وغرّزت الطائرة!

وجدت في ملفات والدي قصاصة باسم رحلة المتاعب، وفيها طائرة C130 والتي غرزت به وثلة من أصحاب المعالي، عنونها برحلة المتاعب.

رِحْلَةُ المتاعِبِ

شِعْرُ معالي الدكتور محمد بن عبداللطيف آل ملحم

كانت من عادةِ جلالة الملك خالد بن عبدالعزيز آل سعود في الطفرة الأولى مِنْ حكْمه أن تُضرب لَهُ خِيَامًا في مُنتجعَات في أنحاء المملكة للرَّاحة وتفقد أحوال الباديَة. 

وذات مرَّة أقيم له مُخيَّمٌ في منطقة الصَّمان بشمال المملكة حيْث كانت الأجواء المُناخية الجويَّة فيه ذات سُحُبٍ مُمْرِعَة وذات عُشب. وكان برفقة جلالته، كَالعادةِ، سمُّو الأمير سلطان بن عبدالعزيز وزير الدفاع. وكان بو/عبدالرحمن:  محمد النويصر يتوجه لجلالته بحكم عمله ربَّما يوميًا. وقرَّر ثلة مِنَ الوزراء مُرافقة معالي الشيخ محمد النويصر لزيارة جلالته وَكُنْتُ منْ بينِهم.

استخدَم الرَّبْعُ طائرةً 130 ـــC العسكريَّة للتوجه إلى مقر المخيم. وكان مقر رسو الطائرة في أرض قِيلَ أنَّهَا صَلبَةٌ، وبعيدَةً عن مقرِّ المخيم بِعِدَّة كيلومترات…. 

وعنْد العودة ظُهْرَ اليوم التالِي لم تتمكن عجلات الطائرة مِنَ النُّهوض لأنَّ الأرض بها خَبَبْ وليونة نتيجة الأمطار. 

عدْنا أدراجنا إلى مقر المخيم.. وكان ما كان… وكانت عودتنا إلى الرياض في اليوم التالي عن طريق مطار القيصومة.

ولهذه المناسبة حبَّرت الأبيات التاليَّة. وسلَّمتها لمعالي الشيخ النويصر فوزَّعها في الديوان الملكي على نطاق واسع.   

قِفُوا بُرْهَةً لاَ تَسْأَلُوا أيُّهَا الصَّحْبُفَمَا رِحْلَتِي إِلاَّ المَتَاعِبُ وَالرُّعـْـــــبُ
أُمِرْتُ سِرَاعًا أَنْ أرَافِــــقَ نُخْـــبَةًإلَى البَرِّ حَيْثُ الرَّعْيُ وَالمَوْرِدُ العَذْبُ
عَلَى رَأْسِهِمْ  ابْنُ النُّويَصْرِ قَائِــــدٌ كَرِيـــمُ السَّجَايَا صَــــدْرُهُ دَائِمًا رَحْبُ
وِمِنْ بَيْنِهِم ابْنُ السُّوَيّــِلِ صَامِـــتٌ نَدِيــمٌ . أَنِيـــــسٌ. قَوْلُـهُ كله ذَرْبُ
وَكَانَ خَمِيسًا حَيْثُ طُرْنَا جَمَاعَـــةًإلَى حَيْثُ يَأْوِي قَـــادَةٌ كُلُّهُـــُم نُجْـــبُ

أَبَا بَنْدَر ٍ. الخَــــيْرُ حَوْلَكَ كُلُّــــــــهُرَبِيعٌ جَمِيلٌ لاَ يَجُـــــــفُّ لَهً شِعْبُ
طُيُورُ الحَبَارَى حَوْلَهُ طَابَ عَيْشُهَاطُيُوًرالحَبَارَى لاَ يُخَوِّفُـــــهَا خَطْـــبُ
سَعِدْنَــا جَمِيـــعُا فِي رِحَابـِـــكَ كُلُّنَالَنَا ذَالِكَ المَرْعـَــى وَمَرْتـَـعُهُ الخِصْبُ

وَفِي الفَجْرِ كُلُّ الصَّحْبِ خَفَّ لِرَجْعَةٍ إلَى حَيْثُ جَاؤُا دُونَمَا يُعـْــرَفُ الدَّرْبُ
إِلَى الطَّائرِ المَيْمُونِ قاَلَ  “عُزَيِّزٌ” تَعَالـُــو جَمِيعًا يَا رِجَــــالُ وَلاَ غُلْـــبُ
وَمَا هُوَ إلاَّ نَادِرٌ  وَعَجَائِبٌ لَهُ أصْغَتِ الآذَانُ وَاسْتَأْنَسَ القَلْــــبُ
يُقَلِّــــدُ هَــــذَا ثُـــــمَّ ذَاَك بِسُرْعَـــةٍ وَيَا وَيْحَ قَلْبي . إِنَّـــهُ مُضْحِكٌ عَــذْبُ
وَلَمَّا رَكِبْنَا طَائِــــــرَ الجَــــــوَّ كُلُّنَاعَلِمْــــنَا بِأَنَّ الطَّيْرَ مَرْكَـــبُهُ صَعـْــبُ

