د. الملحم: رصدت الدولة جزءاً كبيراً من مواردها المالية للتعليم العام 

ألقى الدكتور محمد بن عبداللطيف الملحم، وزير الدولة وعضو مجلس الوزراء السابق كلمة أمام وزير التربية التعليم الأمير خالد الفيصل مساء أمس الأول في الاحتفالية التي اقامتها الأسرة التعليمية بالشرقية لوزير التربية و التعليم.

الجسر الثقافي نقل الكلمة التي جاءت كما يلي:ايها الاخوة: سوف اتناول في كلمتي هذه وباختصار، موضوعين: الأول ويتعلق بمدرسة سميتها “كانت اشبه بالجامعة” في “محافظة الأحساء”، والموضوع الثاني له علاقة مباشرة ببعض المهام المناطة، بالمحتفى به في هذا الحفل البهيج.ولأبدأ بالموضوع الاول، وهو عن “مدرسة الهفوف الابتدائية الاميرية” التي تأسست بمدينة الهفوف في عام 1350هـ وذلك قبل الاعلان الرسمي عن تأسيس “المملكة العربية السعودية بسنة” أي في عام 1351هـ، هذه المدرسة وئدت بعد تأسيسها في مهدها بفعل البعض من اهالي الاحساء الذين لم يحبذوا التعليم الحديث آنذاك، بل حاربوه! وأعيد تأسيس المدرسة في عام 1355هـ، ومن ثم تم تدشينها في عام 1360هـ، وفي 14 جمادى الاولى 1366هـ التحقت بالمدرسة ورقم قيدي في سجلاتها هو “803” وبعدها بخمسة شهور أي في العاشر من شهر شوال/1366هـ التحق بالمدرسة الأمير خالد بن فيصل بن عبدالعزيز آل سعود، ورقم قيد سموه بسجلاتها هو “817”.تخرج من المدرسة رجال رواد كان لهم الفضل في نشر التعليم في شرق المملكة ومناطق اخرى بالمملكة خلال عقود من الزمن، ومرت المدرسة بظروف كانت فيها خاوية على عروشها، وكادت المدرسة ان تختطف عن طريق منحها ربما ليقام عليها مركز تجاري، ولأنني رضعت العلم الاولي في ربوعها كانت هي هاجسي الاول خلال عقود من الزمن، وكانت المدرسة بمخيلتي محفورة، وكنت امر عليها بين الحين والآخر كي اتشمم عبير الذكريات فيها، وكيف لا؟ والمدرسة بالنسبة لي “مشهد ملذات، وموطن ذكريات، ومسارح افكار، ومصدر اشعاع، ومنتدى سمار، كنت اردد ابياتا من الشعر حينما ادور حول مبناها المهجور بوسط مدينة الهفوف التاريخية، ومن الابيات:ولي وطن آليت الا ابيعه وألا ارى غيري له الدهر مالكاعهدت به شرخ الشباب ونعمة كنعمة قوم اصبحوا في ظلالكاوحبب اوطان الرجال اليهم مآرب قضاها الشباب هنالكااذا ذكروا اوطانهم ذكرتهم عهود الصبا فيها فحنوا لذالكاوكنت اردد كذلك بيتين هما:ديار خلت من اهلها وتوحشت فليس بها مرعى لعين ولا خصبعلاها البلى حتى تعفت رسومها وانكرها طرفي فأثبتها قلبي وبالفعل اثبت قلبي مدرستي حيث شرعت بعد تغيير الوزارة التي كنت عضوا بها في عام 1416هـ محاولا تخليد ذكرى هذه المدرسة، وتم ذلك في كتاب ضخم موثق سميته “كانت اشبه بالجامعة: قصة التعليم في مقاطعة الاحساء في عهد الملك عبدالعزيز” وصدر الكتاب بمناسبة احتفال المئوية في 5/شوال/1419هـ وبدون توقع مني حقيقة، بل كان كالمفاجأة، تسلمت رسالة في عام 1421هـ من احد طلبتي بكلية التجارة- جامعة الملك سعود حينما كنت عميدا فيها، افادني هذا الطالب في رسالته انه قد قرأ كتاب “كانت اشبه بالجامعة” وانه سيتخذ من الاجراءات ما من شأنه العناية بالمدرسة ما دام “جدُه” المؤسس- يرحمه الله- هو الذي امر بافتتاح المدرسة المعنية في كتابي، والطالب هو الأمير “سلطان بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود” وكان وقتها قد انشأ “مؤسسة التراث” وترأسها بعد عودته من رحلة الفضاء.وشرع الأمير في تبني ما ارتآه، ونفذت “مؤسسة التراث” توجيهات سموه، وبدعم مالي منها ودعم من بعض خريجي المدرسة من الرعيل الاول بمن فيهم محدثكم تم ترميم المدرسة، وبالفعل دبت الحياة في “مدرسة الاحساء الابتدائية الأميرية” بعدما كانت جثة هامدة! ولما اعلمه من رعاية الأمير “سلطان بن سلمان بن عبدالعزيز” للمدرسة باعتباره رئيسا لمؤسسة التراث وهو الآن الى جانب رئاسته لمؤسسة التراث، الرئيس العام للهيئة العامة للسياحة والآثار فقد بعثت لي برسالة برقم 1153 وتاريخ 9/صفر/1431هـ حدثني فيها عن وضع المدرسة بعد نقلها الى ممتلكات الهيئة العامة للسياحة والآثار، وكشف لي في رسالته عن هوية المدرسة “كمعلم حضاري” في “محافظة الاحساء” وضمن الرسالة اعتراف الهيئة العامة للسياحة والآثار بأن المدرسة “احد المعالم التاريخية” في “المملكة العربية السعودية” وبالفعل اعتبرت المدرسة من مرافق الهيئة العامة للسياحة والآثار في “محافظة الاحساء” ومن المرافق التي تزار الآن بالمحافظة، وهي مفتوحة لكل زائر للمحافظة، ناهيك عن طلابها وطالباتها، وبالمدرسة انشأ سموه مركزا ثقافيا، سماه “المركز الثقافي الاحسائي” بل واكثر من ذلك ففي حفل بهيج اقيم في ساحة المدرسة في 27/محرم/1434هـ حضره الأمير جلوي بن مساعد بن عبدالعزيز آل جلوي آل سعود نائب أمير المنطقة الشرقية، ومحافظ الاحساء الأمير بدر بن محمد بن عبدالله آل جلوي آل سعود، ولفيف من الرعيل الاول من طلبة المدرسة، وفي الحفل البهيج دشن الأمير سلطان باعتباره رئيسا للهيئة العامة للسياحة والآثار “بيت الثقافة” في المدرسة، واعلن كذلك أن جامعة الملك فيصل ستتبنى “النشاط الثقافي” في “بيت الثقافة” وبالاضافة الى جامعة الملك فيصل فالمساعي تتواصل الآن الى أن يكون “بيت الثقافة” في “مدرسة الاحساء الابتدائية الاميرية” هو المظلة الكبرى “لنادي الاحساء الادبي” وفرع “جمعية الثقافة والفنون” وذلك بعد التفاهم الذي سيتم مع وزارة الاعلام والثقافة التي تعتبر مسؤولة عن “النادي” و”فرع الجمعية”.وباعتبار ان تأسيس مدرسة للتعليم الحديث ظاهرة غير مألوفة آنذاك في “مقاطعة الاحساء”، فبعد ان تأسست المدرسة، وجدت ادارتها ان تأهيل المدرسين فيها لاستيعاب مناهجها من اهم الاولويات لديها، وتم ذلك في تأسيس مدرسة داخل المدرسة التي كانت “اشبه بالجامعة” وسميت “بمدرسة المعلمين” وكان الغرض من هذه المدرسة اعداد وتدريب وتأهيل المدرسين على طرق التربية والتدريس.وانطلاقا من الغرض الحيوي الذي أُسست من اجله “مدرسة المعلمين” بمدرسة الاحساء الابتدائية التاريخية سوف اتناول الموضوع الثاني مما له علاقة ببعض مهام المحتفى به في هذا الحفل البهيج، وهو الأمير خالد بن فيصل بن عبدالعزيز آل سعود وزير التربية والتعليم.ما احوجنا هذه الايام، الى انشاء مدارس للمعلمين لتأهيلهم ومدارس للمعلمات لتأهيلهن ليكونوا جميعا معلمين ومعلمات على مستوى مناهج التعليم المطورة الحالية، ولو تم تأهيل المعلمين والمعلمات وفق اسس علمية سليمة على المناهج المطورة لما استدعت الحاجة الى امتحانات اخرى تسمى “امتحانات الجدارة”، و”امتحانات القياس” لخريجي المرحلة الثانوية.المناهج المطورة برامج رائعة، ولكن المصطحات المستخدمة فيها، التي اطلعت على البعض منها شخصيا، تحتاج الى قواميس لغة لفك رموزها الرئيسة والفرعية حتى تستوعب مضامين موضوعاتها من قبل المكلفين والمكلفات بتدريسها لطلابنا وطالباتنا في مراحل التعليم العام الثلاث؟وهناك عدم ارتياح عند من كلفوا وكلفن من معلمين ومعلمات بتدريس هذه المناهج ممن التقيت بهم وبهن في مناسبات، وربما لدى سموكم علم بذلك او طرف منه، ربما!سمو الأمير: رصدت الدولة جزءا كبيرا من مواردها المالية للتعليم العام، وأنتم الآن في قمة هرمه، وأنتم الرجل المناسب في المكان المناسب ولماذا لا؟ “وأنتم أمراء الفكر العربي في الوطن العربي”، وإني أتمنى على سموكم ان يستفاد مما تجمع لديكم من خبرات في مؤسستكم التي من مهامها، كما ذكر في وثيقة تأسيسها، العناية “بمختلف سبل المعرفة من علوم وطب واقتصاد وادارة واعلام وآداب” اقول ان يستفاد من تجربتكم في سبيل ترويض مناهج التعليم المطورة في بلادنا وذلك لتتلاءم وتتوافق مع مدارك المعلمين والمعلمات وذلك كي يتخرج على ايديهم وأيديهن “بنين” متمكنين و”بنات” متمكنات في العلم والمعرفة.وبخصوص مناهجنا التي ما زلت اتحدث عنها، ولانني اعتبر ان هذه فرصة بالنسبة لي فهناك ثلاثة ثوابت لا يمكن المساس بها في المناهج: الاولى العقيدة، والثانية، الهوية الوطنية، والثالثة اللغة العربية لغة القرآن الكريم، وما عداها، فأرى ان يترك للمعلمين والمعلمات القائمين والقائمات على تطبيق المناهج المطورة الحرية المطلقة في قاعات الدرس مع طلابهم وطالباتهن.ووجهت لي ذات مرة جريدة “الجزيرة” اسئلة منها السؤال التالي:”هل طلابنا على مستوى تحديات الالفية الثالثة؟” وكان مؤدى اجابتي انهم على مستوى التحديات لو اخذ في الاعتبار غربلة المناهج الحالية بغرض اخراج العقل العربي المسلم من القمقم ليرى النور من جديد، وجعل هذه المناهج تنطلق من فلسفة تعويد الطلاب منذ الصغر على طرح السؤال، وحث الطلاب في جميع مراحل الدراسة على طرح السؤال، وحثهم على طرح الاجابة، اية اجابة في اجواء علمية تسخر فيها الادوات اللازمة الحاثة على طرح السؤال بدون خوف او رهبة.وأختم بأنني مطمئن، سمو الأمير، بأنه ستكون لكم- ان شاء الله- بصمات تاريخية في مسيرة التعليم العام..والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

