وتكفي قصيدة واحدة …(4)

وكما سبق أن ذكرت في حلقة سابقة وجه ابن الوردي لاميته إلى ابنه دون أن يسميه فيها. وبقصيدة ابن الوردي حكم ومواعظ وسياسة وكياسة وآداب. وفيها أبيات يشكل كل منها ما يمكن أن يسمى بـ القصيدة ذات البيت الواحد. وأعني بذلك أن كل بيت ذو وحدة مستقلة لا يشوبه أي عيب، ولا يعتريه أي ضعف ومن هذه الأبيات قول ابن الوردي:كتب الموت على الخلق فكم …. فل من جمع وأفنى من دول
وقوله:ليس يخلو المرأ من ضد ولو …. حاول العزلة في رأس جبل
وقوله:إن نصف الناس أعداء لمن …. ولى الأحكام هذا إن عدل
وقوله:غب وزر غبا تزد حبا فمن ….. أكثر الترداد أضناه المللوقوله:خذ بنصل السيف واترك غمده …. واعتبر فضل الفتى دون الحلل
وقوله:لا يضر الفضل اقلال كما ….. لا يضر الشمس إطباق الطف
وقوله:حبك الأوطان عجز ظاهر ….. فاغترب تلق من الأهل البدلفبمكث الماء يبقى آسنا ….. وسرى البدر به البدر اكتمل
حظيت لآمية ابن الوردي بشهرة ربما تفوق الشهرة التي حصلت عليها لامية العرب للشنفري وقام البعض من الأدباء بشرحها على غرار شرح لامية العرب كما خمسها البعض الآخر والغريب في الأمر ما ادعاه خير الدين الزركلي حينما تعرض لسيرة ابن الوردي الذاتية من اللامية تنسب لابن الوردي حيث لم تكن بديوانه فأضيفت إلى المطبوع منه، وما ذكره محقق ديوان ابن الوردي نفسه من أن لامية ابن الوردي لم توجد في ديوانه وأنها تنسب إليه وبما أن ابن الوردي من كتاب فن المقامات، وبما أن من هذه المقامات المقامة الأنطاكية والمقامة المنبجية والمقامة الشهدية والمقامة الصوفية ففي المقامة الأخيرة ما يؤيد أن اللامية من تحبير ابن الوردي وإن لم ترد بديوانه المخطوط بدليل أن هذه المقامة قد تضمنت لامية أخرى على غرار لامية اعتزل ذكرى الأغاني والغزل ومن نفس بحرها وقافيتها وإن كانت أقل منها أبياتا وضمن ابن الوردي اللامية الثانية أبياتا من نفس اللامية الأولى. كما ضمن اللامية الثانية مواعظ وحكم لدرجة يكاد يظن أنها جزء من الأولى، وعلى الرغم من تشابه اللاميتين إلا أن الثانية لم تحظ بنفس الشهرة التي حظيت بها اللامية الأولى جاء في مطلع اللامية الثانية التي أثنى فيها الشاعر على التصوف والمتصوفين:ذهب الصدق وإخلاص العمل ….. ما بقيء إلا رياء وكسللو تقنعت أتى رزقي على ….. رغمه لكن خلقنا من عجل
ومن الأبيات التي أخذها ابن الوردي من اللامية الأولى ليضمنها اللامية الثانية البيت التالي:
ليس يخلو المرأ من ضد ولو ….. حاول العزلة في رأس جبل
ومن أبيات الحكم التي وردت باللامية الثانية البيت التالي:
لا أرى الدنيا وإن طابت لمن ….. ذاقها إلا كسم من عسل
ولابن الوردي ديوان شعر. ويتكون معظمه من مقطوعات شعرية تتخللها قصائد طويلة. وفي شعره الغث والسمين والجزيل والمبتذل وكثيرا ما اقتبس ابن الوردي من أشعار المعري والمتنبي وأبو تمام وغيرهم من الشعراء الفحول. يكثر في شعره من المحسنات البديعية كالتورية والطباق والجناس والسجع وفي شعره وصف للجمال حسا ومعنى وغزل وعشق. ومجموع شعره صورة لأنماط الشعر في عصره الذي يتميز بصفة عامة بنفس الصفات التي يتميز بها شعره. وهو شاعر مكثر وأشعاره لا تصل من حيث القيم ومن الناحية الفنية إلى مستوى اللامية التي اكتسب بسببها شهرة فائقة ومن قصائد ابن الوردي الطويلة مرثيته في الفقيه العلامة ابن تيمية الذي توفاه الله مسجونا بقلعة دمشق عام 728 هـ. ومن أبيات هذه المرثية:
عثا في عرضه قوم سلاط …. لهم من نثر جوهره التقاطتقي الدين أحمد خير حبر …. خروق المفصلات به تخاطتوفى وهو محبوس فريد …. وليس له إلى الدنيا انبساطقضى نحبا وليس له قرين …. ولا لنظيره لف القماطفريدا في ندى كف وعلم …. وحل المشكلات به يناطفيا لله ماذا ضم لحد ….. ويا لله ما غطى البساطهم حسدوه لما لم ينالوا ….. مناقبه فقد مكروا وشاطواوكانوا عن طرائقه كسالى ….. ولكن في أذاه لهم نشاطبنو تيمية كانوا فباتوا …. نجوم العلم أدركها انهباطولكن يا ندامة حاسديه ….. فشك الشرك كان به يماطويا فرح اليهود بما فعلتم ….. فإن الضد يعجبه الخباطألم يك فيكم رجل رشيد ….. يرى سجن الإام فيستشاطإمام لا ولاية كان يرجو ….. ولا وقف عليه ولا رباطولا جاراكم في كسب مال ….. ولم يعهد له بكم اختلاطوسجن الشيخ لا يرضاه مثلي ….. ففيه لقدر مثلكم انحطاطأما والله لولا كتم سري ….. وخوف الشر لا نحل الرباطوكنت أقول ما عندي ولكن …. بأهل العلم ما حسن اشتطاطفما أحد إلى الإنصاف يدعو ….. وكل في هواه له انخراطسيظهر قصدكم يا حابسيه ….. ونيتكم إذا نصب الصراط
ومدح ابن الوردي الطنبغا الحاجب الناصري والي حلب بالنيابة الذي فتح في عام 715 هـ قلعة النقبر بحلب وخلصها من الأرمن والفرنجة في قصيدة اقتبس شطرها الثاني من قصيدة للمعري ومن أبيات هذه القصيدة:
هنيئا بعودي من جهاد مبارك ….. على الناس بالجنات كاف وكافلإذا حل مولانا بأرض يحلها ….. عفاف واقدام وحزم ونائلوإن لاح في القرطاس أسود خطه ….. يقول الدجى يا صبح لونك حائللأقلامك السمر العوالي تواضعت ….. وهابتك في أغمادهن المناصلنزلتم على الحصن المنيع جنابه ….. فليس تبالي من تغول الغوائلنصبتم عليه للحصار حبائلا ….. كما نصبت للفرقدين الحبائلفزلزلتموه خيفة ومهابة ….. فأثقل رضوى دون ما هو حاملرميتم حجار المنجنيق عليهم ….. ففاخرت الشهب الحصى والجنادلحجارة سجيل لها البدر خائف ….. على نفسه والنجم في الغرب مائلوفل قتال المشركين سيوفكم ….. فما السيف إلا غمده والحمائلبغى فبغى الطنبغا الفتح منشدا ….. ويا نفس جدي إذ دهرك هازلفأنشده الحصن المنيع ملكتني ….. ولو أنني فوق السماكين نازلوقصر طولي عندكم حسن صبركم ….. وعند التناهي يقصر المتطاول