وَفِي الظُّهْرِ عُدْنَــــا  لِلْمُخَيَّمِ زُمْـرَةً جِيَاعًــا . عِطَاشًـــا . كُلُّنَا جَـــــــــدْبُ

وَبِاللَّيْلِ سُلْطَانٌ دَعَانَـــــا لِأَكْلَــــــةٍ هُوَ الخَيْرُ دَوْمًا مَا يَجِفُّ لَهُ غَــــــرْبُ
وَلَكِنَّهُ ابـْـــنُ السُّويِّــلِ دَائِـــــمًا عَيُوفٌ . كَسُولٌ. لاَ يَحُـــبُّ. وَلاَ يَصْبُو

قِفُوا بُرْهَةً لاَ تَسْأَلُوا أَيُّهَا الصَّحْــبُفَمَا رِحْلَتِي إِلاَّ المَتَاعِـــبُ وَالرُّعْــــبُ
زُكَــامٌ . وَآلاَمٌ. وَبـَــرْدٌ. وَكَحـَّــــــةٌحَبِيسُ فِرَاشِــي . لاَ يَــرُقُّ لَهُ قَلْـــــبُ

ما قاله آل اسماعيل ردا على قصيدة (وتكفي قصيدة واحدة) لمعالي د.محمد الملحم

الدكتور محمد آل ملحم …. بين الظبية والمها تعليقات على مقصورة ابن دريدبقلم محمد بن عبدالرجمن آل اسماعيل.