اطبع المقالةالتعليقات   تعليق : عبدالوهاب الفايز     البريد : لايوجد التاريخ : 07/04/1435
خالد الفيصل.. رؤية في التعليم

في أمسية زاهدة في التكاليف كبيرة في المعاني، احتفى مدير التعليم بالمنطقة الشرقية وزملاؤه بالأمير خالد الفيصل وزير التربية والتعليم. الأمير خالد أينما يكون يكبر المكان معه، شارك في العرضة السعودية، هذه العرضة التي تحولت من رقصة للحرب إلى رمز للسلام، استمع إلى رسالة حب وتقدير من معلمه علي اليمني في المدرسة الأميرية في الهفوف، وكان التاريخ حاضرا بكل معانيه وأبعاده.
استمع الأمير والحضور إلى قصة المدرسة الأميرية من زميله حينئذ الدكتور الكبير النبيل رجل الدولة محمد الملحم، وكانت كلمة تداخلت فيها رصانة استاذ القانون المخضرم مع روح الأرض، كلمة حملت صورة للمسافات الحضارية التي مضى فيها التعليم في الأحساء، من مدرسة واحدة تصارع لأجل البقاء وتقف التحديات أمامها، إلى مدينة عامرة بجامعة كبيرة عريقة متميزة، وعامرة بمراكز الأبحاث، ومئات المدارس والمعاهد، مدينة تولّد الموارد البشرية لحقول الصناعة والزراعة، ومدينة يسجل أبناؤها التفوق والتميز العلمي والعملي كل يوم.والأكبر في المناسبة هي الكلمة الهامة والتي تضمنت رؤية وتصور وموقف الأمير من العديد من الأمور الحيوية على الصعيدين الوطني والعالمي، وأبحرت في الشأن الفكري والحضاري، واستعادت التاريخ الاسلامي عندما كانت (العولمة إسلامية).في الكلمة تحدث عن زملائه في وزارة التربية كما يليق برجل كبير نبيل قائلا: « ولا اقول إنني أتيت لاطور التعليم، ولكنني أتيت لأساعد زملائي الذين سبقوني في تطوير التعليم، لأكون شريكا معهم في هذه المرحلة التطويرية». إنها رسالة قائد واثق بالنفس يبعثها إلى جميع العاملين في التعليم، لا تأتي إلا من قلب قائد أصيل، رسالة تأليف للقلوب واستنهاض للهمم، لا تهديد ولا تخويف، وهذه الروح الجامعة هي روح جده الملك المؤسس الكبير عبد العزيز -رحمه الله- الذي جمع القلوب و(أصلح المضغة) قبل اعتبارات السياسة والجغرافيا، وجمع المدن المتحاربة، جمع الناس على كلمة سواء، ووزارة التربية هي حاضن الفكرة الوطنية، والعاملون فيها أمامهم مسؤوليات كبيرة. حدث الحاضرين عن مسيرته العلمية، بدأ طالبا وهو الآن يعود مديرا لمدرسة، في كلماته: «وهكذا أيها الاخوة.. تجدون أن رحلتي بدأت من المدرسة وانتهت إلى المدرسة، فأنا مدين للمدرسة أينما كانت، ومدين للتعليم، لأنني أؤمن ايمانا تاما بأن المعرفة هي الطريق إلى الرقي والتقدم في هذا العالم، ودلالة ذلك تبني المملكة العربية السعودية لاستراتيجية التحول إلى مجتمع المعرفة، الذي يبدأ مطلع العام المالي القادم، وهو أول عام للخطة العشرية للمملكة. وليس غريبا أن تتخذ المملكة هذه الخطوة في هذا الزمان وفي هذا العام، فلقد قطعت المملكة، انسانا ومكانا، شوطا كبيرا في طريق المعرفة، حيث انتقلت من مجتمع أمي بسيط إلى هذا المجتمع الذي أصبح لا ينافس الدول النامية، بل تخطاها إلى الدول المتقدمة بشبابه وفتياته، في منافساته الدولية، ويحصد الجوائز العلمية والرياضية في كل ناحية من نواحي العالم.»وتحدث عن قناعاته وثقته ببلادنا، يقول: «فهذا هو الوقت الذي نبدأ فيه المرحلة الحضارية العظيمة، والإنسان السعودي العظيم الذي يقول للعالم أجمع في هذا اليوم.. نعم: الإنسان السعودي قادم لا محالة ليحتل محله المستحق بين شعوب العالم المتقدمة. لقد طرحت قبل سنوات شعار «نحو العالم الأول» ولقد سخر مني البعض عندما ذكرت العالم الأول، ولكن هذا أنتم اليوم، ولقد تبنت دولتكم هذا التحول إلى العالم الأول كاستراتيجية من استراتيجيات المملكة العربية السعودية.»وقال أيضا: «لا استطيع أن أتحدث بالتفصيل عن هذا الموضوع، ولكن الأيام والأسابيع والأشهر القادمة ستثبت لكم جميعا بالفعل مرحلة جديدة من التعليم في المملكة العربية السعودية، وأنا أقصد التعليم العام الذي هو من مسؤوليات زملائي وأنا معهم بوزارة التربية والتعليم.»لقد كانت كلمة، لا نقول تاريخية، ولكن هي تستشرف مستقبل بلادنا، والأمير خالد يعتز بالنجاح الذي حققته بلادنا، « في هذا العهد الزاهر عهد الملك عبدالله بن عبدالعزيز ملك الابداع والتطوير والابتكار، والذي سابق عصره في تحقيق الأحلام التي كانت تداعب أبناء شعبه، وهم اليوم يعملون في طريق تحقيقها.»

——————————-

الناشر: جريدة اليوم

– العدد:تاريخ النشر: 1 مايو 2014

الرابط للمصدر

حمود البدر .. البر الكريم

هذا عنوان كتاب وضعه وأسهم فيه بدر بن حمود بن عبدالعزيز البدر، والصديق الأستاذ محمد بن عبد الرزاق القشعمي، وهو عبارة عن وثائق وملامح سيرة ذلك الإنسان الذي كان لي شرف معرفته، حيث التقيت به وعمل معي في جريدة الخليج العربي التي صدرت في العقد السابع من القرن الماضي، حيث رجوته أن يقوم بالإشراف على طبع الجريدة في مطابع الرياض الوطنية بعد أن رحب أستاذنا وشيخنا حمد الجاسر -يرحمه الله- بمد يد المساعدة لي في هذا الشأن، فكان الدكتور حمود يشرف على الطبع ويستلم المواد، ويشحن النسخ إلى المنطقة الشرقية، كما يدير مكتب الخليج الذي افتتح في شارع (البطحاء) لتلقي الإعلانات التجارية.. وقد استمرت هذه العلاقة وهي علاقة أخوة وصداقة حتى أذن الله أن يبعث الأخ العزيز حمود إلى مصر لإكمال دراستة الجامعية، وقد امتدت تلك الصداقة بيني وبينه، وبعد الجريدة التي جعلته يختار تخصصه العلمي في الإعلام، حيث كان مدير مكتب (جريدة) الخليج العربي وليس لمدير (مجلة) الخليج العربي كما جاء في صفحة 9 – لأن مجلة الخليج قد توقفت آنذاك، ولقد لفت انتباهي قوله ص 44: «أما العدد الأخير من الخليج العربي فهو العدد الرابع السنه الأولى 15 رجب 1376هـ الموافق 15 فبراير 1957م وقد تحولت من صحيفة نصف شهرية إلى مجلة شهرية وصفحاتها 34 صفحة، تطبع بمطابع الرياض وكان الأجدر أن يكون العكس»، وهنا أعتقد أن الأمر اختلط عليه لطول الفترة لأن المجلة هي التي صدرت بالأحساء، وطبعت بالمطبعة السعودية، وإن الجريدة هي التي طبعت بمطابع الرياض، وبعد أن سافر الأخ حمود إلى مصر التقى الدكتور محمد بن عبداللطيف الملحم الذي كتب مايلي: (قبل أن نسافر حمود البدر وأنا الى أرض الكنانة في عام 1378هـ للدراسة كنا على معرفة تامة، بل وثيقة برجل مهنة المتاعب الصحفي الشباط، وفي عام 1381هـ حل أديبنا ضيفًا علينا -حمود وأنا بشقتنا المتواضعة بشارع الخطيب بحي الدقي بمنطقة الجيزة في القاهرة – الجمهورية العربية المتحدة. ولم يكن صاحب مهنة المتاعب سائحًا، كان الهدف من زيارته للقاهرة وإلى مصر هو إعداد عدد خاص من جريدة الخليج العربي الأسبوعية، ومن حسن الصدف أن الزميل حمود كان طالبًا بقسم الصحافة بكلية الآداب، وكم كنت مسروراً أن أكون بين صحفيين) وقفة في تعرف ذلك الزمن الفضفاض الذي لم نستغله كما الآخرين كثيراً حتى أنهكنا التعب.. ولقد صدق الدكتور محمد الملحم -وفقه الله- في روايته التي أعادت الذهن إلى عصر مضى باستثناء بعض الذكريات، وما تحمله من أطياف عصر النهضة المزدوجة، نهضة الأمة ونهض الشباب وطموحاته، وأعود إلى معالي الدكتور حمود بن عبدالعزيز البدر رفيق الصبا، وزميل المهنة فقد كانت لنا أيام مليئة بالفرح رغم المعوقات والعقبات، وقد استمر فرح الدكتور حمود وابتسامته العذبة ابتداءً من شقة الدقي بالقاهرة حتى الآن يتجاوزها كل العقبات، على العديد من صفحات الفخر التي تكتب له في صحائف الخلود، وهكذا استثار الدكتور محمد بقية ذكريات أيام الصبا والفتوة العذبة كعذوبة ابتسامة حمود البدر التي لم تفارقه منذ عرفته، وحتى التقيت به بعد مرور نصف قرن من الزمان، تلك الابتسامة التي لم تتغير تفاصيلها، ومعناها العميق في قلب ذلك الإنسان المحب المحبوب، ولقد أحسن الأخ محمد القشعمي بتوثيق هذا السجل الحاوي لكل المسارات التي سلكها ذلك البدر الذي لم يأل جهداً في مواصلة التعليم، ونشر والمعرفة والمشاركة في خدمة المجتمع ثقافياً واجتماعياً إلى جانب أعمال البر والإحسان، والله أسأل أن يوفقنا وإياه إلى كل خير وبر، وأن يحسن لنا وله الختام إنه عفور رحيم.