الناشر: جريدة اليوم

– العدد: 7287

تاريخ النشر: 28/05/1993م

وتكفي قصيدة واحدة …(3)

ولإبن الوردي مؤلفات في النحو والتصوف وتفسير الأحلام والأدب والفقه الشافعي، وسرد أسماء هذه المؤلفات خير الدين الزركلي. كما سرد بعض أسماء هذه المؤلفات (مع بعض الأختلاف عما أورده الزركلي) صاحب كتاب فوات الوفيات. وفي ديوانه سرد كامل لمعظم أسماء مؤلفاته التي تجاوزت الخمسة عشرة مؤلفا. ومن هذه المؤلفات: نظم البهجة الوردية في ثلاثة وستين وخمسة آلاف بيت. وضوء الدرة على ألفية ابن معطي وشرح الألفية لابن مالك واختصار ألفية ابن مالك والرسائل المهذبة في المسائل الملقبة وقصيدة اللباب في علم الإعراب وشرحها وتذكرة الغريب في النحو وتتمة المختصر في أخبار البشر وأرجوزة في تعبير المنامات وأرجوزة في خواص الأحجار ومنطق الطير في التصوف والمسائل الملقبة في الفرائض والنفحة وهي اختصار ملحة الإعراب وتحرير الخصاصة في تيسير الخلاصة وخريدة العجائب في فريدة الغرائب.واعتبر محقق ديوان ابن الوردي أن الخريدة من مؤلفات ابن الوردي. ولم يشر صاحب كتاب فوات الوفيات إلى كتاب الخريدة عند ذكره لمؤلفات ابن الوردي. وشكك خير الدين الزركلي في نسة الخريدة إلى ابن الوردي.وافتخر ابن الوردي بمؤلفاته. وكانت مناسبة ذلك رسالة وصلته من القاضي الشاعر والأديب صلاح الدين خليل بن أيبك الصفدي الذي طلب في رسالته الحصول على شهادة أي إجازة علمية من ابن الوردي. وضمن الرسالة أبياتا من الشعر منها:
سلام على الحضرة العالية ….. سلام امرىء نفسه عانيةلأن لها رتبة في العلى ….. ذوائبها في السما ساميةأيا عمر الوقت أنت الذي ….. كرامته في الورى ساريهويا بحر علم طما بحره ….. فكم جاءنا عنه من راويةونظمت في مذهب الشافعي ….. كتابا غدا حاويا حاويهوزدت مسائله جملة ….. بتحقيق مذهبه وافيهلئن كنت أرسلت هذا القريض ….. فللبحر قد سقته ساقيه
وفي رسالته إلى القاضي الصفدي عدد ابن الوردي بعضا من مؤلفاته التي افتخر بها. وجرت هذه الإجازة على نمط رسائله وإجازاته التي تعرضت لخصائصا فيما سبق ومنها، على سبيل المثال استعمل المصطلحات النحوية وأسلوب السجع وآيات من القرآن الكريم.وبدأ ابن الوردي إجازته للقاضي الصدفي باصطلاحات نحوية وعبارات مسجوعة كما يلي:أما بعد حمد الله جابر الكسر والصلاة على نبيه محمد البشير النذير وعلى آله الذين أعربت أفعالهم فسكن حب أسمائهم في مسكن الضمير وعلى صحبه الذين وجب رفعهم على إبتداء سلم جمعهم من التكسير فـ إني ألقي إلي كتاب كريم يشتمل بعد باسم الله الرحمن الرحيم، على نظم بهي فائق ونثر شهي رائق غرس لي أصولهخليل جليل فامتد على من فروعه ظل ظليل، قرأته فانتصب له قائما على الحال تميزت به على غيري فطبت نفسا بعد الإعتدال وابتهلت بالدعاء لمهديه مخلصا، ولكن أسأت الأدب إذ وازنت جواهر نظمه بالحصى.ولأن القاضي صلاح الدين أيبك الصفدي قد ضمن رسالته أبياتا شعرية وهي التي ذكرتها أعلاه فقد حبر ابن الوردي في إجازته له أبياتا على نفس الوزن والقافية منها:
