وتبقى الفكرة الثالثة التي خرجت بها من مطالعتي لكتاب “أسس العلاقات العامة وتطبيقاتها” للأستاذ الدكتور حمود البدر وهي تلك التي تتعلق بحيوية وفعالية العلاقات العامة بل وقدرتها على استيعاب كل جديد.خصص المؤلف الباب الثالث من كتابه متحدثا عن الإجراءات التنفيذية لبرنامج العلاقات العامة. وحدد مرتكزات أربعة لهذه البرامج هي البحث والتخطيط والإتصال والتقيييم وجعل لكل مرتكز فصلا مستقلا.ولدى مطالعتي لفصول الباب الأربعة وجدت المؤلف يضع في واقع الأمر خطة عمل لرجل العلاقات العامة يستوي في ذلك من يعمل في مؤسسة عامة أو مؤسسة خاصة والغرض من هذه الخطة هو أن يكون رجل العلاقات العامة في حالة حركة دؤوبة متفهما للمتغيرات الجديدة ومستجيبا لزخمها وقوتها المتحركة.وانصرف المؤلف ليتحدث عن كل مرتكز من هذه المتكزات دون أن يضع لها (أي لجميع هذه المرتكزات) تصورا أو مدخلا عاما سواء في بداية الباب أو نهاية آخر فصل فيه وهو أمر كان من المفروض عليه أن يفعله وذلك حتى لا يترك القارىء مشتت الأفكار في عملية ربط مرتكزات الخطة بعضها ببعض.وعن “البحث” باعتباره أول مرتكز من مرتكزات الخطة قال المؤلف:تبدأ أنشطة (سائر أوجه نشاط) العلاقات العامة بالبحث. فأنت لا تستطيع أن تكتب إذا لم يكن لديك معلومات تستند إليها عما تريد الكتابة عنه. ولا تستطيع أن تكتب لشخص أو مجموعة أشخاص لا تعرف عنهم شيئا. فالبحث يعطينا معلومات عما نريد أن نطرقه. يعطينا الخلفية التاريخية، والأبعاد المكانية والزمانية للمشكلة. كما أنه يساعدنا على التنبؤ بما سيئول إليه في زمن معين. فالبحث يحدد لنا صفات الجماهير وأبعادها الإجتماعية والإقتصادية والنفسية وكذلك الإتصالية والبحث يساعدنا على معرفة الوسيلة المناسبة للجمهور المناسب في الزمن المناسب والمكان المناسب. والبحث يساعدنا على معرفة الرسالة المناسبة للجمهور من خلال الوسيلة المناسبة.وعن التخطيط المرتكز الثاني للخطة يقول المؤلف ما يلي:التخطيط عملية إدارية مقصودة يتم بموجبها تحديد الأهداف عن طريق تعينن السياسات الموصلة إلى الأهداف بأفضل البدائل المتاحة. وهو الخطوة الثانية التي تلي عملية البحث. فبعد الإحساس بالمشكلة ثم بحثها لتحديد أبعادها، ثم الوصول إلى إطار يحددها، ويحدد سبل علاجها وعندئذ يكون لدينا واقع غير مريح وهو الناجم عن المشكلة التي بحثناها. ولابد إذن من البحث عن بديل لهذا الوقاع … إن التخطيط المبرمج يقود إلى إبراز البدائل للوصول إلى الأهداف التي يمكن الموازنة بينها بناء على عناصر مهمة منها: الزمن، والمال، القوى البشرية التي تؤدي أولويات المؤسسة إلى الموازنة بينها من أجل تفادي ما يحدث من عقبات وأخطاء نتيجة العمل العشوائي غير المبرمج.وعن الإتصال المرتكز الثالث للخطة يقول المؤلف:فالإتصال يعتبر هو مرحلة التنفيذ التي سبق أن اقترحت عند رسم الخطة. وهو الذي بموجبه تحقق أهداف العلاقات العامة. لأن أهداف العلاقات العامة … هي أهداف المؤسسة. وما إدارة العلاقات إلا مركز حدود بين المؤسسة وجمهورها: إحدى قدميها في داخل المؤسسة والقدم الأخرى خارجها وذلك تعبير أن لها قناتيإتصال إحداهما تنبع من الداخل للإتصال بالخارج من الجماهير المتعددة. والأخرى تنبع من الخارج وتتجه إلى الداخل لنقل صوت الجماهير المتعددة وآرائها إلى أصحاب القرار في المؤسسة. وأشار المؤلف إلى تعريف الإتصال بأنه: “التفاعل بالكلمات، الحروف، أو الوسائل لتبادل الأفكار والأراء”. ويقصد المؤلف من هذه التعريف تفسير الأفكار والمعلومات ثم تناقلها. وهو بهذا المعنى يشمل كل من يصدر عنه أصوات معبرة.