 

إن هذا السجل ليس خاصًا بمسيرة الدكتور حمد البدر الذي أكن له في قلبي كل ود ومحبة، بل هو جزء من سجل التعليم والنهضة لوطننا الكبير.

حمود البدر .. البر الكريم
الكاتب: عبدالله الشباط
الناشر: جريدة الجريدة – العدد
تاريخ النشر: 31 مارس 2014
الرابط: http://www.alyaum.com/News/art/130187.html

 فقيد آل ملحم 

 

هل أعزي نفسي؟ أم أعزي أسرتي؟ولماذا أعزيه؟الأحباب كثروالأصدقاء كثرولكن مهما كثر الأحباب أو كثر الأصدقاء فالنفس – ساعة الفقيد المتوقع حدوثه، الذي لا يمكن رده – ميالة الى تصنيف هؤلاء الأحباب، وهؤلاء الأصدقاء.فمنهم من هو قريب للنفس!ومنهم من هو أقرب للنفس!ومنهم من هو الأقرب للنفسوالأسباب متعددة ومتباينة : إما للجاه! أو للوجاهة! أو للمال! والفقيد «أبو عبد العزيز» بين كل أولئك مختلف لأسباب منها:- طيبة نفسه.- براءة منطقه.- دماثة خلقه.كان تعليم الفقيد محدودا لان الأمية في عهده كانت ضاربة أطنابها، فتقدم وهو في ريعان شبابه، فعمل في شركة كهرباء الاحساء وقتها، وكانت الشركة الوحيدة ببلدته، فلم يستجب لطلبه، لم ييأس وقتها، ولم يشعر بأن سبل الحياة قد سدت أمامه. مارس التجارة في أرض «هجر» – مسقط رأسه – في وقت كانت سبل التجارة فيها متاحة، لكنها كانت محدودة ففتح الله عليه، ووجد فيها ما يسد رمقه، ويقيه شر العوز، ويشاء الله – سبحانه وتعالى – ان يلتقي عند بدء ممارسته التجارة برجل من أقاربه، احتضنه هذا الرجل، وكان بمثابة والده رغم وجود والده، وكان هذا الرجل لا يعرف مبادىء القراءة والكتابة، لكنه كان أميا ذكيا ذا نشاط وحيوية. تعاهد الفقيد مع هذا الرجل على ان يمارسا التجارة معا، ففتح الله عليهما، ووجد كلاهما فيها المبتغى والمغنى، وكان تعاونهما مضرب المثل في محيط الأسرة، حيث كان يحيط بذلك التعاون الصفاء والتفاهم.كان هذا الرجل المتعاون مع الفقيد هو والدي يرحمه الله،ومن عطاء تجارته زواجه امرأة فاضلة من أسرة كريمة هي أسرة «العامر» فأنجب منها، وكانت نعم الزوجة، ونعم الأم. ربى الفقيد أبناءه وبنتيه فأحسن تربيتهم.توفى الله الفقيد يوم الخميس التاسع من شهر جمادى الأولى عام 1434هـ، عن عمر مديد بعد ان ألم به المرض، ولما علمت بنبأ وفاته تكدر خاطري وشعرت بألم الصدمة المفجع. لقد كان موته بمثابة فقد كبير بالنسبة لي ، وهو فقد لا لقاء بعده في هذه الدار، ولان ايماني بحتمية الموت ثابت وقادم عزيت نفسي بأن يوم وفاته كان يوم أجله، ولا راد لقضاء الله وقدره ولكل أجل كتاب.كان الفقيد :- عصاميا.- مكافحا.- عف اللسان.- متواضعا.- طيب القلب.- محبا للخير.ذا حياء جم ومحيا باسم.- قليل الكلام.- ويتكلم اذا وجد ضرورة للكلام.اجتمعت هذه الصفات في الفقيد، لذا كان محبوبا بين أقاربه وعارفيه، بل كان قدوة صالحة لهم، إذ كانت مكانته بينهم متميزة، لكن فقده بالموت – الذي غيبه – قد أحدث فراغا كبيرا عندهم.كلما كنت في «محافظة الاحساء» في زيارة كنت أزوره في منزله حالة صحته ومرضه، للعلاقة التي كانت ربطته بوالدي، وكان والدي يعامله ويعامل أبناءه وبنتيه كما لو كان الأبناء والبنتان من صلبه. لم تكن ممارسة التجارة هي الرابط الوحيد الذي كان يجمع بينهما فحسب، وهي تجارة وجدا فيها خيرا كثيرا ، لكن كان الأكثر من ذلك رابطتي القربى والمودة اللتين لم تنفصما حتى وفاة والدي – رحمه الله – عام 1419هـ ، ولن أتجاوز الحقيقة اذا قلت : إن الدي كان يُسر اذا وجد الفقيد مسرورا، وكان والدي يتأثر ويحزن إن ألم بالفقيد مكروه، وكان الفقيد يبادل والدي هذه المشاعر ذات الأثر الطيب.وكم أتمنى أن يحذو حذو الفقيد من تتوافر لهم الفرصة، من يحملون مؤهلات فيقرأوا هذا الرثاء ليمتهنوا ما امتهنه الفقيد منذ ريعان شبابه، ولا يقفوا بمؤهلاتهم في أيامنا المعاصرة أمام أبواب الوظائف العامة طارقين. إن سبل الخير متاحة أهمها ممارسة التجارة.رحم الله رفيق والدي، قريبي، وحبيبي، وصديقي عبد الله بن عبد المحسن بن أحمد آل ملحم، وأسكنه فسيح جناته، وألهم زوجته أم عبد العزيز «منيرة العامر» وألهم أبناءه : عبد العزيز وأحمد ومساعد وعبد المحسن وابنتيه : سعاد وليلى، وأخويه محمد وناصر وأختيه: لؤلؤة ولطيفة، وكافة أفراد أسرتي «ذكورا وإناثا» الصبر والسلوان.. و«إنا لله وإنا إليه راجعون».
** وزير الدولة وعضو مجلس الوزراء السابق


الناشر: جريدة اليوم

تاريخ النشر: 23 مارتش 2013

الرابط للمصدر
من أعزي في الفقيد / عبد الله بن عبد المحسن بن أحمد آل ملحم؟

جولة في كتاب: أيام في حياتي

جولة في كتاب: أيام في حياتي

الكاتب: د. محمد بن سعد الشويعر

تلَقىَّ عنواني، في غيابي عن الرياض، كتاباً قيّماً ألفه معالي الدكتور محمد بن عبداللطيف الملحم، اختار له عنواناً هو “أيام في حياتي”، حقوق الطبع لدارة آل ملحم للنشر، في طبعته الأولى عام 1433هـ 2012م، والكتاب من القطع الكبير، ويقع في 555 صفحة. ومن وفاء المؤلف لأقرب الناس إليه، فقد استفتحه بالإهداء في سطرين بارزين:

 

الأول لوالده عبداللطيف بن محمد بن عبدالله آل ملحم (رحمه الله)، والثاني لزوجته نعيمة بنت محمد بن عبدالرحمن العدساني.

جاء الكتاب على هيئة السرد، وبدون عناوين تشوّق القارئ، ولكثرة التأبين فيه لأفراد يعزهم وتربطه بهم صلة وثيقة: صداقة أو قرابة أو زمالة، فإنه يُتْعِبُ القارئ، الذي يحب المعرفة، لأنّه يندبه باللقب، وهذا من محاسن الموتى الذين قد يرتاحون لذلك، لأنه من خيرة الأسماء بالنسبة لهم، لكن القارئ مثلى، لا يجد الجواب، إلا بعد قراءة الموضوع، حيث يُكْشَفُ النقاب عن اسم المقصود بهذا الندب صريحاً في الآخر. وقد يكون للمؤلف منهج، يريد منه إجبار من بيده هذا الكتاب أن يحرص على قراءته بالوفاء، واستكماله لِيُدركَ منهجه في كتابه. وأجدادنا المؤلفون من العرب ينتقدون أنفسهم في تأليفهم، لأن من ألف فقد استُهدِف.