سلام على نفسك الزاكية …. وشكرا لهمتك العاليهأزهرا أم أزهر أهديتها ….. لعبد مدامعه جاريهكتاب يفوح شذى نشره …. فلي منه رائحة جائيهفمهديه أفديه من سيد ….. أياديه رائقة كافيهرضي بك عن دهره ساخط …. فلا زلت في عيشة راضيهوإني لفي خجل منك إذ ….. أجبتك في الوزن والقافيهفعفوا وصفحا ولا تنتقد ….. ويا بحر مالك والساقيهليهنك أنك عين الزمان ….. فليت على عينه الواقيه

ومن ثم واصل ابن الوردي بنفس الإجازة قوله:ماذا أصف؟ وبأي عبارة أنتصف في إجازة من إذا كتب طرز بالليل رداء نهاره وإذا نثر بالأنجم الزهر بعض نثاره وإذا نظم لم يقنع من البدر إلا بكباره ولم يرض عن المعاني إلا بتدقيق من بين حجريه الثمينين بل أحجاره إن أعرب فويه على سيبويه وإن نحا فهو الخليل غير مكذوب عليه … لا جرم أنا من بحره الحلو نغترف وبالتقاط جواهره التي ألقاها على مفارق طرق البلاغة نغترف فأطعت إذن أمرك طالبا صفحك وسترك وقلت لعمري لقد بادأتني – أعزك الله – بما كنت أنا به أحرى وكلفتني شططا فتلوت ستجدني إن شاء الله صابرا ولا أعصي لك أمرا وها قد أجزتك متطفلا عليك وأذنت لك متوسلا إليك أن تروي عني ما يجوز لي روايته وإسماعه ليتصل بك فما اتصل بك أمن انقطاعه من منقول ومعقول وفروع وأصول نثر ونظم أدب وعلم وشرح وتأليف وبسط وتصنيف بشرطه المضبوط وضبطه المشروط.ويقول ابن الوردي في نفس الإجازة أو بالأحرى في رسالته عن مؤلفاته ما يلي:فأما مصنفاتي الشاهدة على بقصور الباع ومؤلفاتي المشيرة إلى بقلة الإطلاع فمنها في الفقه البهجة الوردية في نظم الحاوي وفوائد فقهية منظومة ومنها في النحو شرح الخلاصة الألفية في علم العربية لابن مالك ومنها ضوء الدرة على ألفية ابن معطي وقصيدة اللباب في علم الإعراب وشرحها واختصار ملحمة الإعراب وتذكرة الغريب وشرحها ومنه في الفرائض الوسائل المهذبة في المسائل الل=ملقبة ومنها في الشعريات أبكار الأفكار ومنها غير ذلك تتمة المختصر في أخبار البشر ومنها أرجوزة في علم الأحجار والجواهر ومنها درة الأحلام في تفسير المنام ومنها رسالة منطق الطير نثرا ونظما في أدب صوفي وما لا يحضرني الآن ذكره وكان الأولى بي ستره أجزتك أيدك الله أن تروي عني الجميع بأفضالك ورواية ما أدونه وأجمعه بعد ذلك حسبما اقترحه خاطرك العزيز واستوجبت به مدحي فأنا المادح وأنا المجيز.ولابن الوردي في مجال المفاخرة والمناظرة التي كان استعمالها شائع في عصره مناظرة سماها رسالة السيف والقلم وهي مفاخرة جميلة التزمت منطق الحوار الجاد والمفيد حيث ابان بها كل من القلم والسيف فوائدهما ومنافعهما ودروهما في حياة الإنسان والدول مع محاولة كل منهما إبراز ما يتفوق به على الآخر في الدور الذي يقوم به.وعلى الرغم مما لابن الوردي من مؤلفات فربما ظل مغمورا لولا قصيدته التي سبق أن أوردت أبياتا منها في الحلقة الأولى من هذا البحث وتكفي هذه القصيدة التي جعلته في عداد الشعراء المرموقين. جاء في مطلع هذه القصيدة:
اعتزل ذكر الأغاني والغزل …. وقل الفصل وجانب من هزلودع الذكرى لأيام الصبا …. فلأيام الصبا نجم أفلإن أحلى عيشة قضيتها ….. ذهبت لذاتها والإثم حلواترك الغادة لا تحفل بها ….. تمس في عز رفيع وتجلوافتكر في منتهى حسن الذي ….. أنت تهواه تجد أمرا جللواتق الله فتقوى الله ما ….. جاورت قلب امرىء إلا وصلليس من يقطع طرقا بطلا ….. إنما من يتق الله بطلصدق الشرع ولا تركن إلى ….. رجل يرصد بالليل زحل

