرحمن الماجد”، و”عبدالله بن عمر الناصر الفوزان”.وللفقيد عشرة أولاد وخمس بنات، وتزوج من أربع نساء ثلاثة منهن من أسرة “آل البوعينين” المشهورة “بالجبيل” نسباً وعراقة. ولا تزال واحدة منهن [أم عبدالرحمن] على قيد الحياة متعها الله بالصحة والعافية.وكان الشيخ “خليفة” عميد أسرة “آل ملحم” في “محافظة الأحساء” التي تنتمي إلى “العقفان،” أحد أفخاذ “الجغاوين”، و”الجغاوين” أحد قسمي “العبيات والقسم الآخر “العونه”، و”العبيات” من “واصل” من “بريه” من قبيلة “مطير”.وسئل الشيخ “خليفة” ذات مرة عن تصوراته حول تطور ونمو “المملكة العربية السعودية” فقال للسائل:ـ”إن الشباب لا يعرفون ما مرت به البلاد منذ إنشائها في عهد جلالة الملك “عبدالعزيز” يرحمه الله. لذلك يعتبر عمرها قصيرًا إذا ما قورن بنموها العظيم. ولو قارنتَ ما يجري عندنا بما يجري عند غيرنا الذين سبقونا بسنوات لوجدتَ أوضاعنا أفضل وذلك على الرغم من اتساع رقعة المملكة، وتعدد متطلبات مدنها وقراها وهجرها … ومن ثم استطرد الشيخ “خليفة” قائلاً:ـ انظر إلى التعليم مثلاً كيف قفز لدينا. قبل ثلاثين عامًا لم يكن لدينا سوى عدد قليل من المدارس الابتدائية, والآن المدارس منتشرة بمختلف المراحل التعليمية والتعليم العالي للبنين والبنات، والكل بعد التخرج يتسابقون في البناء والتشيد والتنمية، وأنا أودّ أن أرى مدن “الأحساء” من أزهى المدن، وهذا لا يتم بين ليلة وضحاها.رحم الله الشيخ “خليفة آل ملحم” وأسكنه فسيح جناته، وألهم أهله وأبناءه وبناته وحفدته الصبر والسلوان. “إنا لله وإنا إليه راجعون”.


الناشر: جريدة اليوم

– العدد:8569

تاريخ النشر: 30/11/1996م

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.