بدأ الكتاب بتقديم، يوضح فيه ما يريد وراء هذا المسمى حتى يُدرك وفاءه الرفقاء دربه في الحياة، وهو يلتقط بكل مناسبة محطة يستروح فيها، نسيم الذكريات، والترحم على من سبق لدار الخلود. وهذه منقبة يحمد عليها، لأن كل تأبين أورده، يجزل في الدعاء والثناء على صاحبه، وهذا من ذكر محاسن الأموات، الذي حث عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم: “أذكروا محاسن موتاكم”.

ولم يعنْوِنْ لبعض الموضوعات التي طرح، لأنه أحياناً يرمز بأرقام، 1، 2، 3 وهكذا، خاصة وإن جرى عند المؤلف وضع العنوان حتى يعرف القارئ.. أو يرجع للفهارس، ولكنَّ الفهارس في كتابه هذا قد جاءت في ص477 مع أن الكتاب في 555 صفحة، والمعتاد أن الفهارس في آخر الكتاب.

أما التقديم فقد شغل صفحتين إلاّ فراغاً شغله بثلاثة أبيات أعجبته هي من إحدى الأغنيات المصرية، وقد بيّن في هذه المقدمة: بأنّما هو لمسة وفاء منه لرفقائه ولِداته، وهذا هو الغرض الذي استهدفه حينما عزم على تسجيل وقائع هذه الأيام ص10.

ثم بدأ في ص11-13 عن رحيل عملاق هو واحد من أساتذته الذي اغتيل، والذي يدرسه في كلية الحقوق بالقاهرة في مادة مبادئ الاقتصاد، وقد أثنى عليه كثيراً (ص11-13)، ولما علم باغتياله نشر تأبيناً له في عام 1411هـ، وقال: ولما علمت باغتياله نشرت التأبين في جريدة الرياض العدد 8190 ديسمبر 1990م، ثم أورده في 5 صفحات (14-18).

أتبع ذلك بجائزة يوسف نحاس التي منحتها له جامعة القاهرة بكلية الحقوق لحصوله على أعلى مجموع في مواد الاقتصاد السياسي، بالسنتين الأولى والثانية، في امتحانات العامين الجامعيين 58، 59 و59-1960م للطالب: محمد عبداللطيف الملحم (ص19).

ولم يشر إلى ما جاء في الصفحة بعدها، رسالة تهنئة من مدير معهد أنجال جلالة الملك بالمناسبة ذاتها في 26-11-1378هـ، وفي ص21 عنوان رقمه: 2 ضربة معلم، ذكر في الحاشية أنه مقال نشر بجريدة الرياض العدد 9197/ 12 ربيع الأول بمحليات ص5 بمناسبة تعيين الدكتور حمود البدر أميناً لمجلس الشورى، فقد كان زميلاً له في الدراسة الجامعية بجامعة القاهرة، واشتركا في السكن سوياً، وإن اختلفت الكليتان، فالموضوع عن كل منهما وميوله، وعما بينهما في العلاقة. أخذ المقال 8 صفات، وقد علق عليه الصحفي الصديق محمد الوعيل بالجزيرة عدد 7793 في 18 شعبان عام 1414هـ (ص21-31).

وفي ص32 رصد تأبين لأبي ناصر الذي لم يسمه إلا في النهاية الدكتور عبدالله الوهيبي، فقد أثنى عليه وعرفه في لندن فترة الدراسة، وفي هذه تتبعه في سيرته كلها، ومدح خصاله الحميدة، وزملاءهما سوياً، وذكر منهم 8 وذكرياتهم أيام الطّلب (32-42).

وفي ص 43 رقم 4 تأبين آخر بعنوان: ومتى أجد البديل، وقد نشر التأبين في جريدة اليوم عدد 10002 الخميس 6 شعبان 1421هـ، ويرمز لهذا الأخ الذي مات سريعاً، وآخر لقاء معه كان قبل أسبوع، وهذا الخدين ابن عمه: محمد بن عبدالعزيز الملحم، الذي كان يندبه في رثائه بأبي عبد العزيز يكررها في ترحمه وذكر خصاله الحميدة، بعد تولهه عليه في 3 صفحات وترحمه عليه وتذكر ما بينهما وصديقهما عبدالله الراشد. لكنه بالغ في صفات أسبغها على ممدوحه، وهي الشهامة.. ولم يستثن بإن شاء الله- عندما قال: في ص45: يا أبو عبدالعزيز إذا كان للشهامة تاج فأنت تاجها، وإذا كان للشهامة بيت فأنت رب البيت.

وكان وفياً في تأبينه الأصدقاء، ويتذكر معارفه، ويأسى على ذوي قرابته في وفاتهم وربطهم بالأسرة، ففي ص54 في تأبينه قريبه الشاعر الموهوب محمد بن عبدالله بن حمد الملحم، وفي ص60 في تأبينه صديقه وقريبه وإيراد نماذج من أشعاره، منها ما قال في زوجته منيرة، التي يتساءل لماذا لا تشاركني.. ومما قال فيها:
شريكتي مسرّتي
وفرحتي وترحتي
ومسكني وسكني
وموئل الذّرّية
تصون مني نظرتي
حقا وسوء الخطرةِ
مليكة لمنزلي
تديره بحكْمة
وصىّ عليها المصطفى
بأبلغ الوصيّةِ
أمّ البنين والبنات
أصلح تلك الدوحة
أحبّها من كل قلبي من سويدا مهجتي

وهي قصيدة تبلغ 15 بيتاً، إلى جانب أشعار كثيرة له (ص56-62).

وكان محباً للشعر ويقوله في الرثاء وفي الإخوانيات والتعازي، سواء كان شعراً مقفى، أو شعراً حديثاً، ولذا فقد امتلأ كتابه بأبيات شعرية وقصائد مقفاة، ومن الشعر المنثور، وبعد أن نثر كنانته في ابن عمه الفقيد، فقد أعجبه مطارحة شعرية بين الشيخ عثمان الصالح -رحمه الله- والشيخ اليحيا وأورد نماذج من ذلك، وقال في هامش ص50 لمزيد من المطارحات الشعرية -الذي هو معجب به- لدى شعراء الأحساء يراجع كتابنا: كانت أشبه بالجامعة، قصة التعليم في الأحساء، في عهد الملك عبدالعزيز ص365 وما بعدها طبع عام 1419هـ.

كما أورد قصيدتين، بين الشيخ اليحيا والشيخ عثمان الصالح، وهما من المطارحات.. وشواهده يأتي بها بمناسبة الحديث عن شخص، ومن ذلك ما نشره في ص63 وما بعدها، حيث نشر رثاء بعنوان: شاعر موهوب ونُشر في الجزيرة عدد 5814 تاريخ 17 محرم عام 1409هـ، وقد توسع نوعاً ما في ذلك لأن هذا مما يحلو له. حيث زيارته للشيخ اليحيا فتح شجونه، وتحصل منه على التحفة وبعض الأشعار وأنس كل منهما بصاحبه مع أن التعارف لم يتم إلا متأخراً، وكل منهما مقيم في الأحساء.

وقد حقق لواحد من أقاربه، أمنيته في الصلاة داخل الكعبة، وعبر عن ذلك في هامش ص61 عندما قال: وتفاصيل هذه الرحلة المقدسة مذكورة في كتاب له بعنوان: تأملات في الرحلة المقدسة ص 62 وما بعدها، وكان معجباً بالشيخ الأديب: عثمان الصالح رحمه الله، ولذا يمدحه نثراً ويثني عليه في ص217، خاصة بعد رسالة له يهنئه بالجائزة التي نالها في دراسته السنة الأولى والثانية، في كلية الحقوق بجامعة القاهرة، التي كانت ملء السمع والبصر وتناولتها صحفنا ص(218-224).

وكان محباً لمدرسته الابتدائية، في الأحساء ويطلق عليها لقب الجامعة، وقد هاج عندما قال عنها د. الغامدي إنها كالمحنطة، ورد عليه رداً قاسياً، حيث أعطى هذه المدرسة ومكانتها كل حب وتقدير، وهي أول مدرسة ابتدائية في منطقة نجد والأحساء، وهن باكورة التعليم ست مدارس، أمر الملك عبدالعزيز رحمه الله بفتحها في عام 1356 وهن: المدرسة الأميرية في كل من الأحساء والمجمعة وشقراء، وبريدة وعنيزة وحائل.

وأوافقه على الاهتمام والترميم والبناء لهذه المدارس، لأنهن أول صروح المعرفة في إقليمي الأحساء ونجد، وقد ربط هذه المدرسة بالحديث عن النحاس وصحح الملابسات عن أول مجيء النحاس إلى الأحساء، وربط ذلك بمعرفة الشيخ حمد الجاسر للنحاس أول ما جاء للمملكة في الوجه (ص225)، ولا يلام في وفائه لمدرسته.

كما كان يحب الشغل في شركة الزيت -أرامكو- في الصيف عندما كان طالباً ليكسب خبرة ويشغل فراغاً ص213-314.

وقد مدحه الدكتور عبدالرحمن العصيل في وفائه لمدرسته في رده على الدكتور الغامدي (ص310-316).

وللتأيخ عنده مكانة، فقد خرج قبل فترة كتاب: لمع الشهاب في تاريخ الشيخ محمد بن عبدالوهاب لمؤلف مجهول، لكن الدكتور الملحم، كان له رأي خاص، دونه في هذا الكتاب من ص351-357، وقد ردت عليه الدارة.

فالوقت لا يتسع للزيادة، ومع المعلومات الكثيرة، فحبذا لو نظمه بالعناوين وذكر أسماء من تعرض لهم بالنص دون اللقب الذي لا يدركه إلا قلة من الناس، ولو ميزه بطابع خاص يدركه الناس على المدى لأن الكاتب والمؤلف لا يكتب لفئة خاصة، بل يخاطب جماهير متلونة المشارب، وهذا مما يزيل الغموض ويعطي للكتاب شهرة وقابلية، ومن ذلك الفهارس التي وضعها في الوسط ص476 وبعدها تعريف بالمؤلف وغير ذلك مما رصد، ومن العنوان يتطلع القارئ إلى أن المؤلف سيجعل كتابه على هيئة اليوميات.