وعن “التقييم” (التقويم) آخر المطاف في الخطة يقول المؤلف:فالتقييم هو وضع قيمة لما يتم إنجازه من عمل مقارنا بالحد الأقصى من الإنجاز لمثل ذلك العمل إذا توفرت له فرص وعوامل النجاح … والتقييم عبارة عن عملية بحث منظم يتم بموجبها التعرف على إنجاز المشروعات التي سبق أن خطط لها. ومعرفة ما صادف التنفيذ من صعوبات، وكيفية تذليلها، وما إذا كانت البدائل المستخدمة في التنفيذ هي الأنسب، أم أن هناك بدائل أخرى كان يمكن استخدامها.هذه هي مركزات الخطة التي ينبغي على رجل العلاقات العامة الأخذ بها. وتناول المؤلف هذه المرتكزات بالشرح والتفصيل المبني على وسائل ومناهج علمية قابلة للتنفيذ. ومن الناحية التطبيقية اتخذ المؤلف الجامعات “قضية دراسة” لخطته حيث ركز على دور العلاقات العامة فيها.وخلال مطالعتي لكتاب أسس العلاقات العامة وتطبيقاتها عنت لي ملاحظات لابد من الإشارة إليها وذلك حتى يأخذ المؤلف بها إذا رأى ذلك مناسبا، عند طبع الكتاب للمرة الثانية. وهي ملاحظات في رأيي جوهرية.1- استخدم المؤلف عبارة “نشاط” لتعني مجموعة من الجهود أو التهيؤ للعمل والإسراع في انجازه. وهو استخدام من الناحية اللغوية والإصطلاحية في محله. ولذا يقال في هذا المعنى “نشاط” العلاقات العامة، أو أن للعلاقات العامة “نشاط” إتصالي وهكذا. إلا أن المؤلف استخدم نفس العبارة في صيغة جمع تكسير “أنشطة” وفي صيغة جمع مؤنث سالم “نشاطات” وذلك على نحو متكرر وملفت للنظر وفي أكثر من فصل. وهو إستخدام غير صحيح لغة ولا معنى له، وإن كان هذا الإستخدام شائعا. ولم ترد فيما أراه عبارة نشاط في صيغة جمع تكسير أو في صيغة جمع مؤنث سالم لتعني نفس المعنى المقصود من عبارة نشاط إذا وردت مفردة وذلك وفقا لما حددته سلفا. ولذا لا تعني كلمة أنشطة ما يقصده المؤلف منها حينما يتحدث عن العلاقات العامة كنشاط إتصالي ولم أجد لعبارتي “أنشطة” أو “نشاطات” في المعاجم العربية كالمنجد ولسان العرب لابن منظور نفس المعنى الذي يقصده المؤلف حينما يتحدث عن مجالات أو فعاليات علم العلاقات العامة.2- استخدم المؤلف أسماء بعض المؤلفين الغربيين في المتن باللغة العربية دون أن يكتب إلى جانب الإسم باللغة العربية نفس الإسم باللغة الإنجليزية. وبالنظر إلى تباين النطق بين اللغة العربية واللغة الإنجليزية يستحسن كتابة الإسم باللغتين العربية والإنجليزية في المتن إذ يصعب على القارىء أن يعيد كتابة الإسم باللغة الإنجليزية اعتمادا على ما هو مكتوب باللغة العربية وذلك لاختلاف الحروف وتباين نطقها في كلتا اللغتين.3- لم يعد المؤلف كشافا أو فهرسا مستقلا بآخر الكتاب عن جميع المراجع باللغتين العربية والإنجليزية لأهميته. ولا يكفي وضع قائمة بهذه المراجع في نهاية كل فصل من فصول الكتاب.4- لم يعد المؤلف كشافا أو فهرسا مستقلا بآخر الكتاب يتضمن أسماء جميع من ورد ذكرهم في متن الكتاب من مؤلفين وغيرهم.ورغم ما أوردته من ملاحظات وما سجلته من تأملات يظل كتاب “أسس العلاقات العامة وتطبيقاتها” مرجعا علميا لطلاب العلم والمعرفة. وهذا الكتاب لا يستغنى عنه، في رأيي، رجال “العلاقات العامة” سواء منهم من يعمل في أجهزتنا الحكومية أو في مؤسساتنا العامة أو في شركاتنا الخاصة.
الناشر: جريدة اليوم
– العدد:7221
تاريخ النشر: 23/03/1993م