يعتبرُ الدكتور محمد من أوائـل الطلبة [إن لم يكن الأول]في “المملكة العربية السعودية” مطالباً بتعليم المرأة وذلك حينما نشر “مقالة” في مجلة النشاط الثقافي “لمدرسة الأحساء الثانوية” لعام/1375هـ تحت عنوان “أضواء على تربيتنا”، وهي مقالةٌ مضى عليها أكثر من خمسة وأربعين (50) عاماً، وقبل افتتاح مدارس للبنات بالمملكة بسنوات. ومما جاء في هذه المقالة:ـ
“إن الطفل ينشأ في وسط عائلي، وهو في هذا الوسط يشب ويترعرع، وبقدر قوة الثقافة التي يتمتع بها هذا الوسط يكون استعداد الطفل لتقبُّل الثقافة الخارجية، وما دامت الأم الراعية الأولى لتربية الطفل فإنها أولاً ستغذيه غذاءً مادياً وروحياً ثانيهما بواسطة العقل. ويختلف المقياس الحقيقي لثقافة الأم في المجتمعات المختلفة، فإن كانت معدومة الثقافة فإن الطفل سينخرط في سنواته الأولى من حياته يلعب ويلهو دون نفع ودون أن يكسب ربحاً تربوياً، وإن كسب شيئاً فلن يتعدى معرفته كيف يأكل، وكيف يضع لقمته في فمه، وكيف يشرب، وكيف ينام. مع أن تلك الأمور سيتعلمها بطبيعته. وعلى هذا الأساس تنعكس تربية الأم الجاهلة على ابنها، فيكون على شاكلتها، مشلول التفكير والفهم، يعيش بغرائزها وعواطفها، ولا يعرف أخطاءه حتى تصدمه الحياة وتحطمه.
هذه هي مشكلة الطفل عندنا حينما يتدرج إلى الحياة شاباً، ثم يحس بضرورة التعليم في سن يصعب فيها التعلم، وفي سن يمنعه تماماً من التعلم. ومن هنا يتأكد أن مصدر تأخره هي الأم التي تعهدته وقادته بقدوتها العكسية وتعليماتها الخاطئة …
إن الأمور المحطمة للنفس كثيرة، وتنبت دائماً تحت ظلال الجهل الداكنة وتحت سمائه، فحيث وجد الجهل وشروره وجدت تلك الأمراض والثعابين المبيدة. حقاً إن الجهل أوجد لنا مشاكل كثيرة لا سيما في الطفولة، فمن شعور بالنقص إلى عدم ثقة بالنفس، ومن خوف وخجل إلى اضطراب وتردد، ومن ضعف وفشل إلى تأخر وجمود. هكذا مصير البيئة المحاطة بالجهل والمصونة بالاستكانة والجمود. ومن هنا نجد العواطف هي التي تحرك نشأنا. والاتجاهات والميول هي العواطف التي يتحرك بها، وحينما تكون تلك العواطف تافهة في قيمتها فإن[الطفل]يتحرك ويتوجه إلى مصيره حيث يجد كساده وبواره وتأخره، وحيث يجد حتفه وموته يلاقيه مرتاح البال قرير العين.