جريدة الجزيرة العدد 14631 , 3 ذو الحجة 1433 هـ

المقالة | جولة في كتاب: أيام في حياتي
الكاتب: د. محمد بن سعد الشويعر
الناشر: جريدة الجزيرة العدد 14631 , 3 ذو الحجة 1433 هـ
تاريخ النشر: 3 ذو الحجة 1433 هــ
الرابط: http://www.al-jazirah.com/2012/20121019/ar6.htm

تعليقات حول كتاب أيام في حياتي لمعالي الدكتور محمد آل ملحم

جولة في كتاب: أيام في حياتي
تلَقىَّ عنواني، في غيابي عن الرياض، كتاباً قيّماً ألفه معالي الدكتور محمد بن عبداللطيف الملحم، اختار له عنواناً هو “أيام في حياتي”، حقوق الطبع لدارة آل ملحم للنشر، في طبعته الأولى عام 1433هـ 2012م، والكتاب من القطع الكبير، ويقع في 555 صفحة. ومن وفاء المؤلف لأقرب الناس إليه، فقد استفتحه بالإهداء في سطرين بارزين:
الأول لوالده عبداللطيف بن محمد بن عبدالله آل ملحم (رحمه الله)، والثاني لزوجته نعيمة بنت محمد بن عبدالرحمن العدساني.
جاء الكتاب على هيئة السرد، وبدون عناوين تشوّق القارئ، ولكثرة التأبين فيه لأفراد يعزهم وتربطه بهم صلة وثيقة: صداقة أو قرابة أو زمالة، فإنه يُتْعِبُ القارئ، الذي يحب المعرفة، لأنّه يندبه باللقب، وهذا من محاسن الموتى الذين قد يرتاحون لذلك، لأنه من خيرة الأسماء بالنسبة لهم، لكن القارئ مثلى، لا يجد الجواب، إلا بعد قراءة الموضوع، حيث يُكْشَفُ النقاب عن اسم المقصود بهذا الندب صريحاً في الآخر. وقد يكون للمؤلف منهج، يريد منه إجبار من بيده هذا الكتاب أن يحرص على قراءته بالوفاء، واستكماله لِيُدركَ منهجه في كتابه. وأجدادنا المؤلفون من العرب ينتقدون أنفسهم في تأليفهم، لأن من ألف فقد استُهدِف.
بدأ الكتاب بتقديم، يوضح فيه ما يريد وراء هذا المسمى حتى يُدرك وفاءه الرفقاء دربه في الحياة، وهو يلتقط بكل مناسبة محطة يستروح فيها، نسيم الذكريات، والترحم على من سبق لدار الخلود. وهذه منقبة يحمد عليها، لأن كل تأبين أورده، يجزل في الدعاء والثناء على صاحبه، وهذا من ذكر محاسن الأموات، الذي حث عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم: “أذكروا محاسن موتاكم”.
ولم يعنْوِنْ لبعض الموضوعات التي طرح، لأنه أحياناً يرمز بأرقام، 1، 2، 3 وهكذا، خاصة وإن جرى عند المؤلف وضع العنوان حتى يعرف القارئ.. أو يرجع للفهارس، ولكنَّ الفهارس في كتابه هذا قد جاءت في ص477 مع أن الكتاب في 555 صفحة، والمعتاد أن الفهارس في آخر الكتاب.
أما التقديم فقد شغل صفحتين إلاّ فراغاً شغله بثلاثة أبيات أعجبته هي من إحدى الأغنيات المصرية، وقد بيّن في هذه المقدمة: بأنّما هو لمسة وفاء منه لرفقائه ولِداته، وهذا هو الغرض الذي استهدفه حينما عزم على تسجيل وقائع هذه الأيام ص10.
ثم بدأ في ص11-13 عن رحيل عملاق هو واحد من أساتذته الذي اغتيل، والذي يدرسه في كلية الحقوق بالقاهرة في مادة مبادئ الاقتصاد، وقد أثنى عليه كثيراً (ص11-13)، ولما علم باغتياله نشر تأبيناً له في عام 1411هـ، وقال: ولما علمت باغتياله نشرت التأبين في جريدة الرياض العدد 8190 ديسمبر 1990م، ثم أورده في 5 صفحات (14-18).
أتبع ذلك بجائزة يوسف نحاس التي منحتها له جامعة القاهرة بكلية الحقوق لحصوله على أعلى مجموع في مواد الاقتصاد السياسي، بالسنتين الأولى والثانية، في امتحانات العامين الجامعيين 58، 59 و59-1960م للطالب: محمد عبداللطيف الملحم (ص19).
ولم يشر إلى ما جاء في الصفحة بعدها، رسالة تهنئة من مدير معهد أنجال جلالة الملك بالمناسبة ذاتها في 26-11-1378هـ، وفي ص21 عنوان رقمه: 2 ضربة معلم، ذكر في الحاشية أنه مقال نشر بجريدة الرياض العدد 9197/ 12 ربيع الأول بمحليات ص5 بمناسبة تعيين الدكتور حمود البدر أميناً لمجلس الشورى، فقد كان زميلاً له في الدراسة الجامعية بجامعة القاهرة، واشتركا في السكن سوياً، وإن اختلفت الكليتان، فالموضوع عن كل منهما وميوله، وعما بينهما في العلاقة. أخذ المقال 8 صفات، وقد علق عليه الصحفي الصديق محمد الوعيل بالجزيرة عدد 7793 في 18 شعبان عام 1414هـ (ص21-31).
وفي ص32 رصد تأبين لأبي ناصر الذي لم يسمه إلا في النهاية الدكتور عبدالله الوهيبي، فقد أثنى عليه وعرفه في لندن فترة الدراسة، وفي هذه تتبعه في سيرته كلها، ومدح خصاله الحميدة، وزملاءهما سوياً، وذكر منهم 8 وذكرياتهم أيام الطّلب (32-42).
وفي ص 43 رقم 4 تأبين آخر بعنوان: ومتى أجد البديل، وقد نشر التأبين في جريدة اليوم عدد 10002 الخميس 6 شعبان 1421هـ، ويرمز لهذا الأخ الذي مات سريعاً، وآخر لقاء معه كان قبل أسبوع، وهذا الخدين ابن عمه: محمد بن عبدالعزيز الملحم، الذي كان يندبه في رثائه بأبي عبد العزيز يكررها في ترحمه وذكر خصاله الحميدة، بعد تولهه عليه في 3 صفحات وترحمه عليه وتذكر ما بينهما وصديقهما عبدالله الراشد. لكنه بالغ في صفات أسبغها على ممدوحه، وهي الشهامة.. ولم يستثن بإن شاء الله- عندما قال: في ص45: يا أبو عبدالعزيز إذا كان للشهامة تاج فأنت تاجها، وإذا كان للشهامة بيت فأنت رب البيت.
وكان وفياً في تأبينه الأصدقاء، ويتذكر معارفه، ويأسى على ذوي قرابته في وفاتهم وربطهم بالأسرة، ففي ص54 في تأبينه قريبه الشاعر الموهوب محمد بن عبدالله بن حمد الملحم، وفي ص60 في تأبينه صديقه وقريبه وإيراد نماذج من أشعاره، منها ما قال في زوجته منيرة، التي يتساءل لماذا لا تشاركني.. ومما قال فيها:
شريكتي مسرّتي
وفرحتي وترحتي
ومسكني وسكني
وموئل الذّرّية
تصون مني نظرتي
حقا وسوء الخطرةِ
مليكة لمنزلي
تديره بحكْمة
وصىّ عليها المصطفى
بأبلغ الوصيّةِ
أمّ البنين والبنات
أصلح تلك الدوحة
أحبّها من كل قلبي من سويدا مهجتي
وهي قصيدة تبلغ 15 بيتاً، إلى جانب أشعار كثيرة له (ص56-62).
وكان محباً للشعر ويقوله في الرثاء وفي الإخوانيات والتعازي، سواء كان شعراً مقفى، أو شعراً حديثاً، ولذا فقد امتلأ كتابه بأبيات شعرية وقصائد مقفاة، ومن الشعر المنثور، وبعد أن نثر كنانته في ابن عمه الفقيد، فقد أعجبه مطارحة شعرية بين الشيخ عثمان الصالح -رحمه الله- والشيخ اليحيا وأورد نماذج من ذلك، وقال في هامش ص50 لمزيد من المطارحات الشعرية -الذي هو معجب به- لدى شعراء الأحساء يراجع كتابنا: كانت أشبه بالجامعة، قصة التعليم في الأحساء، في عهد الملك عبدالعزيز ص365 وما بعدها طبع عام 1419هـ.
كما أورد قصيدتين، بين الشيخ اليحيا والشيخ عثمان الصالح، وهما من المطارحات.. وشواهده يأتي بها بمناسبة الحديث عن شخص، ومن ذلك ما نشره في ص63 وما بعدها، حيث نشر رثاء بعنوان: شاعر موهوب ونُشر في الجزيرة عدد 5814 تاريخ 17 محرم عام 1409هـ، وقد توسع نوعاً ما في ذلك لأن هذا مما يحلو له. حيث زيارته للشيخ اليحيا فتح شجونه، وتحصل منه على التحفة وبعض الأشعار وأنس كل منهما بصاحبه مع أن التعارف لم يتم إلا متأخراً، وكل منهما مقيم في الأحساء.
وقد حقق لواحد من أقاربه، أمنيته في الصلاة داخل الكعبة، وعبر عن ذلك في هامش ص61 عندما قال: وتفاصيل هذه الرحلة المقدسة مذكورة في كتاب له بعنوان: تأملات في الرحلة المقدسة ص 62 وما بعدها، وكان معجباً بالشيخ الأديب: عثمان الصالح رحمه الله، ولذا يمدحه نثراً ويثني عليه في ص217، خاصة بعد رسالة له يهنئه بالجائزة التي نالها في دراسته السنة الأولى والثانية، في كلية الحقوق بجامعة القاهرة، التي كانت ملء السمع والبصر وتناولتها صحفنا ص(218-224).
وكان محباً لمدرسته الابتدائية، في الأحساء ويطلق عليها لقب الجامعة، وقد هاج عندما قال عنها د. الغامدي إنها كالمحنطة، ورد عليه رداً قاسياً، حيث أعطى هذه المدرسة ومكانتها كل حب وتقدير، وهي أول مدرسة ابتدائية في منطقة نجد والأحساء، وهن باكورة التعليم ست مدارس، أمر الملك عبدالعزيز رحمه الله بفتحها في عام 1356 وهن: المدرسة الأميرية في كل من الأحساء والمجمعة وشقراء، وبريدة وعنيزة وحائل.
وأوافقه على الاهتمام والترميم والبناء لهذه المدارس، لأنهن أول صروح المعرفة في إقليمي الأحساء ونجد، وقد ربط هذه المدرسة بالحديث عن النحاس وصحح الملابسات عن أول مجيء النحاس إلى الأحساء، وربط ذلك بمعرفة الشيخ حمد الجاسر للنحاس أول ما جاء للمملكة في الوجه (ص225)، ولا يلام في وفائه لمدرسته.
كما كان يحب الشغل في شركة الزيت -أرامكو- في الصيف عندما كان طالباً ليكسب خبرة ويشغل فراغاً ص213-314.
وقد مدحه الدكتور عبدالرحمن العصيل في وفائه لمدرسته في رده على الدكتور الغامدي (ص310-316).
وللتأيخ عنده مكانة، فقد خرج قبل فترة كتاب: لمع الشهاب في تاريخ الشيخ محمد بن عبدالوهاب لمؤلف مجهول، لكن الدكتور الملحم، كان له رأي خاص، دونه في هذا الكتاب من ص351-357، وقد ردت عليه الدارة.
فالوقت لا يتسع للزيادة، ومع المعلومات الكثيرة، فحبذا لو نظمه بالعناوين وذكر أسماء من تعرض لهم بالنص دون اللقب الذي لا يدركه إلا قلة من الناس، ولو ميزه بطابع خاص يدركه الناس على المدى لأن الكاتب والمؤلف لا يكتب لفئة خاصة، بل يخاطب جماهير متلونة المشارب، وهذا مما يزيل الغموض ويعطي للكتاب شهرة وقابلية، ومن ذلك الفهارس التي وضعها في الوسط ص476 وبعدها تعريف بالمؤلف وغير ذلك مما رصد، ومن العنوان يتطلع القارئ إلى أن المؤلف سيجعل كتابه على هيئة اليوميات.