ولهذه القصيدة مكانة خاصة في نفسي وقد عودت أبنائي على حفظ بعض من أبياتها.


الناشر: جريدة اليوم

– العدد: 7280

تاريخ النشر: 21/05/1993م

 وتكفي قصيدة واحدة …(2) 

ولابن الوردي إلى جانب ديوانه، نثر ونظم وأراجيز في مختلف الفنون والعلوم كالنحو والفقه وخواص الأحجار وبحور الشعر. ويعكس نظمه ونثره صورة الحياة الأدبية في عصره. كما يعكس في الوقت نفسه ملف هذه الحياة الأدبية من ناحية الموضوعات التي تناولها أدباء وعلماء عصره. ومن ناحية إشارته في نثره وشعره إلى رموز الأدب والثقافة في عصره وفي عصور ما قبله. ومن يتأمل شعر ونثر ابن الوردي سواء في مجال المقامات أو في الرسائل الإخوانية أو رسائل الإجازات أو رسائل التهاني والتعازي والمديح والتقريض أو قصائد الغزل يجد أن معظم أعماله تتميز بالخصائص التالية:1- تسجيل أو توثيق أحداث عصره من الناحية الإجتماعية والأدبية سواء من ناحية موضوعاتها أو من ناحية أبطالها. وفي هذا الخصوص اعتاد ابن الوردي أن يشير في نثره ونظمه إلى رموز الحركة الأدبية والدينية المعاصرين له وإلى مؤلفاتهم. وكذلك إلى من سبقوه وإلى مؤلفاتهم وذلك في مجال الشعر والفقه والنحو واللغة.2- ضمن نثره وشعره آيات من القرآن الكريم وعلوم أخرى على رأسها الفقه والنحو والعروض والتاريخ. وكان أسلوبه في هذا الخصوص يقتصر على استخدام مصطلحات هذه العلوم في تصنيع وتكلف ظاهرين للعيان. وغرضه من هذا الإستخدام إبراز مدى هيمنته وتمكنه من هذه العلوم، ومثل هذا الإستخدام ظاهرة عامة في عصره.3- استعمال الأساليب البلاغية والمحسنات اللفظية ذات الطبيعة الإصطناعية وبما تمثله من ركاكة في التعبير أحيانا ومن غموض في التعبير أحيانا أخرى.4- استخدام السجع بكثرة لدرجة أصبحت فيها مظاهر التكلف والتعسف ظاهرة للعيان.5- أظهر ابن الوردي مدى إعجابه بشعراء عمالقة سابقين عليه مثل المتنبي والمعري وأبوتمام والنابغة الذبياني. وتجلى هذا الإعجاب في الإقتباس من شعرهم في نثره وشعره.ولوضع هذه الخصائص في إطارها الصحيح لابد من ذكر نماذج لها من نثر وشعر هذا العالم.اعتاد ابن الوردي منح إجازات (أي شهادات) علمية لمن يتعلم على يديه، أو لمن يقرأ على يديه أحد مؤلفاته، أو مؤلفات أحد العلماء في عصره أو قبل عصره. ومن نماذج هذه الإجازات “الإجازة” المذكور نصها أدناه، وهي “الإجازة” الممنوحة لأحد طلبته الممدعو “تقي الدين أبو بكر” الذي قرأ على يديه الكتاب الموسوم بـ “البهجة الوردية في نظم الحاوي” في فقه الشافعية. ومن خصائص هذه الإجازة التي حررها ابن الوردي ما يلي:-استخدام اسلوب السجع بها، وادخال عبارات بها لا معنى لها ولا لزوم وتضمينها مصطلحات فقهية مصطنعة وكذلك أسماء كتب فقهية مع الإشارة إلى حديث نبوي.ومن المصطلحات الفقهية التي ذكرها: كتاب الطهارة، باب المياه، إحياء الموات، باب الرد بالعيب، زكاة المعدن والنبات، خيار المجلس، الإستسقاء، المفلس، الوصايا، فرائض العبادات، الجرح في الشهادات، الصلاة، الجنيات، العتق، العفو من القصاص. ومن كتب الفقه: كتاب البهجة الوردية في نظم كتاب الحاوي، والحاوي هو كتاب الحاوي الصغير في الفقه الشافعي من تأليف نجم الدين عبدالغفار بن عبدالكريم القزويني المتوفي عام 665 هـ. وكتاب الأم للشافعي. أما الحديث الذي أشار إليه ابن الوردي في هذه الإجازة فهو ما ورد في مسند الإمام أحمد بن حنبل قال: حدثنا حسين الأشقر، حدثنا أبو كدية عن عطاء عن أبي الضحى عن ابن عباس قال: أصبح رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم وليس في العسكر ماء، فأتاه رجل فقال: يارسول الله ليس في العسكر ماء، قال: هل عندك شيء؟ قال: نعم: قال:فأتني به، قال: فأتاه بناء فيه شيء من ماء قليل، قال: فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم أصابعه في فم الإناء، وفتح أصابعيه، قال: فانفجرت من بين أصابعه عيون وأمر بلالا فقال: ناد في الناس: الوضوء المبارك.ويقرأ نص هذه الإجازة كما يلي:أما بعد حمد الله الذي زاد أهل العلم شرفا ورقيا، وجعلهم خلف السلف فحبذا سلفا وخلفا تقيا، والصلاة على نبيه محمد الذي جعل في حربه وسلمه الموت والحياة، وسجل لعترته المنيفة “كتاب الطهارة” و”أنبع من أصابعه الشريفة” “باب المياه” وعلى آله الذين فتح لهم باب الولاء “لإحياء الموات” وأغلق عنهم باب الرد بالعيب لما زكا معدنهم وطاب نباتهم فهذه زكاة المعدن والنبات وهي صحبة المعدودين من خيار المجلس المقصودين للإستسقاء وصرف القبض عن المفلس وعلى تابعيهم الذين عقلوا الوصايا وأدوا فرائض العبادات وحسنت منهم السير فنزه تعديلهم عن الجرح في الشهادات صلاة تعقب الجنايات بالمسابقة إلى جنة وحرير وتوجب القضاء بالعتق والعفو من القصاص وحسن التدبير فقد قرأ على المولى تقي الدين أبو بكر أمده الله بالرفعة والرقي ونفع به الناس فما أحوجهم إلى التقي من كتابي البهجة مواضع متفرقة، بتدبير حسن وعبارة مطلقة وتفهم للدقائق ووقوف على الأسرار والحقائق وبحث عن غوامض ومهمات وتنبه لفوائد وتتمات آذن ذلك منه بذهن وقاد وفكر صحيح منقاد زاد به البهجة بهجة وكم أبدى من بنت فكر تعتضد من الأم بإملاء الحجة منها والله تعالى يضاعف علو قدره ويجمل نظراءه ببقائه فقد سبقهم أبو بكر بشيء وقر في صدره.ولابن الوردي جواب على رسالة وصلته من صديق وفيها يمدح صقرين من الصقور. سمى ابن الوردي نفسه في هذه الرسالة بـ “المملوك” كما هي عادته في معظم رسائله. وضمن هذه الرسالة أبياتا من القرآن الكريم هي:- قال تعالى “إلا من خطف الخطفة فأتبعه شهاب ثاقب”- وقال تعالى “وكل إنسان ألزمناه طائره في عنقه”كما استخدم بنفس الرسالة مصطلحات نحوية بتكلف ظاهر. والغرض من ذلك إظهار تمكنه من علم النحو ومن هذه المصطلحات: المنصوب والرفع والخفض والكسر كما أشار إلى تشبيهات ابن المعتز الذي تولى الخلافة ليوم واحد وهو أديب وشاعر ويقرأ نص الرسالة (المملوءة بالتشبيهات والتورية والكنايات ) كما يلي:”وينهي وصول الصقرين، فسر العبد بهذين الحرين اللذين تحن الجوارح إليهما من وجهين ويعز على “ابن المعتز” أن يذكر لهما في تشبيهاته شبيهين. فوقع الصقرات من المملوك بموقع يفوق النسر. وتأمل نحوهما فإذا هما “منصوبات” لبناء ما ارتفع وانخفض من الصيدد على الكسر مقلهما حمر كسيوفه. وأجنحتهما مسبلة كغمائم بره على رعاياه وضيوفه. ومخالبهما كالمناجل لحصاد أعمار أعدائه وأعمار الطير. ومناقيرهما كالأهلة المبشرة