قرأتُ ما كتبه الدكتور “محمد بن عبداللطيف آل ملحم” عن مقصورة (ابن دريد) تحت عنوان (من أوراقي المبعثرة : لمحات عابرة) في جريدة “اليوم” يوم الخميس 14/11/1421هـ والتي مطلعها يبدأ بقوله:
يَـا ظَبْيَةً أَشْبَهَ شَيْءٍ بِالْمَهَـا ….. تَرْعَى الْخُزَامَى بَيْنَ أَشْجَارِ النَّقَا
وهي قصيدةٌ عصماءُ تضمنت أمثالاً وحكمًا ومواعظ. من أجل ذلك اعتنى بها العلماء، والمربون، وأهل الأدب، وقرَّروا حفظها في المدارس والمعاهد الأزهرية، وفي المعاهد العلمية في المملكة،. وحفظها مشائخنا ومشائخ مشائخنا. وقد كانت مقررةً علينا في المعهد العلمي، وحفظناها وأنسنا بها، وهي كما رأيت شَرَحَهَا عددٌ ليس بالقليل من فحول العلماء والأدباء، وقد ذكر المحقق منهم خمسة وأربعين شارحًا. من هؤلاء الشُّراح العالم العلامة “محمد بن خليل الأحسائي” القاضى المتوفى سنة 1044هـ، وترجمته في خلاصة المحبي، وإسم شرحه ( الوسيلة الأحمدية في شرح المقصورة الدرديرية) في مكتبة “سوهاج” تحت رقم 268، وهي كما قال شارحها “ابن هشام” رحمه الله (فإنني لما رأيت كثيرًا من أهل الأدب الناسلين إليه من كل صوب من أدباء زماننا، والمنتحلين هذه الصناعة في أواننا قد صَرَفُوا إلى مقصورة “أبي بكر بن دريد” رحمه الله عنايتهم، واهتمامهم، وجعلوها أمامَهم في اللغة وأمامهم لسهولة ألفاظها، ونبل أغراضها، وثقة منشئها، واستفادة قارئها، واشتمالها على نحو الثلث من المقصور، واحتوائها على جزء من اللغة كبير، ولما ضمَّنها من المثل السائر، والخبر النادر، والمواعظ الحسنة، والحكم البالغة البينة، وقد عارضه فيها جماعةٌ من الشعراء فما شقوا غباره، ولا بلغوا مضماره، وهو رحمه الله عند أهل الآداب والراسخين في هذا الباب أشعر العلماء وأعلم الشعراء ألخ …فمن الحكم:
إِنَّ الْجَدِيدَيْنِ إِذَا مَا اسْتَوْلَيَا …. عَلَى جَدِيـدٍ أَدْنَيَاهُ لِلْبَلَـى
والجديدان: الليل والنهار.
مَا كُنْتُ أَدْرِي والزَّمَانُ مُوَلَّعٌ …… لِشَتٍ مَلْمُومٍ وَتَنْكِيثِ قُوَى هَلْ أَنَا بِدْعٌ مِنْ عَرَانِينَ عُـلاَ …… جَارَ عَلَيهِمْ حَرْفُ دَهْرٍ وَاعْتَدَىوَصَوْنُ عَرْضِ الْمَرْءِ أَنْ يَبْذُلَ مَا ….. ضُنَّ بِهِ مِمَّا حَوَاهُ وانْتَصَى. وَالنَّاسُ كَالنَّبْتِ فَمِنْهُ رَائِقٌ …… غَضٌّ نَضِيرٌ عُودُهُ مُرُّ الْجَنَىوَالشَّيْخُ إِنْ قَوَّمْتَهُ مِنْ زَيْغِهِ …… فَيَسْتَوي مَا انْعاجَ مِنْهُ وانْحَنَىكَذَلِكَ الغُصْنُ يَسِيرٌ عَطْفُهُ …… لَدْنًا شَدِيدٌ غَمْزُهُ إذَا عَسَاوَمَنْ ظَلَمَ النَّاسَ تحَاشُو ظُلْمَهُ …… وَعَزَّ فِيهِمْ جَانِبَاهُ، وَاحْتَمَىوَالنَّاسُ كُلاً إِنْ فَحَصْتَ عَنْهُمُ …… جَمِيعَ أَقْطارِ الْبِلاَدِ وَالْقُرَىعَبيدُ ذِي الْمَالِِ وَإِنْ لَمْ يَطْمَعُوا …… مِنْ غمْرِهِ في جُرْعَةٍ تُشْفِي الصَّدَىلاَ يَنْفَعُ اللُّبُّ بِلاَ جِدٍّ، وَلاَ …… يَحُطُّكَ الْجَهْلُ إِذَا الْجَدُّ عَلاَمَنْ عَارَضَ الأَطْمَاعَ بِالْيَأَسِ رَنَتْ …… إِلَيْهِ عَيْنُ الْعِزّ مِنْ حَيْثُ رَنَامَنْ لَمْ يَقِفْ عِنْدَ انْتِهَاءِ قَدْرِهِ …… تَقَاصَرَتْ عَنْهُ فُسَيْحَاتِ الْخُطَىمَنْ ضَيَّعَ الْحَزْمَ جَنَى لِنَفْسِهِ …… نَدَامَةً أَلْذَعَ مِنْ سَفْعِ الذَّكَاوَالنَّاسُ أَلْفٌ مِنْهُمُ كَوَاحِدٍ …… وَواحِدٌ كَالأَلْفِ إِنْ أَمْرٌ عَنَاوَلِلْفَتَى مِنْ مَالِهِ مَا قَدَّمَتْ …… يَدَاهُ قَبْلَ مَوْتِهِ لاَ مَا اقْتَنَىوَاللَّوْمُ لِلْحُرِّ مُقِيمٌ رَادِعٌ …… وَالْعَبْدُ لاَ تَرْدَعُهُ إِلاَّ الْعَصَاوَآفةُ الْعَقْلِ الْهَوَى فَمَنْ عَلاَ …… عَلَى هَوَاهُ عَقْلُهُ فَقَدْ نَجَاعَوِّلْ عَلَى الصَّبْرِ الْجَمِيلِ إِنَّهُ …… أَمْتَعُ مَا لاَذَ بِهِ أُولُو الْحِجَافَالدَّهْرُ يَكْبُو بِالْفَتَى وَتَارَةً …… يُنْهِضُهُ مِنْ عَثْرَةٍ إِذَا كَبَالاَ تَعْجَبَنْ مِنْ هَالِكٍ كَيْفَ هَوَى …… بَلْ فَاعْجَبَنْ مِنْ سَالِمٍ كَيْفَ نَجَامِنْ كُلِّ مَا نَالَ الْفَتَى قَدْ نِلْتُهُ …… وَالْمَرْءُ يَبْقَى بَعْدَهُ حُسْنُ الثَّنَافَإِنْ أَمُتْ فَقَـدْ تَنَاهَـتْ لَذَّتِـي …… وَكُلُّ شَيءٍ بَلَـغَ الْحَـدَّ انْتَهَى
وهي كما ترى مليئة بالحكم، فالذي يقرأها بتأنٍ وتمعنٍ وتأملٍ يخرج بثروةٍ لغويةٍ تمكِّنه من فهم أي نصٍ يمر به. كما نظم الطغرائي “لامية العجم” و”الحريري” أنشأ مقاماته هذه كلها حكم وعبر، وكذلك تكون ثروة لغوية وبلاغية لدى طالب العلم. فالأدب كتبوه لأغراضٍ شريفةٍ ساميةٍ، وليس الأدب للأدب كما روَّج له من رَوَّجَ.
المصدر: جريدة اليوم، العدد رقم 10148، وتاريخ 3 محرم 1422هـ.

المقالة | من أوراقي المبعثرة وتكفي قصيدة واحدة المقالة | من أوراقي المبعثرة وتكفي قصيدة واحدة
الكاتب: محمد بن عبدالرجمن آل اسماعيل
الناشر: جريدة اليوم
– العدد:10148
تاريخ النشر: 03/01/1422هـ 27/3/2001م