جريدة الجزيرة العدد 14631 , 3 ذو الحجة 1433 هـ
الرابط : http://www.al-jazirah.com/2012/20121019/ar6.htm
تعليق : فيصل العواضي     البريد : — التاريخ : 12/04/1433
أيام في حياتي عنوان كتاب صدر أخيراً عن دارة الدكتور آل ملحم للنشر لمعالي الوزير والكاتب المثقف والمحامي القانوني الحصيف الدكتور محمد بن عبد اللطيف الملحم في خمسمائة وخمسة وخمسين صفحة وقد أهداه المؤلف لوالده يرحمه الله ولزوجته.
حفل الكتاب بأيام ومواقف ووقفات مع شخصيات ارتبط بها المؤلف وعرفها، ولكي نقدم الكتاب للقارئ نستعير من تقديم المؤلف للكتاب ذاته حيث يقول (أيام حياتي والحمد لله ذات سعادة وبهجة غير فقداني أمي وأنا صغير السن أي قبل الاستمتاع بملذات بريق شبابي وريعان صباي معها وكذا فيما بعد فقدان أبي بعد ما تقدمت بي السنون، وفيما بين هذه الأيام وتلك أيام أعتز بها وهي أيام قضيتها مع زملاء في مراحل مختلفة من حياتي يستوي في ذلك مرحلة الطفولة أو مرحلة الشباب أو مرحلة عنفوان الشباب أو بعد ما تقدمت بي سنون الشيخوخة، هؤلاء الزملاء فريقان، الفريق الأول «لداتي» أي من عاصرتهم منذ الولادة وحتى إعداد هذا الكتاب والفريق الثاني «رفاقي» وهم من عشت معهم في مسيرة حياتي حتى سن الشيخوخة من غير اللدات.
ويستطرد المؤلف: (وبدون شك أن ما سأرويه من هذه الذكريات عن أيام أثيرة هي ذكريات صداها يتردد عندي حال اليقظة بل وحتى بين أطياف نومي وبعبارة أخرى هي ذكريات أعتبرها في حقيقة الأمر جزءاً من حياتي ولأنها كذلك رأيت ملاءمة توثيقها في كتاب، وليكون هذا الكتاب بمثابة هدية مني لأبنائي وحفدتي وأسباطي لعل فيها ما يستفيدون منها، وهي من أحسن الهدايا مني لهم لأنها تكشف عن أحوال عشتها مع من أحبهم من لدات ورفاق ناهيك عن اعتبارها جزءاً من كياني في حواس الحياة عندي، إنها لمسة وفاء مني لهؤلاء اللدات والرفاق وهذا هو الغرض الذي استهدفته حينما عزمت على تسجيل وقائع هذه الأيام وذلك من خلال حياة هؤلاء اللدات والرفاق مما له علاقة بمشوار حياتي وذلك بالقدر الذي أعرفه عنهم بحكم احتكاكي بهم عن قرب وكذا عن بعد. جمع الكتاب بين الأسلوب الشيق للمؤلف في سرد الذكريات وبين المعلومة الدقيقة عمن كتب عنهم مما يجعل الإنسان يعيش متعة القراءة في كتاب كهذا يطوف بنا في حدائق غناء من تاريخ المملكة وأمتنا العربية عبر شخوص رجالها ممن تناولهم المؤلف.
واستطاع الدكتور الملحم أن يختلط أسلوباً جديداً من أساليب السيرة الذاتية وهو الكتابة عن الذات من خلال الآخرين لكننا نستطيع أن نتبين بوضوح من خلال هذه الكتابة مسيرة حياة الدكتور الملحم في كتابه «أيام في حياتي» لكنه كان عادلاً فلم يضخم من شخصيته وأدواره على حساب أدوار الآخرين ولم يخف تأثره برجال عظماء سبقوه في ميادين مختلفة ولم يغمط حق أحد في علمه أو ثقافته أو نضاله.
ولئن كان المؤلف قد قال في مقدمته إنه يهدي الكتاب لأبنائه وحفدته وأسباطه فإننا نستأذنه في أن نهديه لجيل الشباب من أبناء المملكة ليطالعوا ما فيه من سير ومواقف وتجارب ربما تلهمهم ما يفيدهم في حياتهم العلمية أو العملية وهي مسؤولية تقع على عاتق جيل الرواد من الذين عايشوا فترات تأسيس النهضة التي تعيشها المملكة بكل ما زخرت به هذه الفترات من تجارب قد لا تتكرر في تاريخ جيل آخر.
نأمل أن يكون «أيام في حياتي» إضافة لأدب السير وتجارب الرواد ونتمنى لمؤلفه مزيداً من الصحه ليتحفنا بمزيد من إبداعاته.

14468 الاربعاء 18 جمادى الآخرة 1433 العدد
الرابط: http://www.al-jazirah.com/2012/20120509/cu2.htm

كتاب أيام في حياتي لمعالي الدكتور محمد آل ملحم

كتاب : أيام في حياتي

تاريخ الاصدار : 2012 م – 1433 هـ

مـوصف الكتاب : أيام من حياة المؤلف يعتز بها و يعتبرها بمثابة محطات أثيرة للغاية عنده, قضاها مع زملاء في مراحل مختلفة من حياته يستوي في ذلك مرحلة الطفولة, مرحلة الشباب, مرحلة عنفوان الشباب, و بعد ماتقدمت به سنون الشيخوخة

متوفر في :
1- الدار الوطنية الجديدة للنشر والتوزيع, الدمام – الأحساء
2-مكتبة جرير
3-مكتبة التعاون الثقافي , الأحساء

كتاب أيام في حياتي معالي د. محمد الملحم

أيام في حياتي وصورة أخرى من أدب السيرة الذاتية

أيام في حياتي عنوان كتاب صدر أخيراً عن دارة الدكتور آل ملحم للنشر لمعالي الوزير والكاتب المثقف والمحامي القانوني الحصيف الدكتور محمد بن عبد اللطيف الملحم في خمسمائة وخمسة وخمسين صفحة وقد أهداه المؤلف لوالده يرحمه الله ولزوجته.

حفل الكتاب بأيام ومواقف ووقفات مع شخصيات ارتبط بها المؤلف وعرفها، ولكي نقدم الكتاب للقارئ نستعير من تقديم المؤلف للكتاب ذاته حيث يقول (أيام حياتي والحمد لله ذات سعادة وبهجة غير فقداني أمي وأنا صغير السن أي قبل الاستمتاع بملذات بريق شبابي وريعان صباي معها وكذا فيما بعد فقدان أبي بعد ما تقدمت بي السنون، وفيما بين هذه الأيام وتلك أيام أعتز بها وهي أيام قضيتها مع زملاء في مراحل مختلفة من حياتي يستوي في ذلك مرحلة الطفولة أو مرحلة الشباب أو مرحلة عنفوان الشباب أو بعد ما تقدمت بي سنون الشيخوخة، هؤلاء الزملاء فريقان، الفريق الأول «لداتي» أي من عاصرتهم منذ الولادة وحتى إعداد هذا الكتاب والفريق الثاني «رفاقي» وهم من عشت معهم في مسيرة حياتي حتى سن الشيخوخة من غير اللدات.