له ولأوليائه بكل خير. فلسان حال كل منهما يقول لمرسليه تفرقوا فكسبي أجمعكم أجمعكم، ويخطف لهم الخطفة، ويعود بسرعة فبينما يتطيرون بغيبته “وقالوا طائركم معكم”. فما أحسن ما يرجع كل واحد منهما من افقه، وقد التزم طائره في عنقه كم ذللا من الطير من حرون، وكم أهلكا في الوحش من قرون فما أحق هذا الجبر بمقابلة الثناء عليه وأن يمد المملوك لهاتين اليدين كلتا يديه ومن كرامات مولانا أن أصبح جابر الكاسرين فمرحبا برسوله الذي إن قدم رسول بأيمن طائر فقد قدم هو بأيمن الطائرين، والسلام.”ولابن الوردي في رسالة شعرية ونثرية عرف فيها نفسه بـ المملوك كعادته وبنثر الرسالة سجع وبه ازدواج ووجه ابن الوردي الرسالة إلى قاض القضاة بحلب، وضمنها أبياتا من شعر المتنبي والنابغة الذبياني وامريء القيس ومصطلحات عروضية مثل البسيط ونحوية مثل المعرب والمبني وعلم والتنكير والتعريف وكتب فقهية في مذهب الإمام الشافعي ككتاب الشامل في فروع الشافعية للصباغ المتوي عام 477 هـ، وكتب أدبية وتاريخية ونحوية ككتاب نهاية الإرب في فنون الأدب” للنويري، وكتاب البيان والتبيين للجاحظ وكتاب المقرب في النحو للمبرد وآيات قرآنية.ومن أبيات الرسالة الشعرية والنثرية:
سلام كنشر الروض باكرة الحيا …. وألطف من مر النسيم وأطيبعلى أريحي مذ سمعت بذكره ….. أغالب فيه الشوق والشوق أغلبعظيم الندى كهف الردى غائظ العدى ….. إمام الهدى نائي المدى متقرببسيط الندى حاوي النهاية شامل ….. بإيضاحه معنى البيان مقربوإن له في تركه الحكم راحة ….. ولكن قلوب الناس والله تتعبفمن ذا سواه في الورى لا تمله ….. على شعث أي الرجال المهذب
ومن نثر الرسالة الشعرية النثرية:وينهي وصول ابن الأخ مغمورا بإحسانه المعهود ومبرورا من لطفه وعطفه بـ “شاهد ومشهود” مصقورا بثنائه “المعرب” على مبني ظله المحدود مسرورا بتعريف رسمه الذي علمه كما قيل غير محدود … ثم إنه بلغ المملوك التحية التي عجز المملوك عن رد أحسن منها أو مثلها وفهمه لطائف وألطافا كان المملوك متيما من قبلها فواعجبا لأمه كيف ما حملته فـ انتبذت به من أهلها مكانا شرقيا … فلقد ذكر المملوك مفصل جمل من إحسانكم صدق فيها وزكى، وأنشد هو وأمه بلسان السرور قفا نضحك والمملوك ينشد من خجله قفا نبك فلا والله ما في زماننا من يجاريكم ولا في بحار الندى من يباريكم ويا خجل المملوك مما حكاه الحسين من الإحسان إليه وما يضيع أجر المحسنين وإن حصل التقصير في المكافأة عليه، فالله المسؤول أن يعطف قلب مولانا لمعاودة منصبه الشريف ويحلي الشهبا منه بعد مرارة التنكير بآلة التعريف ويعزها بالأحكام الشافعية التي ما أهملت في بلد إلا خيف عليه أن ينكب ولا عطل منها قطر إلا قطرت فيه الدموع بل سكبت وحق لها أن تسكب … ومهما نسي المملوك فلا ينسى ما وصفه ابن الأخ مما شمله من صدقات المقر الأشرف الأعرق الأعرض المولى حقا المتصدق صدقا … الذين زين الله زينة الكواكب سماء مجده …فعلى المولى دام ظله وعلى مولانا لا عدم فضله، تحية أبد الدهر وإلى لقائهما لهفة غدوها شهر ورواحها شهر وعلى من تحوط عنايته من أهل العلم والدين، والمحبين فيه والمتودين سلام يخص الغالية ونفحة هي بالود حاضرة وبالثناء بادية.