ويستطرد المؤلف: (وبدون شك أن ما سأرويه من هذه الذكريات عن أيام أثيرة هي ذكريات صداها يتردد عندي حال اليقظة بل وحتى بين أطياف نومي وبعبارة أخرى هي ذكريات أعتبرها في حقيقة الأمر جزءاً من حياتي ولأنها كذلك رأيت ملاءمة توثيقها في كتاب، وليكون هذا الكتاب بمثابة هدية مني لأبنائي وحفدتي وأسباطي لعل فيها ما يستفيدون منها، وهي من أحسن الهدايا مني لهم لأنها تكشف عن أحوال عشتها مع من أحبهم من لدات ورفاق ناهيك عن اعتبارها جزءاً من كياني في حواس الحياة عندي، إنها لمسة وفاء مني لهؤلاء اللدات والرفاق وهذا هو الغرض الذي استهدفته حينما عزمت على تسجيل وقائع هذه الأيام وذلك من خلال حياة هؤلاء اللدات والرفاق مما له علاقة بمشوار حياتي وذلك بالقدر الذي أعرفه عنهم بحكم احتكاكي بهم عن قرب وكذا عن بعد. جمع الكتاب بين الأسلوب الشيق للمؤلف في سرد الذكريات وبين المعلومة الدقيقة عمن كتب عنهم مما يجعل الإنسان يعيش متعة القراءة في كتاب كهذا يطوف بنا في حدائق غناء من تاريخ المملكة وأمتنا العربية عبر شخوص رجالها ممن تناولهم المؤلف.

واستطاع الدكتور الملحم أن يختلط أسلوباً جديداً من أساليب السيرة الذاتية وهو الكتابة عن الذات من خلال الآخرين لكننا نستطيع أن نتبين بوضوح من خلال هذه الكتابة مسيرة حياة الدكتور الملحم في كتابه «أيام في حياتي» لكنه كان عادلاً فلم يضخم من شخصيته وأدواره على حساب أدوار الآخرين ولم يخف تأثره برجال عظماء سبقوه في ميادين مختلفة ولم يغمط حق أحد في علمه أو ثقافته أو نضاله.

ولئن كان المؤلف قد قال في مقدمته إنه يهدي الكتاب لأبنائه وحفدته وأسباطه فإننا نستأذنه في أن نهديه لجيل الشباب من أبناء المملكة ليطالعوا ما فيه من سير ومواقف وتجارب ربما تلهمهم ما يفيدهم في حياتهم العلمية أو العملية وهي مسؤولية تقع على عاتق جيل الرواد من الذين عايشوا فترات تأسيس النهضة التي تعيشها المملكة بكل ما زخرت به هذه الفترات من تجارب قد لا تتكرر في تاريخ جيل آخر.

نأمل أن يكون «أيام في حياتي» إضافة لأدب السير وتجارب الرواد ونتمنى لمؤلفه مزيداً من الصحه ليتحفنا بمزيد من إبداعاته.

أيام في حياتي وصورة أخرى من أدب السيرة الذاتية
الكاتب: فيصل العواضي
الناشر: جريدة الجزيرة – العدد: 14468
تاريخ النشر: 18 جماد الآخر 1433 هـ
الرابط: http://www.al-jazirah.com/2012/20120509/cu2.htm

شعر “يوم الجزائر”

الدكتور محمد شاعرٌ مُقِلٌ، وقد حبر قصيدةً وهو طالب بالصف الخامس “بثانوية الرياض” بمناسبة “يوم الجزائر” المعلن في الرياض عام/1377هـ، وقد ألقى هذه القصيدة في حفل “أمانة مدينة الرياض” الخطابِي بتاريخ 14/8/1377هـ، من أبياتها:

حَيِّ “الْجَزَائِرَ” وَاسْتَعِدَّ لِنِصْرَتِه ….. وَانْظُرْ إِلَى ثَمَرِ الْكِفَاحِ وَقُوَّتِهْ
اُنْظُرْ إِلَى الإِلْهَامِ يُشْرِقُ بَاسِماً ….. اُنْظُرْ إِلَى الْمَجْدِ الأَثِيلِ وَعِزَّتِهْ
صَبْراً فَيَا شَعْبَ “الْجَزَائِرِ” إِنَّهُ ….. جَدِيدٌ قَدْ أَطَلَّ بِرَايَتِهْ
أَيَنَ الأَوَائِلُ يَا فَرَنْسَا كَيْ يَرَوْا ….. تَقْتِيلَ شَعْبٍ تَعْبَثِينَ بِسَادَتِهْ
كَانَ الإِخَاءُ دُعَامَةً يَدْعُو لَهَـا ….. “فُلْتَيْرُ” فِي عَهْدِ “اللُّوَيْسِ” وَظُلْمَتِهْ
تُدْعَيْنَ أُماً لِلْعَدَالَةِ وَالإِخَاء ….. والآنَ مِنْكَ الْعَدَلَ رُدَّ بِخَيْبَتِهْ
يَومُ “الْجَزَائِرِ” يَا “حَسَاءُ” تَقدَّمِي ….. عِزِّي “الْجَزَائِرَ” بِالنَّوَالِ وَوَفْرَتِـهْ
وَكَـذَا “الْقَصِيمِ” وَ”لِلْحِجَازِ” مَنَاقِبٌ ….. أَمَّـا “عَسِيرُ” فَـمَا السِّبَاقُ بِفَائِتِهْ
مَا “لِلْجَزَائِرِ” لاَ يُبَالِي فِي الْوَغَى ….. صَلْبُ الشَّكِيمَةِ لاَ يُفَلُّ لِوِحْدَِتِهْ
لاَ يَرْتَضِي شَعْبُ “الْجَـزِائِرِ” ذِلةً ….. قَيْثَارَةُ النَّصْرِ الْجَلِيلِ بِقَبْضَتِهْ
شَعْبُ “الْجَزَائِرِ” قُوَّةٌ بِثَبَاتِهِ ….. وَالْعُرْبُ شَعْبٌ يَؤْمِنُونَ لِوِحْدَتِهِ
دَعْـمُ “الْجَزَائِـرِ” وَاجِبٌ وَمُحَبَّبٌ….. وَالدِّينُ يَطْلُبُ عَوْنَكُـمْ فِي مِحْنَتِهِ
أَهْلاً بِشَعْبٍ لاَ يَلِينُ لِغَاصِبٍ ….. مِسْتَعْمِرٍ أَشَقـى الْبِلاَدَ بِقَسْوَتِـهْ
أَهْــلاً بِشَعْبٍ لاَ تَلِيُنُ قَنَاتُـــهِ ….. حَتَّى الْمَمَاتِ أَوْ الْحَيَاةِ لِعِزَّتِـــه

 

 

الأم المدرسة والأم الجاهلة

يعتبرُ الدكتور محمد من أوائـل الطلبة [إن لم يكن الأول]في “المملكة العربية السعودية” مطالباً بتعليم المرأة وذلك حينما نشر “مقالة” في مجلة النشاط الثقافي “لمدرسة الأحساء الثانوية” لعام/1375هـ تحت عنوان “أضواء على تربيتنا”، وهي مقالةٌ مضى عليها أكثر من خمسة وأربعين (50) عاماً، وقبل افتتاح مدارس للبنات بالمملكة بسنوات. ومما جاء في هذه المقالة:ـ

“إن الطفل ينشأ في وسط عائلي، وهو في هذا الوسط يشب ويترعرع، وبقدر قوة الثقافة التي يتمتع بها هذا الوسط يكون استعداد الطفل لتقبُّل الثقافة الخارجية، وما دامت الأم الراعية الأولى لتربية الطفل فإنها أولاً ستغذيه غذاءً مادياً وروحياً ثانيهما بواسطة العقل. ويختلف المقياس الحقيقي لثقافة الأم في المجتمعات المختلفة، فإن كانت معدومة الثقافة فإن الطفل سينخرط في سنواته الأولى من حياته يلعب ويلهو دون نفع ودون أن يكسب ربحاً تربوياً، وإن كسب شيئاً فلن يتعدى معرفته كيف يأكل، وكيف يضع لقمته في فمه، وكيف يشرب، وكيف ينام. مع أن تلك الأمور سيتعلمها بطبيعته. وعلى هذا الأساس تنعكس تربية الأم الجاهلة على ابنها، فيكون على شاكلتها، مشلول التفكير والفهم، يعيش بغرائزها وعواطفها، ولا يعرف أخطاءه حتى تصدمه الحياة وتحطمه.

هذه هي مشكلة الطفل عندنا حينما يتدرج إلى الحياة شاباً، ثم يحس بضرورة التعليم في سن يصعب فيها التعلم، وفي سن يمنعه تماماً من التعلم. ومن هنا يتأكد أن مصدر تأخره هي الأم التي تعهدته وقادته بقدوتها العكسية وتعليماتها الخاطئة …

إن الأمور المحطمة للنفس كثيرة، وتنبت دائماً تحت ظلال الجهل الداكنة وتحت سمائه، فحيث وجد الجهل وشروره وجدت تلك الأمراض والثعابين المبيدة. حقاً إن الجهل أوجد لنا مشاكل كثيرة لا سيما في الطفولة، فمن شعور بالنقص إلى عدم ثقة بالنفس، ومن خوف وخجل إلى اضطراب وتردد، ومن ضعف وفشل إلى تأخر وجمود. هكذا مصير البيئة المحاطة بالجهل والمصونة بالاستكانة والجمود. ومن هنا نجد العواطف هي التي تحرك نشأنا. والاتجاهات والميول هي العواطف التي يتحرك بها، وحينما تكون تلك العواطف تافهة في قيمتها فإن[الطفل]يتحرك ويتوجه إلى مصيره حيث يجد كساده وبواره وتأخره، وحيث يجد حتفه وموته يلاقيه مرتاح البال قرير العين.