الناشر: جريدة اليوم

– العدد: 7273

تاريخ النشر: 14/05/1993م

 

وتكفي قصيدة واحدة …(1)

كاد ابن الوردي، وهو الفقيه والنحوي والأديب والشاعر أن يكون في عالم الثقافة العربية الإسلامية نسيا منسيا لولا قصيدة حبرها لإبنه. ومنذ تحبيرها أصبحت هذه القصيدة، في محيط الشعر العربي، ملء السمع والبصر. ومهما كثر الشاعر، أي شاعر من أشعار من أجل الشهرة فتكفي قصيدة واحدة … إذا كانت جميلة ورائعة ومؤثرة أن تجعله في عداد الشعراء المشهورين.وفي تاريخ الشعر العربي شعراء مقلون إلا أن لهم قصائد مشهورة سارت بها الركبان وبسببها أصبح أصحابها في عداد الخالدين. وفي تاريخ الشعر العربي كذلك شعراء مكثرون إلا أن لهم قصائد مشهورة سارت بها الركبان وبسببها أصبح في عداد الخالدين. وابن الوردي من النمط الثاني وقصيدته هي من روائع الشعر، ويظهر فيها جمال اللفظ وروعة الأسلوب والبساطة وسهولة المعنى وسلامة المبنى ورنين الوزن والقافية. ومنذ حبر ابن الوردي هذه القصيدة وهي محل تقدير الشعراء والعلماء ومحبي الأدب عبر العصور، وكثيرا ما حفظت هذه القصيدة عن ظهر قلب لاسيما من قبل الناشئة نظرا لما بها من توجيهات تربوية ونصائح وحكم وبالنظر لما تمتعت به هذه القصيدة من شهرة فقد سميت بـ “اللامية” ونسبت من باب التوثيق إلى محبرها، وتصدى العديد من الأدباء لشرحها والتعليق عليها. يقول الشاعر في قصيدته مخاطبا ابنه:أي بني اسمع وصايا جمعت …. حكما خصت بها خير المللأطلب العلم ولا تكسل فما …. ابعد الخير على أهل الكسلواحتفل بالفقه في الدين ولا ….. تشتغل عنه بمال أو خولواهجر النوم وحصله فمن …. يعرف المطلوب يحقر ما بذللا تقل قد ذهبت أربابه ….. كل من سار على الدرب وصلفي ازدياد العلم إرغام العدى ….. وجمال العلم إصلاح العملجمل المنطق بالنحو فمن ….. يحرم الإعراب بالنطق اختبلقد يسود المرأ من غير أب …. وبحسن السبك قد ينفى الزغلوكذا الورد من الشوك وما ….. ينبت النرجس إلا من بصلقيمة الإنسان ما يحسنه ….. أكثر الإنسان منه أو أقلبين تبذير وبخل رتبة ….. بلغ المكروه إلا من نقلغب عن النمام واهجره فما ….. بلغ المكروه إلا من نقلدار جار الدار إن جار وإن ….. لم تجد صبرا فما أحلى النقل

فمن هو ابن الوردي؟ وفي أي عصر عاش؟هو عمر بن المظفر بن عمر الوردي المعري الشافعي. ولد في معرة النعمان بسورية عام 689 هـ ونشأ وتعلم الفقه والأدب على أيدي أساتذة له في المعرة وحلب وحماة ودمشق ومصر، وولي القضاء بمنبج وهي مدينة قديمة بشمال حلب. وبعد فترة تر القضاء زاهدا فيه، وله فيه مقطوعات شعرية. وأنصرف بعد ذلك يحترف الأدب والشعر وله فيه جولات وصولات، وتوفاه الله بالطاعون بحلب عام 749 هـ.ويقول صاحب كتاب “فوات الوفيات” عن ابن الوردي :- هو القاضي الأجل، الإمام الفقيه، الشاعر الأديب أحد فضلاء العصر وفقهائه وأدبائه وشعرائه، تفنن في العلوم، وأجاد في المنظوم والمنثور، نظمه جيد إلى الغاية، وفضله بلغ النهاية.ولأي=بن الوردي ديوان شعر، قام بتحقيقه الدكتور الهيب. وعن الشاعر قال المحقق:كان ابن الوردي إمام بارعا في اللغة والفقه والنحو والأدب مفننا في العلم ويؤيد ذلك مؤلفاته الكثيرة في شتى أنواع العلوم من نحو وفقه وتصوف وتاريخ وشعر وأدب وتفسير الأحلام وجغرافية وغيرها، وما نظمه فيها من منظومات فائقة مجيدة.وذكر محقق الديوان أن آخرين وصفوا شعر ابن الوردي بصفات هي: أن شعره أحلى من السكر المكرر وأعلى قيمة من الجوهر وأنه أسحر من عيون الغيد وأبهى من الوجنات ذوات التوريد وأنه جمع بين الحلاوة والطلاوة والجزالة.وخلص المحقق بعد هذه المقدمات إلى القول أن هذا التقدم في العلم والشعر جعل من ابن الوردي علما شهيرا حرص علماء عصره وشعراؤه وأدباؤه على أن يتصلوا به، وينالوا رضاه أو إجازته.ويعتبر ابن الوردي بحق أحد الأعلام الممثل لفكر وأدب عصره المملوكي وذلك في خصوص ما كتبه من نثر وحبره من شعر وهو شعر يغلب عليه طابع النظم.ولابد لكي نتعرف على أدب وفكر ابن الوردي أن نتناول باختصار وفي شيء من التبسيط أحوال العصر المملوكي الذي أمتد من عام 648 هـ إلى عام 923 هـ وذلك من الناحية السياسية والإجتماعية والثقافية.يتميز هذا العصر الذي عاش ابن الوردي في كنفه بثلاث ظواهر. تتعلق الظاهرة الأولى بضعف وتفكك أسس الثقافة العربية الإسلامية التي كانت سائدة في عصور ما قبل الحروب الصليبية. وساهم في هذا الضعف والتفكك كون ولاة هذا العصر من غير العرب إذ ترتب على هذا الوضع انصهار ثقافات غربية وافدة على الثقافة العربية الإسلامية من شمال شرق آسيا ومن منطقة شبه جزيرة الأناضول وجنوب غرب أوربا ومن أهم رموز هذه الثقافات دخول أنظمة إجتماعية وعقائدية جديدة لم تكن مألوفة بالمنطقة العربية الإسلامية من قبل كنظام الإقطاع الأوربي. ونظام التعمير ونظام الزخرفة والنقوش المعمارية في الأبنية والمساجد ودور العلم ورواج نزعات دينية هدامة كان من شأنها كثرة الخلافات المذهبية وانتشار الخرافات والبدع وامتهان مذاهب أهل السنة. وقد اثرت هذه الثقافات في الفكر الأدبي العربي حيث أصابته بضعف، وتجلت معالم هذا التأثير في بروز ألوان من الفنون الأدبية لم تكن مألوفة على نطاق واسع من قبل وكان من أهمها: فن الخطب الرسمية والرسائل الرسمية والرسائل الإخوانية من الشعر والنثر في مجال التهاني والتعازي والألغاز وفن اصطناع المصطلحات التعبيرية ذات المعاني الغامضة أحيانا مع التكلف والغلو في استخدام المحسنات البديعية كالطباق والتورية والجناس وانتشار اسلوب السجع والإزدواج والتضاد في الكتابة مع بروز الركاكة في التعبير واستخدام المهجور والميت من الكلمات في كثير من الأحيان. وتتعلق الظاهرة الثانية بتدهور الحالة الإقتصادية في المنطقة العربية الإسلامية وما صاحب هذا التدهور من آفات وكوارث طبيعية وصحية. أما الظاهرة الثالثة فتتعلق بحركة تدوين التراث. وهي ظاهرة تميز بها هذا العصر دون سائر العصور وعرف بعصر الموسعات. وكان الداعي لتدوين التراث تعويض ما فقده العرب من تراث علمي وأدبي وديني بسبب الدمار الذي أحدثه الإجتياح التتري. يقول في هذا الخصوص أحد الراصدين لحركة الأدب العربي ما يلي:”إن تخريب معالم الحضارة، ذلك التخريب الذي رافق الإجتياح التتري قد قضى على كثير من دور العلم ودور الكتب وأفقد العرب مئات الألوف من ذخائر تراثهم. من أجل ذلك كان من المنتظر أن تنشط حركة التأليف بعاملين أساسيين: (أ)بعامل الحاجة الى كتب تسد الكتب التي تلفت، ثم (ب) بعامل هو أن العلم كان ولا يزال برغم كثرة الكتب التي ألفت في الأعصر السابقة يقوم على الرواية. فأراد حفاظ العلم، بعد الإستعانة بما كانت ذاكرتهم لا تزال تعي، وبعد الإستعانة بالكتب التي نجت من الدمار أن يضعوا كتبا في الموضوعات المختلفة. من أجل ذلك لا يعجب أحدنا إذا رأي أن معظم هذه الكتب كان مجاميع كل مجموع منها في عدة مجلدات وخصوصا في الحديث والفقه والجغرافية والتاريخ والتراجم والسياسة والإدارة وفي العلوم الرياضيات والطبيعة ولا ريب في أن عصر المماليك كله كان عصر الموسعات (بضم الميم وكسر السين) في التأليف إما علما علما أو علوما – متقاربة أو متباعدة. في الكتبا الواحد.وكان من أهم رموز حركة التدوين رجال أعلام نالوا شهرة فائقة بل واحتلوا مكان الصدارة في تاريخنا العربي الإسلامي ومن هذه الرموز على سبيل المثال لا الحصر، ابن خلكان، والطوسي، والقزويني، وابن منظور، والنووي، وابن تيمية، والنويري، والسبكي، وابن كثير، وابن واصل، وأبوالفداء، والأدفوني، واليافعي، وابن هشام الأنصاري، والصلاح الصفدي، وابن عقيل، والنيسابوري، والسيوطي، والقلقشندي، وابن حجة الحموي، والفيروز أبادي، والعسقلاني، والبيضاوي، والنسفي، والطبري المكي، وابن النفيس.


الناشر: جريدة اليوم

– العدد: 7266

تاريخ النشر: 07/05/1993م