وفي الفقيد أبي مازن : من أعزي؟

هل اعزي أدباء محافظة الاحساء ومثقفيها؟هل اعزي من بقي على قيد الحياة من رعيله؟ هل أعزي أسرة آل مبارك في رحيل عميدها؟ هل اعزي استاذي ورفيق الدرب الدكتور عبدالله بن علي آل مبارك؟ هل اعزي الصديق مازن واخوته واخته في وفاة والدهم؟

بعد نجاحي في مدرسة الهفوف الابتدائية في عام 1371هـ سمعت من بعض لداتي او بعض اساتذتي في المدرسة عن خبر مؤداه من أن شابا من أسرة «آل مبارك» لم يذكر لي اسمه آنذاك قد تخرج في «جامعة الازهر» في المملكة المصرية، وانه يعد ، حسب علمي آنذاك، اول خريج جامعي من بلدة «هجر».سررت للخبر. واشتاقت نفسي لمقابلة ذلك الخريج لعلي اقتفي اثره، ولم اره. وعلمت وقتها كذلك، وانا خريج مدرسة ابتدائية حاصل على الشهادة فيها، ان هذا الخريج الجامعي يطمح، لو سنحت له الفرصة، ان يؤدي خدمة لبلدته في حقل التربية والتعليم.لم تتحقق امنيته لظروف علمت عنها وقتها، فخسرته بلدة «هجر» وشاءت ارادة الله سبحانه وتعالى ان تحتضنه بلدة «جدة» معينا بها معتمدا للتعليم. ولا يداخلني الشك من انه لو ظل في «الاحساء» لتخرج على يديه رجال، بل ولاثراها، مع مرور الزمن، بعلمه وادبه.وظل الحنين الى «هجر» ان لم يكن على الاصح الى اهلها هاجس اول خريج جامعي من ابنائها حيثما حل او ارتحل، وكأن مقولة «وما حب الديار..» ماثلة امام عينيه.ولم التق بهذا الشاب الجامعي منذ عام 1371هـ والى حين، وان كنت على صلة وثيقة برموز اسرته:منهم من كان رفيق دربي،ومنهم من علمني،ومنهم من كان يكبرني سنا فكان بمثابة الاب المربي.

غيبت السنون «ابا مازن» عني في مشوار حياة حافلة كرسها لخدمة وطنه،خارج الديار في سفارة متنقلة هنا وهناك ممثلا للمملكة. وان كنت خلال تلك السنين اسمع نتفا من الاخبار عن مشوار الحياة تلك.وخلال تلك السنين، كانت بلدة «هجر» امام ناظري «ابي مازن». كانت في مخيلته حتى وهو في الغربة. كانت «هجر» عروسه في حله وترحاله يشدو بها، ويتحدث عنها، كما ذكر لي من التقى به لدرجة ان كان الحنين اليها على اشده عنده حيثما ألقت به عصا الترحال او استقر به المقام.كان شغله الشاغل ان يخدم مسقط رأسه واهلها. ولقد تحقق له ذلك بعدما تقدمت به السنون.

ومن حسن الصدف انني التقيت به في منزل احد اقاربي وهو «محمد بن عبدالرحمن بن عبدالله آل ملحم» الموظف بوزارة المالية والاقتصاد الوطني ـ يرحمه الله ـ بالرياض بعد ان عينت وزيرا في حكومة جلالة الملك خالد بن عبدالعزيز ـ يرحمه الله ـ فاذا هو (أي ابو مازن) في حالة سرور، وقد غمرني بعاطر ثنائه مشفوعا بما كان لديه من تجارب كان محور الحديث في ذلك اللقاء.وبعد مشاق التنقل في سفارة في بلدان عربية وغير عربية استقر به المقام في وزارة الخارجية رئيسا للدائرة الاسلامية فيها.وفي مدينة «الطائف» حيث اعتادت الحكومة ان تمضي شهور الصيف فيها توطدت علاقتي بأول خريج جامعي من بلدة هجر.كنا نلتقي في ليالي رمضان المبارك وحتى وقت السحور، وكان بمعيتنا احد اقاربي وهو «عبدالعزيز بن عبدالله العلي الملحم» يرحمه الله الذي كان يعمل آنذاك في المراسم الملكية.تكررت اللقاءات. وكانت لقاءات ذات وهج وبهجة لا نحس بالوقت فيها حتى الهزيع الاخير من الليل.

كان «ابو مازن» ذا ذاكرة تختزن من العلوم العربية وآدابها ما يمكن ان اشبهها «بكلية آداب متنقلة».كنت أغبطه على ما اكتسى به من خلق وادب وعلم، وكنت اتحدث معه، بل واجادله، وكان المنطق يسعفه، ناهيك عما بذاكرته من الحكم والامثال، وكم كنت اتمنى لو تم تسجيل ما كان يدور بيننا من احاديث.وكان «ابو مازن» خلال تلك اللقاءات ذا ادب جم، وتواضع.وكان يستمع، وكان يعترض، وكان ذا سيطرة على لغة الضاد حينما يتحدث، ملما بمداخلها ومخارجها.وكان الشأن العام واعني به «الشأن العربي الاسلامي» ملازما له حينما يتحدث، ولا يمكن ان يلام في ذلك لان ذلك الشأن كان محور عمله حينما كان في سفارة متنقلة هنا وهناك، وحتى بعدما استقر به المقام في وزارة الخارجية يدير دفة دائرة الشؤون الاسلامية فيها.

وبعد ترجله من عمله عاد الى مسقط رأسه ليحقق ما كان يطمح اليه بعد تخرجه في الجامعة في عام 1371هـ، وكان طموحه ان ينخرط كالجندي في حقل التربية والتعليم. ولكن فات الاوان. وبحكم السن لم يتمكن من تنفيذ ما كان يطمح اليه لمزاولة أي عمل نمطي في حقل التربية والتعليم ما عدا محاضرات كان يلقيها استاذا غير متفرغ بجامعة الملك فيصل، وان كان قد حقق ما كان يطمح اليه في مهمة اكبر وذلك حينما افتتح ناديا ادبيا في منزله مساء كل احد، وبامكانياته الذاتية المتاحة، وذلك في وقت كانت «هجر» تفتقر فيه الى ناد ادبي عام، فكان نادي «ابي مازن» مغنى قلوب، ومأوى افئدة، ومسرح افكار ومنتدى سمار. وكان الحراك الثقافي ديدن النادي المنزلي مما جعله يكتسب سمعة وشهرة في فترة قياسية.وتحدث الكثير ممن ارتاد نادي «ابي مازن» لدرجة اعتباره فاكهة ناديه، وعازف نايه بما كان ينثره فيه مما في جعبته من فرائد الادب وغرائبه.وبسبب عوامل ثلاث كانت لذلك النادي تلك الشهرة التي تجاوزت حدود «محافظة الاحساء». واول هذه العوامل ان «ابا مازن» افتتح ناديه في واحة الاحساء الغنية بمغانيها، ومفاتن نخيلها السامقة، ومباهج الطبيعة فيها، ناهيك عما كانت تحتضنه الواحة من مخزون ادبي. وثاني هذه العوامل انه فتح هذا النادي المنزلي وسط مجلس لاسرته، وهو مجلس شبه يومي اعتادت اسرته على فتحه منذ حين وكان ذلك المجلس بمثابة الميدان الواسع الفسيح الذي تمكن فيه «ابو مازن» ان يجعل ناديه الخاص يجول فيه ويصول. اما العامل الثالث فهو استقطاب النادي للكثير ممن ادركتهم حرفة الادب الذين وجدوا في نادي «ابي مازن» املهم الوحيد. والذين ادركتهم حرفة الادب كثر في «محافظة الاحساء» وما جاورها، يستوي في ذلك من هم بمؤسسات التعليم العام والعالي، او من هم قد تقاعد عنها، او من هم خريجو دور وعظ او ائمة مساجد.

كان «ابو مازن» رزين الحصاة، زكنا، أريبا، سريع البديهة، مرح المحيا، ومحبا للمداعبة، ولا انسى موقفا طريفا له في مأدبة عشاء اقيمت في منزل اسرته على شرف صاحب السمو الملكي الامير نايف بن عبدالعزيز النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية حينما علق، وبلطف، على حديث لي اثناء تناول الطعام، وكان تعليقه محل استحسان.وكنت ازور «ابامازن» بمنزله بين الحين والآخر حينما اكون بالاحساء وذلك بعد ان اقعده المرض عن مزاولة نشاطه، وكل مرة ازوره فيها اجد منزله لا يخلو من طلبة علم. وكان يذكر لي ان لديه مخطوطات يرغب مني الاطلاع عليها، وانه يحاول ـ اذا أسعفته صحته ـ نشرها، وحال بينه وبين ذلك كبر السن، والان هي مهمة ابنه «مازن» ليحقق ما كان يطمح اليه والده، وانا على يقين ان علما نافعا تحتوي عليه تلك المخطوطات.

وانني اعزي نفسي لفقد شيخنا احمد بن علي بن عبدالرحمن آل مبارك السفير والاديب، كما اعزي كل من ذكرتهم اعلاه بعد ان أبحر.وانني اذ اشاطر الزميل والصديق العزيز الدكتور راشد بن عبدالعزيز المبارك ألم الصدمة عند العلم بالمصاب، فانني استأذنه في نقل فقرات معبرة مما خطه يراعه بعنوان «الفقد الكبير» (.. ومع ان الموت هو القادم الذي لا شك في وصوله، والغائب المحتم لقاه، ومع ان الايمان بقضاء الله الذي لا يرد، وقدره الذي لا يحد، يعمر قلب المؤمن الا ان ذلك لا يمنع الشعور بصدمة الحدث وبلاغة الجرح وألم المصاب، ومن بين مواجع الدهر يبرز الموت اشدها ألما واكبرها فجيعة، لانه السفر الذي لا عودة منه، والفراق الذي لا لقاء بعده في هذه الدار، وبقدر مكانة الفقيد في نفوس اهله وذويه ومعارفه تتسع دائرة الالم، ويزداد عمق الجرح، لذلك فان مصاب اسرته ومحبيه مصاب جلل وجرحهم لفقده طويل اجل).وكان ابو مازن عميد اسرة آل مبارك، وان من تقاليد هذه الاسرة الكريمة تنقل العمادة بين ابنائها وذلك فيمن تتوافر فيه الكفاءة والمكانة العلمية والادبية مع شرط الاقامة بالبلدة.رحم الله ابا مازن، واسكنه فسيح جناته، وألهم ذويه الصبر والسلوان و (إنا لله وإنا اليه راجعون).

الناشر: جريدة اليوم العدد: 13470تاريخ النشر: الأحد 1431-05-18هـ الموافق 2010-05-02م

رابط المقال في الموقع الأصلي
وفي الفقيد أبي مازن : من أعزي؟